كيف استطاعت الكلاب مساعدة الطلبة على تجاوز الضغوط الدراسية؟

2 دقائق
العلاج بمساعدة الحيوانات
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

أمام سيل المشكلات النفسية الذي عرف زيادة كبرى خلال السنوات القليلة الأخيرة، لجأت الجامعات إلى العلاج بمساعدة الحيوانات حيث خصَّصَت مكاناً يتناوب فيه الطلبة على القدوم لزيارة الحيوانات كلما أثقلت الضغوط كاهلهم.

صرّحت طالبة في السنة الأولى بإحدى جامعات شمال الولايات المتحدة الأميركية بأن أهم ما يمدها بالقوة لاستكمال يومها هو الوقت الذي تتوقف فيه عند مكتب استشاري شؤون الطلبة، حيث تحظى بعناق طويل من كلبة من سلالة ليونبيرغر تُدعى ستيلا.

كما أخبرني أحد الطلبة بإحدى أكبر الجامعات الحكومية في الغرب الأوسط الأميركي إنه بسبب كلبٍ يوجد فيها استطاع الحفاظ على معنوياته مرتفعة، ففي إطار مشاركته في الأبحاث التي أجريها حول هذا النوع الجديد من الدعم المُقدَّم للطلبة أبلغني: "وجدتُ الراحة والسّلوان في ملاطفتي لذلك الكلب؛ إذ ساعدني ذلك على تحمّل افتقادي لأسرتي وكلبي الذي تركته في الديار". إذ يقضي مع ثلاثة من زملائه ما يقارب 35 دقيقة رفقة الكلب الذي يُعدّ بمثابة "كلب علاج" في الحرم الجامعي، مستمتعين بملاطفته وإطعامه.

فيما أخبرتني طالبة أخرى وفي إطار البرنامج نفسه، إن اللحظات التي قضتها رفقة الكلب كانت خير مُعين لها أيام استعدادها للاختبارات الصعبة: "كان يمدّني ذلك الوقت المستقطع بالاسترخاء اللازم قبل الانخراط في حصص ضاغطة"

صارت مثل هذه المشاهدة شائعة ومنتشرة في حرم الجامعات الأميركية، وبصفتي متخصصة في برامج التدخل المعززة بالكلاب، فقد درست الأسباب التي تجعل من التواصل مع حيوان أليف بهذا الشكل يعزّز رفاهة الشباب النفسية التي وقفتُ عليها، وتتلخص في تقوية شعورهم بالانتماء والتخفيف من وطأة الوحدة والحنين إلى الأهل والديار ومكافحة القلق والضغوط.

وتبقى الطريقة التي يتفاعل بها جسم الإنسان أثناء تعامله مع حيوانات العلاج أحد تأويلات النتائج المُحصَّل عليها؛ إذ كشف تحقيق أُجري سنة 2019 أن انخفاضاً ملحوظاً في مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر) لوحِظَ على الطلبة الذين يقضون ما يقارب 10 دقائق في ملاطفة قطة أو كلب.

زيارات دورية

حسب دراسة تعود إلى سنة 2017 شملت 150 مؤسسة تعليمية، فإن 62% من بين هذه المؤسسات يتوفر على برنامج تدخل معزّز بالحيوانات.

تتباين طرائق عمل هذا النوع من البرامج من مكانٍ إلى آخر، ففي بعض المؤسسات يحضر مدرّب مع حيوانه في أوقات متفرقة خلال مدة الفصل الدراسي ويستقران في مكتبة الحرم الجامعي، فيما يتناوب الطلبة على التردد عليهم على انفراد أو في مجموعات صغيرة ويقضون رفقة الكلب مدة تتراوح بين بضع دقائق والساعة إلا ربع.

أما الوضع في جامعات أخرى فأكثر تنظيماً؛ حيث يوكل عدد محدد من الطلبة إلى الكلب ومُدربه على أن تكون مواعيد الزيارة محددة سلفاً وبدقة.

لا تشارك في مثل هذه البرامج سوى الكلاب الأليفة والمسالمة التي خضعت لتدريبٍ جيد رغم أن تكاليف تسجيلها لإدراجها ككلاب علاج تظلّ مرتفعة بالنسبة إلى مُدربيها؛ إذ تطالب جمعية بيت بارترنرز (Pet Partners) ذائعة الصيت دفع رسوم تترواح بين 15-30 دولاراً لاجتياز الاختبار و95 دولاراً للتسجيل ضمن فريق المعالجين و70 دولاراً لتجديد الاشتراك.

يُعهد إلى المدرّسين والموظفين في مختلف الأقسام كالاختصاصيين النفسيين ومنسقي شؤون الطلبة بمهمة التنسيق لمثل هذه البرامج في قلب الجامعات.

شهادات

طرحتُ ضمن أطروحتي؛ كما سبقَ وأشرت، مجموعةً من الأسئلة المفتوحة على مجموعة من الطلبة لأخضِع هذا النوع من "التدخّلات" للتقييم. وعند تمعنّ الأجوبة، فقد سجّلت مجموعة من الطلبة مدى سعادتها بحصولهم على إمكانية استقطاع فسحة مختلفة كتلك من جدول المذاكرت؛ إذ قال أحدهم:"دفعت بي هذه التجربة إلى تنظيم وقتي أكثر كي أوجِدَ وقتاً فارغاً لأحظى بهذه الفسحة".

فيما أسَرّ آخر: "كان كلب العلاج هادئاً للغاية، وهذا المزيج بين الطاقة المتفجرة والسّلام التام كان يساعدني في كل حصة على التخفيف من التوتر".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكلاب تشاطرهم هذه البهجة؛ إذ تستمتع بدورها بقضاء الوقت مع الطلبة، فقد أبلغني العديد من المدربين أن بهجة كبيرة تغمر كلابهم فور دُنو موعد لقائهم بالطلبة؛ كما تبلغ هذه البهجة ذروتها فور اقترابها من الحرم الجامعي.

المحتوى محمي