ملخص: يبحث الكثير من مرضى الاكتئاب عن أساليب العلاج التي يمكن أن تجدي نفعاً؛ ومن أبرزها العلاج المعرفي السلوكي الذي يمزج بين العلاج المعرفي والعلاج السلوكي ليساعد المريض على تغيير نمط تفكيره السلبي وتحجيم الأفكار التي تطارده. وقد أثبت هذا النوع من العلاج فعاليته في علاج الاكتئاب الخفيف أو المعتدل، ويتبع فيه المعالج تقنيات عديدة أهمها تقديم أساليب عملية للمريض للتأقلم مع واقعه وتنمية قدرته على حل المشكلات وتحديد الأهداف، ويحتاج مريض الاكتئاب 6 - 20 جلسة علاج معرفي سلوكي حتى يتماثل للشفاء.
يعرقل الاكتئاب الحياة اليومية للكثير من المصابين به، فقد يقلل إنتاجيتهم ويُضعف تواصلهم مع من حولهم ويُفقدهم الدافع للعيش بفعالية. وعند البحث عن علاج للاكتئاب، يكون المريض أمام خيارات عدة منها العلاج الدوائي وكذلك العلاج المعرفي السلوكي الذي يعمل على تغيير أنماط التفكير السلبية وينمي احترام الذات، وقد يفضل بعض المرضى هذا النوع من العلاج في سبيل تجنب الآثار الجانبية للعلاج الدوائي.
لكن يوجد العديد من الأسئلة التي ستدور بالتأكيد في ذهن كل مصاب بالاكتئاب قبل أن يبدأ رحلة العلاج المعرفي السلوكي؛ ومنها: هل هذا النوع من العلاج قادر على شفائي؟ ما التقنيات التي سيستخدمها المعالج معي؟ كم تبلغ الفترة اللازمة للتعافي؟ وهذه الأسئلة جميعها سيجيب عنها مقالنا.
ما هو العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب؟
يعرّف الطبيب النفسي ليونارد هولمز (Leonard Holmes) العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب بأنه مزيج يجمع بين العلاج المعرفي والعلاج السلوكي بهدف مساعدة المريض على ضبط الحوار الداخلي الذي يدور في ذهنه، وتغيير نمط تفكيره الذي جعله غير قادر على التكيف.
ويتضمن ذلك جعل نمط تفكيره أكثر واقعية، وكذلك تقديم آليات عملية تجعله قادراً على حل المشكلات مع وضع تغيير سلوكياته الضارة في الاعتبار حتى يصبح المريض إلى من يقوم بالدور الأكبر في رحلة علاجه في النهاية.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى الجلسات العلاجية المعرفية والسلوكية
هل العلاج المعرفي السلوكي فعّال في علاج الاكتئاب؟
يرى الطبيب النفسي السعودي محمد اليوسف أن العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب لا يعلّم المريض أن تكون لديه مشاعر إيجابية بدلاً من مشاعره السلبية؛ إنما يعلمه أن يكون إيجابياً تجاه مشاعره السلبية وأن يتقبلها مثلما هي دون الحاجة إلى إنكارها أو مقاومتها أو التظاهر بعكسها.
وبحسب موقع هيلث لاين (Healthline) الطبي، فقد أثبت العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب فعاليته في علاج المستويات الخفيفة أو المعتدلة منه، ويُدمج في بعض المستويات مع أنواع علاج أخرى مثل العلاج الدوائي للمساعدة على التعافي.
اقرأ أيضاً: كيف تعالج الاكتئاب دون أدوية؟
تقنيات العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب
تقدم المختصة النفسية بلقيس السراجي عدة نصائح لتحقيق أقصى استفادة من جلسات العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب؛ وأهمها: التعاون مع المعالج النفسي والتفاعل معه والالتزام بالمواعيد والخطط العلاجية، وكذلك عدم توقع نتائج فورية وطرح أي مخاوف تظهر لدى المريض للنقاش.
ويستخدم المعالج النفسي مع مريض الاكتئاب عدة تقنيات أهمها:
- حصر أنماط التفكير السلبية والعمل على مواجهتها؛ ومن أشهر تلك الأنماط:
- التفكير بطريقة كل شيء أو لا شيء.
- النظر إلى الجانب المظلم للأشياء دائماً واستبعاد الجانب الإيجابي.
- تضخيم أهمية حدث أو موقف معين أو التقليل منها.
- الإفراط في التعميم واستخلاص استنتاجات موحدة جامدة.
- أخذ المواقف التي تحدث جميعها على محمل شخصي.
- إمداد المريض بأساليب متنوعة للتأقلم مع واقعه؛ مثل:
- تعلّم تدقيق الأفكار وتحليلها ثم تعديلها.
- ممارسة الحديث الذاتي المتوازن.
- التقييم الذاتي المعتدل الذي يؤدي إلى استجابات سلوكية منضبطة.
- تطوير مهارة حل المشكلات والبحث عن الحلول بأساليب عدة؛ مثل كتابة اليوميات والبحث عن جذور المشكلات واكتشاف ما يعمل على تحسينها، وكذلك تدوين قائمة بالأشياء التي يمكن فعلها بشكل مبدئي لمواجهة أي مشكلة.
- تعلُّم كيفية تقبُّل خيبة الأمل باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الحياة، لذا فالاستجابة الغاضبة الحادة تجاهها لن تساعد الشخص على المضي قدماً في حياته، وبدلاً من ذلك يمكن أن ينفس عن مشاعره مؤقتاً مع تذكر أنه مهما فعل ستظل هناك أموراً خارجة عن سيطرته.
- دمج سلوكيات يومية تساعد المريض على عيش حياة أفضل؛ مثل حصر الأمور الإيجابية التي حدثت له في يومه والامتنان لها، فهذا سيجعله يقوي المسارات الإيجابية في دماغه شيئاً فشيئاً.
- تنمية مهارة تحديد الأهداف التي تُعد عاملاً مهماً في التعافي من الاكتئاب لدورها في تحسين حياة المريض بشكل عام؛ لكن ينبغي أن تكون الأهداف الموضوعة محددة وقابلة للقياس وذات مدىً زمني معروف.
كم عدد جلسات العلاج المعرفي السلوكي التي قد أحتاجها؟
يؤكد المختص النفسي السعودي أحمد القميري إن العلاج المعرفي السلوكي للاكتئاب يمكن أن يمتد إلى شهور بعد تحسن حالة المريض لأنه يجب أن يُحدث تغييرات في البناء المعرفي للمريض، واستمراره يعني زيادة التدريب على التقنيات العلاجية التي تعالج التشوهات المعرفية الناتجة من المعتقدات والصور الذهنية المترسبة في ذهنه.
ووفقاً لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (United Kingdom National Health Services)؛ يحتاج المريض إلى جلسة أسبوعية في المتوسط أو جلسة كل أسبوعين، وتستغرق دورة علاجه 6 - 20 جلسة، وتستمر كل جلسة لفترة تتراوح بين 30 و60 دقيقة.
اقرأ أيضاً: أفكار شائعة عن أدوية الاكتئاب أثبت العلم خطأها
أخيراً، يمكن أن يمثل العلاج المعرفي السلوكي حلاً فعالاً لمريض الاكتئاب في مواجهة أعراض مرضه وتعافيه منها؛ لكن في الأحوال جميعها سيظل الرأي الأخير للمعالج حول ما إذا كان سيكتفي به أو سيحتاج إلى دمج العلاج الدوائي معه.