تعد الإصابة بجرثومة المعدة أو الملوية البوابية (Helicobacter pylori) أمراً شائعاً؛ حيث إنها موجودة داخل أجساد نحو 50-75% من سكان العالم. وغالباً ما تصيب جرثومة المعدة الأطفال، وبالنسبة إلى معظم الناس، فإنها قد لا تسبب أي أعراض؛ إلا أنها قد تؤدي في بعض الحالات إلى الإصابة بقرحة المعدة، وفي حالات نادرة، يمكن أن تسبب سرطان المعدة، فهل يمكن أن يؤدي الضغط النفسي إلى الإصابة بجرثومة المعدة؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
ما هي جرثومة المعدة؟
هي نوع شائع من البكتيريا التي تنمو في الجهاز الهضمي وتميل إلى مهاجمة بطانة المعدة؛ ومن ثَمّ يمكن أن تسبب تقرحات والتهابات في بطانة المعدة أو الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة (الاثني عشر). ويمكن أن تنتقل جرثومة المعدة من شخص إلى آخر، وعادة ما تدخل إلى جسم الإنسان عن طريق:
- الطعام أو الماء الملوث و الأواني المتسخة.
- الفم عن طريق التقبيل.
- البراز أو القيء الملوث.
وبمجرد دخول جرثومة المعدة إلى جسمك، فإنها تتكاثر في الطبقة المخاطية لبطانة المعدة؛ وهذا يؤدي إلى إفراز بعض الإنزيمات؛ ما يسبب في نهاية المطاف التهاباً في المعدة. ويمكن القول إن جرثومة المعدة قد تؤدي في بعض الحالات النادرة إلى الإصابة بسرطان المعدة.
تعرف إلى الأعراض النفسية والجسدية للإصابة بجرثومة المعدة
مجرد وجود جرثومة المعدة داخل جسدك لن يسبب لك أي أعراض؛ ولكن تبدأ المشكلة حين تفزر الجرثومة إنزيماً يسمى "اليورياز" (Ureas) الذي يحول اليوريا (Urea) إلى الأمونيا (Ammonia)؛ وهذه الأمونيا تحمي الجرثومة من حمض المعدة. وحين تتكاثر الجرثومة، فإنها تؤدي إلى تآكل أنسجة المعدة؛ ما يسبب الأعراض النفسية والجسدية الآتية:
- عدم القدرة على التركيز.
- القلق والاكتئاب.
- اضطرابات النوم.
- الإحساس بالصداع.
- آلام المفاصل والعضلات.
- الشعور بالغثيان.
- القيء الدموي.
- فقدان الشهية.
- الانتفاخ.
- صعوبة البلع.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
اقرأ أيضاً: المعدة النفسية:أسبابها وأعراضها وعلاجها المحتمل
كيف تتوطد العلاقة بين أمعائك وصحتك النفسية؟
هل سبق وشعرت بالغثيان قبل موعد عرضك التقديمي في العمل؟ هل تحس بألم في معدتك في أثناء أوقات التوتر والقلق؟ الحقيقة أن الضغط النفسي والقلق والاكتئاب يمكن أن يؤديا إلى انقباضات الجهاز الهضمي؛ ولكن ما هي العلاقة بين الأمعاء والصحة النفسية؟
دعني أحاول تبسيط الأمر: تحتوي أمعاؤك التريليونات من البكتيريا والملايين من الخلايا العصبية التي تدير عملياتك الهضمية وتؤثر في صحتك النفسية؛ حيث تؤكد الطبيبة النفسية أندريا نازارينكو (Andrea Nazarenko) إن بكتيريا الأمعاء تلعب دوراً رئيساً في جوانب علم وظائف الأعضاء البشرية جميعها تقريباً؛ بما فيها صحتك النفسية.
بعبارات بسيطة: تتواصل بكتيريا الأمعاء مع الدماغ والعكس صحيح؛ إذ تشرح نازارينكو إن الأمعاء مهمة جداً للصحة النفسية إلى درجة أنها تعد "الدماغ الثاني" وتعمل على نحو مستقل عن الدماغ نفسه إلى حد ما، هذا بالإضافة إلى أن أنواع البكتيريا الموجودة في أمعائك وكميتها يمكن أن تؤثر في كيمياء الدماغ؛ ومن ثَمّ في حالتك المزاجية وقابليتك للإصابة ببعض اضطرابات الصحة النفسية مثل الاكتئاب؛ وذلك لأن الناقلات العصبية المسؤولة عن حالتك النفسية تُنتج في الأمعاء. على سبيل المثال؛ نسبة 90% من إنتاج السيروتونين وهو ناقل كيميائي رئيس مرتبط بشعورك بالسعادة، تأتي من الأمعاء.
على الجانب الآخر، يمكن أن يؤدي اختلال توازن البكتيريا في الأمعاء إلى التأثير في صحتك النفسية؛ فالأشخاص الذين يعانون اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل التهاب المعدة، هم الأكثر عرضة إلى الإصابة باضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب وبعض الاضطرابات الأخرى؛ مثل:
- اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة (ADHD).
- الاضطراب الثنائي القطب.
- اضطراب الوسواس القهري.
- الفصام.
هل يمكن أن يؤدي الضغط النفسي إلى الإصابة بجرثومة المعدة؟
تؤدي أحداث الحياة الضاغطة دوراً مهماً في الإصابة بالاضطرابات النفسية، علاوة على أنها تؤثر في صحة أمعائك؛ حيث تعد صحة الحاجز المعوي ضرورية لحماية الجسم؛ وذلك لأنه يسمح بمرور المكونات الغذائية المفيدة لصحة الجسم ويمنع مرور السموم والجزيئات الضارة. لكن التعرض المستمر إلى الضغوط النفسية يمكن أن يؤدي إلى تغييرِ تنوع الكائنات الحية الدقيقة وتكوينها في الأمعاء، المصحوب بتغيرات في المستقلبات الميكروبية.
وقد يؤثر الضغط النفسي المستمر والإجهاد المزمن في بكتيريا الأمعاء؛ حيث يؤدي الالتهاب المتزايد الذي يصاحب التوتر والاكتئاب في كثير من الأحيان إلى تكاثر البكتيريا المسببة للأمراض التي تسبب خلل العسر الهضمي والتهاب المعدة. ولأن بكتيريا الأمعاء تنظّم جهاز المناعة؛ فإن الخلل في توازن تلك البكتيريا يمكن أن يزيد خطر الإصابة بالعدوى وأمراض المناعة الذاتية.
وقد نشرت المكتبة الوطنية الأميركية للطب (National Library of Medicine) دراسة بحثية أُجريت على الفئران؛ حيث حُقنت بجرثومة المعدة، ثم تعرضت إلى الضغط النفسي طوال 12 أسبوعاً. وبعد مرور هذه المدة، ظهرت أعراض جرثومة المعدة على الفئران؛ التي تجسدت في حدوث الالتهابات والنزيف، وتآكل جدار المعدة أو ما يُسمى بـ "قرحة المعدة".
وعليه؛ فقد أظهرت الدراسة أن الضغط النفسي والإجهاد على المدى الطويل يمكن أن يسببا التهاب الغشاء المخاطي في المعدة وتآكله. وقد يحدث هذا التأثير سواء نتيجة الإصابة بجرثومة المعدة أو لا؛ ما يعني أنه في حال ترافقت الإصابة بجرثومة المعدة مع ارتفاع الضغط النفسي، فإن هذا يؤدي إلى تفاقم أعراضها. ويمكن القول إنه لا توجد إجابة مؤكدة وقاطعة تثبت أن الضغوط النفسية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بجرثومة المعدة؛ ولكن الأمر المؤكد هو أن تلك الضغوط تسهم في سوء الحالة الصحية للمعدة.
اقرأ أيضاً: هل يسبب غذاؤك الاكتئاب؟ دراسة حديثة تكشف الحقيقة
كيف تحمي نفسك من الإصابة بجرثومة المعدة؟
يرى استشاري الطب النفسي، أحمد النعمي، إن الأمراض الجسدية جميعها تتأثر بالعوامل النفسية، وهناك علاقة بين جرثومة المعدة والاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب. وحتى تحمي نفسك من الإصابة بجرثومة المعدة، عليك اتباع النصائح التالية:
- مارس الرعاية الذاتية: يؤثر التوتر والضغط النفسي تأثيراً بالغاً في صحة أمعائك؛ حيث يؤديان إلى انخفاض التنوع الميكروبي. ولذلك؛ عليك اتباع ممارسات الرعاية الذاتية مثل تقنيات التأمل والاسترخاء، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والحرص على النشاط البدني؛ من أجل تخفيف حدة التوتر.
- تناول الطعام الصحي: يؤدي الطعام الذي تتناوله دوراً مهماً في تحديد تكوين الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء؛ فالأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، تعزز نمو البكتيريا المفيدة. وعلى الجانب الآخر، فإن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المصنعة والسكريات يمكن أن يؤدي إلى نمو البكتيريا الضارة؛ ما يخل بتوازن الأمعاء. ولذلك؛ عليك اتباع نظام غذائي صحي يرتكز على تناول الألياف الغذائية، وأوميغا 3، وفيتامين د، والفيتامينات والمعادن مثل ب 6 والمغنيزيوم، فالمعروف أنها تؤثر في إنتاج هرمون السيروتونين.
- احرص على الاسترخاء بعد تناول الطعام: بعد تناول وجبتك الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة، احرص على الاسترخاء قليلاً؛ وذلك من أجل إنتاج العصارة اللازمة لامتصاص الفيتامينات والمعادن والمواد المغذية الضرورية لدعم صحة الجسم والدماغ.