3 مراحل لتتعافى من الصدمات النفسية في مكان العمل

4 دقائق
تجارب صادمة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يتعرض المرء أحياناً لتجارب صادمة ومواقف ضاغطة في بيئة العمل قد تترك لديه آثاراً يصعب التعافي منها؛ ما يؤثر سلباً في صحته النفسية ويمنعه من المضي قدماً. وتجنُّباً لذلك، فإن ثمة 3 مراحل عليه خوضها بعد مواجهة تجربة قاسية في العمل، فما هي؟

يمكن أن يواجه المرء في حياته المهنية أحداثاً تسبب له صدمات نفسية؛ مثل الفصل من العمل أو النقل إلى وظيفة أدنى أو التعرض إلى المضايقات أو الاحتراق الوظيفي، وفي بعض الأحيان لا يتمكن من التعافي من آثار هذه الصدمات. فيما يلي، تُطلعك المختصة النفسية ماريز لورنسو (Maryse Laurenceau) على 3 مراحل عليك خوضها لتجاوز الأحداث السلبية التي تواجهها في العمل بطريقة صحيحة.

المرحلة الأولى: خذ وقتاً كافياً للتعافي مما واجهته

لا تشعر بالذنب بسبب ما تواجهه أو تقلل منه أو تحاول التمسك بدور الموظف المطيع الذي لا يعصي أوامر قادته، فإياك أن تنكر مشاعرك حينما تشعر بأنك لم تعيد تطيق صبراً لأن ذلك سيؤدي إلى تأزم حالتك النفسية. وتقول ماريز لورنسو: "فترة التعافي النفسي هي ليست تلك التي تقضيها في تطوير عملك أو ذاتك". لا يتمكن الجميع من استعادة توازنه بعد التعرض إلى صدمات نفسية في مكان العمل، وتحويل الإخفاقات إلى فرص، وتمر عملية التعافي بعدة مراحل متسلسلة (قد تستمر لأسابيع) لا بد منها؛ وهي الصدمة، ثم الغضب، ثم الحزن، ثم فقدان الثقة بالنفس والآخرين، وأخيراً القبول. كلنا معرضون للصدمات النفسية في الوسط المهني، وهي تثير في أنفسنا الخوف من المجهول وتُفقدنا القدرة على التفكير السليم في أي جانب من جوانب الحياة، ويصعب تقلبُّها على وجه الخصوص حينما تقترن بالخيانة أو التصرفات العدائية.

3 خطوات للتعافي من الصدمة النفسية في العمل

  • اعترف بألمك والمشاعر السلبية التي تستحوذ عليك فهذا ليس ضعفاً، واختر شخصاً موثوقاً ومُحباً وداعماً لا يطلق عليك الأحكام لتعبّر له بكل أريحية عما في نفسك.
  • اطلب المساعدة: اطلب مساعدة أفراد عائلتك أو شريك حياتك في المنزل (من خلال تفوضيهم ببعض المهمات مثلاً)، أو استعن بمعالج نفسي متخصص بأساليب العلاج النفسي الجسدي أو إدارة الصدمة، أو حتى بطبيب عام أو طبيب نفسي إذا تطلب الأمر علاجاً دوائياً.
  • توقف عن العمل وخذ الاستراحة التي تحتاج إليها للتعافي، واقضِ وقتك في الاسترخاء أو في فعل ما يمنحك الراحة النفسية؛ مثل رؤية الأصدقاء أو ممارسة الأنشطة التي توائم بين العقل والجسد مثل اليوغا أو التاي تشي أو تشي غونغ أو الرقص الحدسي، أو الهوايات اليدوية التي تتضمن تحويل المواد مثل الطهو وصنع الخزف والنحت، أو حضور الحفلات الموسيقية وزيارة المعارض، أو المشي في الطبيعة لتتذوق جمالها وتشعر ببهجة الحياة مجدداً.

المرحلة الثانية: تأمَّل ما حدث

لا يمكنك تحليل الحدث الذي واجهته في العمل وفهمه فهماً صحيحاً إلا بعد أن تتم مرحلة التعافي من الصدمة التي سببها لك. وتقول المختصة: "تخلص من فكرة أنك ضحية ولا تندب حظك وتقلل من قيمتك وتوبخ نفسك لأنك لم تتنبأ بحدوث ما حدث، أو تقول إن مديرك أو زميلك في العمل آذاك لأنه مجرد منحرف نرجسي؛ بل اغتنم هذه التجربة المؤلمة لتتعلم منها من خلال طرح الأسئلة الملائمة على نفسك كما يلي: هل عملتُ بجد في السنوات الأخيرة؟ وهل اتخذتُ قرارات استراتيجية صائبة؟ ما الذي أفقد زملائي في العمل أو مدرائي ثقتهم بي؟ وما الأخطاء التي ارتكبتها وولدت لديهم ردود الفعل هذه؟ وكيف كنت سأتجنب هذه الأخطاء لو عاد بي الزمن إلى الوراء؟ والغرض من هذه الأسئلة كلها هو ألا تكرر أخطاءك".

3 خطوات لفهم ما حدث معك في العمل

  • تقرّب من زميل عمل موثوق لتكتشف وجهة نظره بما حدث وتتبادل الأفكار معه، وكذلك، من المفيد الاستعانة بصديق ذي خبرة في مجالك المهني أو سبق له أن واجه التجربة القاسية ذاتها.
  • استعد السيطرة على حياتك من خلال تحديد ما لم يَعُد مقبولاً لك سواء في حياتك المهنية أو الشخصية، وما ترغب في متابعته، وما تريد أن تبدأه (في حدود المعقول).
  • اطلب تعويضاً من شركتك إذا شعرت بأنك تعرضت إلى ظلم كبير، وأجرِ تقييماً لمهاراتك ثم حدد أهدافك بوضوح؛ مثلاً: هل تريد تغيير القسم الذي تعمل فيه أم الشركة برمتها، أم تنمية مهاراتك، أم تريد أن تتجه إلى العمل المستقل؟

المرحلة الثالثة: تفاوَض بشأن العودة إلى العمل

بعد تعرضك إلى صدمة عاطفية، لا يمكنك استئناف العمل في ظل الظروف المعتادة أو بالوتيرة ذاتها، وتقول ماريز لورنسو: "ستختلف حالك في العمل بعد الحدث المؤلم عما كانت عليه قبله". لذا لا تنغمس في العمل ولا تحاول إدراك المهمات المتأخرة مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني المتراكمة أو ترتيب المواعيد المؤجلة، فالصدمة تترك فيك آثاراً وتُضعفك؛ ومن ثم فإنك قد تنهار نفسياً بسبب كلمة أو تصرف أو موقف.

3 خطوات للتفاوض على العودة إلى العمل

  • اقترح على مسؤول الموارد البشرية أو مديرك منحك تسهيلات معينة بعد استشارة طبيب الصحة في مكان العمل؛ مثل العمل بدوام جزئي وأخذ استراحات علاجية نصف يومية وتغيير طبيعة العمل وزيادة أيام العمل عن بعد. وتقول المختصة النفسية ماريز لورنسو: "ليس بالضرورة أن تُقبل طلباتك؛ لكن عليك أن تتحلى بالشجاعة لتكون فعالاً مجدداً في حياتك المهنية، ومن مصلحة الشركة التي تعمل لديها أن تكون مهيئاً نفسياً للعمل". من المهم أيضاً أن تتعلم تفويض المهمات وتتمكن من مراجعة أهداف معينة تنازلياً (على الأقل في البداية) وتحديد مهماتك بوضوح لأن عدم الوضوح يؤدي إلى القلق.
  • اعتنِ بنفسك، ولا سيما حينما تكون مسؤولياتك في العمل كبيرة: استعن بشبكة دعم احترافية وبأصدقائك وبالمختصين؛ مثل مختصي علاج العظام والعلاج الطبيعي والعلاج السوفرولوجي والمدلكين وما إلى ذلك.
  • اترك العمل في مكان العمل، وامنح وقتاً كافياً للعائلة والشريك والأصدقاء والحياة الاجتماعية، ومارس هواية قديمة (الرسم، أوالرقص، أوالغناء)، ولا تتردد في أخذ فترات راحة حينما تشعر بالحاجة إلى التقاط أنفاسك وتخفيف الضغوط.

ماريز لورنسو (Maryse Laurenceau)

عالمة نفسية ومعالجة غشطالت، ومختصة في مسائل الحياة العملية والمخططات الجينية المهنية، تتعاون مع الشركات لوقاية الموظفين من المخاطر النفسية والاجتماعية وتساعد الأفراد في مختلف قضايا حياتهم.

طوّر مهاراتك

بعد أخذ فترة من الراحة والتفكير الهادئ وتقييم مهاراتك، ربما تجد أنك بحاجة إلى حضور تدريب وتقول المختصة: "حينما تكتسب مهارات جديدة وتتعرف إلى المجموعات والمختصين الذين يشجعونك على التعلم ويؤكدون لك إنك تستحقه، فستستعيد ثقتك بنفسك، وتُتاح لك الفرصة لأخذ استراحة ذهنية قبل بدء حياتك المهنية مجدداً".

لكنها تستدرك قائلةً: "ليس الانخراط في التدريب سهلاً لذا إذا كنت تعاني حالة من الكآبة فإنه من الأفضل تأجيل هذا المشروع؛ أما إذا كان لديك هدف واضح وتشعر أنه يمكن أن يعطي معنى لحياتك الشخصية والمهنية ويجدد الحافز في داخلك، فابدأ"!

المحتوى محمي