ملخص: توصلت دراسة علمية حديثة إلى نتيجة مفادها أن البقاء في زيجة غير سعيدة له الكثير من الفوائد الصحية؛ حيث إن الأزواج أقل عرضة إلى ارتفاع سكر الدم ومن ثم إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، فما قصة هذه الدراسة؟ وهل الزواج غير السعيد أفضل من الانفصال؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
عندما يتزوج شخصان فإنهما يخططان معاً من أجل عيش حياة سعيدة مليئة بالحب والرعاية والأنشطة الممتعة؛ لكن عالم العلاقات شديد التعقيد، فأحياناً لا تجري الأمور كما خُطط لها؛ ولهذا تتشابك العواطف وتكثر الخلافات والمشكلات، ويصبح الزواج مُثقلاً بالتعاسة واليأس.
وفي مثل هذه اللحظات، قد يتساءل بعض الأفراد: هل من الأفضل الاستمرار في زيجة غير سعيدة أم ينبغي لهم الانفصال؟ الحقيقة أنه لا توجد إجابة سهلة ولا قاطعة لهذا السؤال؛ لكن ثمة دراسة علمية حديثة أجراها باحثون في جامعتي لوكسمبورغ (University of Luxembourg) وأوتاوا (University of Ottawa) بكندا في عام 2023 أكدت أن الاستمرار في الزواج غير السعيد له بعض الفوائد الصحية، فما قصة هذه الدراسة؟ إليكم التفاصيل كافة.
ما الزواج غير السعيد؟
الزواج التزام هائل يحتل جزءاً كبيراً من حياتك، والزواج السعيد يعني أن لديك شخصاً مميزاً تشاركه حياتك وتخوضان معاً مصاعب الحياة وأفراحها؛ أما الزواج غير السعيد فهو تلك العلاقة التي تجد فيها صعوبة بالغة في الوصول إلى السعادة والرضا؛ وذلك لعدة أسباب مثل انعدام التواصل بين الطرفين وغياب الحب والنقص العام في الرضا لأحد الشريكين أو كليهما.
والحقيقة أن الزواج غير السعيد يختلف عن الزواج السيئ الذي يتضمن سلوكيات مثل سوء المعاملة أو الخيانة الزوجية أو تعاطي المخدرات أو غيرها من السلوكيات المضرة التي تسهم في خلق بيئة غير صحية وسامة؛ إذ يؤكد الاستشاري الأسري جاسم المطوع إن العلاقة التي تتضمن الضرب وسوء المعاملة وإدمان المخدرات يجب أن تنتهي بالانفصال.
7 علامات تخبرك بأنك في علاقة زواج غير سعيد
تواجه معظم الزيجات، إن لم يكن جميعها، فترات صعبة من حين إلى أخر على مر السنين؛ ولكن أحياناً تتحول تلك الفترات الصعبة إلى نمط حياة ويصبح الزواج غير سعيد، وهذه هي أهم علاماته:
- انعدام التواصل: التواصل هو العنصر الأكثر أهمية في الزواج الناجح لأنه يسمح للأزواج بالتعبير عن مشاعرهم بعضهم لبعض، وإظهار الاهتمام الحقيقي بحيوات شركائهم، وانعدام التواصل يعني أنك لا تفكك المشكلات تمهيداً لعلاجها؛ ما قد يتسبب في المزيد من الخلافات في المستقبل. ولهذا؛ إذا لم تعد تتواصل بنشاط وتقضي وقتاً ممتعاً مع شريك حياتك، فأنت في زواج غير سعيد.
- قلة العلاقة الحميمية: إن قلة العلاقة الحميمية أو انعدامها علامة على زواج غير سعيد؛ حيث تلعب تلك العلاقة دوراً محورياً في الزواج. ولكن العلاقة الحميمية لا تعني فقط الجنس؛ فهناك الكثير من طرائق التواصل الحميمي بين الزوجين مثل العناق العفوي وتناول العشاء معاً وسط جدول أعمال مزدحم وتبادل كلمات الحب والرعاية والتشجيع، فإذا كنت تفضل قضاء الوقت بصحبة أصدقائك بدلاً من البقاء في المنزل مع شريك حياتك؛ فهذا قد يعني أنك لم تعد ترى شريكك كركيزة دعم.
- إخفاء شخصيتك الحقيقة: تؤكد خبيرة العلاقات لورين ليك (Lauren Lake) إن رغبتك العارمة في إخفاء شخصيتك الحقيقية ومشاعرك التي تشعر بها يعني أنك في علاقة غير مرضية وزواج غير سعيد، فمن المفترض أن وجودك مع شريك حياتك يجعلك أفضل ويبرز أفضل ما فيك؛ أما في الزواج غير السعيد فأنت تحب نفسك أكثر حين تكون وحيداً وتكره وجودك مع الطرف الآخر.
- النقد المستمر: وفقاً لما ذكره المعالج النفسي شين بيركل (Shane Birkel)؛ فالنقد المستمر علامة على غياب مشاعر الحب والدفء واستبدال النقد والأحكام المسبقة بها، فإذا كان ينتقد بعضكما الآخر باستمرار، فهذه ليست علامة جيدة، ويضيف بيركل إن النقد يعد انتهاكاً واضحاً للحدود الشخصية بينكما.
- التوقف عن مشاركة انتصارات بعضكما مع بعض: عندما تحقق نجاحاً كبيراً في العمل أو في أي جانب من جوانب حياتك، من أول شخص تتصل به لتشاركه فرحة النجاح؟ إذا كان زوجك في السابق والآن أصبح صديقاً أو أحد أفراد العائلة، فهذه علامة على أن زواجك قد تعرض إلى ضربة قوية.
- التجنب وتوقف الجدال بينكما: توضح خبيرة العلاقات جوليانا موريس (Juliana Morris) إن التجنب مضر جداً بالعلاقة الزوجية، والجدال، وإن بدا للبعض غير مثمر؛ إلا أنه يدل على أن أحد الطرفين أو كليهما يحاولان إنقاذ العلاقة؛ أما الصمت التام والتجنب وعدم الشعور بالانزعاج من الطرف الآخر يعني أن ثمة شيئاً كبيراً مفقوداً وأن الأمور لا تسير على ما يرام.
- تغيرات لغة الجسد: تعتقد خبيرة لغة الجسد بلانكا كوب (Blanca Cobb) إن لغة الجسد تجعلنا نعرف الكثير عن علاقة الأزواج بعضهم ببعض، وهناك بعض العلامات للزواج غير السعيد فيما يخص تلك اللغة؛ مثل تجنب الاتصال بالعين ووضعية الانغلاق وعقد الذراعين في أثناء التحدث.
اقرأ أيضاً: 6 أسرار لعلاقة زوجية سعيدة من مختصة في العلاقات العاطفية.
لماذا قد يستمر بعض الأفراد في زيجات غير سعيدة؟
عندما يفكر الناس في الزواج، عادة ما تكون النهايات السعيدة هي الهدف. ومع ذلك، ليست الزيجات كلها مليئة بالفرح والرضا. وعندما يجد الأزواج أنفسهم في زيجات غير سعيدة، قد تَصعب معرفة ما يجب فعله بعد ذلك؛ ولهذا قد يستمرون في تلك الزيجات للأسباب التالية:
- وجود الأطفال: في الكثير من الأوقات، يقرر الطرفان البقاء معاً على الرغم من شعورهما بعدم السعادة بسبب وجود الأطفال؛ حيث يخشى أحد الطرفين أو كلاهما أن يترعرع الأطفال بين والدين منفصلين؛ ولهذا يقرر الوالدن البقاء معاً من أجل التواصل المفتوح والإشراف المناسب على أطفالهما. وعلى الجانب الآخر، تكون لدى الزوجين مخاوف كبرى من أن الانفصال يمكن أن يؤثر في الصحة النفسية لأطفالهما.
- الخوف من التغيير: قد يبدو الأمر غريباً؛ لكن العديد من الأشخاص في الزيجات غير السعيدة يخشون المجهول أكثر من خوفهم من البقاء في مكانهم، بالنسبة إليهم، ترك زواج غير سعيد يعني مواجهة حياة دون أشخاص كانوا معهم لسنوات، وهي حياة ستكون مليئة بالتغيير وعدم اليقين؛ ما قد يجعلها أكثر صعوبة وتعاسة أحياناً.
- البقاء في منطقة الراحة: عندما نلتزم بشيء نعرفه، حتى لو كان سيئاً بالنسبة إلينا، نشعر بالراحة لأنه مألوف وآمن. غالباً ما ينطبق هذا الأمر على البقاء في زواج غير سعيد؛ إذ يشعر الأزواج بالارتياح في روتينهم وعاداتهم بمرور الوقت، بغض النظر عن مدى صعوبة العلاقة.
- التحديات المالية: في الكثير من الأحيان، يكون الانفصال مكلفاً مالياً، خاصة في ظل وجود الأطفال؛ ففي الوقت الذي كانت فيه العائلة تعيش في بيت واحد، سيكون حتمياً بعد الانفصال انتقال أحد الطرفين إلى بيت جديد مع التزامات مالية جديدة؛ وهذا هو السيناريو الأفضل في حال اتفق الطرفان على الانفصال. أما في حالات أخرى، قد يكون الأمر صعباً ويلجأ أحد الطرفين إلى القضاء والمحكمة؛ ما يعني مزيداً من الصعوبات والتحديات المالية.
- الأمل في إصلاح العلاقة: في بعض الأحيان، يكون الأمل كافياً لإبقاء الزوجين معاً على الرغم من تعاستهما، وذلك في حال كان أحد الشريكين لا يزال مؤمناً بأن الأمور ستتحسن في النهاية؛ ولهذا يتمسك أحد الطرفين أو كلاهما بذلك الزواج حتى عندما تكون الأوقات صعبة لأنه يأمل في العثور على السعادة مرة أخرى.
- الالتزام الاجتماعي والديني: يُنظر إلى الانفصال أو الطلاق في بعض المجتمعات على أنه وصمة عار أو علامة على الفشل؛ ولهذا يتطلب قرار الانفصال شجاعة كبرى من أجل البحث عن السعادة خارج إطار هذا الزواج. وفي مجتمعات أخرى، يكون الالتزام الديني رادعاً من أجل عدم التفكير في إنهاء العلاقة.
دراسة حديثة: البقاء في علاقة زوجية غير سعيدة له بعض الفوائد الصحية
أظهرت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من جامعتي أوتاوا ولوكسمبورغ في كندا خلال عام 2023، إن الزواج غير السعيد أفضل لصحتك من أن تكون عازباً أو مطلقاً؛ وذلك لأن الأشخاص الذين يعيشون مع أزواجهم أقل عرضة إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. وأضافت الدراسة أن الزواج يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الفوائد الصحية؛ بما فيها عيش حياة أطول، وانخفاض عدد السكتات الدماغية والنوبات القلبية، وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب، زيادة فرصة تناول الطعام الصحي.
وقد حلل الباحثون بيانات أكثر من من 3,300 شخص بالغ، تتراوح سنّهم بين 50 و89 عاماً، وسُئل هؤلاء الأشخاص عما إذا كان لديهم زوج أو زوجة أو شريك يعيشون معه؛ حيث تبين أن 76% من المشاركين متزوجين أو يعيشون معاً، وتوصلت النتائج إلى أن المتزوجين كانت لديهم مستويات السكر في الدم أقل بنسبة الخُمس (21%) من أولئك الذين كانوا غير متزوجين أو مطلقين، وأظهرت النتائج أن الأمر ينطبق على الرجال والنساء على حد سواء. وتؤكد الدراسة إن الأشخاص الذين انفصلوا أو حصلوا على الطلاق شهدوا تغيرات كبرى في مستوى السكر في الدم، ومن المحتمل أن يُصابوا بمرض السكري من النوع الثاني.
في هذا السياق، تؤكد الباحثة في هذه الدراسة، كاثرين فورد (Katherine Ford)، وجود تشابك بين العلاقات وصحة الأفراد، وتضيف فورد إن الزواج يتطلب استثماراً عاطفياً على مدى فترة طويلة من الزمن؛ حيث إن فقدان هذه العلاقة قد تكون له آثار بالغة في الصحة.
اقرأ أيضاً: 8 علامات تخبرك أن هذا الزواج لن يكتمل
5 طرائق عملية لتحسين الزواج غير السعيد
على الرغم من أن هناك الكثير من الزيجات التي تنتهي بالانفصال، فإن هناك بعض الأشخاص الذين يقررون البقاء في العلاقة على الرغم من شعورهم بالتعاسة لأن الزواج يعد من أهم القرارات المصيرية في الحياة. لذا؛ امنح هذه العلاقة الوقت الذي تستحقه من أجل إصلاحها وذلك عبر اتباع الطرائق التالية:
- الاعتراف بالتحديات الحالية: إحدى أهم الخطوات وأولها من أجل تحسين الزواج هي الاعتراف بأنه غير سعيد. يجب أن تكون صادقاً مع نفسك ومع شريك حياتك؛ وهذا يتضمن إجابة الأسئلة الآتية:
- ما مدى شعورك بعدم السعادة في زواجك؟
- ما الطريقة التي تؤثر بها تعاسة زواجك في عائلتك؟
- ما الثمن الذي تدفعه لكونك متزوجاً غير سعيد؟ كيف تسير حياتك المهنية وصداقاتك؟
- كيف تؤثر التعاسة الزوجية في إحساسك بقيمتك الذاتية؟
- كيف نوعية حياتك الجنسية؟ ما مستوى العلاقة العاطفية والجنسية في زواجك؟
- بناء مهارات تواصل صحية: التواصل الصحي إحدى ركائز الزواج الناجح والسعيد؛ حيث يتمكن الأزواج من التحدث بحرية وصراحة وصدق مع بعضهم بعضاً، وذلك من خلال التعبير عن مشاعرهم من دون خوف؛ بل يستمعون إلى مخاوف بعضهم بعضاً بتعاطف. ولهذا؛ فمن المهم أن يتعلم الطرفان كيفية إعادة التواصل مع بعضهما.
- الاستعداد للاعتذار: إذا كنت قد أخطأت في حق شريكك، فيجب عليك أن تعتذر وتطلب المغفرة. استمع إلى ما يقوله وحاول تفهم سبب غضبه، ودعه يعرف أنك ستعمل كل ما في وسعك وستبذل أقصى جهدك حتى تتحسن الأمور في المستقبل.
- طلب المساعدة مبكراً: ينتظر الزوجان في المتوسط 6 سنوات قبل طلب المساعدة لحل مشكلات العلاقة. ونظراً إلى أن نصف حالات الزواج قد تنتهي في السنوات السبع الأولى؛ فهذا يعني أن الزوجين العاديين يعيشان في حالة من التعاسة فترة طويلة جداً. لذا؛ إذا شعرت أن هناك أي علامة على وجود مشكلة في زواجك في وقت مبكر، فاطلب المساعدة.
- تحويل الصراعات الزوجية إلى فرصة للنمو الشخصي: في هذه المرحلة، قد يبدو زواجك غير السعيد وكأنه كابوس يخيم على حياتك، وربما يكون من الصعب التعرف إلى الجوانب الإيجابية لهذا الزواج؛ ولكن حقيقة أنك لا ترى الجوانب الإيجابية لا تعني عدم وجود أي جوانب إيجابية! لذا؛ فإن إلقاء نظرة من منظور آخر يمكن أن يساعدك على التعرف إلى إمكانات التعلم المتوفرة في الزواج غير السعيد، ففي بعض الأحيان، يكون هذا الزواج فرصة لإصلاح طباعنا التي تلازمنا منذ سنوات والتي في بعض الأحيان قد تكون نابعة من جروح طفولتنا؛ ومن ثم إذا تمكنت من الحفر عميقاً داخل نفسك من أجل إصلاح زواجك غير السعيد، ربما تشفى روحك في الوقت نفسه.