إذا كنت واحداً ممن قضوا مدة طويلة وحيدين دون شريك، فمن الوارد أنك فتحت مساءلة للنفس وبدأت تقلّب وضعك من كل الجهات، وتسأل: هل تكمن المشكلة فيَّ أم في الآخر؟ نتوقف في هذا المقال عند دراستين قدمتا الإجابة عن هذا السؤال.
بسبب الصعوبات التي يواجهها البعض في رحلة بحثهم عن الحب؛ ينتهي بهم الأمر إلى الركون إلى الوحدة لأشهر وربما سنوات، فهل ثمة أسباب محددة تقف خلف ذلك؟ حاولت دراستان أجرى كل واحدة منهما فريق مختلف؛ وضع تفسير لهذه الظاهرة.
لِمَ يبقى بعض الرجال عُزّاباً لمدة طويلة؟
إذا كانت العزوبية خياراً عند البعض فإنها ليست كذلك عند البقية إذ يعيش بعض الرجال عُزّاباً رغماً عن أنفهم، وهو ما تناولته الدراسة التي أجراها الأستاذ مينيلاو أبوستولو (Menelaos Apostolou) والمنشورة في مجلة إيفولوشنري سايكولوجيكال ساينس (Evolutionary Psychological Science) سنة 2019؛ إذ حللت السبب الذي يجعل مساعي بعض الرجال في إيجاد نصفهم الآخر تبوء بالفشل.
ولأجل ذلك؛ طرح الباحثون على 13,429 رجل سؤالاً هو: "لماذا أنت عازب حتى الآن؟"، وبإخضاع أجوبتهم لتحليل دقيقٍ توصلوا إلى نتيجة مفادها: "افتقاد الرجال العزاب من الأجيال الحديثة لمهارات الإغواء؛ عائد إلى عدم اعتياد الرجل في عصر ما قبل الصناعة على بذل أي جهدٍ يُذكر في سبيل الحصول على شريكة حياة".
بالنظر إلى الأزمة نفسها من زاوية أخرى، فقد بدأت النساء تملن إلى الانتقائية أثناء الدخول في علاقة عاطفية أكثر مما كنَّ عليه في الأزمنة الماضية. على أن تؤخذ هذه الاستنتاجات بشيء من الحيطة، فالدراسات لم تُشِر إلى سِن المشاركين ولا مستواهم التعليمي أو خلفيتهم الاجتماعية والجغرافية.
لكن دراسةً أخرى قادها باحثون في جامعة سان دييغو والمنشورة في عدد سبتمبر/ أيلول من سنة 2017 بدورية ذي أتلانتك (The Atlantic) أيّدت ما ذهبت إليه الدراسة السابقة، لا سيما لدى رجال ونساء جيل الألفية البالغين من العمر نحو 25-35 سنة.
هل يتمركز جيل الألفية (millennials) حول ذاته عند دخوله في علاقات الحب؟
يلاقي الأشخاص البالغون من العمر 25-35 سنة صعوبات في إيجاد الحب والسبب وفقاً لما خلص إليه باحثون في جامعة سان دييغو، عائد إلى الطريقة التي تربَّوْا بها؛ إذ تؤكد الدراسة أن أبناء جيل الألفية ترعرعوا منذ نعومة أظافرهم على الثقة في الذات وتقبّل أنفسهم وحبّها تماماً كما هي، صحيح أن صفات كهذه تُعدّ محمودة بلا شك؛ إلا أن الباحثين يرون أن من يتحلّى بها يميل كذلك إلى التمركز حول ذاته؛ ما يقود في المحصلة إلى صعوبات في بنائه لعلاقات دائمة.
حتى وإن كانت الدراستان تضعان الإصبع على ما قد تكون أسباباً تتضافر وتقود إلى العزوبية، فينبغي الوضع في الحسبان أننا لسنا المسؤولين الرئيسين عن فشلنا في الحب، نُصب العينين. ثمة عوامل أخرى تلعب دوراً كبيراً؛ كالتصورات المسبقة والوقوع في فخ أنماط علاقات حب متكررة.