على عكس المتوقع: الرجال يعانون نفسياً بعد الانفصال أكثر من النساء

5 دقيقة
الرجال يعانون نفسياً بعد الانفصال
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

توصلت دراسة بحثية نشرتها مجلة العلوم السلوكية والدماغية (Behavioral and Brain Sciences) في 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى نتيجة مفادها أن الرجال يعانون نفسياً بعد الانفصال أكثر من النساء، وذلك عكس المتوقع وعكس الثقافة المجتمعية التي ترتكز على فكرة رئيسية هي أن النساء يعطين الأولوية للعلاقات الرومانسية أكثر من الرجال، فماذا يحدث عقب الانفصال؟ ولماذا تزداد معاناة الرجل أكثر من المرأة؟ الإجابة تجدونها في هذا المقال.

لماذا يعاني الرجال نفسياً بعد الانفصال أكثر من النساء؟

قدمت الدراسة البحثية السابق ذكرها تحليلاً شاملاً لكيفية تأثير انتهاء العلاقات الرومانسية في الرجال والنساء على نحو مختلف، حيث تتحدى الدراسة الصورة النمطية الشائعة التي غالباً ما تصور النساء على أنهن يعتمدن عاطفياً على شركائهن، بينما يُنظر إلى الرجال نمطياً على أنهم مستقلون ومتحفظون عاطفياً، لكن الحقيقة هي أن الرجال يعتمدون على الشريك الرومانسي للحصول على الدعم العاطفي والحميمية أكثر من النساء.

علاوة على ذلك، توفر العلاقات الرومانسية للرجال مصدراً لدعم الصحة النفسية والجسدية، ما يترجم إلى رضا أعلى عن الحياة، وتستشهد الدراسة البحثية بأدلة تُظهر أن الرجال العازبين يعانون معدلات أعلى من الاكتئاب والتوتر والشعور بالوحدة مقارنة بالنساء العازبات، والرجال الذين يفتقرون إلى شريكة حياة معرضون لخطر صحي أكبر، بما في ذلك انخفاض متوسط ​​العمر المتوقع.

وعلى العكس من ذلك، يُصاب الرجال المتزوجون أو المرتبطون بمعدلات أقل من ارتفاع ضغط الدم والالتهابات وغيرها من المشاكل الصحية مقارنة بالرجال العازبين، إضافة إلى أن الشبكات الاجتماعية الأوسع التي تمتلكها النساء والمصادر البديلة للدعم تعني أنهن أقل اعتماداً على شركائهن الرومانسيين في الحصول على هذه الفوائد الصحية، ما يؤدي إلى ضعف الارتباط الإجمالي بين الحالة الاجتماعية والصحية بالنسبة للنساء.

وتعتقد الدراسة أن الرجال عادة لا يبدؤون بالانفصال مقارنة بالنساء، ويرجع ذلك كما ذكرنا سابقاً إلى اعتمادهم على العلاقة في تلقي الدعم العاطفي، وتشرح الدراسة أن 70% من حالات الطلاق تبدأ من عند النساء، وحين تأتي مرحلة الانفصال يعاني الرجال ضائقة عاطفية ونفسية أكبر، ما يتجلى في مشاعر الوحدة والحزن واليأس وانخفاض الرضا عن الحياة، وبعد الانفصال تلجأ النساء إلى الأصدقاء والعائلة للحصول على الدعم العاطفي والنفسي، ما يساعدهن على التأقلم بطريقة أكثر فعالية والتعافي على نحو أسرع.

ويمكن القول إن المعايير الاجتماعية تؤثر تأثيراً قوياً في رد فعل الرجال بعد الانفصال، فالرجال عادة يميلون إلى قمع مشاعرهم، وعادة ما يواجهون في أثناء التربية والتنشئة الاجتماعية نظاماً صارماً يلزمهم بعدم التعبير عن إحساسهم بالفقد أو الألم، إذ عليهم أن يكونوا طوال الوقت مستقرين عاطفياً وإلا سيظهرون بمظهر الضعف.

اقرأ أيضاً: الانفصال: 3 تدابير لنسيان زوجك السابق

5 اختلافات أساسية بين الرجال والنساء في مرحلة الانفصال

في أثناء مشاهدة مسلسلاتي المفضلة، عادة ما أرى الرجال يعيشون حياتهم بعد الانفصال، في حين تعاني المرأة نفسياً، ولكن في الحياة الواقعية، لا يمضي الرجال قدماً بهذه السهولة، وفي كل الأحوال فإن الانفصال ليس سهلاً، إليك بعض الاختلافات في كيفية تعامل الرجال والنساء مع نهاية العلاقة:

1. التعامل مع مشاعر الحزن بعد الانفصال

عادة ما تبكي النساء بعد الانفصال بسبب فقدان شخص أحببنه حقاً، ولكن الرجال عادة ما يميلون إلى الإنكار ويجدون صعوبة بالغة في تقبل الأمر ولكنهم لا يُظهرون مشاعرهم الحقيقية، ويصممون على إخفاء حزنهم، وفي بعض الأوقات قد يلجؤون إلى أساليب التكيف غير الصحية مثل تعاطي المخدرات أو شرب الكحول أو التدخين، وخلال مرحلة الانفصال يحاول الرجال معرفة السبب الوجيه لإنهاء العلاقة، وعادة ما ينظرون إلى الأمر على أنه يتعلق بتقديرهم لذواتهم.

2. الرغبة في استعادة العلاقة

يشعر الرجال بعد الانفصال مباشرة بالفرحة والراحة لأنهم سيكونون قادرين على الانخراط في الأنشطة التي كانوا لا ينفذونها بسبب الانشغال بالعلاقة، ولكن بعد انتهاء مرحلة الفرحة والراحة، يحس الرجال بالفراغ الرهيب ويرغبون في استعادة العلاقة، وقتها تكون النساء قد مضين قدماً وأصبحن قادرات على التعافي والبدء من جديد.

3. التعامل مع الألم العاطفي

تختلف طريقة تعامل النساء والرجال مع ألم الانفصال؛ فالمرأة أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرها، قد تبكي وتتحدث ولا مشكلة لديها في الاعتراف بأنها تحس بالوحدة والحزن واليأس بسبب انتهاء العلاقة، وعلى الجانب الآخر، فإن الرجل لا يعبر عن مشاعره ويتصرف بلا مبالاة كما لو أن الانفصال لم يؤثر فيه.

4. الوقت المستغرق للمضي قدماً

يستغرق الرجال وقتاً أطول للمضي قدماً بعد الانفصال مقارنة بالنساء، وذلك بسبب أن الرجال لا يسمحون لأنفسهم بالتعبير عن مشاعرهم، في حين أن النساء يعبرن عن مشاعرهن ويتقبلن الانفصال، ومع مرور الوقت يحدث التعافي من انتهاء العلاقة.

5. القدرة على قبول المساعدة

هناك فرق آخر بين الرجال والنساء بعد الانفصال، وهو القدرة على طلب المساعدة؛ ففي الوقت الذي لا تمانع النساء في إخبار أصدقائهن بحاجتهن إلى المساعدة على تجاوز هذه الأوقات الصعبة، يجد الرجال صعوبة في طلب المساعدة من نظام الدعم الخاص بهم، وعادة ما يمتد الأمر إلى طلب المساعدة المهنية من المختص النفسي، فالنساء يطلبن المساعدة المهنية على نحو أسرع من الرجال.

كيف تتخطى الألم العاطفي المصاحب للانفصال؟

توضح المختصة النفسية، خلود محمد، أن ألم الانفصال من أكثر التجارب قسوة في الحياة، وعلى الرغم من ذلك لا يمكنك تجنب الألم للتغلب عليه، ولكن يجب أن تعيش من خلاله، ولهذا حاول اتباع النصائح والخطوات التالية من أجل تخطي ألم الانفصال العاطفي:

1. اعترف بمشاعرك

اعترف لنفسك أنه من الطبيعي أن يكون لديك مشاعر مختلفة؛ في هذه المرحلة من حياتك سوف تشعر بالحزن والغضب والإرهاق والإحباط والارتباك، وقد تكون هذه المشاعر ساحقة، وفي بعض الأوقات سوف تحس أيضاً بالقلق بشأن المستقبل، ولهذا حاول قدر الإمكان تقبل هذه المشاعر وسوف تقل مع مرور الوقت.

2. توقف عن إلقاء اللوم على نفسك

يقع كثير من الأشخاص في دوامة إلقاء اللوم على أنفسهم بعد الانفصال، فيعيدون التفكير مجدداً في كل جدال وقرار، ويتساءلون عما كان بوسعهم فعله بطريقة مختلفة، ولكن عليك أن تتذكر أمراً مهماً، وهو أن العلاقات غالباً لا تنتهي بالانفصال بسبب طرف واحد، ولهذا سامح نفسك على أي أوجه قصور متصورة، وتخلص من الشعور بالذنب الذي يثقل كاهلك.

اقرأ أيضاً: كيف تنفصل عن شريكك بلطف؟

3. تحدث عن مشاعرك

حتى لو واجهت صعوبة في بداية الأمر للتحدث عن مشاعرك إلى أشخاص آخرين، فمن المهم إيجاد طريقة بعد ذلك خاصة عندما تكون حزيناً، فمعرفة أن الآخرين يدركون مشاعرك سيجعلك تشعر بأنك أقل وحدة مع ألمك وسيساعدك على التعافي، وفي حال لم تتمكن من الحديث، جرب الكتابة التي قد تكون بمثابة منفذ مفيد لمشاعرك.

4. امنح نفسك استراحة

اسمح لنفسك أن تنال قسطاً من الراحة، وخلال هذه الفترة تقبَّل أن يكون مستواك في مناحي الحياة أقل من المعهود؛ على سبيل المثال، قد تتأثر إنتاجيتك في العمل أو قد تُقصّر في رعاية الآخرين بالطريقة التي اعتدت عليها، ذكِّر نفسك أنك لست مثالياً، وخذ وقتك للتعافي وإعادة التواصل مع نفسك واستعادة الطاقة.

5. اطلب المساعدة من الآخرين

لا تتجاوز هذه الفترة بمفردك، وحاول قدر الإمكان أن تخرج من أجل مقابلة أصدقائك المقربين وتحدث إلى أفراد أسرتك، فكر في الانضمام إلى مجموعة دعم حيث يمكنك التحدث إلى الآخرين الذين يواجهون موقفاً مماثلاً، وتأكد أن عزل نفسك سيؤدي إلى تفاقم مشاعر القلق والتوتر، ويقلل تركيزك ويعرقل عملك وعلاقاتك الاجتماعية، وإذا استمرت مشاعر الألم والحزن، اطلب المساعدة المهنية من المعالج النفسي.

6. كن لطيفاً مع نفسك

حاول خلال هذه الفترة الاعتناء بنفسك جسدياً وعاطفياً ونفسياً؛ على سبيل المثال، مارس التمارين الرياضية، وتناول الطعام الصحي، واحصل على قسط كافٍ من النوم، حاول تجنب اتخاذ قرارات كبيرة أو تغييرات في خطط الحياة، ولا تستخدم أساليب التكيف غير الصحية مثل الكحول أو المخدرات أو السجائر؛ فهي تؤدي فقط إلى المزيد من المشكلات، وعوضاً عن ذلك مارس التأمل وتمارين الاسترخاء.

7. خذ وقتك لاستكشاف اهتماماتك

بدلاً من قضاء الوقت في التفكير بالماضي والندم على ما حدث، أو حتى إذا كنت تقضي وقتك في القلق والتوتر، حاول إعادة الاتصال باهتماماتك القديمة، وهوايتك التي كنت تحب ممارستها في السابق، مثل الرسم أو التلوين أو لعب كرة اليد، حاول الاستثمار في هواياتك، وتعرف على أصدقاء جدد، وخصص وقتاً من أجل الاستمتاع بحياتك.

المحتوى محمي