ما هو الخوف من العطلات؟ وكيف تتغلب عليه؟

2 دقائق
الإجازات الصيفية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يخاف الكثيرون من الفراغ خلال الإجازات ومن عدم تلبية معايير "الإجازة المثالية" التي يفرضها المجتمع، ومن ثم فإن حلول الإجازات الصيفية يصيبهم بالقلق. كيف يمكن التغلب على هذا التخوف والاستفادة إلى أقصى حد من هذا الاستراحة المستحقة؟

قررت سلوى عندما كانت تبلغ من العمر 20 عاماً الذهاب في رحلة صيفية عبر أوروبا مع صديقاتها. تقول سلوى: "لم أستطع النوم في الليلة السابقة للرحلة. وكانت معدتي متشنجة من التوتر وازدحمت الأفكار الكارثية في ذهني". لم تتحسن حالة سلوى كثيراً بعد 15 عاماً. إذ تقول: "أنا أكره قدوم الإجازات ووقت الفراغ كله هذا".

لماذا يخاف البعض من العطلات؟

هناك العديد من الأشخاص مثل سلوى، لا يستمتعون بوقت الفراغ. يقول الطبيب النفسي ورئيس قسم استشارات التوتر والقلق في مستشفى مدينة ليل الجامعي بفرنسا دومينيك سيرفان (Dominique Servant): "قد لا يكون إيقاع الصيف الذي يتسم بالخمول مناسباً للأشخاص النشطين الذين يعبرون عن أنفسهم بالحركة، فالسكون قد يعزز اجترار الأفكار لديهم". بالنسبة للمعالج النفسي بنجامين لوبزينسكي (Benjamin Lubszynski) لا ينبغي لوم الأشخاص القلقين على شعورهم بالقلق فالحاجة إلى النشاط البدني أو الفكري ليست "عيباً". يقول لوبزينسكي مازحاً في وصف الأشخاص الذين يمارسون التسمير على الشواطئ في الصيف: "ليس بالضرورة أن يرغب الجميع في حرق أنفسهم تحت الشمس".

صعوبة في الانفصال عن العمل خلال الإجازة

قد يكون ترك العمل وأخذ إجازة بضعة أسابيع والتخلي عن روتين معين صعباً على البعض. ويقول سيرفان: "الروتين ينظّم حياتنا عادةً". يتطلب التخلّص من العادات الوقت للتأقلم، ويضيف سيرفان أن "إيقاف النشاطات المعتادة قد يستغرق عدة أيام". تشير هذه الصعوبة في التخلي عن العادات إلى حدث الاجتثاث الأول، وهو الولادة، وقد يكون من المفيد أن نسأل آباءنا عن كيف خضنا هذه التجربة.

الخضوع للالتزامات الاجتماعية

"هل نجحت في تسمير بشرتك؟"، "هل سبحت كما يجب؟". ترتبط هذه الأسئلة وما شابهها من التي تطرح علينا بالفكرة ذاتها والتي تنص على أن الإجازة ينبغي أن تكون رائعة. تذكّرنا مختلف الأمور مثل المنازل المستأجرة باهظة الثمن التي استأجرها زملاؤنا وصور البحر الجميلة التي رأيناها على مواقع مثل فيسبوك وإنستغرام باستمرار بهذه الفكرة ونشعر بسببها بضغط واعٍ إلى حد ما كلما اقتربت الإجازة.

يقول المعالج النفسي لوبزينسكي: "يبدو وكأن هناك واجب لقضاء عطلة مثالية". بسبب تركيز المجتمع على التميّز في كل كبيرة وصغيرة والمعايير غير الواقعية التي تضعها الشبكات الاجتماعية، يخاف الأشخاص فكرة عدم استعدادهم لخوض هذه التجربة وفكرة قضاء إجازة غير مثالية.

صنّف أولوياتك

قبل بدء الإجازة مباشرة، قد نحاول الإسراع في إنجاز عدد كبير من المهام ما يسبب القلق والتوتر، وهو خلاف الغرض المرغوب من الإجازة. بالنسبة لسيرفان، من المستحسن أن تركز على إنجاز المهام الأكثر إلحاحاً بدلاً من محاولة إكمالها كلها بمدة قصيرة.

مارس التأمّل

ينصح لوبزينسكي الأشخاص الذي يعانون القلق خلال الإجازة بسبب عدم فعل شيء أن يمارسوا التأمل. إذ يقول: "يحقق ذلك هدفين بخطوة واحدة. إذ أنك ستتمكن من استغلال الوقت الذي يقلقك ضياعه، وستتدرب في الوقت ذاته على عيش اللحظة".

امنح معنى لإجازتك

يقترح لوبزينسكي أن تسأل نفسك عن الهدف الذي تريد تحقيقه في إجازتك حتى تتمكن من التعامل مع القلق. إذ يقول: "بات القطاع السياحي يلبي الحاجات الفردية، ما يسهل على الجميع التوفيق بين تطلعاتهم العميقة وأوقات فراغهم". يمكنك أخذ جولات سياحية ريفية وثقافية والذهاب في الإجازات الرياضية. لقد ثبت أن تلبية أعمق رغباتنا هي أفضل علاج للقلق الذي يثيره الصيف.

تجربة شخصية

تقول سوسن البالغة 43 عاماً: "يهوى زوجي الاسترخاء والاستمتاع بوقته خلال الصيف، في حين أن هذا الفراغ يسبب لي القلق. كانت الإجازات الصيفية الأولى التي قضيناها معاً كارثية. إذ أننا كنا نتجادل طيلة الوقت. لكنه قال لي جملة يوماً ما أثرت في نفسي، ’لا مشكلة في ألا تفعلي شيئاً!‘ وهنا أدركت سبب قلقي. كانت الإجازات التي قضيتها مع والديّ دائماً مليئة بالنشاطات، ومن ثم فإن الاسترخاء والخمول ولدا لدي شعوراً بالذنب. شيئاً فشيئاً انفصلت عن حالة الطفلة المثالية التي عشتها في صغري وأدركت أن عليّ أن أعيش الحاضر وأن أقدر أوقات الفراغ التي لا أفعل فيها شيئاً".

المحتوى محمي