عادة ما يميل البشر إلى التواصل وتكوين العلاقات، وعلى الرغم من ذلك، فإن ترسيخ العلاقة والحفاظ عليها ليس أمراً سهلاً، خاصة بالنسبة للأشخاص الأذكياء؛ حيث يواجهون صعوبة في إيجاد الحب، ومن ثم الحفاظ عليه، إذ يشعر الأفراد أصحاب معدل الذكاء المرتفع بعدم الانسجام مع العالم، لأنهم يرون الحياة ويفسرونها بصورة مختلفة منذ الصغر، وفي أثناء رحلتهم في هذا العالم يبحثون عن أقران متشابهين في التفكير، ونتيجةً لذلك، يُمثّل تكوين العلاقات تحدياً صعباً للأذكياء، هذا بالإضافة إلى بعض الأسباب الأخرى التي سنتعرف إليها عبر هذا المقال.
8 أسباب قد تجعل الأذكياء يفشلون في الحب
دعونا نتفق في البداية على أمر مهم؛ هو أن الحب عاطفة، لا يمكن التعامل معها بالذكاء وحده، ومن ثم، فإن الأذكياء يواجهون صعوبة في التعامل مع تلك العاطفة، للأسباب التالية:
1. الإفراط في التفكير
الأشخاص الأذكياء يُركزون جداً على التفاصيل، ينظرون إلى كل سمة من سمات الآخر عبر عدسة مجهرية، ويُحللون كل شيء، وإذا أثار شيء ما لديهم شكوكاً تجاه الشخص الآخر، فإنهم لا يمنحونه أي فرصة ثانية، ودائماً ما يُقيّمون إيجابيات سبب وقوعهم في الحب وسلبياته، وفي بعض الأوقات، يُحلّل الأذكياء الطرق المحتملة جميعها لفشل العلاقة، وحين يتوصلون إلى طرق متماسكة ومنطقية لاحتمالية فشل الأمور، يستنتجون أنه بما أن السيئ يفوق الجيد، فلا جدوى من بدء العلاقة على الإطلاق.
اقرأ أيضاً: هذا ما يفعله الوقوع في الحب بدماغك
2. حب الاستقلالية
عادةً ما يشعر الأذكياء بالراحة في التعامل مع أنفسهم، وكلما زاد ذكاء الشخص، زاد تقديره للاستقلالية؛ فهو يشعر بالأمان التام والسلام مع ذاته، لدرجة أنه يحرص على تجنب أي شيء قد يُعوق استقلاليته، حتى العلاقات، لذلك يجد صعوبة بالوقوع في الحب.
3. الثقة في العقل أكثر من القلب
يمتلك الأفراد الأذكياء عقولاً تحليلية، وغالباً ما يميلون إلى اتخاذ قرارات مبنية على الحقائق والأرقام، وتنبع قراراتهم من دراسة منطقية للخيارات جميعها، ونتيجة لذلك، يتمسكون بما يُمليه عليهم عقلهم، بغض النظر عما يشعرون به في قلوبهم، حيث يثقون في عقولهم أكثر من قلوبهم، وهذه الطريقة في التفكير قد تكون مفيدة، ولكنّ ثمة أوقاتاً يجب الاستماع فيها إلى القلب خاصة عندما يتعلق الأمر بالحب.
4. الشعور بالملل ونفاد الصبر
يمكن أن يواجه الأشخاص الأذكياء صعوبات في التواصل مع الآخرين الذين لا يتمتعون بمستوى الذكاء نفسه، وعلى الرغم من أنهم يحسون بالحماس والإثارة بسبب طبيعتهم المحبة للمعرفة، فإنهم غالباً ما يشعرون بالإحباط والقلق والوحدة لأن الشخص الآخر لا يرقى للمستوى نفسه من حب العلم والمعرفة، ولأن العلاقة غير محفزة فكرياً فإنهم يحسون بالملل ونفاد الصبر.
5. إعطاء الأولوية لأهداف الحياة
الأذكياء حالمون بطبيعتهم، ولديهم الكثير من الأحلام التي يرغبون بتحقيقها في هذا العالم، علاوة على ذلك، فإنهم يمتلكون أهدافاً يسعون للوصول إليها في مرحلة معينة من حياتهم، لذلك يتحركون دائماً، وأحياناً لا يكون الوقوع في الحب من أولوياتهم.
6. كراهية الخسارة
الأذكياء لا يستسلمون في أي محادثة مع الآخرين، فعقولهم مصممة على الفوز، حتى في جدالات الحياة اليومية، وهذا الأمر قد يكون محبطاً في علاقات الحب، لأن الشخص الذكي سوف يحاول مراراً وتكراراً إثبات أنه على حق، ما يجعل المحادثات معه مرهقة للغاية، وخالية من العواطف، إذ تحتوي فقط على أدلة منطقية واستنتاجات عملية.
7. امتلاك معايير عالية للغاية
الأشخاص الأذكياء لا يتنازلون، ولا يخفضون سقف معاييرهم أبداً، حتى في الحب؛ حيث إنهم يضعون شروطاً صعبة حول إمكانات الطرف الآخر، وغالباً ما يفضلون الشعور بالوحدة على الوجود مع شخص غير مناسب لمعاييرهم، وذلك لأن الأذكياء لديهم توقعات عالية عن أنفسهم ويفترضون الشيء نفسه عن الآخرين، إذ غالباً ما يخوضون رحلة طويلة من أجل التطوير الذاتي، ويريدون من الجميع أن يسلكوا الرحلة نفسها.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يغير الوقوع في الحب ملامح دماغك؟ الخبراء يجيبون
8. التقليل من أهمية مهارات الحياة الأخرى
يُقلل الأذكياء أحياناً قيمة مهارات الحياة الأخرى، مثل بناء العلاقات والتعامل مع المشكلات، ويُفرطون في التركيز على الذكاء، وعادةً ما يرون نجاحهم أمراً حتمياً بفضل ذكائهم، ولا يرون ضرورة لاكتساب المهارات الأخرى، لذلك، لا يستثمرون الوقت والجهد في تطوير هذه المهارات.
اتبع هذه الإرشادات حتى تنجح بالوقوع في الحب
هل تساءلت يوماً؛ ما الذي يميز علاقات الحب الناجحة؟ في الحقيقة إن الأمر ليس صعباً، ولكن هناك بعض الإرشادات التي قد تساعدك حتى تخوض غمار الحب بنجاح، منها على سبيل المثال:
1. ابحث عن شريك متوافق معك فكرياً
لا تُقلّل شأن ذكائك، ولا ترضخ للأمر الواقع، وعوضاً عن ذلك، ابحث عن شريك لا يُقدّر ذكائك فحسب، بل يطوره أيضاً، ثابر على قيمك وابحث عن شخص يستمتع بالانخراط في نقاشات عميقة، واستكشاف أفكار مُعقدة، ويشاركك شغفك بالتعلم المُستمر، والنمو الشخصي.
2. وازِن في المحادثات
حين أخبرك بأن تثابر على مبادئك وقيمك وتتمسك بذكائك بصفته نقطة قوة في سمات شخصيتك، فهذا لا يعني أن المحادثات جميعها مع الطرف الآخر يجب أن تكون عميقة وعلمية، ما رأيك لو تمزج تلك المحادثات بالمرح لخلق علاقة متكاملة.
3. طوّر ذكاءك العاطفي
إن امتلاك معدل ذكاء مرتفع لا يعني بالضرورة ذكاءً عاطفياً عالياً، ويمكن القول إن الذكاء العاطفي هو القدرة على إدراك مشاعرك وفهمها وإدارتها، بالإضافة إلى إدراك مشاعر الآخرين وفهمها والتأثير فيها، ويشمل هذا النوع من الذكاء عدة مهارات أساسية مثل: الوعي الذاتي، وتنظيم المشاعر، والتحفيز، والتعاطف. ومن أجل بناء علاقات مُرضية، طوِّر هذا الذكاء من خلال التواصل الفعال مع احتياجاتك العاطفية، والتعاطف مع مشاعر الطرف الآخر.
اقرأ أيضاً: ما الذي يدفعنا إلى الهروب من الحب؟
4. تواصَل بصدق وانفتاح
التواصل الصريح والصادق هو شريان الحياة لعلاقة صحية؛ فهو يتضمن التعبير عن أفكارك ومشاعرك بوضوح واحترام، دون إخفاء أحاسيسك أو تجنب المواضيع الشائكة؛ إذ تُساعد هذه الشفافية على منع سوء الفهم وبناء الثقة بين الشريكين، ويمكن القول إن هذا التواصل لا يقتصر على الحديث، بل يتضمن أيضاً النبرة والتوقيت والسياق.
5. تقبّل التغيير
التغيير جزء لا يتجزأ من الحياة والعلاقات، لذلك فإن التكيف مع التغيير أمر بالغ الأهمية للنمو والتطور، وهذا يعني تقبلك تغيير سلوكك، أو قبول التغييرات في علاقتك، أو التكيف مع الظروف الجديدة، وتأكد أن قدرتك على التغيير تُعزّز نموّك الشخصي، وتحسّن قدرتك على التأقلم مع ديناميكيات علاقتك.
6. مارس التأمل الذاتي
التأمل الذاتي هو حجر الزاوية في الذكاء العاطفي، وهو يرتكز على تخصيص وقت للتأمل في أفكارك ومشاعرك وردود أفعالك تجاه المواقف المختلفة، ومن خلال فحص سلوكك ومشاعرك بانتظام، سوف تكتسب فهماً أعمق لدوافعك الداخلية، بالإضافة إلى ذلك، فإن التأمل الذاتي يُحسّن تنظيم المشاعر، ويجعلك تتعامل مع المواقف بفعالية أكبر.
7. ركّز على تعلم المهارات الاجتماعية
غالباً ما يكون الذكاء خاصاً وفردياً بطبيعته، لذلك، قد تركز دوماً على تطوير نفسك، وتغفل عن المهارات الاجتماعية اللازمة للتواصل مع الآخرين، ولكن لم يفت الأوان بعد، يمكنك تعلّم المهارات الاجتماعية اللازمة للحب مثل قراءة لغة الجسد، واستخدام السلوكيات غير اللفظية، ولستَ بحاجة لأن تصبح خبيراً في هذه المهارات لتكون جذاباً للطرف الآخر، ولكن القدرة على بدء محادثة، أو فهم بعض الإشارات غير اللفظية الأساسية يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً!
في النهاية، تؤكد المختصة النفسية، فاطمة الصمداني، أن الحب هو حالة وجدانية عميقة، تنطوي على ارتباط عاطفي ومعرفي مستمر، وتشمل القبول غير المشروط، والرغبة في الدعم والحضور الدائم، وعادة ما يخلق الحب تغييراً في أولويات الشخص وسلوكياته اليومية، ما يعني أن وقوعك في الحب يحتاج إلى ما هو أكثر من الذكاء.