لماذا يُعد جيل زد أكثر وعياً بصحته النفسية؟ وما دور منصات التواصل الاجتماعي في ذلك؟

جيل زد
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: وسم #ProtectYourpeace (حصّنْ سلامك الداخلي) الذي انتشر بكثافة على موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، يخلق ثورة في مجال توعية الشباب بضرورة العناية بالذات وصحتها النفسية. أكثر من 322 مستخدماً انضموا إلى هذا الوسم لمتابعة مقاطع الفيديو اليومية التي تنشر ثقافة الاهتمام بالصحة النفسية. فما سرّ هذا الانتشار؟ وكيف يعبّر عنه أبناء جيل زد؟ هذا ما يجيب عنه المقال التالي.

يبدو أن وسم #ProtectYourpeace الذي يشارك فيه أكثر من 322 مليون مستخدم في موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، أصبح الشعار الجديد لجيل زد (من مواليد بداية الألفية). فما الرسالة التي يحملها؟

من الصعب فهم جيل الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً. إنهم يعيشون مفارقات عدّة؛ منها أنهم يتواصلون مع الآخر بكثافة لكنّهم يحرصون في الوقت نفسه على العناية بالذات. والدليل على هذا التوجه وسم #ProtectYourpeace (حصّنْ سلامك الداخلي) الذي يدعو إلى العناية بالصحة النفسية والسلام الداخلي.

الوعي بالصفحة النفسية بين جيل زد يزداد

وفقاً للهيئة الفرنسية للصحة العامة؛ فقد أفاد ثلثا الشبان الفرنسيين أنهم يعتنون بحالاتهم الصحية النفسية. وأظهرت البيانات التي جمعتها الهيئة أيضاً أن اضطرابات المزاج وحالات الاكتئاب في تزايد مستمر، ولا سيّما في أوساط الشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 و24 عاماً.

إذا كان الثلث المتبقي من المستجوَبين لا يهتم بصحته النفسية، فإن الأسباب الرئيسة التي تقف وراء ذلك تشمل الموانع المالية التي تحول دون استشارة الطبيب النفسي أو جهل هؤلاء الشبان بالخيارات العلاجية المتاحة لهم. لهذا يمكّن تطور محتوى الإنترنت المخصّص لموضوع العناية بالذات، كلّ شخص على حدة من الحصول على معلومات صحية مفيدة بصفة فردية وافتراضية.

ويُظهر تحليل شبكات التواصل الاجتماعي أن هذا الجيل على دراية جيدة بمفهوم العناية بالذات؛ حيث حقق وسم #ProtectYourPeace انتشاراً واسعاً بعد أن بلغ عدد المشاركين فيه 322 مليوناً في موقع التواصل الاجتماعي تيك توك وحده. ويشرح ملايين المستخدمين في هذا الوسم طرائق العناية بصحتهم النفسية يومياً ويعرضون أساليبها.

وقد تزايدت مقاطع الفيديو التي تُعرض عبر هذا الوسم خيارات عدة للحفاظ على الشعور بالتصالح مع الذات. وتهيمن على هذه الخيارات فكرة استعادة التحكم في النفس والسيطرة في مواجهة عالم يتطلب الكثير من التركيز المعرفي والاجتماعي والافتراضي. ويدعو المحتوى المتداول الشبان إلى إعادة بناء الشعور الشخصي بالسلام الداخلي، ويعكس ذلك توجهاً إلى تحقيق اكتفاء ذاتي عاطفي ونفسي.  وعادة ما يعبّر شبان هذا الجيل الذين نشؤوا في ظلّ التواصل الكثيف بالإنترنت عن حاجة عميقة إلى الوحدة والصمت مع استقلالية في إدارة شؤونهم الصحية النفسية.

كيف يعتني أبناء جيل زد بصحتهم النفسية؟

هكذا ينعزل أبناء جيل زد ليشعروا بالسلام الداخلي من خلال أساليب عدّة بعضها مستجدّ تماماً بالنسبة إلينا. وإذا كان حجم مقاطع الفيديو المتداولة حول الموضوع يؤكد استمرارهم في التواصل الكثيف بالإنترنت، فإن النصائح التي يتداولونها بغرض تحصين هذا السلام الداخلي تركز كثيراً على ضرورة الانفصال عن العالم الخارجي. لكن هذه النصيحة لا تعني الانقطاع الكلّي عن استخدام الإنترنت بالنسبة إلى أبناء هذا الجيل الرقمي؛ بل تعني الاستخدام العقلاني المتوازن لشبكات التواصل الاجتماعي.

أصبح الطلبة على سبيل المثال أكثر انجذاباً إلى الطبيعة مع أن ذلك لا يمكن أن يحدث في بعض الأحيان إلا افتراضياً. وأضحت فيديوهات المناظر الطبيعية ومحتوى المؤثرين الذين يعرضون “رحلاتهم” أو عنايتهم “بالنباتات” تحقّق انتشاراً واسعاً في شبكات التواصل الاجتماعي.

كما يشجع أبناء هذا الجيل أيضاً أساليب التأمل باليقظة الكاملة واليوغا بشتى وأنواعها ويمارسها الكثيرون منهم بمفردهم بمشاهدة مقاطع الفيديو. وفي إطار سعيهم وراء أساليب تحقيق الهدوء والسلام الداخلي، يستخدم بعضهم بشغف تقنية الاسترخاء المعروفة باستجابة القنوات الحسية الذاتية (ASMR). لا يمكننا أيضاً تجاهل أهمية اللعب في هذا التوجه، فألعاب الفيديو أو التجارب الممتعة في عالم الميتافيرس تشكل أيضاً جزءاً أساسياً من الأساليب التي يوظفونها لتأمل ذواتهم.

يبتكر جيل زد إذاً أسلوبه الجديد والشخصي لتحقيق السلام الداخلي مع تحديث مفهوم الانفصال عن العالم الخارجي في الوقت نفسه.