تقرير عالمي: التوتر والغضب عند العاملين العرب وصل حدّاً قياسياً فما هو الحل؟

5 دقائق
التوتر والغضب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: وجد تقرير مؤسسة غالوب السنوي أن نسبة العمال الذين يشعرون بالتوتر والغضب في المنطقة العربية والشرق الأوسط وصلت إلى مستوى قياسي، فماذا جاء في التقرير بالتفصيل، وما تأثير التوتر والغضب في صحة العمال وكيف يمكن مواجهته؟

تبيّن في تقرير مؤسسة غالوب (Gallup) السنوي لعام 2023 الخاص بالحالة العالمية لمكان العمل (State of the Global Workplace:2023 Report)، أن نسبة العمال والموظفين الذين يعانون من التوتر والغضب في المنطقة العربية والشرق الأوسط قد وصلت إلى مستويات قياسية. إليك ما توصّل إليه التقرير بالأرقام المفصّلة، وكيف يؤثر التوتر والغضب في الصحة النفسية للعمال، وكيف يمكن تخفيفهما.

تقرير غالوب عن حالة العمّال في المنطقة العربية والشرق الأوسط لعام 2023

مؤسسة غالوب (Gallup) هي شركة تحليلات واستشارات أميركية تشتهر باستطلاعات الرأي العالمية التي تجريها، وإليك النتائج الملحوظة التي توصلت إليها فيما يخص العمال في المنطقة العربية:

التوتر

بلغت نسبة العمال والموظفين الذين يعانون التوتر اليومي (44%) عالمياً، في حين أبلغ نحو (45%) من العمال في المنطقة العربية والشرق الأوسط عن معاناتهم توتراً كبيراً في اليوم السابق، وكانت النساء أكثر توتراً من الرجال؛ إذ بلغت نسبتهما (50%) و(43%) على التوالي. كما لم يقتصر التوتر اليومي على الموظفين فقط، بل يشعر (46%) من المدراء بالتوتر مقارنة بنسبة (44%) من الأفراد المساهمين. وكانت نسبة العمال المصابين بالتوتر في حالة العمل عن بعد (49%) أعلى منها للعمال في الموقع (44%).

الغضب

وجد التقرير أن نسبة العمال والموظفين الذين يشعرون بالغضب اليومي في المنطقة العربية هي ثاني أعلى نسبة على مستوى العالم؛ إذ بلغت نحو (32%) في المنطقة العربية مقابل (21%) عالمياً. واللافت هنا أن الشعور بالغضب اليومي يكون أعلى عند الأفراد المساهمين (33%) مقارنة بالمدراء (29%)، وتتساوى نسبة الموظفين والعمال الذين يشعرون بالغضب اليومي تقريباً في حالة العمل عن بعد (32%) والعمل في الموقع (33%).

بيئة العمل ونية ترك العمل 

طرحت مؤسسة غالوب السؤال التالي: عند التفكير في وضع العمل في المدينة أو المنطقة التي تعيش فيها، فهل تعتقد أنه وقت مناسب أو غير مناسب للعثور على عمل آخر؟ أعتقد (53%) من العمال والموظفين على مستوى العالم أن الوقت جيد للعثور على عمل آخر حيث يعيشون، وتعزى هذه الزيادة في الوظائف المتاحة وفقاً لغالوب إلى انفتاح الاقتصاد العالمي على الأعمال التجارية.

في المقابل، بلغت هذه النسبة في المنطقة العربية نحو (34%) وهي أدنى نسبة إقليمية في التقرير فيما يتعلق بهذا الموضوع. أما نسبة العمال الذين يراقبون فرص العثور على عمل جديد ويبحثون عنها بنشاط فقد بلغت (51%) عالمياً و(49%) عربياً، وعلى الرغم من أن زيادة الأجور هي عامل رئيسي فيما يريده الناس في وظائفهم التالية، فتحسين الرفاهية وفرص النمو والتطور تحظى أيضاً بتقدير كبير عند الباحثين عن العمل.

ما تأثير ضغوط العمل في صحة العمال والموظفين؟

قد يسبب التوتر والغضب في العمل ضعف الصحة الجسدية والنفسية إذ يسهمان في مشكلات عديدة؛ مثل الصداع وآلام المعدة واضطرابات النوم وسوء المزاج وصعوبة التركيز والقلق والأرق وارتفاع ضغط الدم وضعف جهاز المناعة والاكتئاب والسمنة وأمراض القلب. جدير بالذكر أن الصحة النفسية تشمل الرفاه النفسي والعاطفي والاجتماعي، وفي حال تضررت فستؤثر على شعورنا وتفكيرنا وسلوكنا مع الآخرين.

وما يزيد المشكلة تعقيداً أن الأشخاص الذين يعانون توتراً مفرطاً في العمل غالباً ما يتعاملون معه بطرائق غير صحية؛ مثل الإفراط في تناول الطعام أو تناول الأطعمة غير الصحية، أو التدخين أو إدمان الكحول.

بالإضافة إلى ذلك، يؤثر التوتر والغضب في العمل سلباً على الإنتاجية؛ إذ يصبح الموظف أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء والأداء الضعيف والإرهاق والخلافات مع الزملاء، ما يؤثر في أداء الشركة وقدرتها على تحقيق أهدافها.

أما أكثر الأسباب شيوعاً لحدوث التوتر والغضب في أثناء العمل فهي الأجور المنخفضة وأعباء العمل المفرطة وقلة الفرص اللازمة للنمو والتقدم في العمل، والعمل الذي لا ينطوي على المشاركة والتحدي، ونقص الدعم الاجتماعي وعدم وجود سيطرة كافية على القرارات المتعلقة بالوظيفة، بالإضافة إلى المطالب المتضاربة أو توقعات الأداء غير الواضحة.

كيف تقلل من الشعور بالتوتر والغضب في أثناء العمل؟

ينصح الأخصائي والمعالج النفسي، أسامة الجامع، في تغريدة نشرها في حسابه على تويتر، للتخلص من توتر العمل بأن تأخذ إجازة وتغلق هاتفك وتتخلى عن مسؤولياتك مؤقتاً، وأن تركز في اللحظة وتستمتع بها وتستمتع بالطبيعة، ثم أن تعود إلى عملك بعد عدة أيام؛ فالعمل لا ينتهي، لكن صحتك تنتهي.

لكن لنكن منصفين قليلاً، بعض التوتر في العمل أمر طبيعي حتى لو كنت تحب ما تفعل، فالمواعيد النهائية الوشيكة أو المهام الصعبة مخيفة بعض الشيء. لكن عندما يصبح ضغط العمل مزمناً فقد يؤثر في الصحة الجسدية والنفسية. يمكنك من خلال إتباع النصائح التالية التقليل من التوتر والغضب في العمل إلى الحد الأدنى:

  • لاحظ كيف يؤثر توتر العمل عليك: قد لا يكون من السهل أن تدرك تأثير التوتر عليك، لذلك كن واعياً لعلامات التوتر البسيطة مثل: الشعور بالإرهاق العاطفي أو التشاؤم في نهاية يوم العمل، أو انخفاض الطاقة أو الشعور بالتعب أو الصداع أو تغيرات في الشهية، أو تدني احترام الذات أو فقدان الدافع الجنسي.
  • دوِّن سبب توترك: حدد المواقف والأشخاص الذين يسببون أكبر قدر من التوتر والغضب، ودوّنا هذه المعلومات في دفتر يوميات لمدة أسبوع أو أسبوعين، ودوِّن استجابتك أيضاً: هل رفعت صوتك أم تناولت وجبة غنية بالسكر أم ذهبت للمشي؟ يساعدك تدوين الملاحظات في العثور على أنماط بين مسببات التوتر وردود فعلك تجاهها.
  • طور استجابات صحية: اتخِّذ خيارات صحية لمواجهة التوتر وتقليله بدلاً من مواجهته بالوجبات السريعة أو الغضب، وهذا يعني أن تعتني بنفسك وصحتك بممارسة التمارين الرياضية والانخراط في الأنشطة المفضلة، والمطالعة وقضاء الوقت مع العائلة، والحصول بالطبع على قسط كاف من النوم واتباع نظام غذائي صحي.
  • اُفصل حياتك المهنية عن حياتك الشخصية: ضع حدوداً واضحة بين عملك وحياتك الشخصية، خصوصاً إذا كان عملك عن بعد.
  • اشحن طاقتك: قد يساعدك تخصيص بضع دقائق للراحة خلال يوم حافل من العمل في منع الشعور بالتوتر، يمكنك أن تستمع خلالها إلى أغنية مفضلة أو تشاهد مقطع فيديو مضحك وتنفصل عن الأنشطة المتعلقة بالعمل. بالإضافة إلى ذلك، لا تدع أيام العطلة الأسبوعية تذهب سدىً، بل استثمرهاجيداً لتكون وقتاً للاسترخاء والراحة كي تعود إلى العمل بحيوية ونشاط.
  • تعلم تقنيات الاسترخاء: يمكن تقليل الشعور بالتوتر والغضب من خلال التأمل وتمارين التنفس العميق واليقظة وإبعاد انتباهك عن مصدر غضبك.
  •  تحدث إلى رئيسك في العمل: لدى رئيسك في العمل حافز قوي لخلق بيئة عمل تعزز رفاهيتك النفسية، فصحة الموظف ترتبط بإنتاجيته. لذلك، ناقش معه العوامل التي تشعرك بالتوتر أو الغضب التي حددتها مسبقاً إن كان بإمكانه مساعدتك على معالجتها.
  • اُصقل مهارات تنظيم الوقت: حتى تتجنب التوتر المرتبط بتنظيم الوقت حاول إعداد قائمة أولويات في بداية الأسبوع تقسِّم فيها المهام وترتبها حسب الأهمية والأولوية.
  • ابتعد عن الخلافات التي لا طائل منها: قد تكون للصراعات في مكان العمل تأثير كبير على رفاهك العاطفي، لذلك حاول قدر الإمكان أن تتجنبها؛ لا تشارك في النميمة ولا تتحدث في المواضيع الدينية أو السياسية أو الحياة الشخصية للزملاء وما إلى ذلك.
  • احصل على الدعم: لا بأس إن طلبت المساعدة من بعض الأصدقاء الموثوق بهم وأفراد الأسرة لتحسين قدرتك على إدارة التوتر والغضب، ويمكنك أن تفكر في طلب استشارة من مختص في الصحة النفسية إذا لزم الأمر.

كتب الرئيس التنفيذي لمؤسسة غالوب، جون كليفتون (Jon Clifton)، في بداية التقرير: "ماذا يستطيع القادة فعله اليوم لإنقاذ العالم؟ توصلت غالوب إلى جواب واحد واضح؛ غيِّر طريقة إدراتك للأشخاص". إذ وجدت مؤسسة غالوب أن الإدارة الفعالة للقوى العاملة على صعيديّ العمل عن بعد والعمل الهجين تتضمن إجراء محادثة واحدة ذات مغزى مع كل موظف مرة واحدة أسبوعياً، تركِّز على التقدير والتعاون والأهداف والأولويات ونقاط القوة، ويمكن أن تكون مدة هذه اجتماعات بحدود 15-30 دقيقة إذا كانت تعقد أسبوعياً.