ملخص: يفرض علينا إيقاع الحياة اليومية المتسارع التواصل عبر التقنيات الرقمية، بدلاً من التواصل الشخصي المباشر مع الآخرين. وإذا كنا نجني فوائد ذلك على مستوى ربح الوقت، فإننا بالمقابل نخسر الكثير من الفوائد النفسية للتواصل وجهاً لوجه، وهذا ما تؤكده إحدى الدراسات الصادرة حديثاً.
إذا كانت التكنولوجيا عاملاً مساعداً لنا على التواصل بسهولة، فإنها لا يمكن أبداً أن تعوض الحوار المباشر وجهاً لوجه بين الناس بما يتيحه من فوائد إيجابية وفقاً لإحدى الدراسات الحديثة.
ما أهمية التواصل مع الآخرين؟
التواصل ضروري لسير حياتنا على ما يرام، فهو يسمح بخلق علاقات جديدة، وتعميق صِلاتنا بالآخرين والتعبير عن تعاطفنا معهم، والعناية بصحتنا النفسية عموماً. وأصبح من الممكن اليوم التواصل بطرائق عديدة؛ لكن أساليب الحوار المختلفة هذه لا تنطوي على الفوائد ذاتها.
ففي دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة نيتشر (Nature)، سعى باحثون نمساويون إلى مقارنة فوائد التواصل الافتراضي بفوائد التواصل وجهاً لوجه.
التواصل الواقعي أفضل من الافتراضي
للتمكن من مقارنة تأثيرات أشكال مختلفة من التواصل، جمع الباحثون بيانات من 400 مشارك على مدى 4 أسابيع خلال فترة الحجر الصحي التي شهدتها جائحة كوفيد-19.
وأفاد المختص في علم النفسي السريري، نعوم شبانسر (Noam Shpancer) في تصريح لموقع سايكولوجي توداي (Psychology Today)، بأن الباحثين تابعوا بصفة يومية الصحة النفسية للمشاركين والمدة التي يقضونها سواء في التواصل المباشر وجهاً لوجه مع الآخرين، أو في التواصل الرقمي بالرسائل القصيرة وعبر الفيديو والمكالمات الهاتفية، فضلاً عن أنشطتهم البدنية والأنشطة الأخرى التي يمارسونها في الهواء الطلق.
وتبيّن أن المشاركين الذين خصصوا أوقاتاً أكثر للتواصل وجهاً لوجه والتواصل الرقمي يتمتعون بصحة نفسية أفضل من الآخرين.
وكشف الباحثون أن: "الصحة النفسية للمشاركين كانت أفضل أيضاً في الأيام التي يقضون فيها أكثر من الوقت المعتاد في التواصل وجهاً لوجه".
وكذلك تبيّن أن التواصل الشخصي مثّل المؤشر الأكثر أهمية إلى صحة نفسية جيدة، قبل مؤشريّ التقدم في السن والتواصل الرقمي.
وكتب الباحثون في خلاصة هذه الدراسة: "على الرغم من أننا نعيش في عالم فائق التقدم من الناحية التكنولوجية، وبخاصة في الدول الغربية الصناعية، فإن الأجهزة والخدمات التكنولوجية العديدة المتوفرة لا يمكن أن تعوّض فوائد التواصل الشخصي المباشر للصحة النفسية والرفاهة".