هل التفكير في المرض يسبب المرض؟

3 دقيقة
التفكير في المرض
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لا دليل علمي يؤكد أن التفكير في المرض يسبب المرض، ولكن في بعض الأوقات يؤدي التفكير الزائد في المرض إلى توهم الإصابة به، وفي هذه الحالة يكون الشخص مصاباً باضطراب القلق المرضي أو "التوهم المرضي". يعاني المصابون بهذا الاضطراب خوفاً مستمراً من إصابتهم بمرض خطير أو مهدد للحياة على الرغم من ظهور أعراض قليلة أو عدم ظهور أعراض على الإطلاق، وعادة ما يؤثر التفكير بالمرض في حياة الإنسان بعدة طرق، منها على سبيل المثال متلازمة المعطف الأبيض، إذ يرتفع ضغط دم الأفراد في العيادة الطبية وبحضور الطبيب بينما ينخفض في المنزل، وذلك بسبب القلق المفرط من النتائج. وهناك أيضاً تأثير نوسيبو، أي أن يشعر الشخص الذي يظن أنه سيعاني أعراضاً جانبية مؤلمة للدواء بالألم فعلاً حتى لو كان الدواء وهمياً. علاوة على أن القلق المزمن من المرض يرفع خطر الإصابة بمرض القلب ويؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، ويتطلب التعافي من هذا القلق الاستعانة بالطبيب النفسي الذي يلجأ إلى أحد أسلوبين علاجيين مع المريض، هما العلاج الدوائي والعلاج النفسي. 

لا دليل علمي يثبت أن التفكير في المرض يؤدي إلى الإصابة بالمرض، لكن  في بعض الأحيان يؤدي التفكير في المرض إلى توهمه، وفي هذه الحالة قد يكون الشخص مصاباً باضطراب القلق المرضي؛ وهو اضطراب نفسي يُعرف أحياناً باسم "التوهم المرضي". يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب خوفاً دائماً من إصابتهم بمرض خطير أو يهدد حياتهم على الرغم من قلة الأعراض أو عدم ظهورها، فكيف يؤثر التفكير بالمرض في حياة الإنسان وهل يمكن التغلب عليه؟ الجواب في هذا المقال.

كيف يؤثر التفكير في المرض في حياة الإنسان؟

يواجه الشخص الذي يفكر بالمرض صعوبة في التركيز على أي شيء آخر غير القلق بشأن المرض الشديد، ويمكن أن تتداخل مخاوفه المستمرة مع علاقاته وحياته المهنية وحياته الشخصية، وفي بعض الحالات قد يؤدي التفكير الزائد بالمرض والقلق بشأنه إلى ظهور بعض الاضطرابات، منها على سبيل المثال:

1. متلازمة المعطف الأبيض (White Coat Syndrome)

متلازمة المعطف الأبيض هي حالة يكون فيها ضغط دم الشخص مرتفعاً في عيادة الطبيب، ولكنه يكون طبيعياً في المنزل، وعادة ما تحدث هذه المتلازمة بسبب التفكير الزائد في المرض والقلق بشأن نتائج الفحوصات الطبية.

2. تأثير نوسيبو (The nocebo effect)

توقعات الإنسان وتفكيره الزائد بشأن المرض قد يؤدي في بعض الحالات إلى إطلاق جزيئات توسع الأوعية الدموية التي تسبب الصداع، وفي بعض الأحيان قد تسبب أعراضاً جسدية غير مُفسرة طبياً في ظاهرة تشبه إلى حد كبير "تأثير نوسيبو".

يؤكد أستاذ الطب النفسي بجامعة هارفارد (Harvard Medical School) آرثر بارسكي (Arthur Barsky) أن تأثير نوسيبو يتجسد في الأعراض الجانبية التي تظهر على المريض جراء تناول الدواء الوهمي، وعلى الرغم من أن هذا الدواء قد يكون قطعة من السكر فبعض الأشخاص يشعرون بالصداع والتعب وآلام المعدة والغثيان والدوار علماً أنها لم تكن موجودة قبل تناول الدواء الوهمي، ما يعني أنها أعراض غير مفسرة طبياً.

ويمكن القول إن المريض الذين يتوقع أن يعاني أعراضاً مؤلمة سوف يعاني منها، وقد يكون لدى المرضى الذين عانوا سابقاً آثاراً جانبية استعداد للشعور بها مرة أخرى؛ ففي إحدى التجارب العلمية شعر ثلث المرضى الذين تلقوا علاجاً كيميائياً بالغثيان الشديد عند دخول غرفة مطلية بنفس لون طلاء الغرفة التي تلقوا فيها العلاج سابقاً.

3. زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب

إذا تُرِك القلق المزمن من المرض دون علاج، فقد يؤثر في الجسم سلباً، إذ إن المستويات المرتفعة من قلق المرض تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.

4. الاضطرابات النفسية

التفكير الزائد في المرض والقلق المفرط بشأنه قد يزيد احتمالات الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب القلق العام أو اضطرابات الشخصية.

اقرأ أيضاً: التوهم المرضي: العيش مع الخوف من المرض

كيف يمكن التغلب على التفكير في المرض؟

التفكير المستمر في المرض والقلق بشأنه والخوف من الإصابة به قد يوقع أثراً بالغاً في حياتك اليومية، ولذلك إذا استمر هذا التفكير مدة 6 أشهر أو أكثر فعليك الاستعانة بالطبيب النفسي، ويشمل علاج اضطراب قلق المرض:

1. العلاج النفسي

يساعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT) المريض ويتيح له التحدث عن مخاوفه وقلقه من المرض وتعلم الطرق الصحية للتكيف، وإعادة صياغة الأفكار السلبية وتبديلها بأخرى إيجابية، كما يركز هذا العلاج على تغيير المعتقدات غير الصحية لدى المريض من خلال استراتيجيات تعديل السلوك، ويمكن أن يلجأ الطبيب النفسي أيضاً إلى العلاج بالقبول والالتزام والعلاج الجماعي.

2. العلاج الدوائي 

أثبتت مضادات الاكتئاب مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين (SNRIs) فعاليتها في علاج التوهم المرضي، وعادة ما ينصح الأطباء بتلقي العلاج الدوائي مدة تتراوح بي 6 أشهر و12 شهراً.

المحتوى محمي