هل يمكن التعرف إلى نفسية طفلك من رسمه؟ هذه المفاتيح تساعدك

5 دقيقة
رسومات الأطفال
shutterstock.com/Benjavisa Ruangvaree Art
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

رسومات الأطفال بمثابة بصماتهم التي تحمل كثيراً من شخصياتهم وانفعالاتهم، فالخطوط التي يرسمها الطفل حتى إن بدت عشوائية هي لغته التي يتحدث بها إلى الآخرين ويرسل بها إشارات خفية لكنها ذات معنى قوي، فعلى البالغين أن يفكوا رموز تلك الشيفرة ليتواصلوا مع الطفل بطريقة أفضل.

عندما يرسم الأطفال، فأنهم يستخدمون جرعة من الخيال مقترنة بتجاربهم في الحياة الواقعية، وهم عادةً يرسمون ما يتبادر إلى أذهانهم دون تفكير عميق؛ وهذا ما يجعل رسوماتهم معبرة للغاية.

يبدأ الأطفال الرسم في سن الثانية؛ إذ يكتشفون متعة صنع العلامات والخطوط والخربشات، فيلتقطون أي قلم تلوين أو قلم رصاص ويخربشون، وهم بذلك يستكشفون قدرتهم على ترك بصمة في العالم.

أهمية الخربشات وتطورها

تتطور الخربشات التي يخطها الطفل في سن 3-4 سنوات تقريباً، فيتطور الخط المستقيم إلى خربشات دائرية وتبدأ الخطوط في الاتحاد لتكون دائرة مغلقة.

تمثل قدرة الطفل على رسم شكل مغلق بداية القدرة على تمثيل الأشياء من حوله، كما تشير لبداية القدرة على تكوين أحرف الأبجدية والأشكال كالشمس والزهور وغيرها، من هنا تنشأ المحادثات مع الكبار ونمذجة تلك الأشكال التي أصبحت أخيراً تمثل “شيئاً” ذو معنى، ويبدأ الأطفال في فهم قوة تلك الرسومات في التواصل مع الآخرين.

الرسم طريقة للتواصل

على الرغم من اعتمادنا غالباً على التواصل اللفظي لفهم الأطفال، فإنه لا يشكل سوى 10% من القدرة على التواصل، لذلك تعتبر دراسة أشكال الاتصال الأخرى أكثر أهمية بالنسبة إلى الوالدين؛ لأن الأطفال في كثير من الأحيان لا يمكنهم التعبير عنها لفظياً بوضوح.

كطريقة فعالة في التواصل؛ قد يعطي تحليل رسومات الطفل فهماً أعمق لحالته النفسية ويوفر للآباء والمعالجين وسيلة لمساعدة الطفل على تجاوز المواقف الصعبة والمرهقة، كما يمكن أن تكون دراسة رسومات الطفل طريقة جيدة لفهم عقليته إذ يعتقد المعالجون بالفن أيضاً أن الرسم طريقة جيدة للتعبير عن التوتر وإيجاد الراحة في الأوقات الصعبة.

كيف يمكن فهم معاني رسومات الطفل؟

يمكن أن تمنحك رسومات طفلك نظرة ثاقبة على حالته الذهنية كما قد تخبرك عن نوع من التجارب الجسدية والعاطفية التي يمر بها، ويمكنك التعرف إلى ذلك من خلال:

1. الانطباع الأول

يمكن أن تكشف النظرة الأولى على رسومات طفلك ما يشعر به من خلال مراقبة المشاعر التي تشعر بها تجاهها: هل يبدو الطفل من خلال رسمته محبطاً أم مضطرباً؟ ستعطيك إجابة هذا السؤال أول دليل على أفكار طفلك.

2. الألوان

تساعد الألوان على التعبير عن المشاعر بشكل أفضل من قلم الرصاص، وكلما زاد عدد الألوان التي يستخدمها طفلك في رسوماته كان ذلك دليلاً على سعادته، كذلك الإفراط في استخدام لون معين قد يشير إلى الحالة العاطفية للطفل.

بشكل عام يكون الطفل الذي يستخدم الأزرق والأخضر كثيراً سعيداً ومتكيفاً بشكل جيد، بينما تدل الألوان الزاهية والدافئة مثل البرتقالي والأصفر على البهجة، في حين أن الألوان الداكنة وبخاصة في الرسومات الحزينة في حد ذاتها يمكن أن تشير إلى احتياج الطفل لمساعدة.

3. اكتمال الرسم

إذا ترك الطفل رسوماته غير مكتملة فقد يكون بحاجة إلى التشجيع، فمثل هذه الرسومات تشير إلى طفل متردد لا يشعر بالأمان، أو قد تكون الرسومات غير المكتملة مؤشراً على شخصية طفلك الاندفاعية، لذلك إذا استمر هذا النمط في الرسم لفترة زمنية طويلة يتوجب على الوالدين التفكير في طلب المساعدة من مختص نفسي.

وقد تشير عمليات المحو والتصحيحات الكثيرة إلى مستوى عالٍ من القلق، بينما الإفراط في الزخرفة قد يكون مؤشراً على حاجة الطفل إلى الاهتمام.

4. موقع الرسم

لموقع رسم الطفل على الصفحة دلالات أيضاً إذ يشير إلى حالة الطفل الذهنية، وينطبق ذلك على الأطفال الأكبر سناً الذين يتمتعون بمهارات حركية أفضل، فالطفل الذي يرسم على الجانب الأيسر من الصفحة هو طفل خجول ومنطو على ذاته، وقد يعني أيضاً أن الطفل يسعى إلى وجود شخص بالغ يعتني به كالأم أو الأب، من ناحية أخرى فالطفل الذي يرسم على اليمين يعكس شخصية لديها رغبة في التواصل والانفتاح على الآخرين.

رسومات الأطفال الشائعة

تتطور مراحل رسومات طفلك من مجرد خربشة عشوائية إلى مرحلة تعبر فيها تلك الرسومات عن أشياء محددة يراها الطفل مثل الأشكال البسيطة كالأشجار والمنازل، إلى مرحلة يمكن فيها التعرف جيداً إلى الرسومات إذ تكون أكثر واقعية، ومن أكثر الموضوعات الشائعة التي قد تشملها رسومات الطفل:

1. الخربشة

قد لا تحمل الخربشات في تلك المرحلة أي معنى عند رسمها على الورق، فقد يضع الطفل قلم رصاص على الورق ويرسم بعض الخربشات مع إصدار ضوضاء كأنها من محرك يدور، وإذا سألت الطفل عما رسمه للتو فقد يقول: “أبي ذاهب إلى العمل”، ما يعني أن الخربشة العشوائية هي في الواقع سيارة على الطريق.

2. الشمس المبتسمة

كلما زادت تفاصيل الرسم دل ذلك على تطور قدرة الطفل المعرفية بشكل أفضل، فمثلاً يعد رسم الشمس الكاملة في وسط الصفحة مع الابتسامة علامة على طفل سعيد ومتكيف جيداً.

3. العائلة

يمكنك التقاط إشارات حول الحالة النفسية للطفل من خلال رؤية المكان الذي يضع نفسه فيه في صورة العائلة، فالشخص الذي يرسمه بجانبه يمثل الشخص الذي يشعر أنه الأقرب إليه، بينما الشخص ذو الشكل الأكبر قد يشير إلى من هو الأكثر الأهمية في الأسرة حسب منظور الطفل.

وعندما يرسم الطفل صورة لعائلته فإنه يملؤها بالكثير من المعلومات؛ مثل علاقته بوالديه وشعوره في المنزل، ويمكن التعرف إلى الطريقة التي يفسر بها الطفل العلاقات في أسرته من خلال تفاصيل الرسم، فقد وجد الباحثون أن الأطفال الذين ابتعدوا عن والديهم في الرسم وكانوا أصغر حجماً بكثير، كانوا أكثر عرضة للعيش في بيئة منزلية فوضوية مليئة بالضوضاء والازدحام.

ويمكن تفسير ذلك بأنه عندما يكون المنزل مليئاً بالفوضى، يكون لدى الوالدين وقت أقل يقضونه مع أطفالهم، ومن المرجح أن تنقطع تفاعلات الوالدين مع الأطفال تماماً، ونتيجة لذلك ينمو لدى الأطفال إحساساً متدهوراً بالذات، ما يجعلهم قد يرسمون أنفسهم صغاراً للغاية وبعيدين عن أفراد أسرتهم الآخرين.

4. الوحوش

تمتلئ الكثير من قصص الأطفال بالكائنات المخيفة الخيالية، لذا يمكن أن يكون الرسم مجرد تفسير للقصة من وجهة نظر الطفل؛ لكن عالم النفس الدكتور كريستوفر هاستينغز (Christopher Hastings) يشير إلى أن رسم الوحوش يمكن أن يكون آلية تأقلم لطفل يشعر بالعجز.

5. السحب والأمطار

قد يشير ظهور الكثير من السحب والأمطار في الصورة إلى أن الطفل يشعر بالقلق أو الخوف، وإذا كان الطفل يشعر بذلك بشدة فقد يرسم نفسه واقفاً تحت سحابة.

6. البيوت

تتضمن التفاصيل التي يمكنك ملاحظتها في المنزل الذي رسمه الطفل مثل عدد النوافذ وكون الباب مفتوحاً أو مغلقاً، وإذا كان هناك ممر يؤدي إلى المنزل وما إلى ذلك معاني متصلة بحالته النفسية، إذ تشير كثرة النوافذ في الصورة إلى أن الطفل يريد من الآخرين معرفة ما يحدث في المنزل كما يُظهر الباب المفتوح الترحيب بالآخرين، ومن ناحية أخرى يمكن أن يشير الممر إلى طفل لديه تفاعلات اجتماعية صحية مع أقرانه.

متى يجب فحص رسومات طفلك؟

تقول المعالجة بالفن والخبيرة الدولية في تحليل رسومات الطفل، ميشال ويمر (Michal Wimmer): “لا يسعى الآباء والمعلمون والمتخصصون في الصحة العقلية إلى تحليل رسومات الأطفال بغرض تحديد المخاوف والضيق أو إحداث تغيير سلوكي كبير، فالرسومات أداة إضافية متاحة لفهم السلوك اليومي”.

بينما تشمل بعض الحالات التي قد يكون فيها من الضروري استشارة طبيب نفسي:

  • رسم الطفل صوراً عنيفة بشكل متكرر، أو تغير العمل الفني العام لطفلك بشكل كبير ومفاجئ. على سبيل المثال؛ إذا لم يكن يرسم صورة عنيفة أبداً ثم فجأة بدأ في رسم الصور العنيفة فقط.
  • رسم الطفل شخصاً أو شيئاً أكبر منه بشكل ملحوظ.
  • رسم الطفل أجزاء الجسم المفككة للشخصيات البشرية.
  • استخدام الكثير من الألوان الداكنة والصور غير السارة.
  • رسم نسخ غريبة من العائلة؛ مثل ترك بعض أفراد العائلة خارج الصورة معاً، أو رسم نفسه باستمرار بعيداً عن أي شخص آخر.

كوالد؛ لا تعتمد أبداً على تفسيرك لرسومات طفلك فحسب، فالأطفال يمكنهم رسم أشياء جميلة ومجنونة ومضحكة، لذا تذكر أن تسأل طفلك عن معنى ما رسمه، وألا تأخذ كل خربشة على محمل الجد أو كدليل قاطع على ما يشعر به الطفل.

وسيوفر التحدث إلى طفلك عن رسوماته وسؤاله عن سبب تضمنها تفاصيلاً معينة نظرة ثاقبة لفهمه واحتواءه، ويمكن أن يساعد على التخلص من المخاوف غير الضرورية، فقط تأكد من إبقاء الحوار بينكما مفتوحاً بحيث تتاح لطفلك فرصة ليشرح ما رسمه والسبب وراءه.

المحتوى محمي !!