قواعد ذهبية لمساعدة الأطفال على التعامل مع مشاعر الإحباط

3 دقيقة
مشاعر الإحباط
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: الحياة مليئة بالإحباطات وخيبات الأمل ومن المؤكد أنّ أطفالنا سيواجهون نصيبهم منها. لذا؛ من المفيد لهم أن يتعلمّوا منذ سنّ مبكّرة كيفية التعامل مع الإحباط باعتباره شعوراً طبيعياً يمكن التعايش معه والتخلّص منه بالتقبّل وعدم الإنكار. كيف يمكنك أن تعلّم طفلك إذاً إدارة إحباطاته وخيبات أمله؟ في المقال التالي تقدّم الخبيرة النفسية إيزابيل فيليوزات 4 نصائح عملية تساعدك على ذلك.

للتغلّب على مشاعر الإحباط الحتمية في الحياة من الأفضل أن نعتمد على الذكاء العاطفي. إنه يمثّل القدرة على إدراك طبيعة العواطف الشخصية وفهمها والتعبير عنها وتنظيمها.

نصائح عملية للتغلب على مشاعر الإحباط الحتمية

لكنّ هذا الفنّ الذي يساعدنا على التعامل مع خيبة الأمل وعدم الرضا ليس سهلاً بالنسبة إلى الأطفال. تقول المختصّة النفسية إيزابيل فيليوزات (Isabelle Filliozat) التي تقترح 4 مسارات بنّاءة لتعزيز هذه القدرة: “الذكاء العاطفي مهارة يمكن تعلّمها”.

1. ضبط الانفعالات الشخصية لتقديم القدوة الحسنة

إذا أردنا أن نعزّز الذكاء العاطفي للأطفال فعلينا أولاً أن نعزّز ذكاءنا الشخصي. “يتعلّم الأطفال عن طريق التقليد والمحاكاة بصرف النظر عن تفسير أشكال العواطف ودورها ومعانيها”. إذا صرخنا أمامهم تعبيراً عن السّخط على سبيل المثال، فمن غير المرجّح أن يتّبعوا نصائح الاعتدال والهدوء التي نقدّمها إليهم. ليس المطلوب منك أن تقاوم أيّ حالة نفسية تعتريك؛ بل أن تدرك عواطفك الشخصية وتحرص على التعبير عنها ووصفها.

“على سبيل المثال؛ يمكنك أن تقول بصوت مرتفع خلال وقوفك في اختناق مروري: يا إلهي! قلبي ينبض بسرعة، أشعر بالغضب، أرغب في الانطلاق واختراق هذا الزحام دون توقّف؛ لكن بدلاً من ذلك سأتنفس عدّة مرات، أو أتأمل السماء أو أشرب كأس ماء أو أتمشّى قليلاً. من الأفضل أن تعبّر عن عواطفك، والأهم أن تفعل ذلك أمام أطفالك كي يتمكّنوا تدريجياً من التمييز بين العاطفة الطبيعية والانفعال المناسب أو غير المناسب”.

2. توظيف اللعّب لتعويد الأطفال على تقبّل المشاعر

بالموازاة مع المقترح الأول يمكن للآباء مصاحبة الأطفال خلال تجاربهم الشخصية. لذا؛ يعدّ اللعب أهم تجربة يمكنك التركيز عليها منذ الأشهر الأولى في عمر الطفل. “يمكن أن يمارس الأب أو الأم على سبيل المثال لعبة التقليد مع الطفل الرضيع، من خلال تبادل تقليد أصواتهما وحركاتهما، وبهذه الطريقة يمكن أن ينمّيا قدرات التعاطف لدى طفلهما، بالإضافة إلى أن لعبة الاختفاء والظهور بالتناوب أسلوب مفيد للأطفال لتجاوز الانزعاج من الانفصال عن الوالدين وبناء الثقة في إمكانية عودتهما بعد ذهابهما، وهذا ما يرسّخ لدى الطفل شعوراً بالأمان”.

المطلوب إذاً هو أن يتعلّم الطفل التعبير عن مشاعره المختلفة، المريحة أو المزعجة، منذ سنّ مبكرة دون ارتباك أو هلع. “لذلك يجب أن نترك الأطفال يتقمصون خلال اللعب أدواراً متنوعة؛ بما فيها دور الطبيب الذي يحقن المريض أو المعلمة الصارمة، كي نُثري ذائقتهم العاطفية”.

3. تسمية العواطف التي تسبّب الشعور بالإحباط

“خلال ممارسة لعبة تقمّص الأدوار باستخدام بعض المجسّمات أو الدّمى المحشوّة؛ التي يمكن أن تحمل ملامح حزينة في بعض الأحيان، يمكننا أن نطرح بعض الأسئلة على الطفل ونترك له حرية الإجابة. يمكنك أن تسأله مثلاً عن مشهد متخيّل: ما ردّ الفعل البادي على وجه هذه الدمية؟ بماذا تشعر في نظرك؟ ونظراً إلى أن الأطفال لا يمتلكون في هذه السنّ الكلمات الدقيقة للتعبير عن المشاعر غير السارة، فنحن من يجب أن يفعل ذلك، نحن من يجب أن يسمّي هذه العواطف بأسمائها، أن نسمّي الخوف والغضب والحزن الذي يسبّب الشعور بالإحباط”. عند خوض هذا النقاش مع الأطفال الأكبر سناً يمكننا مثلاً أن نعتمد على رواية أو فلم يشعر فيه الأبطال والخصوم ببعض التقلّبات والمعاناة.

إن إدراك الطفل أن الناس جميعاً يمكن أن يشعروا أحياناً بالخيبة وعدم الرضا هو الذي سيسهّل عليه التعامل مع خيبات أمله الشخصية. “ولن يحدث هذا إلّا إذا تقبّلنا نحن أولاً هذا الشعور بالإحباط دون انتقاده أو إنكاره أو السعي إلى التخلّص منه بسرعة، يمكننا أيضاً أن نقترح على الطفل التنفس قليلاً أو المشي أو شرب كأس ماء، وإذا سيطرت عليه مشاعر الإحباط يمكننا أن نسأله عمّا يحدث له: ما الجزء المتفاعل من جسمك؟ كيف يحدث هذا التفاعل؟ هل يشبه هذا الشعور عاطفة معينة؟ ما هي؟”.

4. تشجيع الأطفال على العناية بأنفسهم

تضيف المختصة النفسية: “لأن الإحباط يعبّر دائماً عن الذات وحاجاتها المكبوتة من الممكن أن نواصل طرح الأسئلة على الطفل: هل أنت في حاجة إلى شيء ما؟ والأطفال يحتاجون في الغالب إلى الاهتمام، ما الذي تستطيع فعله لتلبية ذلك؟”، ليس المطلوب منك أن تجيب بدلاً منه بل أن تساعده وتشجّعه تدريجياً على معرفة ما يمكن أن يفعله بمفرده للتعامل مع شعوره بالإحباط”.

يعبر الإحباط عن نقص معين، وهو الأمر الذي يشجّع أيضاً على ظهور الرغبة وتحفيز الخيال والإبداع. ليس هناك عمر محدّد للبدء بالنظر إلى الإحباط من جوانبه الإيجابية. “يمكن أن يبدأ التعلّم أو إعادة التعلّم في أيّ وقت، ولا سيّما خلال فترة المراهقة، التي قد تشهد مراجعة العديد من الأمور، وتمثّل هذه الفترة الوقت الأنسب لبدء تنمية الذكاء العاطفي، لأنها تشهد إعادة ترتيب العلاقة بين الوالدين والطفل”. لا خوف على طفلك من الإحباط إذا عزّزت ذكاءه العاطفي باتّباع هذه النصائح، بل من المحتمل أن تسمعه قريباً وهو يوجّه إليك النصح ويخاطبك أنت ووالدته قائلاً: “تنفّسي يا أمي” أو “اذهب في جولة يا أبي”.

اقرأ أيضاً: