ما الذي قد يسبب فوبيا الذكاء الاصطناعي؟ وكيف تتخلص منها؟

ملخص: يوماً بعد يوم، تزداد المساحة التي يأخذها الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، وهي مساحة ربما تكون قابلة للازدياد دون أفق معروف لانتهائها؛ ما يصيب أشخاصاً كُثُر بالخوف ويُشعرهم بأن الذكاء الاصطناعي أصبح يهدد وجودهم واستقرار حياتهم. وإذا كان هذا الخوف ضمن نطاق التفكير فحسب فلا بأس به؛ لكن عندما يتحول إلى فوبيا تعرقل حياة الشخص، ففي هذه الحالة لا بد من وقفة للمواجهة، ونستعرض في هذا المقال أسباب فوبيا الذكاء الاصطناعي وكيفية مواجهتها.

يقولون إن: “الإنسان عدو ما يجهل”، واليوم مع انتشار الذكاء الاصطناعي وتوسع مجالاته، أصاب الخوف منه نفوس البشر، فهم يعيشون ينتظرون بقلق بالغ اليوم الذي ستدمر فيه الآلة الإنسان وتقضي عليه، وقد تتأكد مخاوفهم بعض الشيء في ظل شيوع قدر كبير من التخمينات غير الدقيقة والترويج الإعلامي الذي يتخلله بعض التضليل؛ ما يجعل الصورة الذهنية لديهم عن مستقبل الذكاء الاصطناعي مشوشة وغير حقيقية.

وإذا كان هذا الخوف في حدوده الطبيعية وفي محيط مناقشة الأفكار فقط سيكون مقبولاً؛ لكن عندما يتحول إلى خوف مَرَضيّ ويصير هاجساً لا يفارق ذهن صاحبه ويؤدي إلى إعاقة حياته، ففي هذه الحالة سيدخل في نطاق الاضطرابات النفسية؛ لذا نتناول في هذا المقال الأسباب التي تقف وراء فوبيا الذكاء الاصطناعي وكيفية علاجها.

الأعراض قد تصل إلى القلق الشديد واضطراب نبض القلب

يصنَّف الخوف من الذكاء الاصطناعي باعتباره أحد أنواع رهاب التكنولوجيا الذي تظهر أعراضه في الخوف الشديد من أجهزة الكمبيوتر وتقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ويعاني المصابون به من القلق الشديد والتعرق واضطراب نبض القلب والغثيان عندما يواجهون إحدى التقنيات السابق ذكرها.

وفي حالة الخوف من الذكاء الاصطناعي، قد لا يمانع الشخص الحديث مع أصدقائه عن تقنياته؛ لكنه يرفض استخدام أجهزة الكمبيوتر أو أي تقنيات تتضمن برامج للذكاء الاصطناعي رفضاً قاطعاً. تُعد الحالة السابقة متوسطة إذا ما قورنت بحالة الأشخاص الذين يصابون بنوبة هلع شديدة بمجرد ذِكر أي تفاصيل متعلقة بتقنيات الذكاء الاصطناعي أمامهم.

وبالطبع، مع التقدم الهائل الذي يعيشه العالم اليوم، يواجه المصابون بفوبيا الذكاء الاصطناعي صعوبات في تسيير حياتهم؛ مثل صعوبة عثورهم على عمل جيد ومربح، وكذلك عدم تمكنهم من إجراء معاملاتهم المالية أو الحكومية بسهولة.

اقرأ أيضاً: ما هي هلوسات الذكاء الاصطناعي؟ وهل يمكن لعلماء النفس تفسيرها؟

6 أسباب لفوبيا الذكاء الاصطناعي

يرى رائد الأعمال المصري عمرو عوض الله أن مخاوف البشر من الذكاء الاصطناعي يمكن النظر إليها من جانب آخر ألا وهو قدرتهم الفطرية على التغير والتأقلم مع الوضع الجديد المُقبِل؛ لكن ما الذي يقف وراء مخاوفهم؟ الأسباب التالية توضح ذلك:

1. التجارب السيئة مع الذكاء الاصطناعي

يمكن القول إن هذا السبب يرتبط بالبشر، فمؤخراً ظهرت تقنيات ذكاء اصطناعي يمكنها تزييف الأصوات والصور؛ ما أخاف البعض من الوقوع ضحية لها في إحدى الأيام.

2. الإصابة باضطرابات نفسية أخرى

تغير الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق الطريقة التي يعالج بها دماغ الشخص المعلومات وتسبب اضطراب استقرار الهرمونات فيه؛ ما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالرهاب عموماً؛ ومن ضمن أنواعه رهاب الذكاء الاصطناعي.

3. التأثر بما تروجه وسائل الإعلام والسينما عن الذكاء الاصطناعي

حتى تعرف التأثير النفسي لهذا السبب، جرب أن تدخل على محرك البحث جوجل وتكتب جملة واحدة هي: “الذكاء الاصطناعي والبشر”، لتشاهد الكثير من الأخبار والتقارير الإعلامية التي تتحدث عن تهديد الذكاء الاصطناعي لوجود البشر.

تتشارك أيضاً الأفلام السينمائية والمسلسلات في تأكيد هذه الصورة الذهنية باعتبار الذكاء الاصطناعي مهدداً للبشر، وهنا يمكننا استدعاء حالة فيلم “الفُكوك المفترسة” (Jaws) الذي عُرض لأول مرة عام 1975 ويعرض قصة سمكة قرش بيضاء مفترسة تهجم على البشر.

وتجاوز تأثير الفيلم قاعات العرض، فقد اندفع الصيادون إلى ملاحقة أسماك القرش البيضاء والقضاء عليها متأثرين بما شاهدوه عنها، إلى أن صرح مخرج الفيلم ستيفن سبيلرغ (Steven Spielberg) بأسفه عما نتج من أذى لتلك القروش البريئة بسبب فيلمه.

4. توقُّع خروج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة

يؤكد الباحث في الذكاء الاصطناعي، أرند هنيتز (Arend Hintze) إن واحدة من ضمن مخاوفه تجاه الذكاء الاصطناعي أن يأتي اليوم الذي يخرج فيه عن السيطرة لسبب غير مقصود؛ ما يؤدي إلى وقوع كوارث مدمرة. فعلى الرغم من محاولات هندسة الذكاء الاصطناعي، سيظل ثمة هامش خطأ صغير محتمل لكن أثره قد يُعد بالغ السوء.

5. تسبُّب الذكاء الاصطناعي في فقدان الكثيرين لوظائفهم

يُعد العمل من القِيم الأساسية التي يحملها البشر، فهو يتصل اتصالاً وثيقاً بتحقيق الذات؛ وذلك ما يفسر خوف البعض من سيطرة الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، فذلك اللحام قد يأتي اليوم الذي تحل فيه الآلة محله، وأيضاً مع توسع استخدام السيارات الذاتية القيادة، ستصبح وظيفة الكثير من السائقين مهددة؛ كما أن تطوير تقنيات الطيران الذاتي قد يؤدي لاحقاً إلى الاستغناء عن عدد ليس بقليل من الطيارين.

فيما يبدو أن المعظم ليسوا في مأمن، فمجالات الذكاء الاصطناعي تتوغل بمرور الأيام وتستحوذ على الكثير من الوظائف البشرية؛ وهذا ما يجعل الأشخاص الذين لا يمتلكون الأموال الكافية لشراء آلات أو تقنيات الذكاء الاصطناعي يقلقون من فقدانهم الأمان المالي في مرحلة ما من حياتهم وهو أمر ليس بالهين.

6. احتمالية تجاوز الذكاء الاصطناعي ذكاء البشر

هل تساءلت يوماً: “ما الذي سيحدث إذا استمر الذكاء الاصطناعي في التطور”؟ ربما توقعت أنه سيصبح أذكى من الإنسان؛ أي سنكون في مواجهة شيء خارق، وهذا ربما ما يجعل البعض يخاف من الذكاء الاصطناعي مدفوعاً بالقلق من عدم قدرته على مجاراته.

اقرأ أيضاً: ما الذي يمكنك فعله لمواجهة قلقك من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظيفتك؟

كيف يمكن علاج فوبيا الذكاء الاصطناعي؟

يمكن للعديد من أساليب العلاج النفسي مساعدة الشخص الذي يعاني من فوبيا الذكاء الاصطناعي في التغلب على معاناته وتجاوزها بسلام؛ مثل:

1. العلاج المعرفي السلوكي

يساعد العلاج المعرفي السلوكي على مشاركة المريض لصراعه ومعاناته مع المختص أو الطبيب النفسي ضمن الجلسات العلاجية، وفي المقابل، يوظف المعالج النفسي أساليباً عديدة لمساعدة مريضه على فهم أسباب خوفه وتطوير مهارات التأقلم معه؛ ومن ثَمّ تقليل أعراضه والشفاء منه لاحقاً.

ومن أبرز تلك الأساليب التي يلجأ إليها المعالجون النفسيون هي العلاج بالتعرض؛ حيث يُعرَّض المريض لمصدر خوفه على نحو تدريجي. ففي حالة الخوف من الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يشاهد في البداية فيلماً عن الذكاء الاصطناعي، ثم يتدرج في الاقتراب من تقنيات الذكاء الاصطناعي حتى يصل إلى مرحلة يتمكن فيها من التعامل معها دون خوف.

2. العلاج الدوائي

يستخدم الطبيب النفسي الأدوية لمساعدة المصاب بفوبيا الذكاء الاصطناعي عندما تتقدم حالته ويصبح من العسير عليه إدارة الأعراض التي تقيد حياته، وتعمل الأدوية الموصوفة على تجنيبه نوبات الهلع وأعراض القلق الشديدة؛ لكنها تكون لأجل زمني محدد بالتوازي مع العمل على تطوير آليات التأقلم مع الخوف والتحكم فيه.

اقرأ أيضاً: هل سيساعدك تشات جي بي تي على اتخاذ قرارات مصيرية تخص حياتك العاطفية؟

أخيراً، إذا كنت تعاني من فوبيا الذكاء الاصطناعي فعليك ألا تترك له فرصة التحكم في مجريات حياتك، وتبدأ خطوتك الأولى لمواجهته بتواصلك مع طبيب أو مختص نفسي ينير لك طريق القضاء عليه، فحياتك تستحق أن تبذل الجهد من أجل تحسين جودتها.