ما التأثير السلبي للعمل عن بعد في صحتك النفسية؟ وكيف تتغلب عليه؟

تأثير العمل عن بعد
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أتاح لنا كلٌ من التطور التكنولوجي وظهور الشبكات الاجتماعية إمكانية العمل من أي مكان، وهو أمر رائع لكنه لا يخلو من السلبيات؛ إذ يسبب العمل عن بعد الشعور بالوحدة والعزلة، ويحول دون القدرة على الموازنة بين الحياة الشخصية والمهنية. وفيما يلي، تقدم لنا طبيبة نفسية نصائحَ لتجنب الآثار السلبية للعمل عن بعد في الصحة النفسية.

تقدّم الطبيبة النفسية مارين كولومبيل نصائحها وأفكارها كل شهر حول أحد الموضوعات المهمة، وقد تناولت هذه المرة تأثير العمل عن بعد في الصحة النفسية.

يُمثل العمل عن بعد تغييراً مؤسسياً كبيراً يؤثر في الصحة النفسية للأفراد، فعلى الرغم من أنه يحدّ من التوتر والتعب الذي قد يصيبهم في مكان العمل، فإنه يفرض عليهم قيوداً نفسية جديدة في الوقت ذاته. في السنوات الأخيرة، أدى تطور أدوات الكمبيوتر والشبكات الاجتماعية ووسائل الاتصال إلى تغيير علاقتنا بالعمل؛ إذ أُتيحت لنا إمكانية العمل من أي مكان، ومن هنا ظهر أسلوب العمل عن بعد.

هل العمل عن بعد يحدّ من التوتر والإرهاق؟

النقطة الإيجابية الأولى للعمل عن بعد هي الحدّ من التوتر والإرهاق بين العاملين؛ وذلك لعدم حاجتهم إلى التنقل لمسافات طويلة يومياً للوصول إلى العمل، إضافة إلى تجاوز مشكلة الازدحام على وسائل النقل العام والازدحام المروري، والإسراع للحاق بالأنشطة اليومية المختلفة؛ ومن ثم صار بإمكانهم قضاء الوقت الذي يوفرونه في ممارسة أنشطة ترفيهية، أو مع العائلة؛ ما سمح لهم بتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، وهو عنصر مهم للوقاية من الاحتراق النفسي.

من جهة أخرى، يمنح البقاء في المنزل الأشخاص ذوي الطبيعة القلقة راحةً كبيرة؛ إذ يتمكنون من إدارة التوتر بصورة أفضل، والحفاظ على عادات عطلة نهاية الأسبوع؛ مثل الاسترخاء في حديقة المنزل أو غرفة المعيشة، وأخذ قيلولة بعد وجبة الغداء.
ويُظهر العديد من الدراسات السريرية أن انخفاض التوتر عند العمل عن بعد يؤدي إلى الحدّ من استهلاك التبغ واتباع نمط حياة نشط وصحي أكثر عموماً، ينعكس إيجاباً على الصحة النفسية.

العمل عن بعد وغياب الحدود بين الحياة الشخصية والمهنية

من ناحية أخرى، وللمفارقة، من شأن العمل عن بعد أن يزيد وقت العمل وأعبائه؛ إذ أوضح 5% من العاملين عن بعد أنهم ينهمكون في العمل على حساب حيواتهم الشخصية؛ ويرجع ذلك بصورة رئيسة إلى توفر الكثير من الوقت لديهم بسبب عدم الحاجة إلى التنقل، وإلى اختصار فترات الراحة.

يصعب وضع حدود واضحة بين الحياة الشخصية والمهنية عند العمل من المنزل، وفي بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إدمان العمل فعلياً، فالمهن المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة والشبكات الاجتماعية تحفز هرمونات المتعة مثل الدوبامين؛ ما قد يؤدي إلى حالة اعتماد عاطفي في العمل.

كيف يزيد العمل عن بعد العزلة والوحدة؟

أخيراً، يؤثر العمل عن بعد في العلاقات الاجتماعية؛ إذ يؤدي غياب التفاعل الاجتماعي الجسدي بين زملاء العمل إلى التباعد الاجتماعي. ويخشى ما يقرب من نصف الموظفين فكرة أن العمل من المنزل سيحدّ من احتمالات ترقياتهم، ولا يرتبط خوفهم بالعزلة الاجتماعية الناجمة عن العمل عن بعد بقدر ما يرتبط بالتهميش المهني الذي قد يتعرضون إليه لصالح زملائهم الذين ظلوا يعملون في المكتب.

كيف تعتني بصحتك النفسية خلال العمل عن بعد؟

اعمل وفق جدول مختلط متوازن

تتحقق الفائدة النفسية الأمثل للعمل عن بعد عند ممارسته بين يومين إلى 3 أيام في الأسبوع، فمن خلال ذلك، ستقلل توترك وتعبك وتتجنب العزلة المهنية في الوقت ذاته.

ضع حدوداً واضحة بين الحياة الشخصية والمهنية

لمنع تداخل الحياة المهنية والشخصية، أنصحك بوضع حدود زمنية ومادية واضحة للعمل عن بعد. حدد ساعات عملك ووجباتك وفترات الراحة مسبقاً والتزم بها قدر الإمكان، وخصص مكاناً رمزياً لعملك مثل غرفة معينة أو مساحة أو مكتب بحيث يرتبط لديك نفسياً بالعمل، وعلى هذا النحو، سيميز دماغك بسهولة مكان العمل ووقته ضمن المنزل.

استخدم التكنولوجيا لصالحك

لكي تعمل بفعالية، من الضروري أن تأخذ فترات من الراحة النفسية تنفصل خلالها عن أعباء العمل. استخدم التكنولوجيا لتضع حدوداً بين البريد الإلكتروني الشخصي والمهني والمكالمات الشخصية والمهنية، وحتى فصل كل ما يرتبط بالحياة المهنية تماماً في نهاية يوم عملك إذا لزم الأمر.

عزّز استقلاليتك

يوفر لك العمل عن بعد حرية في تنظيم حياتك أكبر من تلك التي يوفرها العمل من المكتب. اغتنم هذه الفرصة لتطوير حلول العمل وطرائقه الفريدة بالنسبة إليك والتي تحترم وتيرة عملك أو حاجتك إلى التركيز. قد يكون ذلك من خلال الاستماع إلى الموسيقا في أثناء العمل، أو تعديل جداول معينة، أو حتى أخذ قيلولة خلال الاستراحة.

يمكن أن يمثل نظام العمل عن بعد فرصة رائعة لتحسين صحتك النفسية في العمل، شريطة أن تراعي احتياجاتك وحياتك الشخصية.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر العمل عن بعد في توازنك النفسي؟