هل أنت من هواة الكوميديا الرومانسية أم الأفلام العاطفية أم أفلام الحركة والتشويق؟ قد نميل أحياناً دون قصد إلى الربط بين نوع من الأفلام السينمائية وشخصية الجمهور المستهدف. فنفترض مثلاً أن الأفلام الرومانسية تحظى بإعجاب الأشخاص الرومانسيين، وأن الأفلام الكوميدية تعجب الأشخاص الذين يتميزون بروح الدعابة والمرح. فهل هذا يعني أيضاً أن هواة أفلام الرعب هم أشخاص يعانون تبلّد المشاعر أو أنهم أقل إحساساً أو تعاطفاً مقارنة بالآخرين؟
كثيراً ما نسأل هواة أفلام الرعب عن سبب اهتمامهم بهذا النوع من الأفلام السينمائية. هل يتابعونها رغبة في التنفيس عن مشاعرهم أم بحثاً عن نشوة الأدرينالين أم بسبب الحبكة المشوقة لهذه الأفلام؟ فما الذي يكشفه هذا النوع من الأفلام عن شخصيات هواته الأوفياء؟
اقرأ أيضاً: هل تحب مشاهدة أفلام الرعب؟ إليك ما يكشفه ذلك عن شخصيتك
مشاهدة أفلام الرعب: هل تكشف طبيعة شخصيتك؟
تثير أفلام الرعب مجموعة متنوعة من العواطف والمشاعر، مثل الخوف أو التوجس أو الضيق أو الحيرة أو الشك. فلماذا يبحث بعض المشاهدين عن هذه الأحاسيس؟ يشرح أستاذ علم الاجتماع وعلم النفس جيفري ديبيز كارل (Jeffrey S. Debies-Carl) في مقال له على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today): "هذا سبب من أسباب الأفكار المسبقة الشائعة حول هواة أفلام الرعب، وهي أفكار تفترض وجود خلل نفسي في شخصياتهم، وتدفعنا على سبيل المثال إلى الاعتقاد أحياناً أنهم أشخاص ساديّون، لأن تجسيد مظاهر الألم في الأفلام يعجبهم على ما يبدو، كما نظن أنهم يفتقرون إلى التعاطف ولا يبالون بصور الآلام والمعاناة التي تظهر في هذه الأفلام".
ولكن هل هذا الأمر صحيح؟ في دراسة أنجزها الباحث المختص في دراسة السلوك وموضوع أفلام الرعب كولتان سكريفنر (Coltan Scrivner)، ونشرتها دورية علم النفس الإعلامي (Journal of Media Psychology) مكّنت 3 تجارب من التحقق من الأفكار المسبقة والنمطية الشائعة حول هؤلاء الأشخاص.
اتضح بعد التجربة الأولى أن سمة انعدام الإحساس أو تبلّد المشاعر ليست أكثر بروزاً لدى هواة أفلام الرعب مقارنة بغيرهم. كما أظهرت التجربة الثانية أنهم يتمتعون بمستويات أعلى من التعاطف المعرفي، ومستويات أدنى من تبلّد المشاعر وبرود الأحاسيس.
لماذا يحبّ البعض أفلام الرعب؟
وفقاً لكولتان سكريفنر، هناك أشخاص يبحثون فعلاً عن مشاعر الإثارة في أفلام الرعب، لكنهم لا يمثّلون الأغلبية. يقول كولتان سكريفنر في مقابلة مع مدونة سبيكينغ أوف سايكولوجي (Speaking of Psychology) التي تستضيفها الجمعية الأميركية لعلم النفس (American Psychological Association): "اكتشفنا أن الكثير من المشاركين قد تمكنوا بفضل تجارب هذه الدراسة من اكتشاف بعض جوانب شخصياتهم، وتحقيق نوع من النمو الذاتي". وهذا يعني أن تجربة مشاهدة أفلام الرعب يمكن أن تعزز الثقة بالنفس، وقد تسمح للفرد بالتغلب على بعض مخاوفه.
في المقابل؛ وخلافاً لما قد نعتقد، فإن الخوف الذي تولّده مشاهدة أفلام الرعب قد يكون له تأثير إيجابي في رفاهتنا. توضح المختصة في علم النفس التطوري سارة كولات (Sarah Kollat) في مقال لها على موقع ساي بوست (PsyPost): "تجارب الخوف المسيطَر عليها، التي يمكنك إنهاؤها، من خلال إيقاف عرض فيلم الرعب الذي تشاهده مثلاً أو إغلاق الرواية المخيفة التي تقرؤها، أو مغادرة المنزل الذي تعتقد أنه مسكون بالأشباح عندما تشاء، تمنحك الإثارة الفيزيولوجية التي يسببها الخوف دون تعريض نفسك إلى خطر حقيقي، وبمجرد استبعاد الخطر، يفرز الجسم هرمون الدوبامين، الذي يولد إحساساً بالمتعة والارتياح".
وقد كشفت دراسة علمية أخرى، أن الأشخاص الذين زاروا كثيراً منزلاً مسكوناً بالأشباح في إطار تجربة الخوف المسيطَر عليها، أظهروا نشاطاً دماغياً أقلّ استجابة لمثيرات هذا الشعور، وقلقاً أقل من التعرّض له. وهذا يعني أن أفلام الرعب والخوف لها تأثير يهدئ التوتر ويسكّنه أكثر من إثارته وتحفيزه. لذلك فقد يمثل الأشخاص المتوترون والقلقون الجمهور المستهدف بهذا النوع من الأفلام السينمائية في الواقع.