مزاجك السيئ ليلاً قد يشير إلى معاناتك من الاكتئاب الليلي: تعرَّف إلى أسبابه وعلاجه

3 دقائق
الاكتئاب الليلي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: تكون ساعات الليل ثقيلة ومليئة بالذكريات الحزينة بين الحين والآخر؛ لكن عندما يصبح الليل مرادفاً للعناء النفسي، فقد يشير ذلك إلى الإصابة بالاكتئاب الليلي الذي يقع المصاب به في فخ اجترار الأفكار السلبية ليلاً والمعاناة من الأرق الذي يستنفد طاقته النفسية والجسدية، فما أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟ هذا ما سنعرفه في المقال.

ينتظر الإنسان الساعات الأخيرة من يومه حتى يهدأ إيقاع حياته ويتمكن من الخلود إلى النوم بيسر وسلاسة؛ لكن أحياناً قد يقف بعض العوائق بينه وبين تحقيق ذلك؛ ومن ضمنها إصابته ببعض الاضطرابات النفسية وفي مقدمتها الاكتئاب الليلي.

ويشير اختصاصي الإرشاد النفسي السعودي عبد الله بن سافر الغامدي إلى أن الاكتئاب الليلي يترافق مع المعاناة من الأرق والرغبة في العزلة وظهور أفكار وخواطر سلبية تتقافز في ذهن المريض طوال الليل، وينتج أحياناً من الإجهاد النفسي أو الوحدة أو كثرة التفكير في المواقف والأحداث التي يمر بها الشخص في حياته، وحتى نتعرف إلى هذا النوع من الاكتئاب أكثر سنطرح في المقال أسبابه وأعراضه وكذلك كيفية علاجه.

ما أسباب الاكتئاب الليلي؟

تتشارك عدة أسباب في الإصابة بالاكتئاب الليلي؛ ومن أهمها:

1. اجترار الأفكار

عادةً ما يقع المصاب بالاكتئاب الليلي في فخ اجترار الأفكار، فينهمك في مراجعة ما حدث في أيامه السابقة ويتوقع ما سيحدث في أيامه المقبلة من أحداث سيئة، ويظل في هذه الدوامة المهلكة دون أي نتيجة عملية سوى التفكير مراراً وتكراراً؛ ما يجعله في النهاية يُنهَك ذهنياً ويكون مرهقاً صباح اليوم التالي ومحبطاً مما حدث في ليلته الفائتة.

2. الوحدة

تُعد الوحدة من أهم أسباب الاكتئاب الليلي، وبالأخص عند الشباب، وهي مختلفة عن العزلة في أنها تظهر في الشعور بالضيق نتيجة عدم وجود رفقة، وترتبط الوحدة لدى المصاب بالاكتئاب الليلي بالتفكير في أنه لا يوجد أحد قادر على فهم مشاعره أو مشاركته أحزانه.

3. قلة النوم واضطراب المزاج

يمكن وصف هذين العنصرين بأنهما يكوّنان معاً دائرة مفرغة، فعندما يضطرب نوم الفرد تتراجع حالته المزاجية، وعندما يحدث ذلك يقل نومه أكثر؛ ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع احتمالية الإصابة بالاكتئاب الليلي. لذا؛ تكون نقطة البداية بمحاولة تحسين جودة النوم ومن ثم تحسن المزاج والإسهام في التعافي من الاكتئاب الليلي.

4. اضطراب الساعة البيولوجية

يتصل اضطراب الساعة البيولوجية بمعاناة الشخص من الاكتئاب الليلي وتفاقم أعراضه، وقد يحدث عند الاضطرار للسفر في رحلات جوية طويلة أو العمل في نوبات ليلية.

5. تأجيل حل المشكلات

عندما يتهرب الشخص من مواجهة المشكلات التي تواجهه في نهاره، لا تكون ثمة فرصة لاختلائه به سوى في الليل؛ ما يجعله يشعر بزيادة الضغط النفسي والتوتر والقلق الذي يتراكم عليه حتى يوصله إلى المعاناة من الاكتئاب الليلي.

اقرأ أيضاً: كيف أرتاح نفسياً من التفكير المفرط؟

ما أعراض الاكتئاب الليلي؟

تظهر على المصاب بالاكتئاب الليلي عدة أعراض تمكن ملاحظتها؛ مثل:

  1. الشعور باليأس.
  2. تدني احترام الذات.
  3. اضطراب المزاج.
  4. العصبية.
  5. فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة في السابق.
  6. الإرهاق دون سبب.
  7. مواجهة صعوبة في التركيز أو التذكر.
  8. الأرق.
  9. الشعور بالوحدة.
  10. البكاء.
  11. الشعور بالفراغ.
  12. التفكير بالانتحار أو إيذاء الذات.

اقرأ أيضاً: لماذا قد نكتئب في الليلة التي تسبق عودتنا للعمل؟

كيف يمكن علاج الاكتئاب الليلي؟

تؤكد الطبيبة النفسية سارة حبيب أن علاج الاكتئاب الليلي يمكن أن يبدأ ببعض الحلول العملية مثل الحرص على تهيئة الأجواء للنوم جيداً بالابتعاد عن الأضواء والمؤثرات الصوتية، وأيضاً قد يفيد الاستحمام أو ممارسة بعض تمارين التأمل في استرخاء الشخص وهدوئه.

ومن الاستراتيجيات الفعالة كذلك لمواجهة هذا النوع من الاكتئاب محاولة تنشيط التفكير الإيجابي وتجنب التفكير السلبي قدر الإمكان، ويساعد على تحقيق ذلك إشغال العقل بهوايات تحد من الفراغ الذي يولد الأفكار السلبية؛ مثل الموسيقا أو الرسم.

أما عرض اجترار الأفكار والأحداث السلبية فيمكن تقييده عن طريق تفعيل سياسة البحث عن الحلول بدلاً من استنزاف الذهن في التفكير فيها، فتبحث عما يمكنك فعله لمواجهة المشكلة وليس مراجعة أسبابها وتفاصيلها.

من المهم كذلك تنشيط الصلة الإيجابية بالذات وترسيخ احترامها، فشعور الشخص بقيمة ذاته يجعله يرضى عن نفسه على نحو كبير؛ ومن ثم يساعده ذلك على وقف الأفكار السلبية التي يكون بعضها في سياق لوم الذات عما حدث من مشكلات أو أخطاء.

أخيراً، إذا ما فشلت بعد اتباع الإرشادات السابقة في مواجهة الاكتئاب الليلي، عليك اللجوء إلى المعالج النفسي الذي سيتبع معك بعض الطرائق العلاجية؛ مثل العلاج المعرفي السلوكي الذي يسهم في وقف أفكارك السلبية واجترارها، وكذلك العلاج الدوائي الذي يوصف فيه بعض مضادات الاكتئاب لتنظيم الحالة المزاجية؛ كما قد يمدك المعالج ببعض الإرشادات التي تفيدك في تغيير نمط حياتك لتصبح أكثر قدرة على مقاومة الاكتئاب الليلي والتعافي منه.