لماذا يستمر البعض في علاقات عاطفية مؤذية على الرغم من قدرته على إنهائها؟

6 دقيقة
العلاقة المؤذية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تصدرت المطربة الشهيرة شيرين عبد الوهاب ترند منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بعد انتشار أخبار عن عودتها إلى زوجها السابق المطرب حسام حبيب. والحقيقة أن شيرين تتصدر الترند دوماً بسبب اضطراب علاقتها مع حسام حبيب. وقبل أيام قليلة، انتشر فيديو لصانعة المحتوى (البلوغر) اللبنانية شروق وهي تفضح خيانة زوجها دكتور فود، وبعدها اعتذرت شروق لزوجها وكأن شيئاً لم يكن! فلماذا يعود البعض إلى شريك الحياة المؤذي؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

تطل علينا من وقت إلى آخر بعض القصص التي تجعلنا نتساءل عن السبب الذي يجعل الشخص الذي تعرض إلى الأذى والإساءة يعود مرة أخرى إلى الشريك المؤذي. فخلال الأيام الماضية، تصدّر اسم الفنانة شيرين عبد الوهاب ترند مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار أخبار عن عودتها إلى زوجها السابق حسام حبيب، وهذه ليست المرة الأولى التي تعود فيها شيرين إليه على الرغم من اضطراب العلاقة بينهما.

وفي سياق متصل، انتشر خلال الأيام القليلة الماضية فيديو للبلوغر اللبنانية شروق وهي تلاحق زوجها دكتور فود خارج أحد الفنادق حافية القدمين. وفي أثناء التصوير، كانت توجه لزوجها تهمة الخيانة. وأكدت شروق أن زوجها تركها مع طفلها الرضيع من أجل خيانتها مع امرأة أخرى، وبعدها نشرت شروق فيديو آخر اعتذرت فيه إلى زوجها. وهنا نتساءل مرة أخرى: لماذا يعود البعض إلى شريك حياته المؤذي ويستمر في العلاقة المؤذية؟ الإجابة يتناولها هذا المقال.

ما هي العلاقة المؤذية؟

العلاقة المؤذية مصطلح يصف أي علاقة يمارس فيها أحد الأشخاص السلطة والسيطرة على الآخر بطريقة سلبية، ويمكن أن تكون الإساءة جسدية؛ ولكنها في الكثير من الأوقات قد تكون عاطفية أو لفظية أو مالية أو نفسية أو أي نوع آخر من السلوك الذي يُبقي شخصاً تحت سيطرة شخص آخر.

وفي حين أن العلاقات المؤذية تتشابه في الكثير من الأمور؛ إلا أن كل علاقة منها تحمل طابعها الخاص. وعادةً، لا يدرك الأشخاص الذين يعيشون علاقات مؤذية أنهم يتعرضون إلى الأذى، فأحد أكثر الجوانب شيوعاً لتلك العلاقات هو إصرار الشخص المؤذي على أنّ ما يفعله طبيعي وغير مضرّ؛ ما يصعّب على الضحية إنهاء العلاقة.

ويمكن القول إن الخلافات أمر طبيعي وتحدث في العلاقات كلها؛ لكن العلاقات الصحية تضم شخصين يتمتعان بحرية الاختلاف والمناقشة، وتكون لهما آرائهما الخاصة؛ أما العلاقات المؤذية فتتضمن سيطرة أحد الطرفين على أفكار الطرف الآخر أو مشاعره أو تصرفاته.

5 علامات تخبرك بأنك في علاقة مؤذية

وفقاً للمعالجة النفسية تيريزا بلاك (Theresa Black)؛ فإن معرفة الشريك المؤذي في بداية العلاقة ليست سهلة؛ وذلك لأن سلوكيات التملك والسيطرة تتزايد مع مرور الوقت. لكن هناك بعض العلامات التحذيرية التي يمكنها إخبارك بأنك منخرط في علاقة مؤذية؛ مثل:

  1. مراقبة الاتصالات: قد يحاول الشخص المؤذي مراقبة اتصالاتك مع الأشخاص الآخرين، وذلك من خلال الاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني ومحادثات الأصدقاء، أو تسجيل الدخول إلى حساباتك الشخصية من دون إذن، أو حتى تثبيت تطبيقات المراقبة على هاتفك من أجل فرض السيطرة على حياتك الاجتماعية.
  2. فرض العزلة: يعزلك الشخص المؤذي في الكثير من الأوقات عن المحيطين بك؛ حيث يحاول إقناعك بشتى الطرق بأن أصدقائك أو أفراد عائلتك لا يحبونك حقاً. ويهدف المؤذي بذلك إلى عزلك عن محيطك وعن دوائر الدعم الخاصة بك حتى لا تفكر أبداً في إنهاء العلاقة.
  3. الرقابة المالية: في بعض العلاقات المؤذية، يمنع الشخص المؤذي المال عن شريك حياته؛ ويهدف هذا إلى جعل إنهاء العلاقة أكثر صعوبة على الشخص الذي تعرض إلى الإساءة. قد يقطع الشخص المؤذي وصولك إلى حساباتك، أو يخفي معلومات حول وضعك المالي، أو يحاول جعلك تترك وظيفتك.
  4. الإكراه: أحد الأساليب الشائعة الأخرى للإساءة هو إجبارك على القيام بأشياء لا ترغب في القيام بها، سواء من خلال التوسل أو التهديد أو القوة أو الابتزاز العاطفي؛ ويمكن أن يشمل ذلك الأنشطة الجنسية ولكنه قد يشمل أيضاً أي سلوك آخر لا ترغب في القيام به، وقد يستخدم الأشخاص المؤذون أيضاً الإكراه لإبقائك في العلاقة إذا حاولت المغادرة.
  5. التلاعب النفسي: يُعد التلاعب النفسي من أكثر أنواع الأذى انتشاراً، وعادة ما يتجسد في السلوكيات التالية:
  • تغيير الحقائق.
  • إلقاء اللوم على الطرف الآخر طوال الوقت.
  • النقد المستمر والحكم عليك حتى لا تشعر بالكفاءة.
  • الصمت العقابي الذي يتجسد في تجاهل المكالمات الهاتفية والرسائل النصية.
  • التظاهر بأنه لا يفهم ما تريد.
  • تحميلك مسؤولية سعادته ونجاحه وفشله حتى يجعلك تشعر بالذنب طوال الوقت.
  • الضعف المتعمَّد لإثارة التعاطف.
  • الإدلاء بملاحظات انتقادية، غالباً ما تكون متخفية على هيئة دعابة أو سخرية، لجعلك تبدو أقل شأناً وأقل أماناً.

كيف تؤثر العلاقات المؤذية في صحتك النفسية؟

إن العيش في كنف علاقة مؤذية قد تكون له الكثير من الآثار النفسية المضرّة؛ حيث تؤثر العلاقات المؤذية في احترامك لذاتك. ومع مرور الوقت، تكون لها عدة تأثيرات؛ مثل:

  1. عدم الثقة بالنفس.
  2. الشعور بالعار والخزي وعدم القيمة.
  3. القلق الاجتماعي.
  4. الاكتئاب والحزن.
  5. اضطرابات الأكل؛ بما فيها الشراهة عند تناول الطعام أو فقدان الشهية.
  6. اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو اضطراب ما بعد الصدمة المعقد (C-PTSD).
  7. ظهور آثار جسدية مثل الفيبروميالجيا (fibromyalgia)؛ وهي متلازمة الألم المزمن.
  8. متلازمة القولون العصبي (IBS).
  9. البكاء المتكرر.
  10. صعوبة التركيز.
  11. الإحساس بالعجز واليأس.
  12. الانسحاب الاجتماعي.

لماذا يستمر بعض الأشخاص في علاقات مؤذية إذا كان بإمكانهم إنهاؤها؟

تؤكد أستاذة علم النفس، إلين هندريسكن (Ellen Hendriksen)، إن هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأفراد إلى الاستمرار في العلاقات المؤذية والعودة إليها مجدداً بعد إنهائها؛ مثل:

  1. القوى غير المتكافئة: تدور العلاقة المؤذية بالأساس حول القوة والسيطرة؛ حيث يتعلق الأمر بتحطيم القيمة الذاتية للضحية وقدرتها على السيطرة والتحكم في مسار حياتها الخاص. وفي أثناء العلاقة، يمسك الطرف المؤذي بزمام الأمور ويتحكم في كل شيء يخص شريك حياته ويتخذ القرارات جميعها عوضاً عنه. وفي بعض الأحيان، يتصرف المؤذي على هذا النحو حتى لا تكون المغادرة خياراً مطروحاً، وذلك من خلال تعزيز اعتقاد الضحية بأن هذا هو كل ما تستحقه، أو أن لا أحد يريدها!
  2. دورة الإساءة: يتبع العديد من العلاقات المؤذية نمطاً من التكرار، وفي الكثير من الأحيان، يَصعُب كسر هذه الدورة التي تتكون من 3 مراحل:
  •  ترسيخ التوتر: يحدث هذا عندما يشعر الطرف الذي يتعرض إلى الأذى بأنه يتعين عليه المشي على قشر البيض لمنع المعتدي من الانفجار! قد لا تعرف الضحية ما التصرفات التي تؤدي إلى توتر الشريك المؤذي؛ لكنها تشعر بغضب شريكها تحت السطح، خلال هذه الفترة.
  • نقطة الانهيار: على الرغم من محاولات إرضاء الشريك المؤذي جميعها، فإنه ينفجر في نهاية الأمر، ويصل إلى نقطة الانهيار. وخلال هذه المرحلة، عادة ما يقوم الطرف المؤذي بالاعتداء الجسدي على شريكه، وأحياناً قد يكون الاعتداء نفسياً مثل الإهانة اللفظية أو التهديد بالعنف.
  • مرحلة شهر العسل: بعد انتهاء التوتر، يحاول المؤذي العمل على تعويض الإساءة؛ ويمكن أن يشمل ذلك اعتذارات غزيرة أو وعوداً كبرى بالتغيير، أو هدايا باهظة، أو عاطفة إضافية في محاولة لإقناع الشريك بالبقاء في العلاقة. وبمجرد الموافقة على المحاولة مرة أخرى، تبدأ دورة الإساءة من جديد.
  1. الاعتقاد بأن الحب سينتصر في النهاية: ظهر لاعب خط وسط اتحاد كرة القدم الأميركي، راي رايس (Ray Rice)، في أحد الفيديوهات وهو يضرب خطيبته جاناي بالمر (Janay Palmer) ويسحبها من شعرها حتى أفقدها الوعي خلال عام 2014. بعد انتشار الفيديو على نحو كبير، اتُّهم رايس بالعنف المنزلي ومُنع من اللعب لمبارتين. وبعد بضعة أسابيع، وُجهت له التهم رسمياً؛ لكن بالمر تجاهلت كل ما فعله، وتزوجت منه في اليوم التالي! لم تكتفِ بالمر بذلك؛ حيث دافعت عن زوجها، واعتذرت في مؤتمر صحفي عن حادثة الاعتداء وقالت إنها نادمة بشدة لأنها دفعته إلى فعل ذلك، وطلبت من الناس التوقف عن أحكامهم واتهاماتهم! وفيما بعد، نشرت على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام قائلة: “أعلم أننا علاقتنا ستتطور إلى الأفضل، وسوف نثبت للعالم أجمع أن حبنا حقيقي”، وطلبت من الآخرين عدم اتخاذ أي موقف من الرجل الذي تحبه.
  2. الرغبة في لعب دور المنقذ: إن البقاء في زواج أو شراكة مؤذية عاطفياً يمنح الطرف الذي يتعرض إلى الأذى إحساساً بالالتزام؛ حيث إنه يعتقد أنه يمكنه تغيير شريكه إذا كان صبوراً ومتفهماً ومُحباً؛ ولهذا لا يرغب في المغادرة، وإذا غادر فإنه يعود مرة أخرى لأنه يشعر بالذنب.
  3. تدني احترام الذات: تدمر الإساءة احترامك لذاتك؛ ما يجعلك تشعر بأنه من المستحيل البدء من جديد. وفي كثير من الأحيان، قد لا يفهم الأشخاص الذين يعيشون علاقات مؤذية أنهم يتعرضون إلى الإيذاء لأنه لا يوجد أي عنف. وعلى الجانب الآخر، أحياناً يَصعُب على أولئك الذين يعيشون علاقات مؤذية أن يتركوا شركاءَهم بعد أن شعروا باستمرار بأنهم بلا قيمة.
  4. الضغوط الاجتماعية: هناك ضغوط اجتماعية مستمرة تضغط على الأفراد حتى يكونوا في علاقات مثالية، وبعض الثقافات ووسائل التواصل الاجتماعي يزيد حدة هذا الضغط.
  5. الاحتياج النفسي إلى الشريك والاعتماد عليه: توضح استشارية الطب النفسي، رضوى سعيد، إن بعض الأشخاص يعودون مرة أخرى إلى الشريك المؤذي بسبب الاحتياج النفسي. وأضافت سعيد إن المطربة شيرين عبد الوهاب تعود كل مرة إلى حسام حبيب بسبب احتياجها الشديد إليه، علاوة على أنه تمكّن من السيطرة عليها.

ما الحل لنسيان شريك الحياة المؤذي؟

وفقاً للخط الساخن الوطني الأميركي للعنف المنزلي (The National Domestic Violence Hotline)؛ يستغرق الأمر 7 محاولات في المتوسط حتى يتمكن الشخص أخيراً من ترك شريكه المؤذي، وعدم العودة إليه مرة أخرى. وحتى تتمكن من نسيان هذا الشريك والمضي قدماً، عليك اتباع النصائح التالية:

  1. ضع نفسك أولاً: في الكثير من الأوقات، قد تفكر في رد فعل شريكك المؤذي إذا فكرت في إنهاء العلاقة؛ لكن تذكر أن مشاعرك مهمة أيضاً. لذلك؛ ضع نفسك أولاً وتذكر أن الفراق ليس انسحاباً بل هو قرار إيجابي من أجل اختيار حياة أكثر أماناً وراحة.
  2. ثق بإحساسك: أنت تعرف وضعك أفضل من أي شخص آخر. لذلك؛ استمع إلى حدسك وثق في حكمك بشأن الوقت الأكثر أماناً لإنهاء العلاقة. وحين تغادر، لا تلتفت ولا تَعُد مرة أخرى إلى الشريك المؤذي.
  3. مارس الرعاية الذاتية باستمرار: إن الاعتناء بنفسك أمر مهم لصحتك النفسية؛ ومن ثَمّ عليك أن تفعل ما في وسعك للعناية بجسمك وعقلك. قد يشمل ذلك أخذ حمام ساخن، وتخصيص وقت للصلاة أو التأمل، وقضاء بعض الوقت في كتابة يومياتك، أو القراءة، أو مشاهدة فيلم ممتع، أو ممارسة الرياضة.