تؤثر صلتنا بالطبيعة في صحتنا النفسية ومشاعرنا وأمزجتنا بشكل فارق. ويؤكد باحثون من جامعة فيرمونت (University of Vermont) أن ارتباطنا بالطبيعة والأوقات التي نقضيها في الهواء الطلق والمتنزهات أو الساحات العامة تنعكس كلها على صحتنا النفسية، وفي الدراسة التي بحثت العلاقة بين التعرّض للتنوع الطبيعي والصحة النفسية، راقب الباحثون التقلبّات التي تحدث في مشاعر الأفراد خلال وجودهم وسط الطبيعة الحضرية باستخدام أداة لتحليل المشاعر تسمى هيدونوميتر (Hedonometer).
الاتصال بالطبيعة يهدّئ النفس
تشير الدراسة إلى أنه مع زيادة عدد الأشخاص الذين يعيشون في المدن، انخفض اتصال وتعرُّض الأفراد للطبيعة والتواجد في المتنزهات العامة.
لذلك، استخدم الباحثون في الدراسة المذكورة أداة تحليل المشاعر -هيدونوميتر- للتحقيق في مدى شعور الأفراد بالسعادة من خلال تحليل تغريداتهم على تطبيق تويتر التي يكتبونها قبل وخلال وبعد الزيارات إلى المتنزهات. وشملت تلك المتنزهات المتنزهات الكبرى، وساحات المدن، بالإضافة إلى ملاعب الأحياء.
وحلل الباحثون معدل تردد بعض الكلمات لاستكشاف الارتباط بين التعرض للطبيعة والفوائد العقلية والمعرفية، وأظهرت النتائج انخفاض استخدام المشاركين لكلمات النفي والرفض خلال تلك الزيارات للمتنزهات الحضرية.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر السعادة على صحتنا البدنية والنفسية؟
المنتزهات شديدة الخضرة تزيد السعادة
أوضحت نتائج الدراسة أيضاً ارتفاع معدل سعادة الأفراد خلال زيارات المتنزهات واستمرار تلك الحالة من السعادة لعدة ساعات بعد الزيارة؛ ما يعني أن التواجد في الهواء الطلق في الأماكن العامة يمكن أن يساهم في تعزيز الرفاهية الذاتية.
لكن درجات السعادة اختلفت باختلاف البيئة التي تواجد بها الأفراد؛ حيث تشير النتائج إلى ارتفاع المشاعر الإيجابية في تغريدات المشاركين خلال زيارة المتنزهات الإقليمية، والتي هي أكثر خضرة وذات غطاء نباتي أكبر، تليها التغريدات في المتنزهات الصغيرة والملاعب ثم الساحات العامة الأقل خضرة.
يستنتج الباحثون أن زيادة السعادة التي تنشأ خلال التواجد في المتنزهات الإقليمية تحدث نتيجة تمتعها بغطاء نباتي أكبر، وأنها قد توفر المزيد من الفرص للاتصال بالطبيعة والتعرض للتنوع البيولوجي، مقارنةً بالساحات المدنية.
كما قد يؤدي التنوع الخضري والزهري الأكبر الموجود في هذه المتنزهات دوراً حيوياُ في ذلك.
قرار الخروج في نزهة يُسعد القلب
توضح النتائج أيضاً أن التغريدات المنشورة خلال تواجد الأفراد في المتنزهات تنم عن شعور أكبر بالسعادة بنحو 0.23 نقطة على مقياس تحليل المشاعر هيدونومينر، وهذه الزيادة في الشعور بالسعادة تعادل تلك التي حدثت في يوم عيد الميلاد على تويتر في نفس العام، عام 2016.
كما أن ذلك الشعور الإيجابي لم يكن لحظياً، بل استمر ما بين ساعة و4 ساعات بعد كتابة التغريدة الأولية في المنتزه. ومن المثير للاهتمام أن المشاعر الإيجابية تبدأ في الزيادة في الساعة التي تسبق التغريدات داخل المتنزه أيضاً؛ أي خلال الاستعداد للتنزه.
يفسِّر الباحثون ذلك باحتمالية ترقُّب الأفراد لزيارة المتنزه أو مقابلة الأصدقاء في الطريق أو ربما الراحة بسبب ترك العمل والتوجه إلى مكان أكثر إمتاعاً.
وأخيراً؛ لا تلقي هذه الدراسة الضوء على أهمية الاتصال بالبيئة والتواجد في المتنزهات والحدائق لبعض الوقت لتعزيز صحتنا النفسية فقط، بل تشير أيضاً لأهمية تخطيط المتنزهات حول المساكن وأماكن العمل في البيئة الحضرية، وتصميمها بشكل جيد يمكِّن الأفراد من قضاء بعض الوقت وسط الطبيعة لتحقيق أقصى قدر من هذه الفوائد.