ملخص: تتجاوز فوبيا الاجتماعات أو قلق الاجتماعات شعور عدم الراحة والانزعاج والإرهاق في بيئة الاجتماعات الافتراضية ولا سيّما اجتماعات زووم، فالمتأثّر بهذه الحالة قد يعاني قلقاً وتوتّراً شديدَين قبل الاجتماعات وفي أثنائها وبعدها. تعرّف في هذا المقال إلى المعلومات التي تحتاج إليها إذا كنت تعاني هذه الحالة.
محتويات المقال
يشكّل العمل المرن والعمل عن بعد تحديّاتٍ حقيقية بالنسبة إلى البعض بسبب عدّة عوامل؛ نذكر منها الاجتماعات الافتراضية أمام الكاميرا التي تستنزف طاقتهم، وتُثير لديهم الخوف والقلق الشديدين. لذلك؛ تجدهم يفضّلون الاجتماعات الصوتية، ويلتزمون بالحضور في الاجتماعات الضرورية فحسب. إذا كانت هذه الأعراض يتكرّر ظهورها في اجتماعاتك الافتراضية أو غيرها، فقد تكون مصاباً بقلق الاجتماعات. وبالنسبة إلى البعض الآخر، قد يتعلّق الأمر بفوبيا الاجتماعات.
ما فوبيا الاجتماعات؟
الخوف شعور طبيعي وشائع يمرّ به الجميع، وعلى الرغم من أنه قد يكون غير مريح، فإنه جزءٌ طبيعي من الحياة يساعد على الحفاظ على سلامتنا. لكن ما إن يصبح الخوف طاغياً أو يحدث بصفة متكرّرة، فقد يؤدّي إلى حالةٍ خطِرة تُعرف باسم "الرهاب" (Phobia)؛ وهي حالة المخاوف الشديدة الناجمة عن أشياء أو مواقف محدّدة، على نحو غير مُتناسبٍ مع حقيقة الخطر فعلياً. قد يسهم الرهاب، الذي يستمرّ فترة طويلة، في مشكلات أخرى مثل القلق والاكتئاب.
يمكن أن تتطوّر هذه المخاوف الشديدة فجأةً أو مع مرور الوقت، فتشمل نطاقاً واسعاً من الأشياء أو المواقف؛ مثل الخوف من المرتفعات أو الحيوانات أو سيناريوهات حياتية محدّدة مثل الحديث في أثناء الاجتماعات؛ وهو ما يُعرف بـ "فوبيا الاجتماعات"، ويُشار إلى هذه الحالة أيضاً باسم "قلق الاجتماعات" (Meeting Anxiety).
قد يعاني المصابون بقلق أو فوبيا الاجتماعات اضطرابَ القلق الاجتماعي (Social Anxiety Disorder). وبسبب خوفهم؛ يمكن أن يفوّتوا فرصهم في الترقية أو التطوّر المهني بصفة عامة لكونهم يتجنّبون التحدّث في أثناء الاجتماعات وحتى حضورها.
ما العلامات الدالة على الإصابة بفوبيا أو قلق الاجتماعات؟
يعاني الشخص المتأثّر بهذه الحالة القلق قبل الاجتماعات وفي أثنائها وبعدها، وبخاصة الاجتماعات معه شخصياً أو تلك التي تعتمد على الفيديو. وعلى عكس المخاوف العامة من الاجتماعات، فإن قلق الاجتماعات يستمرّ فترةً أطول، ويُظهر أعراضاً أكثر خطورة، ويؤثّر على نحوٍ كبير في الحياة العملية. إذ يعاني المصاب أعراضاً حادّة في كل اجتماع؛ في حين أن أولئك الذين يشعرون بالانزعاج خلال تسيير الجلسات يعانون فقط عندما يكونون في دور المُسيّر.
يؤثّر قلق الاجتماع في قدرة الفرد على البقاء حاضراً ومنتبهاً؛ ما يقوّض قدرته على الأداء الجيّد، ويسبّب له الانزعاج الذي يمكن أن يستمرّ ساعاتٍ بعد الاجتماع. وتشمل الأعراض الجسدية: الارتعاش، واحمرار الوجه، وتسرّع ضربات القلب، والتعرّق، والغثيان، والدُّوار.
كما أن هذه الحالة قد تُثير مشاعر سلبية عديدة؛ مثل الشعور بعدم الكفاءة، والقلق بشأن الشكل والمظهر، والإحراج، والخوف من أحكام الآخرين، والقلق بشأن الظهور بمظهر غير المستعد، والإحساس بالتعب بعد الاجتماع.
اقرأ أيضاً: رهاب النقص: عندما يعرقل الخوف من ارتكاب الأخطاء حياة الشخص
ما أسباب الإصابة بفوبيا الاجتماعات؟
يوضّح استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، إنه من خلال معاينته المصابين بالقلق العام، وجد أنهم اعتادوا على القلق والتوتّر عند أداء مهامهم الأساسية في الاختبارات، والاجتماعات، والعمل. إذ يعدون أداء تلك المهمات براحة واسترخاء ودون قلقٍ نوعاً من اللامبالاة من طرفهم؛ حيث يربطون الإنجاز بالتعب الذهني والنفسي.
لذلك؛ قد يواجهون صعوبة في الاقتناع بأهمية مثبطات امتصاص السيروتونين في إعادة التوازن إليهم ومساعدتهم على الاهتمام بعملهم دون قلق وتوتّر. وبالإضافة إلى هذا التفسير، يمكن إدراج عدّة أسبابٍ أخرى محتملة تُفسّر حالة القلق من الاجتماعات التي قد تصل إلى درجة الفوبيا؛ ونلخّصها كالآتي:
- القلق الاجتماعي: الأشخاص الذين يُعانون القلق الاجتماعي أكثر عرضة إلى القلق بسبب اجتماعات العمل؛ ولكن ليس كلّ من يشعر بالقلق في أثناء الاجتماعات يعاني القلق الاجتماعي بالضرورة.
- الخوف من التحدّث أمام الجمهور: يشعر الأشخاص الذين يعانون هذا الخوف عادةً بالراحة في المواقف الاجتماعية غير الرسمية؛ لكنهم يشعرون بالانزعاج الكبير عند التحدّث أمام مجموعة من الناس في إطار رسمي؛ بما يشمل التحدّث في اجتماعات العمل.
- نقص الاستعداد: عدم التحضير للاجتماع يمكن أن يؤدّي إلى زيادة القلق. وقد تسهم الاجتماعات المتتالية، والدعوات في اللحظة الأخيرة دون سابق إنذار إلى الشعور بفقدان السيطرة على الأمور.
- التوقعات غير الواضحة: قد ينشأ قلق الاجتماعات بسبب عدم وجود معلومات كافية حول الهدف من الاجتماع؛ ما يؤدي إلى دوامة من الأفكار القلقة حول السيناريوهات المحتملة والأمور التي يمكن أن تسوء.
- ضعف مهارات التواصل: الخوف من الفشل في التعبير عن فكرةٍ أو توضيح أمرٍ على نحو فعّال نتيجة ضعف مهارة التواصل.
- متلازمة المحتال (Imposter syndrome): الشعور بعدم الكفاءة، والتشكيك في معرفتك، والتعرّض إلى الضغط عند الأداء قد يشير إلى متلازمة المحتال؛ وهي سبب شائع لقلق الاجتماعات.
- الصورة الذاتية السلبية: أولئك الذين يعانون الصورة الذاتية السلبية ينتقدون أنفسهم على نحو مفرطٍ، ويمكن أن تثير الاجتماعات أمام الكاميرا القلق الشديد عندهم.
- التجربة السلبية السابقة: قد يربط الشخص مشاعره السلبية المرتبطة باجتماعٍ سابقٍ مرّ على نحوٍ سيئ باجتماعاته اللاحقة في العمل كافةً؛ ما يخلق شعور الخوف من تكرار التجربة.
كيف تتخطّى فوبيا أو قلق الاجتماعات وتنطلق في تقدّمك المهني؟
لكلّ شخص يعاني فوبيا أو قلق الاجتماعات، ينصح استشاري الطب النفسي، خالد الصالح، بالاستراتيجيات التالية:
- تفادَ كلّ ما يمكن أن يزيد الأعراض الجسدية للقلق مثل خفقان القلب والدُّوار من خلال أخذ قسط من النوم والامتناع عن استهلاك الكافيين قبل الاجتماع وفي أثنائه.
- احضر قبل بدء الاجتماع واغتنم الفرصة لتجاذب أطراف الحديث مع باقي الزملاء تخفيفاً لشعور الرهبة. كما يُفضّل أن تكون من أوائل المتحدّثين في أثناء الاجتماع لكي تتفادى تزايد مستوى القلق وأنت تنتظر دورك للتحدّث.
- كن مستعداً بالعرض الذي ستقدّمه، وحاول أن تبتسم، وتتكلّم بوتيرة هادئة، وتتنفّس بانتظام.
- حاول عدم تفادي حضور الاجتماعات، فالحضور المنتظم سيساعدك على التخفيف من حساسيتك تجاه الاجتماعات، ويُكسبك مزيداً من الثقه بالنفس.
- استعن بالعلاج الدوائي الموصوف من قبل الطبيب في حال كانت الأعراض الجسدية أقوى من قدرتك على التحكّم بها.
اقرأ أيضاً: ما تأثير الخوف من الهجر في علاقاتك؟ وكيف تتغلب عليه؟
ختاماً، تُفاقم فوبيا أو قلق الاجتماعات الضغوط النفسية المرتبطة ببيئة العمل. ربّما فاتتك فرص الترقية لأنك تتجنّب التحدّث في الاجتماعات مثل زملائك، أو ربما تكون قد تجنّبت التفكير في الترقيات تماماً لأنها تعني أنه سيتعيّن عليك حضور المزيد من الاجتماعات. لذلك؛ حرصنا في هذا المقال على شرح المشكلة وتقديم الحلول.