الأمراض العقلية بين الأعراض والأسباب وطرق العلاج

4 دقائق
الأمراض العقلية
الأمراض العقلية

عند مقابلة شخص ما لأول مرة، تتجه عقولنا تلقائياً لتكوين أول انطباع عنه؛ والذي يكون مبنياً على كيفية تعامله معنا وردود أفعاله على أقوالنا وأفعالنا. على سبيل المثال إذا انفعل الشخص فجأة دون سبب قوي يدفع للانفعال إلى هذه الدرجة، قد يتكوّن لدينا انطباع عن هذا الشخص بأنه عصبي. وإذا وجدناه مشككاً في كل كلمة نقولها أو حركة عفوية تصدر عنا، فقد نستشعر عدم اتزانه النفسي. إذا كنت تريد معرفة المزيد عن الأمراض العقلية وأنواعها وأعراضها؛ إليك هذا المقال.

ما هي الأمراض العقلية؟

تُعرِّف الجمعية الأميركية للطب النفسي المرض العقلي بأنه حالة صحية تتضمن تغييرات في العاطفة أو التفكير أو السلوك، أو مزيجاً من ذلك؛ ما يعكس مشكلة في الوظيفة العقلية.

وكما يُستخدم مصطلح "المرض الجسدي" لوصف مجموعة من مشاكل الصحة الجسدية؛ يشمل مصطلح "المرض العقلي" مجموعة متنوعة من حالات الصحة العقلية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الحياة اليومية إذا تُركت دون علاج؛ بما في ذلك القدرة على العمل، ورعاية الأسرة، والتواصل والتفاعل مع الآخرين.

ما أنواع الأمراض العقلية؟

هناك المئات من الأمراض العقلية المدرَجة ضمن الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، وهو دليل التشخيص الصادر عن جمعية الطب النفسي الأميركية.

يصنّف هذا الدليل الأمراض في فئات بناءً على معايير التشخيص الخاصة بها كما يلي:

اضطرابات القلق

تتميز هذه المجموعة من الأمراض العقلية بمشاعر شديدة من القلق أو الخوف، مصحوبة بأعراض جسدية مثل ضيق التنفس وسرعة ضربات القلب والدوخة.

توجد ثلاثة اضطرابات قلق رئيسية، وهي:

  • اضطراب القلق المعمّم (GAD).
  • اضطراب الهلع.
  • اضطراب القلق الاجتماعي (SAD).

الاضطراب ثنائي القطب

سابقاً كانت يُعرف الاضطراب ثنائي القطب باسم الهوس الاكتئابي، وهو يتميز بنوبات من الهوس الخفيف والاكتئاب الشديد.

اقرأ أيضاً: كيف استطعت التأقلم مع الاضطراب ثنائي القطب؟

اضطرابات الاكتئاب

توجد سمة مشتركة لجميع اضطرابات الاكتئاب وهي الشعور بالحزن أو الفراغ أو العصبية، مصحوبة بأعراض جسدية وتغيرات معرفية تؤثر سلباً في قدرة الشخص على العمل.

الاضطرابات التخريبية واضطرابات السلوك

تشمل مجموعة من الحالات النفسية التي تنطوي على مشاكل في ضبط النفس والعواطف والسلوكيات كما يلي:

  • الانفعال المتقطّع.
  • هوس السرقة.
  • هوس الحرائق.

اضطرابات الفُصام

تتميز هذه المجموعة من المتلازمات النفسية بانفصال لا إرادي بين الوعي والذكريات والعواطف والتصورات والسلوكيات - حتى هوية الفرد أو إحساسه بذاته.

الاضطرابات العصبية النَّمائية

تظهر هذه الاضطرابات عادةً في وقت مبكر من النمو -غالباً قبل دخول الطفل إلى المدرسة الابتدائية- وتتميز بإعاقات شخصية أو اجتماعية أو أكاديمية أو وظيفية.

تتضمن هذه الاضطرابات:

  • اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
  • اضطراب طيف التوحد (ASD).
  • صعوبات التعلم والإعاقات الذهنية.

اقرأ أيضاً: اضطراب طيف التوحد: دليل شامل من الأسباب إلى الأعراض والعلاج.

الفصام والاضطرابات الذُّهانية الأخرى

يتم تحديد هذه الاضطرابات من خلال الأعراض التالية:

  • الأوهام.
  • التفكير المشوَّش.
  • السلوك الحركي غير المتّزن أو غير الطبيعي.
  • الهلوسة.

اضطرابات النوم

هناك أنواع مختلفة من اضطرابات النوم، وكلها تنطوي على مشاكل في الحصول على نوم جيد أو البقاء مستيقظاً على الرغم من الشعور بالإرهاق والرغبة في النوم. وتتميز هذه الاضطرابات باختلال إيقاعات الساعة البيولوجية مع البيئة المحيطة.

الصدمات والاضطرابات المرتبطة بالتوتر

تشمل هذه المجموعة الاضطرابات المرتبطة بالتعرض لحدث صادم أو مرهق. والاضطراب الأكثر شيوعاً في هذه الفئة هو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

ما علامات عدم الاتزان النفسي؟

يعاني المصابون بهذه الاضطرابات بشكل عام من تقلُّبات شديدة في صحتهم العقلية لفترة طويلة؛ ما يعني  أن القلق وتغيرات الحالة المزاجية الناتجان عن بعض المواقف الحياتية المرهِقة ليسا بالضرورة دليلاً على الإصابة بمرض عقلي.

وبشكل عام؛ من أجل تشخيص المريض بأنه يعاني من مرض عقلي، فيجب أن تسبب الأعراض الناتجة عن هذا المرض ضغوطاً كبيرة أو تتداخل مع أداء الفرد لمهامه الاجتماعية أو المهنية أو التعليمية.

وعلى الرغم من ارتباط بعض الأعراض أكثر من غيرها بكل مرض؛ إلا أن هناك علامات شائعة للمرض العقلي لدى البالغين والمراهقين، وتشمل:

  • الخوف أو القلق المفرط أو الذعر.
  • التغيرات في الحالة المزاجية؛ مثل الحزن العميق، وعدم القدرة على الشعور بالفرح والتعبير عنه، واللامبالاة تجاه المواقف، ومشاعر اليأس، والضحك في أوقات غير مناسبة دون سبب واضح، أو الأفكار الانتحارية.
  • مشاكل التفكير؛ مثل عدم القدرة على التركيز أو مشاكل الذاكرة.
  • التغيرات في النوم أو الشهية؛ مثل النوم وتناول الطعام بشكل كبير أكثر أو أقل من المعتاد، وزيادة أو خسارة الوزن بشكل ملحوظ وسريع.
  • الانسحاب من الحياة الاجتماعية وعدم الرغبة في القيام بأي شيء لفترات طويلة من الوقت أو الانقطاع عن الأنشطة التي كانت مصدراً للمتعة من قبل.

من المهم ملاحظة أن وجود واحدة أو اثنتين من هذه العلامات وحدها لا يعني أن الفرد مصاب بمرض عقلي؛ لكنه يشير إلى احتمالية وجود حاجة إلى التقييم والاستشارة الطبية.

ما عوامل خطر الإصابة بالأمراض العقلية؟

وفقاً لدراسة من "جامعة دالهوزي" (Dalhousie University) بكندا؛ لا يوجد سبب واحد للأمراض العقلية بل يُعتقد أنها تنبع من مجموعة واسعة من العوامل.

فيما يلي بعض العوامل التي قد تتسبّب في إصابة الشخص بمرض نفسي:

  • كيمياء الدماغ: تؤدي كيمياء الدماغ دوراً رئيسياً في الأمراض العقلية، وغالباً ما ترتبط التغييرات وعدم التوازن في الناقلات العصبية داخل الدماغ بالاضطرابات العقلية.
  • البيئة: الأجنّة المعرّضون لمواد معينة خلال فترة الحمل؛ مثل الكحول أو المخدرات أو السموم، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العقلية. 
  • علم الوراثة: تميل الأمراض العقلية إلى الانتشار في العائلات؛ ما يشير إلى وجود مكون وراثي. على سبيل المثال؛ قد يكون الأشخاص الذين لديهم قريب مصاب بمرض عقلي مثل التوحد والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد والفصام، أكثر عرضة للإصابة به.
  • التجارب الحياتية: قد تساهم أحداث الحياة المجهِدة في تطور المرض العقلي. على سبيل المثال؛ قد تتسبب الأحداث المؤلمة المستمرة في حالة مثل اضطراب ما بعد الصدمة.

علاج الأمراض العقلية

وفقاً للكتاب الصادر عن المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة حول منهج العلوم البيولوجية؛ لا تُعتبر معظم الأمراض العقلية قابلة للشفاء بشكل تام لكنها بالتأكيد قابلة للعلاج. ويختلف علاج اضطرابات الصحة العقلية بشكل كبير اعتماداً على التشخيص الفردي وشدة الأعراض، ويمكن أن تختلف النتائج اختلافاً كبيراً على المستوى الفردي، فبعض الأمراض العقلية تستجيب جيداً للأدوية، بينما تستجيب الحالات الأخرى بشكل أفضل للعلاج بالكلام وجلسات العلاج النفسي. 

وأخيراً؛ قد يكون التعايش مع المرض العقلي أمراً صعباً ومرهِقاً، لذلك تجب استشارة الطبيب عند الشعور بتغيرات شديدة في السلوك أو العواطف، أو إذا استمرت علامات عدم الاتزان النفسي لفترة طويلة، لكي يتم التشخيص والحصول على العلاج المناسب. 

المحتوى محمي