كيف تؤثر الألعاب الإلكترونية في الصحة النفسية للأطفال؟

4 دقائق
الألعاب الإلكترونية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: تطورت الألعاب الإلكترونية كثيراً خلال العقد الماضي وأصبحت أكثر واقعية وتعقيداً؛ ما جعلها إحدى أكثر الطرائق المفضَّلة للأطفال والمراهقين لقضاء وقت ممتع. وما بين آثار إيجابية وسلبية، اختلفت نتائج الأبحاث حول الآثار النفسية للألعاب الإلكترونية في الأطفال التي نتناولها في هذا المقال، بالإضافة إلى أبرز النصائح للوالدين لمساعدة أطفالهم على الاستفادة من الجانب الإيجابي لهذه الألعاب وتقليل الآثار السلبية المحتمَلة.

يقضي الأطفال والمراهقون وقتاً طويلاً في استخدام هواتفهم المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة الألعاب، وبخاصة خلال العطلات الطويلة. وعلى صعيد المنطقة العربية، شهد استخدام الألعاب الإلكترونية ارتفاعاً غير مسبوق.

على سبيل المثال؛ كشف تقرير أن الأطفال في الإمارات يقضون أكثر من 56 ساعة في الأسبوع في ممارسة الألعاب الإلكترونية. ووفقاً لدراسة أجرتها شركة مكافي (McAfee)؛ لا يراقب نحو 1 من كل 5 آباء ما يفعله أطفاله على الإنترنت، ويسمح 86% منهم لأطفالهم بلعب الألعاب الموصى بها للأطفال الأكبر سناً.

وبينما تتعدد الآثار الإيجابية للألعاب الإلكترونية؛ حيث يوفر العديد منها أشكالاً تعليمية تفاعلية للأطفال ويعزز الإبداع وتعلُّم مهارات قيادية، تظهر آثار سلبية كثيرة مثل اكتساب الأطفال للسلوك العنيف نتيجة التعرض لمحتوىً حول عمليات القتل والسرقة واللغة البذيئة والإيماءات الفاحشة لفترات طويلة.

وفي هذا السياق، وجدت دراسة من كلية دارتموث الأميركية تناولت سلوك أكثر من 17,000 مراهق تتراوح أعمارهم بين 9 و19 عاماً، أن ألعاب الفيديو العنيفة تؤدي إلى زيادة العدوان الجسدي بمرور الوقت؛ حيث يميل هؤلاء إلى تقليد الشخصيات في الألعاب المفضلة لديهم.

اقرأ أيضاً: ما مخاطر إدمان المراهقين على الهواتف الذكية وكيف يمكن تلافيها؟

ما الآثار الإيجابية للألعاب الإلكترونية؟

تظهر فوائد الألعاب الإلكترونية للصحة النفسية للأطفال كما يلي:

  1. إكساب الطفل مهارات حل المشكلات وتعزيز الإبداع: توفر الألعاب الإلكترونية للأطفال فرصة التفكير بشكل خلّاق عند ظهور العقبات؛ حيث يتوجب على الشخصية في اللعبة البحثُ والتخطيط وتجريب طرائقَ مختلفة للتقدم.
  2. تعليم الطفل التاريخ والثقافة: يركز بعض الألعاب على الأحداث التاريخية الواقعية والتي يمكن أن تحفز اهتمام الطفل بالجغرافيا والتاريخ والثقافة القديمة والعلاقات الدولية. في هذه الحالة، يمكن للوالدين ربط هذه الألعاب بالكتب في مجالات مثل التاريخ والجغرافيا لتعزيز التعلم.
  3. مساعدة الطفل على تكوين الصداقات: يمكن أن تشجع ألعاب الفيديو الأطفال على تكوين الصداقات مع الآخرين الذين يشاركونهم الاهتمامات نفسها محلياً ودولياً.
  4. السماح للأطفال بمشاركة فرحة المنافسة: يُعد التنافس بين الأقران سلوكاً طبيعياً وصحياً، وهو أحد الأسباب الشائعة لممارسة الألعاب الإلكترونية، ويمكن أن يمنح الأطفال غير المتفوقين في الرياضة فرصة للتفوق في شيء آخر.
  5. تعزيز مهارات القيادة لدى الأطفال: يتناوب الأطفال على القيادة والمتابعة في بعض الألعاب؛ ما يساعدهم على اكتساب مهارات قيادية في الإقناع والتحفيز والوساطة.
  6. تحفيز الأطفال على تعليم الآخرين: يستمتع أطفال كُثُر بلعب ألعاب الفيديو مع أطفال آخرين لأنهم يحبون تعليم غيرهم كيفية اللعب لتحقيق النجاح.
  7. تحسين ذاكرة الأطفال: يمكن أن تساعد ألعاب الفيديو على تحسين ذاكرة الأطفال حتى عندما يتوقفون عن ممارسة الألعاب، فالبالغون الذين لديهم خبرة بألعاب الفيديو قبل المراهقة يؤدون أداءً أفضل في مهام الذاكرة من أولئك الذين لم تسبق لهم تجربة ألعاب الفيديو عندما كانوا أطفالاً.

اقرأ أيضاً: صديق طفلك الخيالي دليل على إبداعه وقوة خياله

ما الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية في صحة الأطفال النفسية؟

يمكن أن يستمتع الأطفال بالآثار الإيجابية لألعاب الفيديو إذا استخدموها باعتدال؛ إلا أن الإفراط في لعبها يمكن أن يؤدي إلى:

  1. زيادة العزلة الاجتماعية وتعزيز السلوك المعادي للمجتمع: قد يؤدي قضاء الكثير من الوقت في لعب ألعاب الفيديو إلى عزل الأطفال عن مجتمعهم، ويدفعهم إلى قضاء وقت أقل في ممارسة أنشطة مهمة مثل القراءة والرياضة والواجبات المنزلية، بالإضافة إلى التفاعل مع العائلة والأصدقاء.
  2. تراجع أداء الأطفال في المدرسة: كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأطفال في لعب ألعاب الفيديو؛ انخفض أداؤهم في المدرسة. كذلك، يكتسب مدمنو ألعاب الفيديو درجات أقل في المدرسة، ويقومون بسلوكيات أكثر تدميراً مثل الجدال والمشاحنات مع الآباء والمعلمين.
  3. التصرف بعدوانية: يمكن أن يصبح الأطفال المعرضون للعنف أكثر تقبُّلاً له، وقد يُظهرون سلوكاً أكثر عدوانيةً مع الوقت. كذلك، كلما كان التعرض للعنف أكثر واقعية وتكراراً؛ زاد تأثيره النفسي في الأطفال.

كيف تساعد طفلك على تجنُّب الآثار النفسية السلبية للألعاب الإلكترونية؟

يُعد بناء علاقة صحية قوية مع الأطفال أفضل درع واقٍ لمواجهة أي سلوكيات غير صحية أو مشكلات في صحتهم النفسية بحسب اختصاصي علم النفس الإكلينيكي في صحة الأطفال، نيكولاس ويسترز (Nicholas Westers)؛ حيث يشعر الأطفال براحة أكبر عند التحدث إلى الوالدين عندما تربطهم علاقة قوية، ويكون الآباء كذلك أكثر قدرة على فهم ما يشعر به أطفالهم ويتعاطفون معهم بشكل جيد.

اقرأ ايضاً: في بيتك مراهق مكتئب: كيف تساعده؟

ويضيف ويسترز إنه من غير المحتمل أن يضع الطفل أو المراهق حدوداً لنفسه عند الانخراط في نشاط ممتع، وبخاصة عندما يستخدمه كمهرب. لذلك فهو بحاجة ماسّة إلى مساعدة الوالدين لوضع الحدود وتعلُّم ضبط النفس، ويوصي بطريقتين بسيطتين لتبنّي سلوكيات صحية عند لعب ألعاب الفيديو كما يلي:

  1. وضع قواعد حول استخدام ألعاب الفيديو: يجب توضيح أن ألعاب الفيديو امتياز وليست حقاً، وتحديد وقت اللعب والمسؤوليات التي يجب استكمالها قبل البدء في هذه الألعاب؛ بما في ذلك الواجبات المدرسية والأعمال المنزلية.
  2. مشاركة الأطفال اللعب: تُعد مشاركة الوالدين أساسية في المجالات جميعها عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الأطفال، وعندما يكون الآباء حاضرين ومشاركين يكون من الأسهل التحدث إلى أطفالهم حول ما يرونه وتعزيز سلوكهم الجيد. كذلك، يُعد وجود اهتمام مشترك مثل ألعاب الفيديو طريقة رائعة للتواصل.

بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً للأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين؛ يمكن للوالدين مساعدة أطفالهم على الاستمتاع بألعاب الفيديو بشكل مناسب من خلال:

  1. تجنُّب ألعاب الفيديو للأطفال في سن ما قبل المدرسة.
  2. وضع قواعد واضحة حول محتوى اللعبة ووقت اللعب داخل المنزل وخارجه.
  3. السماح بلعب ألعاب الفيديو في الأماكن المفتوحة في المنزل فقط، وليس في غرفة نوم الطفل.
  4. فرض حدود على وقت الشاشة الإجمالي.
  5. تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة الأخرى، وبخاصة الأنشطة البدنية.

وأخيراً، يلجأ الأطفال إلى الألعاب الإلكترونية ليس فقط للاستمتاع، فهم يجدونها مثيرة للاهتمام لأنها تتحداهم وتتحدى قدراتهم، ولذلك يلزم تقديم تحديات مماثلة لتحفيزهم على استبدالها. كذلك، يجب على الآباء أن يكونوا على دراية بأن غرس المساءلة الشخصية والانضباط أمر مهم؛ ما يساعد الأطفال على عدم الانغماس في السلوكيات العنيفة التي قد يتعرضون لها من خلال هذه الألعاب.

المحتوى محمي