ما الأطعمة التي تحارب الخوف والقلق؟

4 دقائق
طعام الراحة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يُستخدم مصطلح "طعام الراحة" لوصف قدرة بعض الأطعمة على التخفيف من التوتر ونوبات الهلع؛ إذ يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر بشكل مباشر في أمزجتنا وصحتنا العقلية.

عندما تمر بوقت عصيب وتشعر بالتوتر والقلق، تنطلق إلى الثلاجة بشراهة، على الرغم من أنك لا تشعر بالجوع حقاً؛ ولكن ثمة شيئاً ما في الطعام يهدئ أعصابك!

في الواقع، قد لا يكون تناول الطعام عندما نشعر بالقلق والتوتر فكرة سيئة في النهاية، لأن هناك بعض الأطعمة التي يمكنها أن تقلل مستويات التوتر لدينا، وتُعرف بـ "طعام الراحة". ليس ذلك فحسب؛ بل إن هذه الأغذية غنية بالفيتامينات التي يمكنها محاربة الاكتئاب والقلق وتحسين المزاج. كل ما عليك فعله هو أن تعرف ما تختار، فما أهم الأطعمة التي تحارب الخوف أو القلق؟

ما هو اضطراب القلق؟

القلق هو استجابة الفرد عندما يعتقد بوجود مهدد خارجي، سواء كان مصدر الخطر حقيقياً أو متصوَّراً، الأمر الذي يتسبب بـ "اندفاع الأدرينالين" وهو الهرمون الذي تفرزه الغدد الكظرية بأمر من الجهاز العصبي السمبثاوي (اللاإرادي)، وبدوره يؤدي إلى استجابة الجسم بآلية الكر أو الفر (Fight or Flight Response).

غالباً ما تتولد هذه الاستجابة في المواقف الاجتماعية الصعبة أو الأحداث المهمة، أو عند اتخاذ القرارات المصيرية؛ مثل ما يحدث قبل مقابلة عمل، أو عند إجراء اختبار، أو في اليوم الأول في وظيفة أو مدرسة جديدة.

أعراض القلق

تتفاوت درجة الاستجابة مع المحفز الخارجي، فقد يعبر الجسم عن القلق بشكل تغيرات سلوكية أو جسدية أو معرفية. وعندما يكون القلق شديداً ويعوق الحياة اليومية، فقد يشير ذلك إلى اضطراب القلق. وبشكل عام، قد يظهر بعض الأعراض الجسدية والنفسية مثل:

  • الخوف من فقدان السيطرة أو الإصابة.
  • الخوف من أحكام الآخرين أو التفاعل معهم.
  • ضعف الذاكرة وصعوبة التركيز.
  • زيادة معدل ضربات القلب والخفقان.
  • ضيق التنفس.
  • الدُّوار نتيجة تدفق الدم السريع.
  • الأرق.

أسباب القلق

لم يتمكن علماء النفس من تحديد السبب الدقيق للقلق؛ إلا أنه يتأثر بعدد من العوامل وأهمها:

  • تاريخ العائلة الوراثي.
  • تعاطي الكحول أو المخدرات.
  • الصدمة.
  • نوبات الذعر.
  • بعض الأدوية.
  • الإجهاد العقلي أو الجسدي أو العاطفي.
  • فرط النشاط في أجزاء معينة من الدماغ.
  • اختلال توازن النواقل العصبية.

علاقة القلق بالتغذية

في بحث نُشر في دورية "فرونتيرز إن سايكايتري" (Frontiers in Psychiatry)، أشار الباحثون إلى أنه يمكن للنمط الغذائي الصحي أن يخفف من أعراض القلق. ووفقاً للدراسة؛ تتأثر الصحة العقلية، وبشكل خاص اضطراب القلق، بكل من:

الميكروبيوم

تحتوي القناة الهضمية على أكثر من 40 تريليون ميكروب، ويمكن لتركيب هذه النظم البيئية الميكروبية (الميكروبيوم) ومنتجات استقلابها، أن يؤثرا في القلق وأعراضه من خلال:

  • التأثير في الدماغ عبر محور الأمعاء والدماغ، من خلال العصب المبهم.
  • تنظيم الناقلات العصبية التي تؤثر في الحالات النفسية كالقلق؛ مثل الغلوتامات والسيروتونين والدوبامين.

ومن ثَمَّ قد يكون تعديل ميكروبيوم الأمعاء غذائياً، استراتيجية فعالة لتطوير علاجات جديدة لاضطرابات الجهاز العصبي المركزي؛ بما فيها القلق.

الالتهاب

الالتهاب رد فعل طبيعي للجسم ضد المواد ومسببات الأمراض، ومع ذلك، إذا استمر الالتهاب فقد يؤدي إلى إتلاف الخلايا والأنسجة المصمَّمة لحمايتها، وهو ما يُعرف بـ "الالتهاب المزمن". ويرتبط الالتهاب المزمن بالاضطرابات العصبية والتنكسية؛ بما فيها القلق.

في حالات الالتهاب، يفرز الجهاز المناعي مركبات بروتينية تُعرف بـ "السايتوكينات" لفترة محدودة؛ إلا أن زيادة إفرازها كما في الالتهاب المزمن قد تتسبّب باختلال في توازن النواقل العصبية في الدماغ؛ بما فيها السيروتونين والدوبامين والغلوتامات.

اقرأ أيضاً: ما لا تعرفه عن مقاومة الاكتئاب بالغذاء الصحي

استراتيجيات التغذية: الأطعمة التي تحارب القلق والخوف

إذاً، قد يساعد تناول الأغذية التي تعزز ميكروبيوم الأمعاء أو تحارب الالتهاب، على محاربة القلق والخوف؛ وأهم هذه الأطعمة:

الشوكولاتة السوداء

تحتوي الشوكولاتة على مضادات أكسدة تُدعى "الفلافونويد" أو "الفلافونول". تحمي هذه المركبات الخلايا العصبية وتوصيلاتها في الدماغ؛ ما يعزز الحالة المزاجية ويقلل خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي مثل آلزهايمر. وتساعد مضادات الأكسدة بشكل عام على محاربة الجذور الحرة، والتلف الخلوي الذي تتسبب به.

الأطعمة المخمرة

الأطعمة المخمَّرة كالزبادي والمخللات، هي الأغذية التي تحتوي بكتيريا صحية تُدعى "البروبيوتيك"، تساعد في الحفاظ على توازن ميكروبيوم الأمعاء، ومن ثَمَّ مقاومة أعراض القلق والاكتئاب.

الأسماك الدهنية

تحتوي أنواع مثل السلمون والتونة والسردين والرنجة وغيرها من الأسماك الدهنية، على نسبة عالية من أحماض أوميغا 3 الدهنية، وتضم إما حمض ألفا لينولينيك (ALA)، أو حمض ايكوسابنتانويك (EPA)، أو حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA).

تساعد هذه الأحماض على دعم وظائف الدماغ والحماية من الإصابة بالقلق من خلال:

  • تقليل الالتهاب، ودعم الميكروبيوم.
  • تنظيم الناقلات العصبية.
  • التأثير في بعض مناطق الدماغ مثل اللوزة الدماغية (الأميغدالا) التي تلعب دوراً رئيسياً في تخفيف القلق.

اقرأ أيضاً: 10 نصائح لتتناول طعامك بوعي أكثر

الأطعمة الغنية بالتريبتوفان

التريبتوفان هو حمض أميني يشكل الأساس في تكوين الناقل العصبي السيروتونين؛ ما يساعد على الشعور بالهدوء، ويخفف من أعراض القلق. ويوجد في مجموعة متنوعة من الأغذية؛ مثل:

  • الديك الرومي والدجاج.
  • الموز.
  • الحليب والجبن.
  • الشوفان.
  • فول الصويا.
  • المكسرات وزبدة الفول السوداني.
  • بذور السمسم.

الكركم

الكركم من التوابل التي تمنح الطعام لوناً أصفر. يحتوي الكركم على مادة الكركمين التي تساعد على علاج القلق وأمراض التنكس العصبي من خلال عدة آليات:

  • تعزيز ميكروبيوم الأمعاء.
  • تقليل الالتهاب.
  • تحسين مستويات الدوبامين والسيروتونين والكورتيزول.

الأغذية الغنية بمجموعة فيتامينات ب

قد يؤدي نقص مجموعة فيتامينات ب؛ مثل الثيامين (ب 1)، وحمض الفوليك (ب 9)، والكوبالامين (ب 12)، إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق، لذا يساعد تناول الأغذية الغنية بهذه الفيتامينات على الوقاية من الإصابة بالقلق؛ ومن هذه الأغذية:

  • لحم البقر والدجاج.
  • الخضروات الورقية.
  • البقوليات.
  • البرتقال والحمضيات الأخرى.
  • الأرز.
  • المكسرات والبيض.

الشاي الأخضر

يحتوي الشاي الأخضر على الحمض الأميني الثيانين؛ الذي يمتاز بخصائصه المهدئة لاضطرابات القلق، ويزيد إنتاج الناقلَين العصبيَّين السيروتونين والدوبامين.

اقرأ أيضاً: أكلات تحسن الصحة النفسية ستغير وجهة نظرك في الطعام!

أطعمة تؤدي إلى زيادة القلق

يمكن لبعض الأغذية أن يضاعف الشعور بالقلق؛ مثل:

  • المُحليات الصناعية: لآثارها السلبية في الميكروبيوم وتحفيز الالتهابات.
  • القهوة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين: لأنها تحفز إفراز الأدرينالين.
  • السكريات البسيطة والمكررة: كما في الحلويات، لأنها ترفع نسبة السكر في الدم بشكل مؤقت، فتحفز إفراز الأنسولين الذي يخفض السكر بشكل مفاجئ مسبباً التعب.
  • الأطعمة المصنَّعة: كالمعجنات والحبوب المكررة، لدورها في تحفيز الالتهاب.

اقرأ أيضاً: 5 أطعمة هي الأسوأ لصحتك النفسية: تعرّف إليها لتتجنبها

في الختام، للتغذية الصحية أثر في الصحة الجسدية والنفسية، وقد تساعدك في التغلب على مخاوفك وقلقك، ومع ذلك، فقد يكون العلاج النفسي ضرورياً أيضاً، لذلك لا تتردد في الحصول على استشارة الاختصاصيين.

المحتوى محمي