مَن هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب؟

3 دقائق
الإصابة بالاكتئاب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يتأثّر الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة بالاكتئاب على نحوٍ أكبر ، وتبلغ نسبة إصابة النساء بالاكتئاب ضعفَيّ نسبة إصابة الرجال به، فما الأسباب وعوامل الخطر التي تسهم في جعل بعض الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من غيره؟

الاكتئاب حالة صحية عقلية منتشرة تؤثّر في الأفراد من مناحي الحياة جميعها، بغض النظر عن خلفياتهم أو أعمارهم. ولسوء الحظ، ما تزال وصمة العار المحيطة بقضايا الصحة النفسية قائمة؛ ما يدفع بالبعض إلى تصوّر الاضطرابات مثل الاكتئاب بوصفها علامات ضعف. لذلك؛ يمكن أن تسهم زيادة الوعي بالحقائق والأرقام حول الاكتئاب في تبديد المفاهيم الخاطئة وتقليل وصمة العار المرتبطة به.

تشير البيانات الديموغرافية إلى أن متوسّط عمر بداية الإصابة بالاكتئاب هو 32.5 سنة، مع أعلى معدّل انتشارٍ بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة، وتعاني النساء الاكتئاب بمعدّل ضعفَيّ معدّل إصابة الرجال به تقريباً.

ويشير أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، سمير أبو المجد، إلى أن النساء والفتيات يُصبن بالاكتئاب بنسبة أكبر من نسبة إصابة الرجال، وتعاني الحالات معظمها أعراضاً غير صريحة مثل عدم التركيز واضطرابات النوم.

اقرأ أيضاً: ما العادات التي قد تساعدك على الوقاية من الاكتئاب؟

ما العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بالاكتئاب؟

يعزو الخبراء سبب الإصابة بالاكتئاب إلى عوامل مختلفة تزيد احتمالية الإصابة به؛ بما يشمل كيمياء الدماغ والهرمونات والعوامل الوراثية؛ وهذا يعني أنه لا يوجد سبب واحد للاكتئاب. وتتمثّل تلك العوامل في الآتي:

  1. تاريخ من الصدمة أو سوء المعاملة: نسبة كبيرة من الأفراد المصابين بالاكتئاب المزمن لديها تاريخ من الصدمات في مرحلة الطفولة.
  2. التعايش مع حالات الصحة النفسية الأخرى: تزداد احتمالية الإصابة عند وجود حالات مثل اضطراب ما بعد الصدمة، واضطرابات القلق، واضطراب الوسواس القهري.
  3. الأمراض المزمنة: الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة مثل داء السكري أو الألم المزمن لديهم احتمالية أكبر للإصابة بالاكتئاب، وتتراوح من 9.3% إلى 25%.
  4. اضطرابات تعاطي المواد المخدرة: نسبة كبيرة تتراوح بين 12% و80%، من الأفراد الذين يعانون اضطرابات تعاطي المخدرات تعاني أيضاً الاكتئاب.
  5. التاريخ العائلي: إن وجود تاريخ عائلي من الاكتئاب يزيد خطر الإصابة به، فالأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمرتين إلى 4 مرّات.

ما الفئات العمرية الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب؟

استناداً إلى بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لعام 2019؛ تضم الفئة العمرية الأكثر تضرراً من أعراض الاكتئاب في آخر أسبوعين، البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة؛ أي ما يمثل 21% من السكان. بالإضافة إلى ذلك، كانت لهذه الفئة العمرية أعلى نسبة من البالغين الذين يعانون الاكتئاب الخفيف. وفي حين أن الاكتئاب كان أكثر شيوعاً بين الشباب؛ إلا أنه كان أقلّ احتمالية أن يكون حادّاً.

في المقابل، انخفض انتشار الاكتئاب بين البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 30 سنة، ولم تختلف حدّته على نحو كبير عبر الفئات العمرية؛ في حين أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و65 سنة تأثّروا على نحو خاص بالاكتئاب المعتدل. ومع دخول الأفراد مرحلةَ سن الرشد تنخفض شدة أعراض اكتئابهم؛ حيث يعاني الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 سنة وأكثر أعراضاً أكثر اعتدالاً.

لماذا تزيد نسبة الإصابة بالاكتئاب بين النساء؟

كشف الباحثون عن وجود تباينٍ ملحوظ في انتشار الاكتئاب بين الجنسين؛ حيث تعاني النساء الاكتئاب الحاد بمعدلات أعلى من الرجال. وتشمل العوامل التي تسهم في هذه الفجوة: 

  • الاختلافات الهرمونية: قد تسهم العوامل الهرمونية، وبخاصة تلك المرتبطة بسنوات الإنجاب، في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب لدى النساء؛ إذ يؤثّر هرمونا الإستروجين والبروجستيرون في الناقلات العصبية والغدد الصماء العصبية والأنظمة اليومية المرتبطة باضطرابات المزاج. كذلك، تُعرف فترة ما حول انقطاع الطمث بأنها فترة تزداد فيها المخاطر بالنسبة إلى النساء اللواتي لديهن تاريخ من الاكتئاب الحاد.
  • اختلافات التنشئة الاجتماعية: تؤدّي التنشئة الاجتماعية بين الجنسين دوراً في اختلاف معدّلات الاكتئاب؛ إذ تتلقّى الفتيات التشجيع على الرعاية والحساسية العاطفية بينما يُشجّع الأولاد على الاستقلال والاعتماد على الذات. هذا يعني أن المعايير المجتمعية قد تؤثّر في كيفية ظهور الاكتئاب لدى الرجال والنساء.
  • الأدوار الاجتماعية: يمكن أن يسهم التهميش المجتمعي لأدوار النساء بوصفهنّ ربّات بيوت وأمهات، وكذلك التحديّات التي تواجهها النساء في العمل، في زيادة التوتّر والصراعات؛ ما يزيد احتمالية التعرّض للاكتئاب.
  • أسلوب المواجهة: تميل النساء إلى تبنّي أسلوب تكيّف أكثر تركيزاً على العاطفة؛ بينما يتبنّى الرجال أسلوب تعامل يركّز على المشكلة. قد يسهم هذا الفرق في معاناة النساء من نوبات اكتئاب أطول وأكثر حدّة.
  • أحداث الحياة المجهِدة: قد تعاني النساء من أحداث حياتية أكثر إرهاقاً طوال حياتهن؛ حيث يُظهرن حساسية أكبر لها ما قد يؤدّي إلى نوبات اكتئاب.
  • اختلافات التشخيص: لوحظ وجود تفاوتات في التشخيص بين الجنسين؛ حيث تزداد احتمالية طلب النساء للمساعدة والإبلاغ عن الأعراض على نحو مختلف. وقد يعاني الرجال أعراض الاكتئاب على نحو مختلف؛ حيث تظهر لديهم أعراض مثل الغضب، والتهيّج، واضطرابات النوم، وتعاطي المخدرات؛ ما قد يسهم في نقص التشخيص المناسب.

في حين أن الاختلافات بين الجنسين في انتشار الاكتئاب موجودة على مستوى العالم، فقد تؤدّي التأثيرات البيولوجية دوراً بارزاً؛ بينما قد تكون عوامل مثل الحالة الاجتماعية والاقتصادية والتعليم والعرق والنظام الغذائي والثقافة ذات تأثيرات ثانوية.

اقرأ أيضاً: 7 خطوات بسيطة للتكيّف مع عالم الاكتئاب السوداني الموحش

ختاماً، تمنحنا معرفة الأسباب وعوامل الخطر التي تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، فهماً عميقاً للكيفية التي نتأثّر بها بالظروف والبيئة المحيطة بنا؛ ما سيساعدنا بوصفنا أفراداً ومؤسسات على تحديد الأنماط المحفّزة للإصابة، ويمكّننا من تصميم أنظمة الدعم تصميماً أفضل لتلبية الاحتياجات المحدّدة لمختلف الفئات العمرية المتأثرة بالاكتئاب.

المحتوى محمي