ما الأسباب النفسية لفرط التعرق؟ وكيف تحد منها؟

5 دقيقة
فرط التعرق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لديك مقابلة عمل مهمة ستحدد مصيرك، وتشعر بالقلق والتوتر الشديدَين، ناهيك بقطرات العرق التي تنساب على وجهك! هل سألت نفسك من قبل عن الأسباب النفسية لفرط التعرق؟ تُمكنك معرفة الإجابة من خلال هذا المقال.

هل تتعرق تعرقاً مفرطاً في أثناء ممارسة التمارين الرياضية أو مقابلات العمل أو المواعيد المهمة؟ الحقيقة أن التعرق استجابة طبيعية لارتفاع درجة حرارة الجسم؛ فعندما ترتفع درجة حرارة جسمك بسبب النشاط البدني أو الأجواء الحارة، يرسل جهازك العصبي اللاإرادي إشارات إلى الغدد المفرزة لإفراز العرق، وعادة ما يتكون هذا العرق من الماء، مع كمية صغيرة من الملح والدهون الممزوجة. ويعمل العرق على تبريد بشرتك، ويساعد على خفض درجة حرارتك؛ ولهذا السبب فإن التعرق أمر طبيعي وصحي. المشكلة هي فرط التعرق، فما أسبابه النفسية؟ وكيف يمكن الحد منها؟ الإجابة في هذا المقال.

ما فرط التعرق؟

فرط التعرق (Hyperhidrosis) هو التعرق الزائد الذي لا يرتبط بارتفاع درجة حرارة الطقس أو ممارسة التمارين الرياضية. والأشخاص المصابون بفرط التعرق لديهم غدد عرقية مفرطة النشاط تنتج عرقاً أكثر مما هو مطلوب لتبريد الجسم. وعلى الرغم من أن فرط التعرق لا يعد حالة طبية خطِرة، فإنه يمكن أن يكون مصدراً للضغط النفسي والإحراج الاجتماعي لبعض الأفراد، خاصة إذا تداخل مع أنشطتهم اليومية وأثر سلباً في علاقاتهم الشخصية. وهناك نوعان رئيسان من فرط التعرق:

  1. فرط التعرق الأولي أو البؤري: يوضح أستاذ الأمراض الباطنية والغدد الصماء والسكر، جمال علي بدر، إن فرط التعرق الأولي يمكن أن يكون وراثياً. والحقيقة أن فرط التعرق الأولي لا يجعلك مريضاً؛ أنت تتعرق أكثر من اللازم فحسب، وعادة ما يتركز هذا النوع في اليدين والقدمين والإبطين والوجه.
  2. فرط التعرق الثانوي أو المعمَّم: يؤدي هذا النوع إلى التعرق في أنحاء الجسم جميعها، وليس في اليدين أو القدمين فحسب. ويمكن القول إن فرط التعرق الثانوي أكثر خطورة من الناحية الطبية، ويُطلق عليه اسم "ثانوي" لأنه يحدث بسبب حالة صحية أخرى مثل الإصابة بمرض السكري أو مرض باركنسون أو انقطاع الطمث لدى السيدات، ويمكن أن يسبب بعض الأدوية هذا النوع من التعرق المفرط؛ مثل مضادات الاكتئاب وبعض أدوية ضغط الدم.

اقرأ أيضاً: هل ينم التعرّق خلال النوم عن مشكلة صحية؟

تعرف إلى أعراض الإصابة بفرط التعرق

يصاب معظم البشر بالتعرق، خاصة في أثناء فصل الصيف أو ممارسة الرياضة؛ ولكن إذا كنت تتعرق دون سبب، فقد تكون مصاباً بفرط التعرق، وهذه أهم علاماته:

  1. تساقط حبات العرق على جبهتك وخديك ويديك أغلب الوقت.
  2. الشعور بالحكة.
  3. ظهور الالتهابات الجلدية.
  4. مواجهة بعض الصعوبات في أثناء ممارسة الأنشطة مثل فتح الباب أو الإمساك بالقلم؛ لأن راحة اليد مبللة بالعرق.
  5. التغيرات في شكل الجلد؛ ففي الكثير من الأوقات، يبدو الجلد رقيقاً ومتشققاً ومتقشراً، وله لون شاحب أو مائل إلى الحمرة.
  6. غالباً ما تكون ملابسك مبللة بالعرق.
  7. رائحة الجسم الكريهة بسبب البكتيريا.

5 أسباب نفسية للإصابة بفرط التعرق

تتعدد الأسباب النفسية التي تؤدي إلى الإصابة بفرط التعرق؛ وأهمها:

  1. اضطراب القلق العام (GAD): حين تشعر بالقلق الشديد، ترتفع درجة حرارتك بسبب استجابة القتال أو الهروب؛ ولذلك يرسل جسمك إشارات إلى الغدد العرقية لإنتاج العرق حتى تبقيك بارداً لتتمكن من مواجهة الموقف الذي تمر به. ولكن العيش باستمرار مع اضطراب القلق يعني أن جسمك وعقلك يظلان في حالة تأهب دائم للتهديدات المحتملة، ونتيجة لذلك؛ قد تلاحظ انتظام الأعراض العاطفية والجسدية مثل عمل الغدد العرقية لساعات إضافية بما يتجاوز المعدل الطبيعي.

وعلى الجانب الآخر، يمكن القول إن اضطراب القلق العام يجعلك قلِقاً بشأن الأحداث والمواقف اليومية التي تواجهك بما يشمل التعرق المفرط؛ ولهذا يؤدي القلق إلى التعرق، ناهيك بأنك عندما تعلم أنك تتعرق كثيراً، ستصاب بالقلق!

  1. اضطراب القلق الاجتماعي (SAD): يمكن أن يحدث فرط التعرق بسبب اضطراب القلق الاجتماعي الذي يعني الخوف الشديد من المقابلات الاجتماعية وتجنبها لتفادي الشعور بالإحراج أو التعرض إلى أحكام الآخرين السلبية. وفي الوقت الذي يشعر فيه الشخص المصاب باضطراب القلق العام بالتوتر من المواقف اليومية كلها، فإن الأفراد الذين يعانون اضطراب القلق الاجتماعي يخشون مواجهة الآخرين فقط؛ ولهذا فإنهم يتجنبون المناسبات الاجتماعية تماماً.

تخيل أنك تعيش مع هذا الاضطراب؛ وقتها ستشعر بالقلق والتوتر الشديدَين من فكرة وجودك مع أناس آخرين، وقد تشتد هذه المشاعر عندما تضطر إلى الانضمام إلى مجموعة أصدقاء، أو التحدث أمام الآخرين، أو التعرف إلى أشخاص جدد. وبناءً على ذلك، ستبذل قصارى جهدك لتجنب لفت الانتباه، وبسبب شعورك بالقلق المفرط، ستتعرق كثيراً.

  1. الخوف من المجهول: هل سبق وانتظرت مكالمة هاتفية مهمة تحمل خبراً سيحدد مصيرك، أو نتائج اختبار تحليل مهم؟ الحقيقة أن مثل هذه اللحظة قد تكون مليئة بالتوتر والعصبية، ونتيجة لذلك؛ قد تُصاب بفرط التعرق من جرّاء الترقب والخوف من المجهول.
  2. الشعور بالتوتر: يؤكد الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، إن الشعور بالتوتر يؤدي إلى فرط التعرق، ويمكن القول إن التوتر هو استجابة جسمك الطبيعية للشعور بالتهديد؛ إذ يؤدي إلى اندفاع الأدرينالين والكورتيزول وهرمونات التوتر الأخرى، ويزيد معدل ضربات القلب والتعرق.
  3. نوبات الهلع: هي عبارة عن نوبة مفاجئة من الخوف الشديد تصحبها مجموعة متنوعة من الأعراض التي تصعب السيطرة عليها؛ مثل تسارع معدل ضربات القلب، والرجفة، وفرط التعرق، وضيق في التنفس، وألم الصدر، والغثيان، والدوار، والخدر، وارتعاش الأطراف.

اقرأ أيضاً: الحياة اليومية الصعبة تزيد من شدة القلق

كيف تحد من فرط التعرق الناتج عن أسباب نفسية؟

يمكن أن يؤدي التعرق المفرط إلى الانسحاب الاجتماعي، فإذا كنت قلقاً بشأن التعرق في أثناء ممارسة أنشطتك اليومية، قد تختار إلغاءها والبقاء في المنزل بدلاً من ذلك؛ وقد تؤدي هذه المشاعر إلى الإحساس باليأس والحزن، إلى جانب أعراض الاكتئاب الأخرى. ولهذا؛ عليك محاولة الحد من التعرق المفرط عبر اتباع النصائح الآتية:

  1. تعّرف إلى محفزاتك: إذا كان تعرقك المفرط ناجماً عن أسباب نفسية، فعليك التعرف إلى محفزاتك جيداً. بالطبع، لا يمكنك تجنب مشاعر القلق أو منع التعرق تماماً، خاصة أنه عملية لا واعية لا يمكنك التحكم فيها؛ ولكن يمكنك الحد منها. لنفرض على سبيل المثال أن تعرّقك المفرط ناجم عن القلق الاجتماعي، فإذا كنت ستتحدث أمام الجمهور في أحد الأيام، ارتدِ ملابسَ قطنية، وحاول الاسترخاء وتقليل التوتر عبر مضغ العلكة، ولا تشرب القهوة، واستخدم مضاد التعرق المناسب، ولا تتناول الأطعمة الحارة الغنية بالتوابل أو الوجبات السريعة المصنعة.
  2. ابقَ هادئاً: في بعض الأحيان، قد يكون الخوف من العرق هو السبب الذي يجعلنا نتعرّق؛ ولهذا حاول قدر الإمكان منع جسمك من الدخول في وضعية "القتال أو الهروب" لأن تلك الآلية ستؤدي في النهاية إلى زيادة معدل التنفس وتدفق الدم والتعرق. قد يستغرق الأمر بعض الوقت؛ ولكن أقنع نفسك أن الوضع الحالي الذي تمر به، سواء كان مقابلة عمل أو اجتماعاً مهماً، لا يتطلب منك التوتر أو القلق، ولا يعد بأي حال من الأحوال مسألة حياة أو موت؛ ولهذا ابقَ هادئاً.
  3. جرّب ممارسة تقنيات الاسترخاء: عندما تشعر بالتوتر، جرب ممارسة تقنيات الاسترخاء لمساعدتك على البقاء هادئاً مثل التركيز على تنفسك؛ خذ نفساً بطيئاً وعميقاً، وكرر العملية حتى تشعر بالهدوء مرة أخرى؛ حيث يؤدي التنفس العميق إلى إبطاء معدل ضربات القلب؛ ما يساعد بدوره على منع التعرق الناتج عن القلق. فكر أيضاً في إضافة جلسات التأمل إلى روتينك اليومي للمساعدة على التخلص من أي ضغوط نفسية.
  4. حافظ على وزن صحي: يؤدي وزن جسمك دوراً في إصابتك بالتعرق المفرط؛ حيث يعاني الأشخاص أصحاب الوزن الزائد من ارتفاع درجة حرارة الجسم الأساسية نتيجة تراكم الدهون الزائدة، وعندما يشعرون بالقلق أو التوتر، تُنتج أجسامهم حرارة أكثر من شخص يتمتع بوزن صحي؛ ما يتسبب في تعرقهم.
  5. استخدم مضادات التعرق التي تحتوي أملاح الألومنيوم: إذا كان مضاد التعرق العادي الخاص بك غير فعال للحد من التعرق، فجرّب مضاد التعرق الذي يحتوي تركيزاً أعلى من كلوريد الألومنيوم، ويمكنك استخدامه أسفل ذراعيك بالإضافة إلى راحة يديك وأخمص قدميك.
  6. ارتدِ الملابس المناسبة: مثل الملابس القطنية التي ستساعدك على الشعور بالراحة وتمتص عرقك، وحاول قدر الإمكان تجنب الأقمشة الصناعية التي تحبس الحرارة وتجعلك تتعرق عرقاً مفرطاً، واحرص أيضاً على ارتداء الملابس ذات الألوان الداكنة، وإذا كنت تواجه حالة تعرق اليدين أو الوجه، احتفظ بمنديل في متناول يدك حتى تمسح العرق فور ظهوره على وجهك وجسدك.

المحتوى محمي