ما الذي يجعل الكثيرين من الأزواج يفضلون النوم بمفردهم؟ وما فوائد ذلك؟

5 دقائق
طلاق النوم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: إذا كنت تعاني من أجل الحصول على نوم جيد ليلاً بجوار شريكك، فقد يكون الوقت قد حان للطلاق في أثناء النوم!

لا بد وأنك سمعت بالطلاق العادي والطلاق الصامت؛ لكن ماذا عن طلاق النوم، هل سمعت به من قبل؟ حسناً، عندما تختلف أنماط النوم بين الزوجين، لن يؤثر نقص النوم في صحة أحدهما أو كليهما على المدى الطويل فحسب؛ بل قد يؤدي أيضاً إلى الإضرار بعلاقتهما.

فإذا كنت تعاني من أجل الحصول على نوم جيد ليلاً بجوار شريكك، قد يكون حان الوقت لحفظ العلاقة بينكما مع طلاق النوم.

ما هو طلاق النوم؟

على عكس الطلاق الفعلي، لا ينطوي طلاق النوم على أوراق وتواقيعَ ومحامين؛ إنه أبسط من ذلك بكثير. هو في الواقع الانفصال المكاني للشريكين في أثناء النوم، إما في سريرين منفصلين أو غرفتين منفصلتين، لضمان حصولهما على نوم جيد ليلاً.

وفقاً للطبيب النفسي وليد هندي؛ توجد حالة طلاق نوم واحدة من أصل كل 6 حالات طلاق عادي تعود إلى مجموعة من الأسباب؛ مثل:

  • المشكلات الفيزيولوجية لدى أحد الشريكين مثل الشخير أو الجاثوم أو الشلل المؤقت.
  • التباين في أوقات النوم.
  • الشريك المتقلب أو الكثير الاستيقاظ في الليل.
  • رغبة أحدهما بالاستلقاء والنوم مباشرةً، بينما يفضل الآخر القراءة أو التمرير اللامتناهي على صفحات التواصل الاجتماعي.
  • العراك الدائم على درجة حرارة المكيف، أو إغلاق النافذة.

تؤدي هذه الأسباب وغيرها إلى توتر الطرف الآخر وإصابته بالحرمان من النوم.

اليوم، يختار المزيد من الأزواج طلاق النوم بوصفه وسيلة لتحسين نومهم ليلاً. على سبيل المثال؛ حصد هاشتاغ (#separatebedrooms) على منصة تيك توك نحو 2.2 مليون مشاهدة.

وجد استطلاع شمل 3,000 أميركي ونُشر على موقع ماتريس كلاريتي (Mattress Clarity)، أن نحو 31% من المشاركين يرغبون في "الطلاق في أثناء النوم" في علاقاتهم.

وفي نظرية أخرى طرحها مدرب علوم النوم، بيل فيش (Bill Fish)، أشار إلى أننا نحن البشر نفضل العمل وفق روتين خاص بنا، يتماشى مع رغباتنا وتفضيلاتنا؛ أي أن في مشاركة السرير مع الزوج أو الزوجة انحرافاً كبيراً عن عادة نوم كل منا بحرية، وحده في غرفة وسرير خاصَّين؛ لذا يدخل الجسم في وضعية محاربة مع الوضع الجديد.

الفوائد الصحية لطلاق النوم

توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بنحو 7 إلى 9 ساعات من النوم المتواصل للبالغين ما بين 18 و63 عاماً، فإذا نمت لفترة تقل عن القدر المطلوب من النوم، ستعاني الحرمان من النوم وما يرتبط به من المخاطر الصحية المهدِّدة للحياة.

ومع ذلك، فإن الحصول على القسط الكافي من النوم هو أكثر من مجرد تحقيق عدد ساعات النوم اللازم، فإن كنت تنام لثماني ساعات لكنها تتضمن الكثير من الاستيقاظ، فلن تحقق عملياً المدة الكمية الموصى بها من النوم ومن ثَمّ ستُصاب بالحرمان من النوم. لذا فإن طلاق النوم قد يُجنّبك العديد من المشكلات الصحية؛ بما فيها:

  • أمراض القلب والأوعية الدموية: أفادت الدراسة المنشورة في دورية كوينت أوبينيون إن كارديولوجي (Current Opinion in Cardiology)، بوجود ارتباط بين قلة النوم ومشكلات القلب والأوعية الدموية؛ مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التاجية والنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
  • داء السكري: وجدت الدراسة المنشورة في دورية مراجعات الطبيعة علم الغدد الصماء (Nature Reviews Endocrinology) وجود ارتباط بين النوم غير الكافي وقدرة الجسم على تنظيم نسبة السكر في الدم.
  • السُّمنة: ربطت الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications) بين الحرمان من النوم واستهلاك المزيد من السعرات الحرارية والكربوهيدرات.
  • نقص المناعة: اكتشفت وجدت الدراسة المنشورة في المجلة الأوروبية لعلم وظائف الأعضاء (European Journal of Physiology) أن هناك علاقة بين تدهور الوظيفة المناعية ونقص النوم.
  • التشوهات الهرمونية: ينظم النوم مستويات الهرمونات في الجسم؛ لذا يؤدي نقص النوم إلى خلل في نسب الهرمونات وما يرتبط به من مشكلات وظيفية في الجسم، وفقاً للدراسة المنشورة في المجلة الدولية لأمراض الغدد الصماء (International Journal of Endocrinology).

كيف يؤثر طلاق النوم إيجاباً في علاقتك الزوجية؟

بالنسبة إلى الكثيرين من المتزوجين، تُعد غرفة النوم المكان الرئيس لإعادة وصل ما قد قُطع خلال النهار، وإزاحة ثلة الهموم، ونسيان المشكلات؛ إلا أن ذلك يتلاشى حالما يبدأ أحد الزوجين بالشخير!

وجدت دراسة نُشرت في دورية علم الغدد الصماء النفسي (Psychoneuroendocrinology)، أن الأزواج الذين يعانون حرمان النوم؛ أي الذين ينامون لأقل من 7 ساعات، هم الأكثر عرضة للمشاجرات الزوجية، ونمو العداوات فيما بينهم. علاوة على ذلك، يرتبط التوتر بالالتهاب المزمن الذي يرتبط بدوره بالعديد من المشكلات الصحية.

وفقاً لمعالِجة الأزواج، تمارا غرين (Tamara Green)، يبدو أن طلاق النوم حسّن علاقات المرضى معظمهم، وعزّز قوة حياتهم العاطفية، فهم يحصلون على قسطٍ كافٍ من الراحة؛ ما يساعد على إعادة شحن طاقاتهم وقدراتهم على سماع بعضهم بعضاً وتلبية احتياجاتهم.

وفي استطلاع أجرته مؤسسة النوم (Sleep Foundation) في يناير/ كانون الثاني 2023 على 1,250 بالغاً؛ تبيّن أن:

  • نحو 1.4% من المشاركين لجؤوا إلى طلاق النوم منذ العام الماضي.
  • نحو 52.9% من المشاركين الذي اتبعوا طلاق النوم تحسّن نومهم؛ و٠حصلوا على 37 دقيقة نوم إضافية كل ليلة.

تأثير طلاق النوم في العلاقة الزوجية

قد يقدم طلاق النوم العديد من الفوائد الصحية، وعلى الرغم من ذلك قد تراود البعض شكوكٌ حول الدافع وراء قرار النوم المنفصل. هل السبب أن الشريك يتحرك ويشخر كثيراً حقاً؟ أم أن هذا عذر لتجنُّب الحديث عن مشكلات أكبر في المنزل؟

وفقاً للطبيب المتحدث باسم الأكاديمية الأميركية لطب النوم، راجكومار داسغوبتا (Rajkumar Dasgupta)؛ لا يوجد حتى الآن بحث يشير إلى أن الأزواج الذين ينفصلون خلال النوم تصبح علاقتهم أقل رومانسية، وقد يرتبط ذلك بعدة عوامل؛ منها:

تحسُّن التواصل

توضح الباحثة والمدربة في كلية الطب في جامعة هارفارد، الدكتورة ريبيكا روبنز، إن مشاركة السرير تساعد الأزواج على إدارة التوتر؛ حيث يلتقي العديد من الأزواج بعد يوم طويل في السرير لمشاركة الهموم والمشكلات والتخطيط للحياة. بعبارة أخرى، قد تساعد مشاركة السرير على تقوية العلاقة بين الزوجين.

تفترض الدراسة المنشورة في دورية الطب النفسي الجسدي (Psychosomatic Medicine)، وجود ارتباط بين النوم المشترك والعلاقة الزوجية الوثيقة سببه هرمون الأوكسيتوسين. تقول روبنز: "بالنظر إلى أن الأوكسيتوسين يمكن أن يتحرر بتأثير التقبيل والعناق، أو العلاقة الحميمية الجنسية؛ فقد يكون السبب في تحسُّن النوم والصحة لدى أولئك الذين يعيشون علاقات طويلة الأمد".

تحسن النوم الريمي

في دراسة منشورة في دورية فرونتيرز إن سايكايتري (Frontiers in Psychiatry)، درس باحثون في مركز الطب النفسي التكاملي في ألمانيا تأثير وجود شريك للنوم في الفيزيولوجيا العصبية، ولاحظ الباحثون زيادة نوم حركة العين السريعة "النوم الريمي" (REM) عند وجود شريك للنوم. يساعد نوم حركة العين السريعة على تحسين الذاكرة والمزاج والتعلم والمعالجة العاطفية؛ ويؤدي النوم المشترك بالنتيجة إلى تحسين الحالة المزاجية والمعالجة العاطفية؛ ما قد يساعد بدوره على العلاقة الصحية والمحبة بين الشريكين.

ووفقاً للدراسة فقد يكون طلاق النوم ضاراً بالعلاقة؛ إلا أن نتائجها غير مؤكدة لأنها تضمنت شباباً في مقتبَل العمر، ولم تشمل فئات أخرى مثل كبار السن، أو العاملين بنظام الورديات، أو الذين يعانون اضطرابات النوم أو التفاوت في عادات النوم ما بين الشريكين.

إذاً؛ قبل أن تقرر أنت وشريكك النوم في أسرّة أو غرف منفصلة تماماً لحل مشكلة الحرمان من النوم، ينصح أستاذ علم الأعصاب في جامعة واشنطن، ناثانيال واتسون (Nathaniel Watson)، بالنظر في أسباب طلاق النوم؛ إذ قد تشير مشكلات عِدة إلى اضطراب في النوم قابل للتشخيص والعلاج.

على سبيل المثال؛ ربما يكون سبب الشخير هو انقطاع النفس الانسدادي النومي، أو قد يكون الشريك مصاباً بمتلازمة تململ الساقين، وهي حالات يمكن علاجها. إذاً؛ باستكشاف أسباب حرمان النوم المشترك يمكن تجنُّب حدوث طلاق النوم وأي تبعات سلبية قد ترافقه.