ملخص: هل تتناول أدويةً لعلاج الارتجاع الحمضي أو الحساسية أو القلق أو ضغط الدم؟ إذا كان الأمر كذلك، فعليك الانتباه إن كنت تعاني مزاجاً رديئاً أو اكتئاباً أو تراودك أفكار حول أذية نفسك؛ لأن بعض هذه الأدوية قد يسبب الاكتئاب بوصفه عرضاً جانبياً في الكثير من الأحيان. وإليك في هذا المقال 14 نوعاً من هذه الادوية، بالإضافة إلى ما عليك فعله إذا لاحظت أن اكتئابك ناتج من الدواء الذي تتناوله.
محتويات المقال
قد تتخطى الآثار الجانبية لبعض الأدوية النعاسَ وجفاف الفم وتغيرات الشهية إلى تأثيرات أكثر خطراً وأقل توقعاً؛ مثل الاكتئاب. ومن هذه الأدوية ما يُستخدم في علاج بعض الحالات الصحية الشائعة التي لا علاقة لها بالصحة النفسية أساساً؛ ومنها أدوية لم يُذكر على ملصقاتها أنها تسبب الاكتئاب بوصفه عَرَضاً جانبياً. فما هذه الأدوية؟ وكيف تعلم إن كان الدواء الذي تتناوله يسبب اكتئابك؟ وماذا تفعل إن لاحظت ذلك؟ الإجابة بالتفصيل في المقال.
اقرأ أيضاً: هل يزيد البقاء في المنزل من أعراض الاكتئاب؟
14 دواء شائعاً يتسبب في الإصابة بالاكتئاب
وجد باحثون في دراسة نشرتها دورية جاما (JAMA)، أن هناك أكثر من 200 دواء شائع الاستخدام لا علاقة له بالاكتئاب يسبب الاكتئاب ضمن الآثار الجانبية المحتملة، وقد وجدوا أن أكثر من ثلث الأميركيين البالغين قد يتناولون أدوية موصوفة قادرة على التسبب في الإصابة بالاكتئاب بوصفه عَرَضاً جانبياً، أو زيادة الأفكار أو السلوكيات الانتحارية.
يُذكر أن بعض هذه الأدوية يستلزم صرفها وجود وصفة طبية في حين أن بعضها الآخر لا يستلزم ذلك، وقد لا يكون المستهلكون أو مقدمو الرعاية الصحية على علم بهذه المخاطر الخفية. أما أكثر هذه الأدوية شيوعاً:
- حاصرات بيتا (Beta-Blockers): تُوصف عموماً في حالات ارتفاع ضغط الدم، وقد تُستخدم أيضاً في علاج الصداع النصفي والذبحة الصدرية وعدم انتظام ضربات القلب والرعشة؛ ومن أمثلتها: أتينولول (Atenolol)، ميتوبرولول (Metoprolol)، بروبرانولول (Propranolol).
- الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids): تُستخدم غالباً في علاج بعض الحالات الالتهابية؛ مثل مرض الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي والنقرس والربو والحساسية. من هذه الأدوية: الكورتيزون (Cortisone)، بريدنيزون (Prednisone)، ميثيل بريدنيزولون (Methylprednisolone).
- البنزوديازيبينات (Benzodiazepines): تُستخدم هذه الأدوية عادة في علاج القلق أو الأرق أو تشنج العضلات. من أمثلتها الشائعة نذكر: ألبرازولام (Alprazolam)، تيمازيبام (Temazepam)، ديازيبام (Diazepam).
- الأدوية الهرمونية: مثل الأدوية الهرمونية المستخدَمة في منع الحمل، أو بدائل الإستروجين المستخدَمة في علاج انقطاع الطمث. يُذكر هنا أن أدوية منع الحمل التي تحتوي البروجسترون فقط من غير المرجح أن تسبب أعراض الاكتئاب.
اقرأ أيضاً: متى تختفي أعراض أدوية الاكتئاب؟
- الأدوية المنشطة: يُوصف بعض الأدوية المنشطة في علاج النعاس في أثناء النهار الناجم عن بعض اضطرابات النوم مثل اضطراب التغفيق (اضطراب نوم يسبب فرط النعاس النهاري)، وقد تُستخدم أيضاً في علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. من هذه الأدوية الميثيلفينيديت (Methylphenidate)، مودافينيل (Modafinil).
- مضادات الاختلاج: تُستخدم في علاج نوبات الصرع وبعض الحالات الأخرى مثل الاضطراب الثنائي القطب وآلام الأعصاب والألم العضلي الليفي. من هذه الأدوية كاربامازيبين (Carbamazepine)، توبيرامات (Topiramate)، غابابنتين (Gabapentin).
- أدوية داء باركنسون: تؤثِّر هذه الأدوية على مادة الدوبامين في الدماغ، ويُعتقد أن الخلل في تركيز هذا الناقل العصبي مرتبط بالاكتئاب. أما الأدوية الأكثر استخداماً في علاج مرض باركنسون هي ليفودوبا (Levodopa)، بالإضافة إلى كاربيدوبا (Carbidopa).
- مثبطات مضخة البروتون ومضادات مستقبلات الهيستامين 2: هي أدوية تثبِّط إنتاج الحمض المعدي وتستخدم على نحو شائع في علاج الارتجاع الحمضي؛ مثل أوميبرازول (Omeprazole)، إيسوميبرازول (Esomeprazole).
- الستاتينات (Statins) وأدوية خفض الكوليسترول الأخرى: في حين أن الستاتينات مثل أتورفاستاتين (Atorvastatin) وسيمفاستاتين (Simvastatin) هي الأدوية الأكثر شيوعاً في خفض نسبة الكوليسترول، فإن ثمة بعض الأدوية الأُخرى المُستخدَمة لهذه الغاية؛ مثل فايبرات (Fibrates)، كوليسيفيلام (Colesevelam)، إزيتيميب (Ezetimibe).
- الأدوية المضادة للكولين: غالباً ما تُستخدم هذه الأدوية في علاج متلازمة القولون العصبي؛ مثل ديسيكلومين (Dicyclomine).
- الانترفيرون (Interferon): يُستخدم هذا الدواء في علاج بعض أنواع السرطانات وبعض التهابات الكبد الفيروسية.
- بعض المضادات الحيوية: رُبط بعض المضادات الحيوية بالاكتئاب، ولا سيما الليفوفلوكساسين (Levofloxacin) والسيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin)، وكلاهما ينتميان إلى عائلة المضادات الحيوية المعروفة باسم "الفلوروكينولونات" (Fluoroquinolones) المُستخدمة في علاج الالتهابات البكتيرية. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط تناول البنسلين (Penicillin) أيضاً بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب.
- سينغولير (Singulair): يُستخدم هذا الدواء للوقاية من نوبات الربو، وقد حذّرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحذيراً شديداً من أن هذا الدواء يسبب الاكتئاب والأفكار والسلوكيات الانتحارية بوصفها آثاراً جانبية محتملة. ويُنصح آباء الأطفال الصغار الذين يتناولون السينغولير بإبلاغ الطبيب عند ملاحظة أي تغيرات تتعلق بالمزاج والسلوك تطرأ على الطفل بعد تناول الدواء؛ مثل السلوك العدواني المتطور حديثاً والهلوسة والأرق وصعوبة النوم والكوابيس.
- بعض الأدوية المسكنة للألم: مثل الإيبوبروفين (Ibuprofen) والترامادول (Tramadol).
بالإضافة إلى الاكتئاب، يقول استشاري أمراض القلب وقسطرة الشرايين، الطبيب خالد النمر، إن بعض الأدوية قد تسبب أحلاماً مفزعة وكوابيس؛ مثل حاصرات بيتا ومضادات الحساسية وأدوية خفض الكولسترول، وتنبغي مراجعة الطبيب مباشرة عند معاناة هذه الأعراض.
يُذكر إن أسماء الأدوية المذكورة هنا هي أسماء العقاقير؛ أي أسماء المواد الفعالة التي تدخل في تركيب الأدوية، وليست الأسماء التجارية للأدوية.
اقرأ أيضاً: كيف تسهم لعبة سوبر ماريو في تخفيف أعراض الاكتئاب؟
لماذا تسبب هذه الأدوية الاكتئاب بوصفه عَرَضاً جانبياً؟
السبب ليس مفهوماً تماماً بعد؛ لكن ربما يُعزى ذلك إلى تداخل عمل بعض الأدوية مع الناقلات العصبية في الدماغ مثل الدوبامين والسيروتونين؛ ما قد يؤدي إلى تغيرات المزاج والاكتئاب وفقاً للأستاذ المساعد في الطب النفسي في جامعة ميامي ميلر (University of Miami Miller)، إدمي توريس (Edmi Torres). وقد يكون هذا صحيحاً على نحو خاص كلما ازداد عدد الأدوية التي يتناولها المريض، وهو ما يحدث في كثير من الأحيان. بمعنىً آخر: كلما زاد عدد الأدوية المتناوَلة القادرة على التسبب بالاكتئاب بوصفه أثراً جانبياً محتملاً، زاد خطر الإصابة بالاكتئاب في أثناء تناولها.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يكون الاكتئاب وراثياً؟ دراسة حديثة تجيب
ما العلامات التي تشير إلى أن الدواء يسبب الاكتئاب؟
قد يكون من الصعب تحديد علامات واضحة تنطبق على الجميع؛ لأن الأعراض قد تتداخل مع تغيرات المزاج بسبب ضغوط الحياة أو التقلبات الهرمونية. ومع ذلك، ثمة بعض العلامات المحتملة للاكتئاب الناتج من تناول بعض الأدوية؛ مثل:
- الشعور بالحزن أو اليأس أو العجز.
- فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة المحببة عادة.
- ظهور اضطرابات في النوم.
- الشعور بالذنب أو انعدام القيمة.
- سرعة الانفعال.
- معاناة التعب وانخفاض الطاقة.
- مواجهة مشكلات في الشهية أو نقص الوزن.
- مواجهة مشكلات في التفكير والذاكرة والتركيز.
- معاناة أفكار أو محاولات لإيذاء النفس.
لتحديد فيما إذا كانت أعراض الاكتئاب مرتبطة بالدواء أو ناتجة من عوامل أُخرى، يُنصح بالاحتفاظ بمذكرات تدوِّن فيها تفاصيل الأعراض؛ مثل ماهيتها ومتى بدأت وما يزيدها سوءاً؛ إذ قد يساعد ذلك الطبيب على تحديد إذا ما كان الاكتئاب ناتجاً من تناول دواء معين. وينبغي إبلاغ الطبيب عن أي دواء آخر تتناوله، حتى لو كانت أدوية دون وصفة طبية أو مكملات عشبية؛ إذ تختلف ردود فعل الجسم تجاه الدواء وكيفية تفاعله مع الأدوية الأخرى من شخص إلى آخر.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى إجابات أهم 5 أسئلة عن مضادات الاكتئاب
ماذا تفعل إن كنت تشك في أن دوائك يسبب اكتئابك؟
إذا شعرت أن مزاجك أو سلوكك تغيّرا بعد تناولك دواء ما، فعليك التواصل مع الطبيب على الفور؛ إذ تُمكن إدارة هذه التغيرات عن طريق تعديل الجرعات، أو تغيير الدواء، أو تناول مضادات الاكتئاب في حال كان الالتزام بهذا الدواء تحديداً أمراً ضرورياً.
تذكّر أنك ينبغي ألا تتوقف قط عن تناول الدواء من تلقاء نفسك؛ وإنما يتوجب عليك الرجوع إلى الطبيب دائماً لأن التوقف المفاجئ عن تناول بعض الأدوية قد يؤدي إلى ظهور أعراض انسحاب شديدة وخطرة؛ لذلك لا تعدل جرعة الدواء أو تتوقف عن تناوله دون التحدث الى الطبيب. عموماً، وبالنسبة للناس معظمهم، فإن أعراض الاكتئاب الناجمة عن الدواء تتحسن بعد تعديل جرعة الدواء أو إيقافه.