ما هي أسباب اكتئاب ما بعد الزواج؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟

4 دقيقة
اكتئاب ما بعد الزواج
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

من المفهوم أن يعاني الإنسان الاكتئاب بعد حدث صعب أو مجهد في الحياة؛ مثل فقدان الأحبة أو خسارة العمل أو الإصابة بمرض ما؛ لكن ربما يكون غريباً أن يكتئب الشخص بعد حفل زفافه الذي لطالما حلم به وخطط له! في الواقع، الاكتئاب ما بعد الزواج تجربة شائعة ونتيجة طبيعية لضغط الزفاف. سنتحدث في هذا المقال عن هذه الحالة وأعراضها وأسبابها وبعض النصائح الفعالة للتعامل معها.

اقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع زوجي مريض الاكتئاب؟

هل الاكتئاب ما بعد الزواج أمر حقيقي فعلاً؟ وما أعراضه؟

نعم إنه كذلك، فكثير من الأشخاص، خصوصاً النساء، يشعرون بالانزعاج أو الحزن أو الخمول أو اليأس بعد حفلات زفافهم وقد يشعرون بالذنب أيضاً بسبب مزاجهم الرديء؛ ومع ذلك، ينبغي هنا التفريق بين كآبة ما بعد الزواج واكتئاب ما بعد الزواج.

فالكآبة ما بعد الزواج (Post-wedding blues) هي استجابة عاطفية شائعة ومؤقتة، تتضمن مشاعر حزن أو ملل أو افتقار إلى الحافز؛ لكنها عادة ما تكون خفيفة الأعراض وقصيرة الأمد ولا تستمر عادة أكثر من أسبوعين، كما تختفي من تلقاء نفسها تدريجياً دون الحاجة إلى متخصص نفسي.

أما اكتئاب بعد الزواج (Post-wedding depression)، فهو حالة نفسية أكثر خطورة؛ إذ تتضمن أعراضاً أكثر شدة يمكن أن تؤثر كثيراً في الأداء اليومي، كما تستمر أكثر من أسبوعين وقد لا تتحسن من تلقاء نفسها، وغالباً ما تتضمن ما يلي:

  • الحزن.
  • اليأس.
  • نقص الاهتمام بالأنشطة المحببة سابقاً أو صعوبة الاستمتاع بها.
  • الضجر.
  • الانفعال.
  • مشكلات النوم.
  • تغيرات الشهية.
  • صعوبة التركيز.
  • نقص الدافع.
  • الشعور بانعدام القيمة.

على الرغم من أن الحزن أو انخفاض الحالة المزاجية هو عرَض شائع على الاكتئاب، فإنه ليس العرَض الأساسي أو الوحيد؛ إذ قد يشعر الشخص المكتئب باليأس أو الفراغ الداخلي أو الإرهاق دون أن يكون حزيناً.

اقرأ أيضاً: 5 إرشادات فعالة للتعامل مع شريك الحياة المصاب بالفصام

7 أسباب محتملة تفسر حدوث الاكتئاب بعد الزواج

يمكن أن ينشأ الاكتئاب بعد الزواج نتيجة عوامل مختلفة؛ أهمها:

  1. تغيّر الحياة: تقول المعالجة النفسية أروى عرب إن العديد من التحولات الانتقالية الكبرى في الحياة قد تسبب الاكتئاب، خصوصاً في حال عدم التأهيل الجيد استعداداً للمرحلة الجديدة؛ مثل الولادة أو الانتقال من المدرسة إلى الجامعة أو مغادرة الأبناء للمنزل.

والزواج يعد أيضاً تحولاً كبيراً في الحياة، فنهاية العزوبة والتغيرات التي تصيب طبيعة العلاقة مع الأسرة والأصدقاء والشعور بفقدان الاستقلال؛ كلها عوامل من شأنها أن تثير الشعور بالحزن والخسارة أو قد تسهم في حدوث الاكتئاب. علاوة على أن الزواج وما يشمله من تغير في الحياة، فإنه قد يؤدي إلى ظهور علامات أزمة وجودية؛ وهي مشاعر وعواطف سلبية مستمرة مرتبطة بالتساؤل عن معنى الحياة.

اقرأ أيضاً: ماذا تفعل عند اكتئاب زوجتك؟ 6 نصائح تسهّل عليك دعمها

  1. قلة الاهتمام بالنفس: غالباً ما يهمل الأفراد أنفسهم في أثناء التحضير لحفل الزفاف، فالتخطيط والتحضير والتنفيذ هي مراحل مرهقة تستنزف الكثير من الطاقة والوقت وتصعِّب الحصول على قسط كافٍ من النوم وتفاقم التوتر؛ ما قد يسهم في المحصلة بتطور أعراض الاكتئاب.
  2. الضغوط المالية: كثيراً ما تكون حفلات الزفاف مكلفة، وقد تظهر العديد من النفقات غير المتوقعة لتجعل الحدث أكثر تكلفة أيضاً؛ ما قد يولِّد ضغوطاً مالية تستمر بعد الزفاف. ومن المعلوم أن الضغوط المالية في أي مرحلة كانت من الحياة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب.
  3. المشكلات العائلية: يمكن لحفلات الزفاف أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تفاقم التوترات العائلية الموجودة مسبقاً أو خلق صراعات جديدة؛ ما قد يفاقم أعراض الاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الأزواج الذين تعرضوا إلى صدمة سابقة أو واجهوا وضعاً عائلياً معقداً في أثناء نشأتهم مثل طلاق آبائهم أكثر عرضة إلى الاكتئاب بعد الزواج.
  4. التوقعات العالية والاصطدام بالواقع: يبني العديد من الأشخاص توقعات عالية وآمالاً رومانسية كبيرة على الحياة الزوجية؛ لكن المسؤوليات المترتبة على واقع الحياة اليومية من روتين ودفع فواتير وتنظيف وإدارة أعمال المنزل قد تصيب الأزواج بخيبة أمل.
  5. فقدان الإثارة والهدف: قد ينصبّ تركيز البعض، خصوصاً النساء، على حفل الزفاف بعدّه الهدف الأساسي لهن ويستثمرن الكثير من الطاقة العاطفية فيه؛ ما قد يؤدي إلى الشعور بعدم اليقين بشأن أهدافهن المستقبلية بعد انقضاء الزفاف، وقد ينتقل عدم اليقين هذا إلى علاقاتهن وحتى هوياتهن؛ الأمر الذي قد يفاقم أعراض الاكتئاب.
  6. حالات الصحة النفسية الموجودة مسبقاً: بالنسبة إلى الأفراد الذين لديهم تاريخ من الاكتئاب أو مشكلات الصحة النفسية الأخرى، فإن كلاً من التوتر والتغيرات المرتبطة بالزواج يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أعراضهم.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد شريك حياتك عندما يمر بأزمة نفسية؟

8 نصائح تساعدك في التغلب على اكتئاب بعد الزواج

ثمة العديد من النصائح التي قد تساعد الأفراد على التعامل مع الكآبة أو الاكتئاب ما بعد الزواج، مثل:

  1. تقبُّل مشاعرك: الحزن بعد الزفاف تجربة شائعة؛ فهو رد فعل طبيعي على نهاية حدث مهم، والاعتراف بهذه المشاعر يمكن أن يساعدك على الشعور بمزيد من الراحة ويجعلك أقل انتقاداً لنفسك.
  2. تواصل بصراحة مع الشريك: يعد التواصل المفتوح مع شريك الحياة أمراً ضرورياً، فالصراحة قد تخفف وطأة ما تشعر به وتقوّي علاقتكما وتسمح للشريك بدعمك على نحو فعال؛ كما تساعد أيضاً على ضمان عدم تفسير مزاجك المتردي على أنه عدم رضا عن زواجك.
  3. غيّر وجهة نظرك: من المهم ألا تنظر إلى حفل الزفاف بعدّه الهدف النهائي لعلاقتك؛ بل بداية فصل جديد من الحياة.

اقرأ أيضاً: كيف تكتب قائمة دعم لمساعدة شريك حياتك على تجاوز اكتئابه؟

  1. واظب على ممارسة الأنشطة التي أعدتها قبل الزواج: إن كان مزاجك المتردي ناتجاً عن مشاعر الشوق للأسرة أو الأصدقاء أو فقدان روتين ما قبل الزواج، فيمكنك أن تحافظ على هذا الجانب من الحياة إلى حد ما. بكلمات أخرى: حافظ على التواصل مع الأصدقاء والعائلة الذين كانوا جزءاً من حياتك قبل الزواج، وتابع ممارسة الأنشطة والهوايات التي اعتدت ممارستها سابقاً.
  2. حدد أهدافاً جديدة: أعد توجيه حماسك للتخطيط نحو مشروعات جديدة؛ مثل التخطيط لقضاء إجازة ما، أو الادخار لشراء منزل جديد، أو تنظيم حفلة عيد ميلاد، أو بدء هواية جديدة، أو أيٍّ من الأنشطة التي تجلب لك السعادة وتُبقيك مشغولاً. يمكن أن تمنحك هذه الأنشطة شعوراً بالهدف والترقب، وتساعدك على تحويل تركيزك بعيداً عن المشاعر السلبية نحو الأفعال الإيجابية البناءة.
  3. مارس التمارين الرياضية: تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، خصوصاً المشي مسافات طويلة أو الجري أو السباحة، على تحسين المزاج وتقليل أعراض الاكتئاب، ومن المهم أن تتبع نظاماً غذائياً صحياً وأن تنال قسطاً كافياً من النوم.
  4. اتبع تقنيات تساعد على الاسترخاء: يمكن أن تساعدك تقنيات الاسترخاء أيضاً على معالجة الاكتئاب بعد الزواج؛ مثل التأمل والعلاج بالموسيقا والتنفس العميق واليوغا وما إلى ذلك.
  5. اطلب المساعدة المتخصصة: على الرغم من أن الشعور بالخسارة والحزن بعد الزفاف أمر طبيعي وشائع، وليس بالضرورة أن يكون اكتئاباً سريرياً؛ وإنما قد يكون مجرد حزن ظرفي؛ لكن إذا كنت تشعر بالقلق أو الفضول بشأن ما تشعر به، أو أن أعراضك ما زالت مستمرة منذ أسبوعين أو أكثر، أو باتت تؤثّر في أداء مهامك اليومية على نحو كبير، فمن المستحسن حينها أن تتواصل مع مختص في الصحة النفسية؛ إذ يمكنه تشخيص حالتك على نحو دقيق ومساعدتك على إدارة الأعراض ومعالجتها. تذكر أن الاكتئاب غير المُعالج يؤدي إلى مشاعر أكثر حدّة.

المحتوى محمي