شارك
الرئيسية
3 دقائق 
ملخص: يشير اضطراب ويتزلسوكت إلى اضطراب عصبي نادر يتجلى برغبة قسرية في إلقاء النكات طوال اليوم، وحتى خلال المواقف الاجتماعية غير الملائمة!
"أكاد أقسم بأنك سبق وتلقيت ضربة على رأسك"! عبارة قد تستخدمها لوصف صديقك الذي لا يتوقف عن إلقاء النكات في الدرس وفي العمل وفي الجنازة وفي كل مكان وزمان. هو دائماً مستعد لإلقاء النكات حول أي شيء وكل شيء، والأنكى من ذلك أنه غالباً ما ينفجر من الضحك على نكاته ويجد نفسه مضحكاً جداً، في حين أنه قد لا يتفاعل مع نكات الآخرين ولا يجدها مضحكة على الإطلاق.
حسناً، قد يكون من المؤسف القول إن هذا الصديق قد يكون فعلاً يعاني اضطراباً ما! تعرَّف في هذا المقال إلى رأي علم النفس في حالة إلقاء النكت القسري؛ أو ما يُعرف بـ "اضطراب ويتزلسوكت"، وأعراضه وعلاجه.
اقرأ أيضاً: متلازمة أليس في بلاد العجائب: الأعراض والأسباب
ما هو اضطراب ويتزلسوكت؟
اضطراب ويتزلسوكت (Witzelsucht) هو اضطراب عصبي نادر، يتميز برغبة مَرَضية وقهرية في إلقاء النكات المضحكة أو السخيفة طوال الوقت، أو قصّ القصص التي لا معنى لها في المواقف الاجتماعية غير الملائمة. أما أصل المصطلح، فقد أتى من اللغة الألمانية ويعني "الإدمان على المزاح" أو "هوس التلاعب بالألفاظ".
علاوة على ذلك، فإن المرضى المصابين باضطراب ويتزلسوكت قد لا يلقون النكات على نحو قسري ويضحكون عليها ضحكاً هستيرياً فقط؛ بل قد يعاني بعضهم أيضاً أعراضاً أخرى مثل فرط النشاط الاجتماعي، وبعض المشكلات في التفاعل والتواصل مع الناس الآخرين؛ وذلك نتيجة لأن هذه الحالة قد تصعِّب فهم المواقف الاجتماعية المختلفة واستيعابها.
اقرأ أيضاً: الوسواس القهري: الأسباب والأعراض والعلاج
وُثّقت أولى الإصابات بهذا الاضطراب في حادثة من أغرب ما يكون؛ إذ وعندما كان طبيب الأعصاب الألماني أوتفريد فورستر (Otfrid Foerster)، يجري استئصال ورم دماغي لأحد المرضى عام 1929، اندفع الرجل الذي كان ما يزال واعياً، عندما بدأ الطبيب بإزالة الورم، في نوبة مفاجئة وجنونية من إلقاء النكات والضحك الهستيري عليها!
وفي العام نفسه، أفاد طبيب النفسي أبراهام بريل (Abraham Bril) بأنه صادف مرضى مشابهين كانوا يلقون النكات حول كل شيء وأي شيء، ولم يكونوا على طاولات العمليات الجراحية مثل الحالة الأولى، وقد لوحظ العديد من الحالات الأخرى المشابهة منذ ذلك الحين حتى هذا اليوم.
جدير بالذكر إنه وبالمقارنة مع الكائنات الأخرى؛ فإن البشر يتمتعون بقدرة فريدة على اكتشاف الفكاهة وفك رموزها والاستمتاع بها، وقد اقترح تشارلز داروين والعديد من العلماء الآخرين وجود دلالة تطورية في تجربة شيء مضحك أو اكتشاف شيء مسلٍ.
ويفترض الأساس التطوري تفسيراً عصبياً بيولوجياً للفكاهة، ويقترح أن الاضطرابات التي يمكن أن تحدث في الفكاهة قد تنتج من مرض عصبي نفسي. وعلى الرغم من أن الفكاهة عادة ما تضعف خلال الأمراض العصبية والنفسية؛ لكنها قد تؤدي إلى المزاح غير الطبيعي والقهري أو إلقاء النكت في بعض الظروف غير المناسبة في بعض الأحيان.
اقرأ أيضاً: تعرَّف إلى أعراض الذهان الزوري وعلاجه
أسباب اضطراب ويتزلسوكت
تحدث هذه الحالة على نحو رئيس نتيجة تلف في الجانب الأيمن من القشرة الأمامية للدماغ؛ سواء نتيجة ورم سرطاني أو سكتة دماغية أو أذية رضيّة، فالفص الجبهي الأيمن هو جزء الدماغ المسؤول عن حس الفكاهة لدينا، بالإضافة إلى أنه مركز الفكر التحليلي المعقد وحل الألغاز، وأي تلف في هذه المنطقة سيؤدي إلى تحولات جذرية في الحالة المزاجية والاهتمامات.
بالإضافة إلى ذلك، لوحظ هذا الاضطراب عند بعض مرضى الخَرف الجبهي الصدغي؛ وهو تنكس عصبي يصيب الناس في مقتبل العمر، على الرغم من أنه ليس بالضرورة أن يتطور هذا الحس الفكاهي القسري عند المرضى جميعهم.
وعلى الرغم من أن المصابين بهذا الاضطراب غالباً ما يعتقدون بأن نكاتهم مضحكة جداً، فهم لا يتأثرون بنكات الآخرين ولا يشعرون بأنها مضحكة لأن أداء الفص الأمامي من الدماغ يكون ضعيفاً عندهم؛ ما يجعل التفكير التحليلي المعقد صعباً، وبخاصة عندما يسمعون نكتة شخص آخر.
اقرأ أيضاً: الجاثوم: الأعراض والأسباب واستراتيجيات الوقاية
علاج اضطراب ويتزلسوكت
في الواقع، وبسبب ندرة هذا الاضطراب؛ فإن خيارات العلاج ما زالت محدودة، وهي تعتمد على السبب الأساسي للاضطراب. بصفة عامة، يمكن تقديم العلاج السلوكي بوصفه خياراً للأشخاص الذين شُخّصوا بهذا الاضطراب؛ وذلك لمساعدة المريض على إعادة تعلُّم سلوكه القديم ومساعدته على إدراك أنه يتصرف وفق طريقة جديدة لا تشبهه.
بالإضافة إلى أنه ثمة معالجين قد يوصون بتناول أدوية إضافية لتثبيت الحالة المزاجية. أما وفي حال كان الاضطراب ناتجاً من ورم دماغي، فقد تكون جراحة استئصال الورم أو أي علاج آخر للأورام خياراً علاجياً يساعد على الشفاء من الاضطراب.
اقرأ أيضاً: أعراض اضطراب الفصام عند الأطفال وخيارات علاجه
ختاماً، يقتضي التنويه بأنه ثمة بعض الاضطرابات العصبية أو النفسية التي وبمجرد أن تقرأ عنها ستظن أنك أو أحد الأشخاص الذين تعرفهم مصابٌ بها؛ لكن ذلك غير صحيح على الأرجح، فتشخيص الاضطرابات العصبية والنفسية أمر ينبغي أن يتم على أيدي الاختصاصيين النفسيين.
وفي الأحوال جميعها، تذكَّر أنه وفي حال ساورك الشك في أنك تعاني أي مشكلة نفسية أو عصبية، فلا تتردد في طلب المساعدة من المختصين.