كل ما تود معرفته عن عسر القراءة

3 دقائق
عسر القراءة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

على الرغم من أننا سمعنا بكل تأكيد عن عسر القراءة فإن الكثيرين منا ليست لديهم معلومات كافية عن هذا الاضطراب. عسر القراءة هو اضطراب في عملية تعلم القراءة، وبسبب تنوع التخصصات التي تناولته، فإن الطرق العلاجية المقترحة لإعادة تأهيل الأطفال المصابين به تتنوع بدورها.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية؛ يعاني 8-12% من سكان العالم من اضطراب عسر القراءة؛ لكن ما تعريف عسر القراءة؟ عرفت منظمة الصحة العالمية عسر القراءة بأنه صعوبة دائمة في تعلم القراءة واكتساب آلياتها التلقائية يعاني منها الأطفال الذين يلتحقون بصورة طبيعية بالمدارس، ويتمتعون بمستوى ذكاء طبيعي وليست لديهم أي اضطرابات حسية أو نفسية مسبقة؛ أي أنه ما من سبب واضح يبرر الصعوبات التي يواجهونها في تعلم القراءة.

منذ ظهور المصطلح أول مرة في عام 1896، تناول العلماء من مختلف الاختصاصات اضطراب عسر القراءة وحاولوا الوقوف على أسبابه؛ بمن فيهم علماء اللغة والنفس والأعصاب ومختصو علاج النطق والمعلمين؛ إذ قدم كل منهم تفسيراً أو أكثر لعسر القراءة وفق تخصصه، ولذلك فقد تنوعت طرق تأهيل الأطفال المصابين بهذا الاضطراب وأثارت الكثير من الجدل.

وعلى الرغم من ذلك فإن معظم المختصين يتفقون على نقطتين اثنتين: الأولى هي أنه لا يمكن علاج اضطراب عسر القراءة؛ بل ما يمكن فعله هو إعادة تثقيف أفراد المجتمع بشأن هذا الاضطراب، وتصحيح مفاهيمهم حوله وتطويرها وفق الحقائق التي توصلنا إليها حتى الآن؛ أي تعليمهم كيفية التعايش معه. ومن جهة أخرى فإن معاناة الأطفال المصابين بعسر القراءة وأسرهم بما في ذلك تهميش النظام التعليمي لهم، هي معاناة حقيقية.

النهج المتّبع للتعامل مع اضطراب عسر القراءة في فرنسا

يُصنف عسر القراءة في فرنسا ضمن مجموعة كبيرة من اضطرابات العسر؛ بما فيها عسر الكتابة أي اضطراب تعلم الكتابة، وعسر النطق وهو اضطراب في تطور اللغة الشفوية، واضطراب التآزر الحركي الذي يؤثر في التطور الحركي عند الطفل، وعسر الحساب وهو اضطراب هو متعلق بفهم العمليات الحسابية. علاوةً على ذلك؛ يُعتقد غالباً أن عسر القراءة يترافق مع عسر الكتابة إذ يتعلق الاضطرابان باللغة المكتوبة (القراءة والكتابة).

يُكتشف هذان الاضطرابان عادةً عندما يلاحظ الوالدان أو المعلمون أن الطفل يعاني من صعوبات في تعلم اللغة المكتوبة وفي حال استمرت هذه الصعوبات، يُجري طبيب المدرسة أو الطبيب العام أو طبيب الأطفال فحصاً أولياً للطفل، ويمكنه أن يطلب إجراء ما يسمى تقييماً متعدد التخصصات. ووفقاً للأعراض يمكن أن يشارك في تشخيص الحالة: مختص في علاج النطق، أو مختص في علم النفس العصبي، أو طبيب نفسي أو طبيب سريري أو مختص في العلاج النفسي الحركي، أو العلاج الوظيفي أو حتى طبيب عيون. ويُجرى هذا التشخيص بصورة عامة في مركز إحالة تابع لأحد المستشفيات الجامعية لكن الحصول على موعد قد يستغرق أشهراً في بعض الأحيان. ولا تعتمد فرنسا المعايير الدولية التي تتطلب تأخر تعلم القراءة لدى الطفل لمدة ثمانية عشر شهراً، قبل إجراء تشخيص نهائي.

في غضون ذلك، تُحال معظم العائلات إلى مختصين في علاج النطق واضطرابات التواصل المتعلقة بالصوت والكلام واللغة، ويرون الأطفال مرة أو أكثر في الأسبوع بمعدل نصف ساعة لكل جلسة، وفي بعض الأحيان يوصى بتقديم الدعم النفسي للطفل مع جلسات إعادة التأهيل هذه.

ماذا لو كان المصابون بعسر القراءة عباقرة؟

تقول مختصة علاج النطق والمؤسسة المشاركة لجمعية "العسر ليس ضعفاً" (Puissance DYS)، بياتريس سوفاجو: ""عسر القراءة هو نتيجة آخر طفرة عصبية للجنس البشري". وتؤكد المختصة أن عسر القراءة ليس عجزاً وتقول: "يمكن تشبيه عسر القراءة بحالة الشخص الأعسر الذي علمناه استخدام يده اليمنى، فأصبح يستخدم كلتا اليدين ببراعة. وينطبق الأمر ذاته على الأطفال المصابين بعسر القراءة، فهم يستخدمون لغة عصبية ولكن إذا علمناهم مفرداتنا فسيتمكنون من استخدام اللغتين معاً أي أنهم سيحملون في أذهانهم معجماً ثنائي اللغة، ونظراً لأنهم يعالجون المعلومات اللغوية باستخدام مناطق دماغية لا تُستخدم بالضرورة لمعالجة اللغة، فإن لديهم طريقتهم الخاصة لفهم القراءة والكتابة".

ما سمات الطفل المصاب بعسر القراءة؟ توضح بياتريس سوفاجو أن الأطفال أو المراهقين المصابين بعسر القراءة يتمتعون بسمات مميزة، وتقول: "يتميز المصابون بعُسر القراءة بأنهم يتعلمون القواعد ولكنهم لا يطبقونها أبداً، ويثير هذا بصورة عامة غضب الآباء والمعلمين، الذين يصبح لديهم انطباع بأن الطفل كسول، أو أنه يفعل ذلك عن قصد، أو أنه غبي، ومن جهة أخرى فهم لا يرتكبون الخطأ ذاته مرتين. كما أنهم يتميزون أيضاً ببطئهم الشديد؛ إذ يتطلب أداء واجباتهم المنزلية من 3 إلى 4 ساعات يومياً، ويشعر الأطفال المصابون بعسر القراءة دائماً بأن لديهم متسعاً من الوقت، فكثيراً ما يقال إنهم يستغرقون ساعتين للاستعداد صباحاً قبل الذهاب إلى المدرسة. لكنهم يتمتعون من جهة أخرى بقوة ملاحظة استثنائية، وقدرة رائعة على تحليل الفروق الدقيقة (بين الألوان ، والروائح، والمواد وما إلى ذلك)، إضافةً إلى قوة حدس فريدة من نوعها.

ما الطريقة التي تستخدمينها لإعادة تأهيل الأطفال المصابين بعسر القراءة؟ تعتمد طريقتي على استخدام الفنون والعلوم، وهما مجالان مناسبان جداً لحالات عسر القراءة لأنهما يساعدان على تنمية أدمغة هؤلاء الأطفال. يقود الدورات فنانون أو مؤرخون أو حتى علماء فلك، وتُعقد في مجموعات تضم أطفالاً من مستويات مختلفة، ذلك أن التفاعل الحقيقي يحدث نتيجة التلاحم فيما بينهم. وتتضمن الدورات تعليمهم قواعد اللغة والتهجئة من خلال ربطها بمجالات متنوعة مثل الطهو وعلم الفلك أو حتى تاريخ الأساطير؛ إذ إننا نربط الموضوعات التي يحبها الأطفال بالعملية التعليمية تفادياً لإصابتهم بالملل.

المحتوى محمي