الضحك دون سبب: إذا عُرف السبب بَطُل العجب

3 دقائق
اضطراب الضحك

أتذكر جيداً كيف بدت ملامح الممثل الأميركي خواكين فينيكس (Joaquin Phoenix) في فيلمه الجوكر حين تنتابه نوبات الضحك في مواقف لا تدعو للضحك إطلاقاً؛ بل قد تكون حزينة وضاغطة وتدعو للبكاء، دون القدرة على منعها أو إيقافها.

يتعجّب كل من حوله لسبب ضحكه، وربما يجدون في ذلك استهزاءً بالموقف، دون علمهم أو تصديقهم أنه يعاني من حالة مرضية حقيقية وهي اضطراب الضحك أو تأثير البصلي الكاذب (Pseudobulbar Affect).

ما هو اضطراب الضحك (PBA

وفقاً لـ "كليفلاند كلينك" (Cleveland Clinic)؛اضطراب الضحك هو حالة تسبب نوبات عشوائية من الضحك أو البكاء تفوق الاستجابة المتوقعة للموقف؛ الأمر الذي يكون مزعجاً ومحرجاً لكل من الأفراد المصابين به وعائلاتهم؛ ما قد يدفع العديد من الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة إلى تجنب المواقف الاجتماعية وعزل أنفسهم عن الآخرين خوفاً من ردود أفعالهم. وقد يؤدي ذلك الانسحاب من الحياة الاجتماعية بدوره إلى تطور حالات الصحة العقلية الأخرى مثل القلق أو الاكتئاب.

في تلك الحالات؛ يكون التعبير العاطفي في المواقف المختلفة مفرطاً أو غير متوافق مع الحالة الشعورية، ومستقلاً أو زائداً عن المنبه المثير. كذلك، فالضحك الذي يظهره الشخص في تلك الحالة يكون أكثر بكثير من الشعور الذي يشعر به داخلياً؛ لكن يصعب أو يستحيل السيطرة عليه.

تُعزى الآلية الفيزيولوجية المرضية المسؤولة عن ذلك الاضطراب إلى خلل في الشبكة القشرية المخيخية؛ ما يصحبه خلل في التحكم في التعبير الحركي وصعوبة في السيطرة على الضحك.

ما أعراض اضطراب الضحك (PBA

يتقاطع اضطراب الضحك مع عدد من المشكلات النفسية الأخرى ما يضعف إمكانية تشخيصه الدقيق؛ حيث تنبع قلة تشخيص هذا الاضطراب من عدم الإبلاغ عن الأعراض بشكل كافٍ. وعندما يتم الإبلاغ عن الأعراض فغالباً ما يتم تشخيصها بشكل خاطئ لاضطرابات المزاج الأخرى؛ مثل الاضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب أو القلق.

كذلك، فقد يكون الأمر محيّراً نظراً لوجود العديد من أسماء الاضطرابات التي تتشابه في الأعراض مع تلك الحالة؛ مثل اضطراب التعبير العاطفي اللاإرادي، التوتر العاطفي وعدم التنظيم العاطفي.

وفي حين أن حالات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب لم ترتبط بتطور اضطراب الضحك؛ إلا أن الأشخاص الذين يعانون منها قد يصابون بهذه الحالات بسبب زيادة الضغوط.

تتمثّل أعراض اضطراب الضحك في:

  • نوبات مفاجئة أو غير منضبطة من الضحك أو البكاء: عادة تكون استجابة لحدث مثير مع عاطفة غير مناسبة للحدث.
  • الضحك أو البكاء الذي لا يتناسب مع المحفز والمزاج أو المشاعر الداخلية للشخص: قد يبدأ الشخص أيضاً في الضحك أو البكاء دون سبب واضح.
  • الانفجارات العاطفية: والتي تكون أكثر حدة وتكراراً ومبالغةً فيها مما سبق أن عانى منه الفرد.
  • قد تحدث أيضاً نوبات من الغضب أو الإحباط.

أسباب اضطراب الضحك (PBA)

يظل السبب الرئيسي لهذا الاضطراب غير معروف تماماً؛ ولكنه يرتبط بالاضطرابات العصبية أو الأمراض التي تسبب تلفاً في الدماغ أو إصابته.

يحدث هذا الاضطراب عندما يكون هناك فقدان أو صعوبة في السيطرة على الاستجابات العاطفية. ومن المحتمل أن تكون مناطق الدماغ المختلفة على طول المسار المخيخي هي المسؤولة عن فقدان تلك السيطرة على المشاعر.

تشمل الاضطرابات أو الأمراض أو الإصابات المرتبطة بـه:

  • ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى.
  • التصلب الجانبي الضموري (ALS).
  • أورام الدماغ.
  • الصرع.
  • التصلب اللويحي (MS).
  • الزهري العصبي (عدوى في الدماغ أو النخاع الشوكي ناتجة عن اللولبيات التي تسبب مرض الزهري).
  • داء باركنسون أو الشلل الرعاش.
  • الشلل فوق النووي التقدمي (اضطراب دماغي يسبب مشاكل في المشي والتوازن والكلام والتفكير والرؤية والمزاج والسلوك).
  • السكتة الدماغية.
  • إصابات في الدماغ.
  • داء ويلسون (اضطراب يتراكم فيه النحاس في الدماغ والكبد والأعضاء الأخرى).

4 نصائح لتحسين التعامل مع اضطراب الضحك

يختلف علاج اضطراب الضحك من شخص لآخر، لأنه غالباً ما يحدث في الأفراد الذين يعانون من حالات أخرى تعطّل عمل الجهاز العصبي بكفاءة. كما أن الأدوية لا تضمن توقف النوبات تماماً؛ لكن مع العلاج يمكن تقليل عدد نوبات الانفعالات العاطفية ما يساعد الناس على الشعور براحة أكبر عند الخروج للمناسبات الاجتماعية والتعامل مع الآخرين.

تقدم "أشلي براون" (Ashley Braun) من موقع "فيري ويل هيلث" (verywell Health)، استراتيجيات التأقلم للمساعدة في تقليل القلق والتوتر بشأن اضطراب الضحك؛ والتي تشمل:

  1. مناقشة الحالة مع العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل أو الأشخاص الذين تتعامل معهم باستمرار وكثيراً ما تتواجد معهم في محيطك الاجتماعي. يمكن أن يساعدهم ذلك على فهم حالتك ويساعدك على تقليل الشعور بالإحراج.
  2. إذا وجدت أن موقعاً أو حدثاً معيناً هو محفّز شائع لتلك النوبات لديك، فيمكنك تجنب هذا الموقف أو إيجاد طريقة مختلفة للمشاركة في هذا الحدث.
  3. حاول تشتيت انتباهك حال إصابتك بتلك النوبات عن طريق التغيير إلى موضوع محادثة مختلف أو التركيز على شيء في بيئتك لإلهاء عقلك عن الأعراض.
  4. حاول أن تأخذ نفساً عميقاً بطيئاً للمساعدة على استرخاء جسمك وعقلك، وإذا أمكن حاول تغيير وضع جسمك.

في حين أن مثل هذه الاضطرابات قد تؤثّر سلباً في جودة حياة الأشخاص المصابين بها؛ إلا أن وجود دوائر الدعم من أفراد العائلة والأصدقاء يخفّف هذا العبء والقلق الذي يحمله المريض وحده.

يساعد التواصل المفتوح حول الحالة على التخفيف من القلق والتوتر حول حدوث هذه النوبات، لأنه يساعد على تمكين المرضى والأشخاص الآخرين من فهم الأعراض والطرق المثلى للتعامل معها؛ ما يجعل الانخراط في الحياة الاجتماعية أمراً لا يدعو للقلق، ويساعدهم على الشعور براحة أكبر عند المشاركة في الهوايات والأنشطة الاجتماعية التي يستمتعون بها.

المحتوى محمي