ما هي تقنية التجذر (التأريض)؟ وكيف يمكنك استخدامها لتخفيف القلق؟

3 دقائق
التجذّر
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: تتضمّن تقنيات العلاج بالتجذّر إشراك الحواس الخمس لتعزيز الاتصال بالطبيعة والمحيط المباشر. فعلى سبيل المثال؛ يمكن أن يؤدّي التفاعل المنتظم عن طريق اللمس مع النباتات إلى ارتباط أقوى بالبيئة، متيحاً الانفصال عن الذكريات أو المشاعر المؤلمة.

على مرّ التاريخ، اعتمدت مجتمعات السكان الأصليين والثقافات المختلفة على الاتصال مع الطبيعة لعلاج العديد من الأمراض. وظهر مفهوم التجذّر المبني على مبدأ إعادة الاتصال مع أنفسنا والعالم الطبيعي في أوروبا عام 1896، من خلال منشورات مثل "العودة إلى الطبيعة" لمختص العلاج الطبيعي الألماني، أدولف جست (Adolf Just)، التي روّجت لأنشطة مثل المشي بقدمين حافيتين في الهواء الطلق.

ويواصل العلماء المعاصرون تأييد فكرة أن الاتصال المباشر مع عناصر الطبيعة يدعم قدرة الجسم والنفس على التعافي والشفاء من خلال استعادة التوازن وتقليل التوتّر وتعزيز الصحة العامة.

ما المقصود بمفهوم التجذّر؟ وما هي تقنياته؟

التجذّر (Grounding)، أو ما يُشار إليه أحياناً بـ "التأريض" (Earthing)، هو الممارسة العلاجية التي يستخدمها الأفراد حين يتّصلون بعناصر الأرض والبيئة، بالاستلقاء على الأرض مثلاً، أو غمر أنفسهم بالماء، أو المشي في الهواء الطلق.

التجذّر استراتيجية تكيّف فعّالة تهدف إلى إعادة توجيه وعي مُمارسها وانتباهه إلى اللحظة الحالية، وتعزيز اتصاله الفوري بمحيطه؛ إذ تعتمد على مبدأ توصيل أجسامنا بالأرض كهربائياً لامتصاص مضادات الأكسدة الصحية وإعادة شحن الطاقة الإيجابية. وتُستخدم هذه الطريقة في كثيرٍ من الأحيان لإدارة ذكريات الماضي وعواطفه المؤلمة المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وتخفيف أعراض مختلَف أشكال القلق.

وتتضمّن التقنيات المستخدَمة في هذه الطريقة العلاجية، بمعظمها، طرائق بسيطة تعتمد على الاتصال المباشر وغير المباشر مع الأرض؛ ونذكر منها:

  • المشي بقدمين حافيتين: على الأسطح الطبيعية مثل العشب أو الرمل أو الطين؛ ما يسمح للأقدام بلمس الأرض مباشرةً.
  • الاستلقاء على الأرض: يمكن فعل ذلك في مكان آمن لتجنُّب الإصابة بأيّ كدمات؛ مثل العشب في الحديقة أو على الشواطئ الرملية.
  • الغمر في المياه: من خلال الغطس أو السباحة في أماكن طبيعية.

اقرأ أيضاً: ما هي تقنية التنفس العميق بطريقة ويم هوف (Wim Hof

ما فوائد تقنيات التأريض؟

يشير التجذّر إلى قدرة الشخص على استشعار جسمه وقدميه على الأرض؛ ما يهدّئ نظامه العصبي بحسب الكاتبة والمختصة النفسية الأميركية، أرييل شوارتز (Arielle Schwartz)، ويمكن اعتباره طريقة للتعافي من الصدمات والتغلّب على الإرهاق العاطفي، ويشير بعض الأبحاث إلى أنه قد يخفّف الالتهاب والألم والتوتّر.

وتوضّح استشارية الصحة النفسية، نرمين أبو سبيتان، إنّ تقنيات التجذّر تساعد على منع تصاعد ردود الأفعال وتهدئة الجهاز العصبي جسدياً، وكذلك تساعد على خفض مستوى الحوار السلبي الداخلي.

وعلى الرغم من محدودية الأبحاث العلمية حول هذه التقنية العلاجية، فقد أبلغ أفراد عِدّة عن تحسّنٍ عام في صحتهم البدنية والنفسية بما يشمل الآتي:

  1. التعب المزمن: كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا (University of California) على المعالجين بالتدليك عن انخفاض في مستويات التعب بعد 4 أسابيع من العلاج باستخدام تقنيات التجذّر.
  2. القلق والاكتئاب: أظهرت دراسة نُشرت في "سيج جورنالز" (Sage Journals) أن ساعة واحدة فقط من العلاج بالتجذّر أدّت إلى تحسّن الحالة المزاجية بدرجة ملحوظة لدى المشاركين.
  3. اضطرابات النوم: أظهرت الدراسة نفسها التي شارك فيها المعالجون بالتدليك، حدوث تحسّن في طول مدّة النوم وتقليل اضطراباته.
  4. أمراض القلب والأوعية الدموية: أشارت دراسة علمية إلى أن العلاج بالتجذّر الذاتي الطويل الأمد ساعد على خفض مستويات ضغط الدم لدى الأفراد المصابين بارتفاع ضغط الدم.

كيف تستخدم تقنيات التجذّر لتخفيف قلقك؟

يقترح الخبراء تقنيات مختلفة من العلاج بالتجذّر، ويمكنك استخدام الخطوات التالية لإعادة اتصال جسمك وعقلك مع الأرض، وتهدئة أفكارك المقلقة:

  1. ابدأ بوضع قدميك على الأرض.
  2. حدّد ذهنياً التاريخ والوقت الحاليين.
  3. خذ نفساً عميقاً وبطيئاً.
  4. راقب تفاصيل محيطك المباشر؛ أي كل ما يمكنك رؤيته في البيئة الحالية، ولاحظها.
  5. ذكّر نفسك أنك في مكان آمن هذه اللحظة.

يمكنك ممارسة تقنيات التجذّر بتوجيه متخصص في الرعاية الصحية لكي تستفيد من استراتيجيات أخرى لإدارة الأفكار والعواطف المؤلمة، أو ممارستها بصورة مستقلّة.

اقرأ أيضاً: التنفس العميق: طريقة واحدة بسيطة لتقليل التوتر؟

وأخيراً، أظهرت تقنيات التجذّر الاحتمالات اللامحدودة لاتصال الإنسان مع الطبيعة من حوله، فهذه التقنية العلاجية يمكن أن تساعد مَن يعانون القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة، وهدفها الأساسي هو إعادة توجيه انتباههم إلى اللحظة الحالية عوضاً عن الاستسلام إلى ذكريات أو عواطف مؤلمة؛ ما سيساعدهم على تعزيز شعور الهدوء والسكينة.

المحتوى محمي