كيف تنظِّم استخدام أطفالك للشاشات دون أن تصرخ فيهم؟ نطّلع فيما يلي على نصائح بهذا الشأن، يقدمها لنا مختص الطب والتحليل النفسي ومؤلف كتاب "3-6-9-12: تحديد وقت استخدام الشاشات والنمو" (3-6-9-12, apprivoiser les écrans et grandir)، سيرج تيسيرون (Serge Tisseron).
تقول إحدى الأمهات: "بعد أن يقضي ابننا ساعتين وهو يلعب لعبة فورتنايت (Fortnite) نطلب منه أن يعطينا الجهاز اللوحي فيصيح بغضب: "كفى، أنتما تخنقاني!". أما ابنتنا ذات الـ 17 عاماً فتستخدم تطبيقيّ سناب شات وإنستغرام حتى وقت متأخر من الليل وحالما تستيقظ صباحاً تسارع إلى التقاط هاتفها المحمول وتقول إنها ستخسر أصدقائها ما لم ترسل إليهم رموزاً تعبيريةً!". وتتابع الأم: "أما ابننا ذو العاشرة فقد اكتشف أين خبأنا قبضات التحكم لجهاز الإكس بوكس وسرق هاتفي الذكي ليلعب لعبة ماين كرافت (Minecraft)، إنه وضع لا يُحتمل". توضح ماري وهي مرشدة نفسية في حضانة، إن المشكلة لا تتعلق بالمراهقين فقط وتقول: "يحرص الصغار على طلب الأجهزة اللوحية من آبائهم فور عودتهم من المدرسة ويلبي الآباء طلبهم تجنباً لنوبات الغضب". يبلغ معدل استخدام الشاشات بين الأشخاص بين سنَّي 13-19 عاماً نحو 5 ساعات يومياً أي أكثر بساعتين مما كان عليه قبل نحو سنتين من الآن، فعلى ما يبدو أن هذه الأجهزة تسيطر على أبناء هذا الجيل وتُفقدهم الإحساس بالوقت. يقول الطبيب النفسي سيرج تيسيرون: "من غير المجدي حرمان هذا الجيل من أدواته؛ ولكنها يمكن أن تكون أدوات إيجابية إذا استُخدمت استخداماً سليماً". ويرى المختص أنّ للآباء دوراً أساسياً في تعليم أبنائهم كيف يستخدمون الشاشات دون إفراط.
اختر المحتوى المناسب
إن عبارة: "الكل يشاهد هذا المسلسل أو الكل يلعب هذه اللعبة" ليست حجةً منطقية لترك ابنك سواء كان صغيراً أو كبيراً يتابع صوراً عنيفة أو غير ملائمة، لذا من الأفضل أن تتأكد من أن ألعاب الفيديو أو المسلسلات أو الشبكات الاجتماعية المفضلة لديه مناسبة لسنِّه، وذلك من خلال متابعتها معه في البداية. كما يمكنك أن تشرح له ماهية "نظام معلومات الاتحاد الأوربي للألعاب" (PEGI) الذي يضع ملصقين على أغلفة ألعاب الفيديو؛ الأول يحدد الفئة العمرية الملائمة والآخر يحدد نوع المحتوى (عنف أو تمييز أو غير ذلك). ويؤكد الطبيب النفسي أن مراقبة المحتوى تعني أيضاً امتناع الآباء عن مشاهدة أفلام أو لعب ألعاب غير مناسبة لسن أبنائهم على مرأى منهم.
كيف تحدد وقت استخدام الشاشات؟
وضع سيرج تيسيرون قاعدة "3-6-9-12" وهي تعني ما يلي: عدم استخدام الأطفال للشاشات قبل سن 3 سنوات، وعدم لعب ألعاب الفيديو قبل سن 6 سنوات وعدم استخدام الإنترنت دون رقابة أبوية قبل سن 9 سنوات وعدم استخدام الوسائط الاجتماعية قبل سن 12 سنة مع وضع مواعيد ثابتة ومدة محددة للاستخدام تجنباً للخلافات. ويشمل تحديد المدة استخدام أي نوع من الشاشات كالهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي أو التلفاز أو أجهزة ألعاب الفيديو، ويرى المختص أن الطريقة المثلى لتطبيق ذلك هي زيادة وقت الاستخدام تدريجياً من نصف ساعة إلى ساعة في اليوم بين سنّي 3-6 سنوات، ثم من ساعة إلى ساعتين بين 6-12 سنة مع الالتزام بعدم تجاوز هذه المدة. يستخدم الآباء طرقاً مختلفة ليضمنوا أن الطفل سيعيد الجهاز إليهم في الوقت المحدد فيمكن مثلاً تنبيهه قبل انتهاء مدة الاستخدام بـ 5 دقائق، أو حذف الدقائق الإضافية التي استهلكها من الوقت المخصص لليوم التالي، أو الاستعانة بتطبيقات الرقابة الأبوية وغير ذلك. ولكي يلتزم الطفل بهذه الإجراءات يفضل أن توضح له فائدتها وأن تتوصل إلى اتفاق معه ولتكون ذا مصداقية يجب أن تتجنب بدورك استخدام الشاشات بصورة مفرطة.
اقضِ وقتاً مع أطفالك
يجب على الآباء تعريف أبنائهم بأنشطة أخرى (رياضية، أو ثقافية، أو فنية) وتخصيص مزيد من الوقت لمشاركتهم اللعب والتفاعل معهم، والاستفادة من الأوقات التي لا يستخدم خلالها أبناؤهم الشاشات للتعرف إلى الألعاب التي يحبونها ومعرفة الهدف منها وسبب اهتمامهم بها، ويقول الطبيب النفسي: "من خلال مناقشة الطفل حول ذلك فإنك تحفز الذكاء السردي لديه وتُظهر له اهتمامك به وتساعده على تعزيز مهاراته الافتراضية في حال كان يواجه صعوبات في المدرسة". ويؤكد المختص مجدداً قائلاً: "من الضروري أن يتعرّف الآباء إلى أخطار الشاشات وجوانبها الإيجابية في آن معاً". وختاماً: "إذا كان الطفل يمارس الأنشطة الواقعية والافتراضية بالتناوب ويقدم نتائج مدرسية مستقرة، وإذا وضع الأبوان له برنامجاً يحفز إبداعه ويعزز تفاعله مع المجتمع فإن كل شيء سيكون على ما يرام".