كيف أدى ارتباط الأطفال بالأجهزة اللوحية إلى ظهور متلازمة نفسية جديدة؟ وما طرق علاجها؟

2 دقائق
التوحد الافتراضي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يعاني كثير من الأطفال الذين خضعوا إلى الحجر الصحي في سنّ جدّ مبكرة، مشكلة الإدمان على استخدام الشاشات. وأضحت هذه المشكلة خاضعة إلى التوصيف الطبي باعتبارها متلازمة التعرض المبكر والمفرط إلى الشاشات، بينما سمّاها بعض الخبراء "التوحد الافتراضي". فما الفرق بين الظاهرتين؟ وكيف يمكن التخلّص من انعكاساتهما النفسية على الأطفال؟ هذا ما يجيب عنه المقال التالي.

ما هو التوحد الافتراضي؟

لا بدّ أنك سمعت عن "التوحد الافتراضي" أو "التعرض المبكر والمفرط إلى الشاشات". إنها متلازمة مقلقة تصف اضطرابات السلوك الملحوظة لدى الأطفال الصغار الذين تعرضوا إلى الشاشات على نحو زائد.

يشير عدد متزايد من المختصّين في مجال الطفولة المبكرة إلى ظهور سلوكيات غير معتادة ومقلقة لدى الأطفال الصغار الذين يتعرضون إلى الشاشات على نحو مفرط أو كانوا عرضة إلى ذلك الماضي.

وبينما شكّل مصطلح "التوحد الافتراضي" محور جدل كبير في المجال الطبي بسبب إشارته إلى التوحد، فقد فضل الخبراء استخدام مصطلح التعرض المبكر والمفرط إلى الشاشات (EPEE) لوصف هذه الظاهرة. وتكمن مشكلة هذا التشخيص الرئيسة في عدم وجود دليل علمي على وجود صلة بين الإصابة بالتوحد والتعرض إلى الشاشات واحتمال التعافي من هذه الاضطرابات المرتبطة بالشاشات بعد التخلّص التدريجي من استخدامها والخضوع إلى علاج طويل على خلاف حالات التوحد.

تتزايد الشهادات التي تقدمها المعلمات أو الموظفات في دور الحضانة أو غيرهن؛ حيث تلاحظن أطفالاً صغاراً يظهرون سلوكاً مقلقاً يتميز بمشكلات التركيز وتأخر الكلام وعدم التكيف مع العلاقات الاجتماعية.

ويبدو أن هذه الاستنتاجات تتعلّق أساساً بهؤلاء الأطفال الذين خضعوا إلى الحجر الصحي وهم في سنّ السنة الواحدة أو السنتين أو حتى في سنّ 6 أشهر، وتعرضوا على نحو مفرط وغير محدود المدة إلى أنواع الشاشات جميعها خلال فترة إغلاق المدارس ودور الحضانة بسبب جائحة كوفيد-19. ويشمل هذا الأمر أيضاً أطفالاً يتعرضون إلى الشاشات عدة ساعات يومياً.

كيف يمكن علاج هذه المتلازمة؟

عندما يخضع هؤلاء الأطفال إلى العلاج بعد استبعاد الإصابة بأيّ اضطراب من اضطرابات طيف التوحد يصبح احتمال التعرض المفرط إلى الشاشات مطروحاً.

يُلاحَظ في الغالب أن الأمر يتعلق بأطفال يقضون ساعات عدّة في اليوم أمام الشاشات ويعانون اضطراباً في التفاعل الاجتماعي والتعلم؛

أي إنهم يتصفّحون الشاشات عند الاستيقاظ في الصباح وفي أثناء تناول الإفطار وخلال طريقهم إلى المدرسة وفي المساء أيضاً. إنهم يطلبون ذلك باستمرار بينما يشعر الآباء وأولياء الأمور بالإحباط في مواجهة النوبات التي يتعرض إليها الأطفال عند محاولتهم تقليل مدة استخدامهم إلى هذه الشاشات.

تمثل ظاهرة الإدمان هذه مشكلة في مراحل تطور الأطفال الحاسمة؛ إذ تعوق قدرتهم على التركيز والتعلم، وتحدّ من سهولة حركتهم وراحتهم في التفاعلات الاجتماعية.

ويُعدّ إرشاد الآباء وأولياء الأمور أمراً أساسياً في نظر المختصّين النفسيين الذين يعالجون مشكلة التعرض المبكر والمفرط إلى الشاشات؛ حيث يقدمون في الغالب خطة عمل لتقليل تعرض الأطفال المفرط إلى الشاشات وزيادة تفاعلاتهم الاجتماعية من خلال اللعب والحوار وغير ذلك. ويتحمّل الآباء مسؤولية كبيرة في نجاح عملية تخلّص أبنائهم من الإدمان، وتجب عليهم هم أنفسهم المشاركة في هذا النجاح من خلال عدم الإكثار من استخدام شاشاتهم الشخصية أمام أطفالهم. وعادة ما يلاحظ المختصّون تحسناً ملحوظاً وسريعاً بفضل تعاون الأسرة؛

لكن هذا لا ينفي أن التعرض إلى الشاشات يجب أن يخضع إلى السيطرة وأن يكون محدوداً ومنظماً خلال مراحل العمر كلها.

المحتوى محمي