كيف يفسر العلم الاختلافات بين دماغ الرجل ودماغ المرأة؟

4 دقائق
دماغ الرجل ودماغ المرأة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: تمتلك المرأة القدرة على الكلام والاستماع في الوقت ذاته وذلك بخلاف الرجل، وهذا واحد من الاختلافات الأخرى بينهما التي تمكن العلم من تفسيرها اليوم. مع تطور التصوير الطبي وتوفر مجموع كبيرة من أجهزة المسح ومنها أجهزة الرنين المغناطيسي ومستشعرات النشاط الدماغي الأخرى، فقد بتنا نعلم المزيد حول الفروق بين دماغ الرجل ودماغ المرأة، والاكتشاف الأهم هو أن نصفيّ الكرة الدماغية لدى الرجل أكثر تخصصاً مقارنة بمثيليهما لدى المرأة، وإذا كان هذا الاكتشاف يفسر وجود اختلافات محددة بينهما فإنه لا يمكن الاعتماد عليه بأي حال من الأحوال لنقول إن الرجل يتمتع بقدرات ذهنية أعلى وإن المرأة تغلب عليها العواطف فقط، فالكثير من النساء مثلاً يتقن قراءة الخرائط الطرقية على نحو ممتاز؛ تماماً كما يرتب الكثير من الرجال جواربه!
تمتلك المرأة القدرة على الكلام والاستماع في الوقت ذاته وذلك بخلاف الرجل، وهذا واحد من الاختلافات الأخرى بينهما التي تمكن العلم من تفسيرها اليوم.

هل يختلف دماغ المرأة عن دماغ الرجل؟ إنه سؤال مهم يمثل أساس جدل ساخن دار في الأوساط العلمية لأكثر من قرن من الزمن، ونجمت عنه مغالطات كبيرة في بعض الأحيان.

عرفنا منذ نحو 10 سنوات أن للهرمونات الجنسية دوراً أساسياً في المرحلة الجنينية والفترة الأولى بعد الولادة، فهي لا تسبب تغيرات في الجسم فحسب بل في الدماغ أيضاً. على المستوى الجيني، تتغلغل هذه الهرمونات (التستوستيرون أو الإستروجين) في الجنين وتشكل الدوائر العصبية المسؤولة عن السلوك الذكري أو الأنثوي، وتبعاً لذلك يولد الجنين بدماغ "ذكر" أو "أنثى"؛ ولكن بكل تأكيد مع الطيف الواسع من الاختلافات الدقيقة التي تمنح الجنس البشري تنوعه الاستثنائي، ويفسر ذلك مثلاً سبب تمتع الفتيات بكفاءة أعلى من الأولاد فيما يخص التعلم حتى سن 4 أو 5 سنوات، ثم يتلاشى الفَرق بينهما ليعاود الظهور مع اقتراب سن البلوغ، وهي الفترة التي يرتفع خلالها إنتاج هرمون التستوستيرون لدى الأولاد.

واليوم ومع تطور التصوير الطبي وتوفر مجموع كبيرة من أجهزة المسح ومنها أجهزة الرنين المغناطيسي ومستشعرات النشاط الدماغي الأخرى، فقد بتنا نعلم المزيد حول الفروق بين دماغ الرجل ودماغ المرأة، والاكتشاف الأهم هو أن نصفيّ الكرة الدماغية لدى الرجل أكثر تخصصاً مقارنة بمثيليهما لدى المرأة، وإذا كان هذا الاكتشاف يفسر وجود اختلافات محددة بينهما فإنه لا يمكن الاعتماد عليه بأي حال من الأحوال لنقول إن الرجل يتمتع بقدرات ذهنية أعلى وإن المرأة تغلب عليها العواطف فقط، فالكثير من النساء مثلاً يتقن قراءة الخرائط الطرقية على نحو ممتاز؛ تماماً كما يرتب الكثير من الرجال جواربه!

المرأة تتكلم وتستمتع في الوقت ذاته

قد يستصعب الرجل أحياناً تصديق هذا الأمر؛ لكن المرأة تتمتع بالقدرة على الكلام والاستماع في الوقت ذاته، ويكشف الفحص أن منطقتين محددتين جداً من دماغها في نصف الكرة الدماغية الأمامي الأيسر وفي النصف الأمامي الأيمن تعملان معاً حينما تتكلم، والسبب وراء ذلك هو أن هرمون الإستروجين الأنثوي يحفز الروابط بين نصفيّ الكرة الدماغية باستمرار ويشجع الخلايا العصبية على الاتصال فيما بينها، ومن ثم فإن الاتصالات العصبية المخصصة للّغة في دماغ المرأة تزيد 30% عن مثيلاتها في دماغ الرجل.

ونظراً لأن النصف المخي الأيسر للفتاة يتطور أيضاً على نحو أسرع، فإنها ستبدأ بالكلام أسرع من شقيقها وأفضل منه وتتعلم لغة أجنبية بسهولة أكبر، وما إلى ذلك. عند الرجل، لا يبدو أن وظيفة الكلام واللغة المسؤول عنها النصف المخي الأيسر ترتبط بمنطقة معينة كما لو أنه ليس ثمة مركز مخصص لهذه الوظيفة، وقد يفسر هذا سبب قلة حاجته إلى التواصل، وسبب أن معظم الأطفال الذي يعانون اضطرابات اللغة ومشكلات النطق هم من الذكور.

الرجل يستمع بأذن واحدة فقط

عندما يتابع الرجل التلفاز فإنه لا يعود قادراً على سماع ما حوله، وثمة سبب فيزيولوجي لذلك وهو أن الجسم الثفني في دماغ الرجل، المنطقة التي تسمح لنصفيّ الكرة الدماغية بالتواصل، أرق كثيراً من مثيله في دماغ المرأة. إضافة إلى ذلك، فإن انفصال نصفيّ الكرة الدماغية عند الرجل يحول دون قدرته على تنفيذ أكثر من مهمة واحدة في الوقت ذاته، فعندما يحضر اجتماعاً ما مثلاً، وعلى الرغم من انتباهه الشديد، يستخدم الرجل أذنه اليمنى بصورة أساسية؛ والتي تتصل مباشرة بنصف الدماغ الأيسر المسؤول عن التعرف إلى الكلمات، هو يسمع بكلتا الأذنين بكل تأكيد لكن الاتصالات بينهما ليست بتلك القوة كما هي الحال لدى المرأة، وهذا هو السبب في أن النساء حين يحضرن اجتماعاً يملن إلى الكلام في الوقت ذاته.

المهارات الملاحية بين المرأة والرجل

من المعروف أن المرأة لا تتمتع بمهارات ملاحية جيدة، فإذا أعطيت امرأة خريطة طرقية ستلاحظ كيف ستقلبها بالاتجاهات جميعها قبل أن تعترف بأنها غير قادرة على تحديد موقعها باستخدام الخريطة. استكشف العديد من الدراسات هذا الموضوع، فنظراً لأن دماغ الولد الصغير أكثر تخصصاً، فإنه يتمتع بقدرة أكبر على التوجيه المكاني كما أنه يجمع قطع ألعاب الأحاجي بسهولة أكبر، أما الفتاة فتنمي حس إدراك التفاصيل ومهاراتها اللفظية، وهذا سبب تفضيل الأولاد للألعاب الافتراضية إذ يمكنهم تمضية ساعات وهم يلعبون ألعاب الفيديو.

المنطق والعواطف لدى المرأة والرجل

لما كانت المرأة تتمتع بقدرات لفظية أعلى ومستقبلات حسية أقوى مقارنة بالرجل فإنها تعبر عن عواطفها بسهولة أكبر ولا سيما أن مراكز اللغة والعواطف في دماغها متداخلة؛ وهذا ما يفسر صعوبة فصل المنطق عن المشاعر لديها، وذلك على عكس دماغ الرجل إذ إن مناطق اللغة والعواطف لديه متمايزة جداً، ولذلك فإنه لا يعبر عنها بطريقة تلقائية، وتُضاف إلى ذلك بكل تأكيد الاختلافات التربوية بين الأولاد والفتيات.

الفرق بين نشاط دماغ الرجل ودماغ المرأة في حالة الراحة

أظهر تصوير الرنين المغناطيسي أن 70% من النشاط الكهربي لدماغ الرجل يكون خاملاً في حالة الراحة، أما دماغ المرأة فيحافظ على 90% من نشاطه إذ يستمر في تلقي المعلومات من البيئة المحيطة وتحليلها. ولذلك فإنها تلاحظ الفروق الصوتية الدقيقة ولغة الجسد أو المحفزات الحسية على نحو أفضل، وبالطريقة ذاتها تستشعر الحالة الصحية لطفلها.

المرأة أكثر تفوقاً في الرؤية المحيطية

تتمتع المرأة برؤية محيطية ممتازة إذ يمكنها مثلاً جرد كل ما في الخزانة دون أن تدير رأسها؛ لكن التوجيه المكاني يتطلب منها الحصول على الكثير من التفاصيل، أما الرجل فهو بحاجة إلى تحريك رأسه في الاتجاهات كلها ليتمكن من استيعاب ما يحيط به، ومن جهة أخرى فهو يتمتع بحدة بصرية أقوى ومن ثم يتفوق على المرأة في الإبصار لمسافات بعيدة.

ومن الممكن ملاحظة هذه الاختلافات بين الرجل والمرأة فيما يخص الإدراك المكاني في الحياة اليومية من خلال عملية تخزين الأغراض مثلاً، فالمرأة تهتم جداً بمكان وضع الملابس وتصنفها إلى فئات منفصلة فتخصص طبقة للسترات وأخرى للقمصان وثالثة للسراويل، وما إلى ذلك. أما الرجل الذي لديه نظرة أكثر شمولية، لا يصنف ثيابه بمجموعات منفصلة؛ إذ يضع ملابسه الرياضية مع الجوارب والأحذية في زاوية واحدة مثلاً ويضع ثياب العمل في زاوية أخرى وانتهى الأمر، فالترتيب والتخزين ليس لهما المعنى ذاته لدى الرجل والمرأة.

المرأة أكثر قدرة على تمييز الألوان

لا يمكن للرجل استيعاب تدرجات الألوان الدقيقة، ففي حين ستصف المرأة طيفاً كاملاً من التدرجات اللونية فيما تراه سيكتفي الرجل بالقول إنه أحمر أو أخضر اللون في أحسن الأحوال، وقد أثبت العلماء قدرة المرأة على تمييز الألوان على نحو أسرع مقارنة بالرجل، فما السبب المحتمل وراء ذلك؟ تحتوي شبكية العين على 130 مليون خلية مخروطية الشكل تستقبل العين الألوان بواسطتها، ولأن الكروموزوم X هو المسؤول عن إنتاج هذه الخلايا المخروطية، ومن المعروف أن لدى المرأة نسختين من هذا الكروموزوم، فإن ذلك قد يكون سبب تفوقها على الرجل فيما يخص القدرة على تمييز الألوان.

المحتوى محمي