هل سبق لك أن دخلت غرفتك لتجلب شيئاً ما ثم نسيت ذلك الشيء فور وصولك الغرفة؟ هل واجهت صعوبة في تذكر رقم هاتف طلبته للتو؟ هل وضعت مفاتيح بيتك بأحد الأماكن ثم بحثت عنه بعد مرور وقت قصير ولم تجده؟ الحقيقة أن هذه المواقف قد تحدث معنا من وقت إلى آخر، ولكن عندما تتكرر بطريقة مستمرة نظن أن لدينا مشكلة في الدماغ أو أننا مصابون بنوع من الخرف، مثل مرض آلزهايمر، ولكن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الدماغ بل في الذاكرة القصيرة المدى، فما هي تلك الذاكرة؟ وكيف تختبرها حتى تتأكد من إنجاز مهامك اليومية المعتادة؟ الإجابة ستجدها في هذا المقال.
محتويات المقال
ما هي الذاكرة القصيرة المدى؟
الذاكرة القصيرة المدى هي مساحة تخزين مؤقتة في الدماغ مسؤولة عن تذكر المعلومات فترة قصيرة، غالباً ما تصل إلى 30 ثانية، وتعمل الذاكرة القصيرة المدى على نحو وثيق مع ذاكرتك الحسية وذاكرتك الطويلة المدى، على سبيل المثال، تستقبل المعلومات من حواسك وتعالجها، ويمكنها تحويل الذكريات القصيرة المدى إلى ذكريات طويلة المدى حيث يخزنها الدماغ بطريقة دائمة لاستدعائها في المستقبل عند الحاجة. وفي المتوسط، يمكنك حفظ ما بين 5 إلى 7 عناصر في ذاكرتك القصيرة المدى، مثل أرقام هاتف أو لوحة سيارة.
وتخزن قشرة الفص الجبهي ذكرياتك القصيرة المدى مؤقتاً حيث تقع هذه المنطقة من دماغك في مقدمة الفص الجبهي، خلف جبهتك مباشرة. ويساعد الحصين على تحويل الذكريات القصيرة المدى إلى ذكريات طويلة المدى؛ إذ يرسل الحصين هذه الذكريات إلى مخزن طويل المدى في القشرة المخية.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر البيئة في ذكرياتنا؟
الذاكرة القصيرة المدى وعلاقتها بأنواع الذاكرة الأساسية الأخرى
تؤدي الذاكرة القصيرة المدى دوراً محورياً ومهماً في حياتك اليومية، وأحياناً تتداخل مع أنواع الذاكرة الأساسية الأخرى وهي:
- الذاكرة الحسية: التي تحتفظ بالمنبهات الحسية فترة قصيرة جداً من الزمن لمعالجتها وإرسالها إلى الذاكرة القصيرة المدى.
- الذاكرة العاملة أو الذاكرة الإجرائية: عبارة عن عملية نشطة يقوم بها الدماغ تتيح لك معالجة المعلومات والتعامل معها في الذاكرة القصيرة المدى.
- الذاكرة الطويلة المدى: تحتفظ بكمية لا نهائية من المعلومات، يأتي جزء منها من الذاكرة القصيرة المدى.
وتمر المعلومات التي تتلقاها على مدار يومك بمراحل مختلفة في طريقها إما للتخزين وإما للنسيان؛ في البداية تتلقى الذاكرة الحسية المعلومات عبر الحواس المختلفة، ومن ثم، تحتفظ ذاكرتك القصيرة المدى بالمعلومات فترة زمنية قصيرة، بعدها تجري معالجة المعلومات وتنظيمها، وهنا يأتي دور الذاكرة الطويلة المدى، ولكن لا تخزن المعلومات التي تتلقاها كلها في ذاكرتك الطويلة المدى، فالبعض يكون مصيره النسيان؛ إذ يقرر الدماغ إذا ما كانت المعلومات مهمة ويجب تذكرها، أو إذا كانت غير مهمة ويجب نسيانها، وإذا كانت المعلومات مهمة، فسيجري نقلها إلى الذاكرة الطويلة المدى.
وإذا تضررت الذاكرة القصيرة المدى أو واجهت بعض الصعاب والتحديات سوف تتغير كل أنظمة الذاكرة التي تعتمد عليها، مثل الذاكرة العاملة والذاكرة الطويلة المدى؛ فإذا لم تتمكن من حفظ المعلومات في الذاكرة القصيرة المدى، فلن تتمكن الذاكرة العاملة من معالجتها بطريقة صحيحة، وستتأثر الذكريات الجديدة في الذاكرة الطويلة المدى، وذلك بسبب تأثر المعلومات المنقولة من الذاكرة القصيرة المدى إلى الذاكرة الطويلة المدى.
ما هي أهم أعراض فقدان الذاكرة القصيرة المدى؟
يتضمن فقدان الذاكرة القصيرة المدى نسيان المعلومات التي عرفتها أو فكرت فيها مؤخراً، ومن أهم أعراض فقدان هذه الذاكرة ما يلي:
- تكرار طرح الأسئلة نفسها عدة مرات.
- نسيان شيء رأيته أو قرأته للتو.
- نسيان أحداث قريبة.
- نسيان مكان وضع شيء ما.
- صعوبة تذكر أسماء الأشخاص الذين قابلتهم للتو.
- دخول غرفة ونسيان سبب وجودك فيها.
تعرف إلى أهم أسباب فقدان الذاكرة القصيرة المدى
هناك العديد من الأسباب والحالات المختلفة التي يمكن أن تسبب فقدان الذاكرة القصيرة المدى، منها على سبيل المثال:
- الشيخوخة: فمع التقدم في السن، تميل التغيرات في دماغك إلى التطور ببطء، ما قد يجعلك أكثر نسياناً من ذي قبل، وأحياناً يكون الاضطراب في الذاكرة القصيرة المدى جزءاً لا مفر منه من مرحلة الشيخوخة.
- تتسبب الأمراض العصبية التنكسية في فقدان الأعصاب بالدماغ، يمكن أن يتسبب العديد من هذه الأمراض فقدان الذاكرة القصيرة المدى مثل مرض باركنسون، وكذلك مرض آلزهايمر.
- الأورام سواء كانت سرطانية أم حميدة، بالإضافة إلى غيرها من الأورام غير الطبيعية في الدماغ، تؤثر في وظائف الدماغ وفي الذاكرة القصيرة المدى.
- الأدوية في بعض الأحيان يمكن أن تسبب فقداناً في الذاكرة القصيرة المدى، وذلك مثل أدوية الاكتئاب والقلق وضغط الدم، والأدوية المهدئة والمنومة.
- الحرمان من النوم: إذ إن عدم الحصول على قسط كاف من النوم قد يضعف وظائف الدماغ، ويؤدي ذلك إلى فقدان مؤقت للذاكرة القصيرة المدى.
- حالات الألم المزمن: مثل بعض أنواع التهاب المفاصل، يمكن أن تسبب سلسلة من المشاكل الإدراكية وتؤثر في الذاكرة القصيرة المدى.
- الأسباب النفسية: هناك بعض الحالات والاضطرابات النفسية التي تؤثر سلباً في الذاكرة القصيرة المدى، مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وحالات الإجهاد النفسي المزمن.
ويضيف الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، بعض الأسباب الأخرى التي يمكن أن تضعف ذاكرتك مثل الشعور بالتوتر والقلق الدائم، والتغذية غير السليمة، والاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية، وقلة النشاط البدني، ونقص الفيتامينات.
اقرأ أيضاً: هل تؤدي الصدمات النفسية إلى فقدان الذاكرة؟
كيف يمكنك اختبار الذاكرة القصيرة المدى؟ إليك أهم الطرائق
أحياناً قد تواجه صعوبة في تذكر المعلومات الجديدة، لكن هذا لا يعني أنك على وشك الإصابة بالخرف، ومن أهم الطرق التي تعرف من خلالها مدى "طبيعية" هفوات الذاكرة لديك هي إجراء اختبار ذاكرة قصير المدى. والحقيقة أن هناك عدة خيارات منها على سبيل المثال:
1. اختبار الذاكرة
هو عبارة عن اختبار سريع ومجاني يمكنك أن تجربه في المنزل، إذ يطرح عليك بعض الجمل وعليك أن تجيب بـ صحيح أو خطأ، ومن أهم الجمل التي يطرحها الاختبار "كثيراً ما أضيع مفاتيحي، وعندما أجدها، غالباً لا أتذكر أنني وضعتها هناك" و"أحياناً أضيع، حتى عندما أقود سيارتي إلى مكان سبق لي زيارته" وبعد أن يجمع الاختبار إجاباتك، تشير النتيجة 9 أو أعلى إلى وجود مشكلة تستدعي تغيير نمط الحياة، بينما تشير النتيجة التي تزيد على 12 إلى ضرورة مراجعة الطبيب النفسي المتخصص.
2. اختبار التركيز
من خلال هذا الاختبار ستظهر لك سلسلة من 3 أشياء على الشاشة، ثم ستختفي وهنا يبدأ الاختبار إذ يجب عليك تذكر ترتيب ظهورها.
اقرأ أيضاً: 5 تمارين لتقوية ذاكرتك
3. اختبار الأرقام
عبارة عن عرض سلسلة من الأرقام تظهر لك على الشاشة، ثم تنتظر بضع ثوان أو دقائق قبل أن تختفي الأرقام، والمطلوب منك هو تذكر تلك الأرقام بالترتيب الذي ظهرت به على الشاشة قبل قليل.
وإذا أشارت نتائجك إلى أن حالتك تستدعي القلق، فمن المهم التحدث إلى الطبيب المتخصص الذي سيطرح عليك أسئلة حول أعراضك، ويجري فحصاً بدنياً، ويطلب فحوصاً مخبرية للبحث عن أي مشاكل طبية محتملة قد تسهم في مشاكل الذاكرة لديك، وإذا لم تشر نتائجك إلى وجود مشكلة كبرى وكان الأمر تحدياً عابراً لا غير، فحاول الحفاظ على نشاط دماغك وتعزيز ذاكرتك القصيرة المدى من خلال:
- تعلم لغة جديدة.
- ممارسة حرفة يدوية مثل الخياطة.
- قضاء المزيد من الوقت في التواصل الاجتماعي الحقيقي بصحبة الأصدقاء.
- تعديل نمط حياتك عبر ممارسة الرياضة بانتظام والحصول على قسط كاف من النوم.