هل يجب إعطاء شريك حياتك السابق فرصة ثانية؟ وكيف تحدد جدوى ذلك؟

4 دقيقة
الشريك الأول
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: العلاقات الفاشلة وحالات الانفصال والطلاق جزء من تجارب الحياة الإنسانية الشائعة؛ لكنّها لا تعني بالضرورة نهاية القصة مع الشريك الأول. من الممكن أن تتجدّد الرغبة في إعادة الارتباط بشريك الحياة السابق على الرغم من تجربة الانفصال المؤلمة. ما العمل في هذه الحالة؟ يقدّم المقال التالي شهادات واقعية مع رأي خبيرة مختصة في العلاقات الزوجية.

“تعرّفت إلى وائل في المدرسة الثانوية، تركني عندما سافر للدراسة في الخارج، وقبل 6 أشهر اتّصل بي عبر موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام وأخبرني بأنه لم ينسني يوماً، رأيته ولاحظت أنه ما يزال وسيماً”. سلمى فتاة عازبة في الثانية والثلاثين من عمرها؛ لكنّها متردّدة: “قضيت سنوات طويلة قبل أن أتعافى من أثر الانفصال، ولا أرغب في أن أندفع مرّة أخرى لتجديد هذه العلاقة”. يتساءل الكثير من الأشخاص مثل سلمى: هل يجب أن نعطي فرصة ثانية لعلاقة سابقة؟ أليس مصيرها الفشل؟

دراسة أسباب الانفصال

تقول المختصّة النفسية، ليزا لوتيسييه (Lisa Letessier): “قبل تجديد علاقة قديمة يجب أولاً دراسة أسباب الانفصال، ثم يمكننا بناء على تتبّع كيفية تطورّها وتطوّر العلاقة أن نعرف إن كان ذلك ممكناً أو لا”. في العام الماضي التقى سومر بِفادية من خلال تطبيق من تطبيقات المواعدة. لم تدم علاقتهما أكثر من 4 أشهر لأنهما كان يتجادلان باستمرار. بعد 3 أسابيع أعادت فادية الاتصال به وقرّرا أن يتقابلا مجدداً.

يقول سومر: “شعرنا بالشيء نفسه: الشوق والأسف على هذا الانفصال السريع؛ لكن المشكلة هي أننا عندما نعيش نشوة تجديد اللقاء فإننا لا نحتفظ في أذهاننا إلا باللحظات الجميلة، لقد نسيت شخصياً سبب الانفصال”. مرّت الأيام ولم يحدث أيّ تقدّم. “لم أستطع الاندماج في العلاقة مرة أخرى، كنت أنتبه إلى كلامي لكن لم يتغيّر شيء”. عاد الجدال والخلاف مجدداً حتّى وقع الانفصال. “أنا نادم على الانفصال مرة أخرى؛ لكننا حاولنا على الأقلّ إصلاح الأمر”.

تجنّب النظرة المثالية

تُنبّه المختصة النفسية ليزا لوتيسييه قائلة: “حذار من خطر النظرة المثالية بعد الانفصال، إنها مجرد تحريف إدراكي للواقع حيث يعمل الدماغ على تصفية المعلومات ويحتفظ بالأحداث الإيجابية فقط، في أيّ علاقة عاطفية هناك ما يُعرف بـ “الازدواجية الصحّية”؛ أي القدرة على الشعور بالارتباط بشخص معين مع إدراك عيوبه.

تلخص ذلك عبارة: “أنا أحبك لكنّك تزعجني”، وعندما نجد صعوبة في استيعاب هذه الازدواجية فإننا نقع في فخّ النظرة المثالية”. خطر هذه النظرة هو احتمال “الانقلاب الكامل نحو النظرة الاحتقارية عندما نكتشف حقيقة الآخر”. يكون الوضع مثالياً في أعيننا فترة معينة ثم عندما نعيد اكتشاف عيوب الشريك نتذكّر أسباب الانفصال السابق ونعود إلى المربع الأول. عندما تتذكّر إذاً شريك حياتك السابق بسبب صعوبة فترة العزوبة التي تعيشها فمن الأفضل ألّا تخدع نفسك: “العودة إلى الارتباط بالشريك السابق بسبب الخوف من الوحدة مجرد مسكّن لا يستمر مفعوله طويلاً” وفقاً للوتيسييه المختصّة أيضاً في علاج الأزواج والطبّ الجنسي.

تقول المختصة النفسية ليزا لوتيسييه: “نظلّ عرضة إلى تكرار ما حدث إلا إذا عملنا على تطوير العلاقة”.

تقبّل نهاية العلاقة السابقة

“عشت 5 سنوات مع مراد ثم انفصلنا لأنني كنت أرغب في الإنجاب وكان يرفض ذلك، وتزوجت من رجل آخر وأنجبت ولداً، ثم انفصلت عنه بعد أن اكتشفت خيانته. كنت أفكر باستمرار في مراد؛ لذا قرّرت ذات يوم أن أبعث إليه رسالة”. ميسون التي تبلغ من العمر 47 عاماً غير نادمة على قرارها هذا: “ارتبطتُ به مجدّداً منذ سنتين وأنا سعيدة بذلك”. ماذا لو كان فشل تجديد العلاقات السابقة مرتبطاً باختيار التوقيت السيئ فقط؟ “ماذا لو كنّا فقط في حاجة إلى خوض تجارب أخرى قبل الاستقرار، حتّى يتبيّن لنا بمرور السنوات وتقييم الأمور أننا جاهزون لذلك، لِم لا؟”.

مع ذلك تنصح الخبيرة بالانتباه و”الوعي بضرورة تقبّل نهاية العلاقة السابقة لبناء علاقة جديدة؛ لأننا إذا استأنفنا العلاقة من نقطة نهايتها فإننا نعرّض أنفسنا إلى خطر تكرار ما جرى في الماضي إلا إذا عملنا على تطويرها ومن ثمّ تأسيس علاقة جديدة”.

استئناف العلاقة بناء على قواعد جديدة

هنا مربط الفرس: نحن لا نعيد بناء العلاقة نفسها؛ بل نعيد الارتباط بالشخص نفسه في إطار علاقة مختلفة. تساعد المختصة النفسية ليزا لوتيسييه الأزواج الذين ترشدهم على تحديد أسباب تعثّر العلاقة وفهمها ثم تجاوزها، وتقترح عليهم عادةً “تمرين الحكي” الذي يمارسه كلّ طرف بمفرده، وهي تقدم تفاصيله في كتابها “الانفصال العاطفي” (La Rupture amoureuse).

تقول لوتيسييه: “أطلب من الزوجين كتابة قصة علاقتهما من بدايتها إلى نهايتها مع ذكر الحكايات السارة وغير السارة”. ثم تقرأ القصتين خلال الجلسة ويستمع كل طرف إلى رواية الآخر وهو أمر قد يكون مؤلماً إلى حدّ ما. ثم يجيب الزوجان بعد ذلك عن الأسئلة التالية: هل كنتما سعيدين في حياتكما الزوجية؟ كيف كانت حياتكما الجنسية؟ كيف كنتما تديران خلافاتكما؟ كيف كنتما تتواصلان؟ تضيف لوتيسييه: “نحلّل العلاقة الماضية ونحدّد جوانبها الناجحة والفاشلة، وما كان ينقصها، ونفكّر أيضاً فيما يمكن فعله حتّى تسير العلاقة الجديدة في الطريق الصحيحة” أو في كيفية بنائها على قواعد جديدة.

احتفظ بأسرارك

إذا كنّا قد خضنا بعض التجارب خلال فترة الانفصال فهل يجب علينا ذكرها أم لا؟ تجيب لوتيسييه: “لا يبدو لي ذلك مفيداً؛ إنه جزء من الأسرار الشخصية. لكن لا فائدة من الكذب أيضاً، فإذا طرح شريكك بعض الأسئلة يمكنك أن تقول الحقيقة وتقدّم بعض المعلومات: يمكنك أن تحدّثه عن هذه التجارب ومدّتها وطبيعتها؛ أمّا التطرّق إلى التفاصيل فلن يساعد على تقدّم علاقتك به”.

لقد فكّرت سلمى كثيراً بعد تجدّد لقائها بِوائل. تقول عن ذلك: “ما زال يضحكني لكنّه لم يعد يثير إعجابي مثلما كان في الماضي، أظنّ أنني أحنّ إلى ذلك التفاهم الذي كان بيننا، ربّما نصبح أصدقاء”؛ في حين ارتبط سومر بشريكة حياة جديدة. أمّا ميسون ومراد فيقرّان بأن كلّاً منهما “تعرّف من جديد إلى الآخر بهدوء”، ويقولان إنه لم يعد لديهما وقت يضيعانه لذلك قرّرا الزواج مرة أخرى بعد مرور 15 عاماً على أول لقاء بينهما.

اقرأ أيضاً: