من المحتمل أن يعاني شخص واحد من أصل خمسة أشخاص مرض الاكتئاب خلال حياته. عادة ما يخلط الناس في أحاديثهم اليومية بين هذا المرض والشعور بالكآبة، ويزيد ذلك غموض عملية تشخيص الأعراض المرتبطة باضطراب الاكتئاب. هناك علامات عديدة يمكن أن تميّز الاكتئاب الذي يتسم بظهور سلسلة من النوبات المتعاقبة. تتجلى هذه النوبات في عدة أعراض تؤثر تأثيراً بالغاً في حياة المريض ومحيطه ومنها الحزن المرَضي وفقدان الشعور بالمتعة وبعض الأعراض المعرفية. وإذا استمرت هذه الأعراض المرتبطة بالاكتئاب فقد تكون لها تداعيات كبيرة على حياة المريض المهنية والاجتماعية.
عندما يصل الاكتئاب ذروته يرتفع خطر الانتحار على نحو ملحوظ، وقد يهدد ما بين 10% و20% من المرضى وفقاً لتحذيرات المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي في فرنسا (Inserm). لذا؛ فإنّ التحدي الأساسي يكمن في تشخيص هذا الاضطراب لوصف العلاج المناسب.
فقدان البهجة علامة لا يمكن تجاهلها
أصبح الحزن مرادفاً للاكتئاب في اللاوعي الجماعي إلى درجة أننا لا نأخذ الأمر على محمل الجد أحياناً. لا ينتبه الناس عادة إلى مريض الاكتئاب، ولا يشكوّن في إصابته، فتستمر معاناته بل يخفي أحياناً مشكلاته "وراء مظاهر النجاح والإنتاجية" وفقاً للطبيبة النفسية ناتاشا تروخيو (Natasha Trujillo) في تصريح لموقع هافينغتون بوست (Huffington Post).
وفقاً للخبيرة النفسية فإنّ العلامة الأولى على الاكتئاب هي الغياب الدائم لشعور البهجة أو المتعة على الرغم من الأحداث الإيجابية التي يمكن أن تحدث في حياة المريض. وقد يكون هذا العرَض المقلق مؤشراً إلى اضطراب عسر المزاج، وهو شكل خبيث من أشكال الاكتئاب.
يتعلّق الأمر بنوع فرعي من أنواع هذا الاضطراب النفسي، يسمى "الاكتئاب العالي الأداء" ويتميز بأمده الطويل. "يحافظ الشخص الذين يعاني الاكتئاب العالي الأداء على إنتاجيته وازدهاره وقدرته على النجاح، لكنه لا يستطيع الحفاظ على شعوره بالفخر أو البهجة أو المتعة، وقد يقلّل من قيمة الإطراء الذي يتلقّاه أو النجاح الذي يحققه، بل قد يراه دون المستوى أو غير مناسب له، أو قد يعدّه غير مستحق أو مجرد حظ".
بعبارة أوضح يعاني الشخص المصاب بالاكتئاب العالي الأداء حالة الانفصال العاطفي التي تمثل آلية دفاعية ينهجها دماغه، وتؤدي إلى فصله تماماً عن عواطفه بما فيها تلك العواطف الإيجابية. تؤكد المعالجة بيكا ريد (Becca Reed) ذلك قائلة: "قد يتجلى هذا الانفصال في غياب اهتمام المريض بالأنشطة التي كانت تعجبه في الماضي، أوشعوره بأنه عالق في روتين ممل أو إحساسه باللامبالاة العاطفية حتى في المواقف التي تتطلب عموماً عواطف قوية".
الاكتئاب: الأعراض وعوامل التفاقم
علاوة على فقدان الشعور بالمتعة والبهجة يجب الانتباه أيضاً إلى الأعراض الأخرى التي تساعد على تشخيص الاكتئاب. من هذه الأعراض 10 إشارات تحذيرية وفقاً لمعهد الدماغ بفرنسا:
- التردد في اتخاذ أبسط القرارات.
- عدم الاهتمام أو فقدان الرغبة أو كلاهما.
- التباطؤ النفسي الجسدي (مشكلات التركيز وضعف اليقظة وثقوب الذاكرة وصعوبات متابعة المحادثات).
- تغيّر الشهية والوزن (يمسّ هذا التغيّر 5 % من كتلة الجسم).
- اضطرابات النوم مثل الأرق (صعوبة الغفو، والاستيقاظ ليلاً) أو فرط النوم (الرغبة المتكررة في النوم والرغبة الواعية أو اللا واعية في اللجوء إلى النوم).
- الشعور بالتعب والخمول وصعوبة بذل أيّ جهد.
- انتقاص الذات.
- الشعور بالذنب تّجاه العائلة والأصدقاء.
- الشك المنتظم والمفرط في القيم والأفعال والأفكار الشخصية.
- التفكير المتكرر في الموت أو الانتحار.
ولا بد من الانتباه أيضاً إلى عوامل التفاقم الأخرى مثل عامل الوراثة والعوامل البيولوجية ومصائب الحياة علاوة على الوسط الاجتماعي ونمط العيش. كما أن هناك عوامل أخرى مسببة للاكتئاب مثل التوتر الناجم عن الطلاق أو الحداد أو المواقف الاجتماعية الصعبة التي تفاقم احتمالية ظهور المرض.
اقرأ أيضاً: