هل تزعجك أصوات المضغ؟ قد تكون مصاباً بمتلازمة الميزوفونيا

3 دقائق
متلازمة الميزوفونيا
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: متلازمة الميزوفونيا هي حالة تتّسم بحساسية شديدة لأصوات معيّنة مثل أصوات الأكل والمضغ، قد تؤثّر سلباً في في الحياة اليومية إذا كانت أعراضها شديدة، بينما تكون قابلة للإدارة على نحوٍ فعّال إذا كانت الأعراض خفيفة، وذلك من خلال طرائق بسيطة نقدّمها في هذا المقال.

على الرغم من أنها تُعتبر اضطراباً، فإن متلازمة الميزوفونيا لا تصنَّف كمرض عقلي أو نفسي؛ بل هي حالة يستجيب فيها دماغ المصاب بشكل مختلفٍ لبعض الأصوات كصوت المضغ. وتُعدّ الميزوفونيا أكثر شيوعاً عند النساء منها عند الرجال، وتميل إلى الظهور بشكل أكبر لدى الأشخاص ذوي معدلاّت الذكاء المرتفعة.

وتفيد الاختصاصية النفسية السعودية، عبير علي بأنّ متلازمة الميزوفونيا أو حساسية الصوت الانتقائية، قد تكون عرضاً لمرضٍ آخر مثل إصابات الدماغ أو الأورام أو الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والصدمات النفسية، وقد تؤدّي إلى العزلة الاجتماعية في بعض الحالات.

ما هي متلازمة الميزوفونيا أو حساسية الصوت الانتقائية؟

متلازمة الميزوفونيا (Misophonia) هي اضطراب تؤدّي فيه أصوات معيّنة إلى استجابات عاطفية أو فيزيولوجية قد يراها البعض غير معقولة. قد يصفها الأشخاص المصابون بالميزوفونيا بأنها أصوات "تدفعهم إلى الجنون"، ويمكن أن تتراوح ردود أفعالهم بين الغضب والانزعاج والذعر والحاجة إلى الفرار. يُطلق على هذا الاضطراب أحياناً اسم "متلازمة حساسية الصوت الانتقائية".

تحفّز الأصوات الشفهية مثل الأكل أو التنفس أو المضغ الأشخاص المصابين بالميزوفونيا؛ كما أن الأصوات الأخرى مثل النقر على لوحة المفاتيح أو ماسحات الزجاج الأمامي يمكن أن تسبّب ردود أفعال سلبية مثلما قد تكون الحركات المتكرّرة محفزاً. وقد يتفاعل الأشخاص المصابون مع المنبّهات البصرية المصاحبة للأصوات وقد يستجيبون بشدّة للحركات المتكرّرة.

ويعتقد الباحثون أن من يعانون من الميزوفونيا قد يواجهون مشكلات في كيفية تصفية أدمغتهم للأصوات المتكرّرة التي تؤدّي إلى تفاقم مشكلات المعالجة السمعية الأخرى.

ويمكن أن تختلف شدّة الاضطراب؛ حيث يعاني الأفراد من مجموعة من الاستجابات الفيزيولوجية والعاطفية. تشمل ردود الفعل الخفيفة القلق والانزعاج والرغبة في الفرار والاشمئزاز، وتتضمّن ردود الأفعال الأكثر حدّة الغضب والكراهية والذعر والخوف والاضطراب العاطفي.

وقد تؤثّر الميزوفونيا سلباً في الحياة الاجتماعية مسببةً القلق الاستباقي حيال المواقف التي قد تكون فيها الأصوات المحفّزة موجودة؛ كتجنّب مواقف معيّنة أو تناول الطعام بعيداً عن الآخرين. بمرور الوقت، قد تثير المحفزات البصرية أيضاً استجابة الأفراد المصابين بالميزوفونيا.

اقرأ أيضاً: لماذا نخاف الأصوات العالية؟

ما علامات الميزوفونيا وأعراضها؟

قد يصبح الأشخاص المصابون بالميزوفونيا عدوانيين لفظياً أو جسدياً تجاه ما يدور في محيطهم من أشياء وأشخاص. وتشمل علامات الميزوفونيا وأعراضها ردّ فعل جسدياً مُتجنّباً وفورياً؛ مثل التهيّج أو الاشمئزاز أو الغضب أو فقدان ضبط النفس استجابةً للمحفّز صوتي الذي يمكن أن يكون صوت المضغ أو التنفس بصوت عالٍ.

هذا بالإضافة إلى الاستجابات العاطفية المصحوبة بتغيّرات فيزيولوجية مثل زيادة معدّل ضربات القلب وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم. وتتضمّن باقي الأعراض ما يلي:

  • سلوكات التجنّب: مثل مغادرة الغرفة أو ارتداء السماعات للابتعاد عن الضوضاء، أو تجنُّب مواقف اجتماعية معيّنة وذلك لمنع التعرّض للتحفيز بسبب الأصوات.
  • التهيّج والانفعال: قد يصبح الأشخاص المصابون عصبيين أو مضطربين عند تعرّضهم للأصوات المحفزة، حتى لو كانوا لا يعانون حينها من استجاباتهم العاطفية النموذجية.
  • تأثُّر الحياة اليومية: يمكن أن تؤثّر متلازمة الميزوفونيا في الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية للفرد على نحوٍ كبير، فقد يواجه صعوبة في التركيز أو الاستمتاع بالأنشطة أو الحفاظ على العلاقات بسبب حساسيته لأصوات معينة.
  • المُحاكاة: قد يشعر بعض الأفراد المصابين بالميزوفونيا بأنهم مضطرّون لتقليد الصوت المحفّز؛ إما كآلية للتكيّف أو لاكتساب شعور بالسيطرة على الموقف.

ما الأسباب المحتمَلة للإصابة بالميزوفونيا؟

لا يوجد سبب مؤكّد للإصابة بمتلازمة الميزوفونيا؛ لكنها تميل إلى الظهور على نحوٍ أكبر لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري (OCD)، واضطرابات القلق، والأشخاص الذين يعانون من طنين الأذن؛ حيث تظهر عادة خلال فترة البلوغ ويكون الصوت المحفّز هو صوت مضغ أحد أفراد الأسرة.

وقد رُبطت الميزوفونيا بمناطق معينة من الدماغ؛ بما في ذلك الجزء الأيمن، والقشرة الحزامية الأمامية اليمنى، والقشرة الصدغية العلوية اليمنى؛ حيث تشارك هذه المناطق في تحديد المعنى وراء المحفّزات، والاهتمام السمعي الانتقائي، ومعالجة الأصوات ذات الأهمية العاطفية.

قد يؤدّي بعض المحفّزات إلى إثارة مشاعر قوية وإثارة فيزيولوجية، مسبباً تنشيطاً غير عادي في القشرة السمعية قد يجعل الأفراد المصابين يعطون معنىً غير نمطي لمحفّزات غير مؤذية أو غير ذات أهميّة.

ما أفضل طرائق التعامل مع أعراض متلازمة الميزوفونيا؟

يمكن أن تكون ردود الأفعال العاطفية والجسدية ساحقة في الحالات الشديدة للميزوفونيا؛ حيث يصعب التحكّم في سلوكات الكرّ أو الفرّ ( Fight-or-Flight)، ويمكن في هذه الحالة أن يستفيد الأشخاص المصابون من العلاج النفسي والعلاجات المخصّصة لعلاج أعراض القلق.

لكن يمكن للعديد من الأشخاص التكيّف مع هذه الحالة أو التعامل معها من خلال تقنيات التأقلم التي قد تشمل الآتي:

  • استخدام سدادات الأذن أو سماعات الأذن أو سماعات إلغاء الضوضاء.
  • الاستماع إلى صوت آخر يجعل العمليات المرتبطة بالسمع في الدماغ تركّز عليه بدلاً من الاستماع إلى الصوت المحفّز.
  • استخدام مكافِحات الضجيج أو ما يُعرف بـ "مولدات الضوضاء البيضاء الإلكترونية"، وبخاصة أصوات الضوضاء البيضاء أو الوردية أو البنية.

اقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من الحساسية من الضوضاء؟

وفي الختام، لا تمثّل متلازمة الميزوفونيا مصدر قلق كبير حين تكون أعراضها خفيفة؛ إذ يمكن للأشخاص المصابين التحكّم في الأعراض العاطفية والجسدية وإدارتها على نحوٍ فعّال.

المحتوى محمي