ملخص: أحدثت شبكات التواصل الاجتماعي خلال العقد الماضي تغييرات عميقة في طريقة التواصل بين الأفراد وتفاعلهم، وكان لذلك دور واضح في صحتهم النفسية من حيث التأثير في تقدير الذات والشعور بالمكانة الاجتماعية، وكذلك المعاناة من بعض الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق عند الشعور بتخلّفهم عن الركب، وتطوُّر أقرانهم في شبكاتهم الاجتماعية ورؤيتهم يعيشون حياة مفعمة بالنجاحات على المستوى الشخصي والعملي. ونتناول في هذا المقال تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة المواقع المهنية مثل لينكد إن، في الصحة النفسية للأفراد.
محتويات المقال
أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي منذ ظهورها طفرة في خلق شبكات اجتماعية، وكانت سبيلاً للتواصل بين أفراد تربطهم علاقات على أرض الواقع وآخرين ليست بينهم أي صلة؛ ما أثرى حياة الكثيرين. لكن كما كان لتلك الشبكات تأثير إيجابي في تحقيق التواصل؛ ظهر بعض الآثار السلبية لاستخدامها في السلوك البشري نظراً لاحتمالية تسبُّبها في اضطرابات نفسية.
على سبيل المثال؛ أظهرت مراجعة من جامعة بلغراد (University of Belgrade) أن الاستخدام المطوَّل لشبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، قد يكون مرتبطاً بالإصابة بالاكتئاب وتدنّي احترام الذات.
شبكات التواصل الاجتماعي وتضخيم احترام الذات وتقليل ضبط النفس
كذلك، حذَّرت دراسة أعدها باحثون من جامعة بيتسبرغ وكلية كولومبيا للأعمال، من وقوع مستخدمي فيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي في شرك تضخُّم احترامهم لذواتهم المعزَّز بـ "الإعجابات" والتعليقات الإيجابية من الأصدقاء المقربين؛ حيث يمكن أن يؤثر ذلك سلباً في قدرتهم على ضبط النفس سواء خلال اتصالهم أو عدم اتصالهم بالإنترنت.
وتوضح الدراسة أيضاً إن المستخدمين الذين يركزون على الأصدقاء المقربين يميلون إلى الشعور بزيادة احترام الذات في أثناء تصفح شبكاتهم الاجتماعية، وبعد ذلك، يُظهر هؤلاء المستخدمون قدراً أقل من ضبط النفس.
آثار لينكد إن السلبية في الصحة النفسية
تلى ظهور شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، ظهور شبكات تواصل اجتماعي مهنية أشهرها موقع لينكد إن الذي يتيح للمستخدم بناء روابط مهنية مع أفراد آخرين في دائرة عمله وخارجها، لتوسيع نطاق شبكته الاجتماعية وتطوير ذاته والانفتاح على فرص العمل محلياً وعالمياً.
وقد أدى استخدام موقع لينكد إن دوراً مهماً في التطوير الوظيفي؛ حيث أفاد مستخدموه بأنه ذو قيمة كبيرة في عملية البحث عن عمل والنهوض بمهنهم والنجاح في مناصبهم الحالية، وأنهم يسعون من خلاله إلى تعزيز علاقاتهم المهنية وثقتهم بأنفسهم وتخفيف قلقهم بشأن القضايا المتعلقة بالعمل.
ومع ذلك، من الممكن أيضاً أن يشعر المستخدمون بالاكتئاب والقلق لعدد من الأسباب؛ منها الشعور بالذنب للوقت "الضائع" وعدم القدرة على مجاراة إنجازات الآخرين وفقاً لدراسة من جامعة ولاية أوهايو. وقد تؤدي زيادة استخدام هذه المنصات أيضاً إلى تدنّي احترام الذات والرضا العام عن الحياة.
هل يسبب استخدام لينكد إن الاكتئاب والقلق؟
في هذا السياق، دفع شيوع استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية المهنية بين المهنيين الشباب، باحثين من جامعة بيتسبرغ الأميركية إلى تقييم احتمالية ارتباط استخدام هذه الشبكات باضطرابات الصحة النفسية، والتحقق من العلاقة بين تكرار استخدام لينكد إن والاكتئاب والقلق بين الشباب.
وأظهرت نتائج المراجعة ارتباط استخدام شبكات التواصل الاجتماعية المهنية بمشكلات الصحة النفسية كالاكتئاب والقلق والتغيرات في احترام الذات والشعور بالضيق العاطفي. وكان لدى المشاركين الذين يستخدمون لينكد إن مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، احتمالات أعلى لزيادة الاكتئاب والقلق.
بالإضافة إلى التأثيرات السلبية المحتملة من المقارنات الاجتماعية، قد يكون مستخدمو لينكد إن عرضةً للاضطراب العاطفي بسبب محاولات البحث المستمرة عن عروض عمل جديدة وإجراء اتصالات مع أصحاب عمل جدد وانتظار ردود أصحاب العمل؛ ما يسلبهم الشعور بالاستقرار.
كيف يمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي مع الحفاظ على الصحة النفسية؟
لا مجال للشك في أن لمنصات التواصل الاجتماعي المهنية دوراً مهماً في حياة الأفراد وتطوُّرهم المهني؛ ما يعني أن استخدامها أمر مهم. وللحصول على النتائج الإيجابية والحد من السلبية، يمكن اتباع النصائح التالية:
- تقليل وقت استخدام الإنترنت: يمكن أن يساعد تقليل وقت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة يومياً على تخفيض مستويات القلق والاكتئاب والشعور بالوحدة ومشكلات النوم.
- التركيز: قد يستخدم البعض وسائل التواصل الاجتماعي بدافع العادة أو لقتل لحظات الراحة من دون وعي؛ ولكن من خلال التركيز على دوافع استخدامها يمكن تقليل الوقت وكذلك تجنُّب العديد من الجوانب السلبية. فإذا كان الهدف من استخدامها البحث عن معلومات محددة، يجب القيام بذلك فقط دون التشتت بأمور أخرى.
- قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء وجهاً لوجه: نحتاج جميعاً إلى رفقة الآخرين وجهاً لوجه لنكون سعداء، لذلك يجب ألا نستبدل بالاتصال بالأصدقاء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مقابلتَهم في الحياة الواقعية، فوسائل التواصل الاجتماعي أدوات رائعة لتسهيل الاتصالات في الحياة الواقعية؛ لا استبدالها.
- وأخيراً، التعبير عن الامتنان: يمكن أن يكون الشعور بالامتنان والتعبير عنه تجاه الأشياء المهمة في الحياة، وسيلةً للشعور بالراحة عوضاً عن الاستياء الذي قد تولّده وسائل التواصل الاجتماعي أحياناً.