يقوض الصمت الطويل الألفة بين الزوجين، وكذلك كثرة الكلام حينما تؤدي إلى سوء الفهم، فكيف يمكن للزوجين تعلم فهم بعضهما بعضاً؟ يُعد التواصل بين الزوجين فناً له أصول، ونطلع عليها من خلال السطور التالية.
لمَ يصعب التواصل بين الزوجين؟
تقول الطبيبة النفسية المختصة في العلاقات الزوجية إيفون دالير (Yvon Dallaire): "يتطلب تعميق معرفة الزوجين ببعضهما بعضاً وتوطيد الألفة بينهما أن يتواصلا". وتستدرك: "لكن المفارقة هي أنه كلما ازداد التواصل وتعمق كل طرف في أفكار الآخر ومشاعره، زادت احتمالات سوء الفهم والتفسير الخاطئ وتسلل مشاعر خيبة الأمل إلى العلاقة. مثلاً قد تقول الزوجة لزوجها خلال نقاش ما: ما كنت لأصدق أنك قد تفكر بهذه الطريقة، أشعر أنني لم أعد أعرفك. ثم تتساءل في نفسها: كيف لي أن أستمر في حبه إذا لم أعد أعرفه ولم يُعد الشخص الذي كنت أظنه؟".
الحوار بين الزوجين فن دقيق
ترى ليفون دالير أن الحوار بين الزوجين يُعد فناً دقيقاً، فلا يكفي إتقان ما يُسمى "قواعد التواصل الصحي" في هذا الخصوص؛ مثل تحدث كل طرف عن مشاعره وعن سلوكيات الآخر بدلاً من انتقادها واستخدام ضمير المتكلم "أنا" بدلاً من لومه باستخدام ضمير المخاطب "أنت"، وما إلى ذلك، لأن ما ينجح في بيئة تعلمية أو مهنية قد لا ينجح في البيئة الزوجية التي تغلب عليها العواطف، ولأن الطرفين منغمسان في العلاقة فإنه يصعب على كل منهما أخذ مسافة من الآخر والتحلي بنظرة موضوعية (بخلاف المعالج) تسمح له بالاستماع إليه دون الحكم عليه والشعور بالذنب بسبب كلامه.
مثال
قد تقول سمر لزوجها وهي على دراية بقواعد التواصل: "أنا لست سعيدة حالياً في هذه العلاقة"؛ لكن كل ما سيفهمه زوجها من كلامها هو: "أنتَ لا تجعلني سعيدة"، ولذلك فإنه سيفضل إمضاء بعض الأمسيات وحده تجنباً لأفكارها الوجودية هذه حتى لو كان يعي مدى أهمية الاستماع إليها.
سوء الفهم بين الزوجين
تقول ايفون دالير: "ما يعزز احتمال سوء الفهم بين الزوجين هو حقيقة أن أسلوب التواصل يختلف اعتماداً على النوع الاجتماعي بوجه خاص، إضافةً إلى شخصية المرء وتربيته بوجه أعم". إن فرض أحد الطرفين طريقة تواصله في الحياة الزوجية يُعد بمثابة إساءة تقدير لاحتياجات الآخر من التواصل أو التقليل منها.
أهمية التواصل بين الزوجين
إذاً هل الأفضل للزوجين التزام الصمت لتدوم علاقتهما؟ بكل تأكيد لا، فالتواصل يعني المشاركة، والمشاركة أساس الحياة الزوجية. يوضح عالم النفس والمعالج النفسي باتريك إستراد (Patrick Estrade): "الكلام هو حيز الحياة وتبادل الأفكار؛ حيث يتلاقى الطرفان ليعرف كل منهما الآخر أكثر ويتعرفا إلى نفسيهما كزوجين أيضاً". ووفقاً له، فإن للكلام قدرة كبيرة على منح الآخر الشعور بالاطمئنان: "فعندما أتكلم معك أطمئنك لأنني أثبت لك أنك موجود بالنسبة إليّ".
خطورة الصمت الطويل على الحياة الزوجية
تقول عالمة الجنس كاترين سولانو (Catherine Solano): "يعتقد الكثير من الأزواج أنه مع وجود الحب لا تعود ثمة حاجة إلى الكلام ليفهم بعضهم بعضاً"، وتتابع: "في الحقيقة ينتهي الأمر بهؤلاء في عيادات العلاج الزوجي، لأن هذا السكوت المستمر يؤدي إلى تراكم مشاعر الإحباط والاستياء بين الطرفين ما يقوّض العلاقة".
ما الطريقة الصحيحة للتواصل بين الزوجين؟
يتطلب التواصل الصحيح بين الزوجين في المقام الأول قبول وجود حدود لهذا التواصل، وتقول عالمة النفس إيفون دالير:"التواصل يعني تبادل المعلومات وليس تبادل العواطف أو الخبرات أو الأفكار". فسيل الكلام وإن لم يتضمن اللوم يُشعر الآخر بأن حيّزه الخاص يُنتهك، وهذا يرهقه ويصيبه بالملل. ومن ثم فإن الفكرة الرئيسية هنا ليست قدرة الطرفين على قول كل ما يجول بخاطرهما لبعضهما بقدر التيقن من أنه يمكنهما ذلك، وهو فارق دقيق جوهري لأنه يشير إلى علاقة تقوم على الثقة.
خصصا وقتاً للحوار
يمثل تخصيص وقت للحوار بين الزوجين فرصة للتعامل مع بعض الصعوبات أو المشكلات التي قد يؤدي نقاشها على الفور إلى تصعيد الخلاف، بمنظور أوسع. أخيراً، يبقى تبادل الكلام الذي يعبر عن سعادة الزوجين لوجودهما معاً ويشير إلى الأمور الطيبة التي حققاها مطلوباً كلما سنحت الفرصة ودون حدود، فهذا الكلام الإيجابي الذي يُهمل غالباً بمرور الوقت، هو أداة رائعة للحفاظ على حياة زوجية سعيدة.
اقرأ أيضاً: علامات تنبئ بأن أمام الزوجين 3 أشهر قبل الانفصال!