ملخص: يقول مخرج فيلم "السحر النفسي، فن الشفاء" (Pychomagic, a Healing Art) أليخاندرو يودوروفسكي (Alejandro Jodorowsky) في كتابه: "يشير مفهوم السحر النفسي إلى أساليب العلاج النفسي التي تقوم على إجراءات محددة تخاطب اللاوعي مباشرة". تعرف اليوم إلى مفهوم "السحر النفسي" (Psychomagic) وفقاً لمنهج أليخاندرو يودوروفسكي والمحللة النفسية وعالمة الأنساب النفسية ومؤلفة كتاب "ممارسة التفكير الجامح" (Pratiquer la pensée sauvage)، إليزابيث هورويتز (Elisabeth Horowitz).
قد نضطر في بعض الأحيان إلى الانعزال عن الآخرين لأي سبب كان؛ مثلما حدث عندما فُرض علينا الحجر الصحي إثر تفشي فيروس كورونا المستجد، فماذا لو استفدنا من هذه المرحلة لنغوص في أعماقنا؟ سنتعرف اليوم إلى مفهوم "السحر النفسي" وفقاً لمنهج مخرج فيلم "السحر النفسي، فن الشفاء" (Pychomagic, a Healing Art)، أليخاندرو يودوروفسكي، والمحللة النفسية وعالمة الأنساب النفسية ومؤلفة كتاب "ممارسة التفكير الجامح"، إليزابيث هورويتز.
يقول أليخاندرو يودوروفسكي في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه، "السحر النفسي": "يشير مفهوم السحر النفسي إلى أساليب العلاج النفسي التي تقوم على إجراءات محددة تخاطب اللاوعي مباشرة". لذا يحرص أليخاندرو على ارتداء ميداليات حول رقبته ويخفيها تحت سترته ليمنح نفسه الشجاعة قبل إلقاء كلمة؛ كما أنه قد يطلب من مرضاه أن يركلوا قبور أحبائهم ثم يكتبوا عليها "أحبك" بخط جميل، وذلك من أجل تصفية الحسابات وإصلاح العلاقة مع المتوفّى.
ومن جانبها، فقد استوحت إليزابيث هورويتز مصطلح "التفكير الجامح" من عالم الأنثروبولوجيا والإثنولوجيا الفرنسي المعروف، كلود ليفي شتراوس (Claude Lévi-Strauss) (1908-2009)، لتحديد الأفعال الرمزية التي استخدمتها الشعوب الأولى للتكيُّف مع ظروفها الحياتية والبيئية (كتحييد الأرواح الشريرة ومحاربة الأعداء وزيادة قواهم الروحية).
لكن التجارب التي اقترحها المعالجان النفسيان لن تسفر عن نتائج إلا إذا استطعنا إسكات تفكيرنا العقلاني المعتاد بصفة مؤقتة،
ولنبدأ بتجربتين اقترحتهما إليزابيث هورويتز:
1. تصغير الأحجام وتكبيرها
يؤدي تصغير أحجام المجسّمات إلى خفض الشحنة العاطفية؛ وبالتالي فإن هذا الإجراء سيؤدي إلى تصغير الشعور الذي يخيفنا لكي نمنح أنفسنا الإحساس بالسيطرة على الموقف
مثلما حدث عند فرض الحجر الصحي الإجباري (وما صاحبه عندئذٍ من إحساس بالقلق والعزلة والحبس والخوف من الإصابة بالمرض أو الخوف مما قد يحدث في المستقبل القريب، إلخ).
اصنع عجينة من الورق أو الملح، ثم اصنع منها مُجسّماً يمثلك أو اصنع عدة مُجسّمات تمثل حالاتك النفسية إذا كنتَ تشعر بالعديد منها في الوقت نفسه، ويمكنك أيضاً أن تصنع مُجسّمات بعناصر ديكورية.
وصفة عجينة الملح: كوب من الدقيق، نصف كوب من الملح، نصف كوب من الماء. يمكنك مضاعفة هذه الكميات 3 أو 4 مرات حسب الرغبة. اخلط الدقيق والملح وأضف الماء تدريجياً مع عجن الدقيق للحصول على عجينة طرية ذات ملمس انسيابي. شكّل المُجسّمات أو العناصر الديكورية ولفّها في ورق الزبدة، ثم ضعها في فرن درجة حرارته 180 درجة.
اعمل على تكبير حجم المُجسّمات المصنوعة ثم تصغيرها تدريجياً لتقليل تأثير السمة الشخصية السلبية أو سيطرتها عليك:
ارسم هذه السمات الشخصية السلبية بحجم متوسط (حتى إذا كنت لا تعرف كيف ترسم، المهم أن تجسّد المعاني الرمزية الرئيسية لهذه السمات)، ثم ارسمها كل يوم بحجم أصغر حتى تصل إلى حجم طابع البريد.
يمكنك تكرار الإجراء نفسه للتخلُّص من الخوف أو الفوبيا (الرهاب).
يمكنك تكبير صورة سماتك الشخصية الإيجابية أو مواهبها الرئيسية لزيادة الثقة بالنفس وقدرتها على الإنجاز، فالأشياء الكبيرة تثير إعجاب اللاوعي وتبهره دائماً:
وإذ جئنا برسام مبدع وطلبنا منه رسم لوحة عملاقة لنفسه، وإذا كان هذا الرسام خجولاً بطبعه، فإنه سيرسم لوحة تصوِّره يقف خلف منصة يخاطب حشداً من الجمهور المترقّب، إلخ.
2. استخدام الصور الفوتوغرافية
قد يسمح لنا رسم موقف غير مريح أو مؤلم نفسياً بوضع مسافة بيننا وبينه؛ وبالتالي تحرير أنفسنا منه. وبالمثل، فإنك إذا أردتَ وضع مسافة بينك وبين شخص يسبّب لك آلاماً نفسية، فيمكنك وضع صورته الفوتوغرافية أو صورته المرسومة يدوياً في مظروف وإلقاؤه في مكان بعيد عن متناول يدك (كحديقة المنزل أو الشرفة أو عتبة النافذة) قبل أن تتمكن من إرسالها بالبريد إلى نهاية الأرض.
- احرص على رسم الشخص أو الموقف غير المريح نفسياً، مع الانتباه إلى مشاعرك وعواطفك.
- استشعر الارتياح (والتخلُّص من مشاعر الكراهية أو الاستياء) وأنت تُسقِط الصورة في الظرف وتلقيها بعيداً عن متناول يدك.
- استشعر مقدار خفة الروح والحرية اللذين ستنعم بهما.
دعونا الآن نتعرّف إلى نصيحة أليخاندرو يودوروفسكي؛ دعونا نتذوق لغته الشعرية المفعمة بالحيوية التي تدعونا لتحرير أنفسنا وخلق مساحة خاصة بنا (مقتطف من كتاب "السحر النفسي").
مساحتك الخاصة
كل إنسان لديه في قرارة نفسه مساحته الخاصة؛ منطقته التي يحبها. قد تقع هذه المنطقة عند سفح الجبل أو في الريف أو بالقرب من شاطئ البحر؛ وقد تكون ذات تربة خصبة أو رملية أو أياً كان ما يريده.
دع أرضك المحببة تخطر على بالك، تخيَّل منطقتك المثالية.
هل تراها؟ ما طبيعتها؟ هل يوجد ظل هناك؟ هل لها رائحة؟ ما رائحتها؟ هل توجد حشرات صغيرة، أو أي حيوانات أخرى هناك؟ مهما كانت، دعها تخطر على بالك. تجوّل في هذه المنطقة التي تخصك، وامرح فيها بكل سعادة لأنك عثرت أخيراً على منطقتك الخاصة بالحجم الذي تريده. وسواءً كانت صغيرة أو كبيرة، فإن كل إنسان ينعم بمنطقته. من الضروري أن يمنحك اللاوعي أرضك؛ الأرض التي تخصك، والحيّز الذي تريد العيش فيه. لا يمكنك اختيار المشهد العام للآخرين تماماً كما لا يسعك اختيار والديك؛ لكن يمكنك اختيار مشهدك أنت. استمتع بأرضك، ومن هناك شاهد بيتك يلوح أمامك؛ مسكنك الذي تحبه وتريده. هذا هو منزلك المثالي الذي تريد أن تعيش فيه طوال حياتك بصحبة أحدهم أو وحدك.