ملخص: مَن منّا لم يسمع والده أو والدته تروي جزءاً من سيرته الطفولية وتذكّره بحماقاته وصفاته؟ يمارس معظم الآباء والأمهات سلوك تصنيف الأبناء وفقاً للسمات والخصائص التي كانت تميّزهم خلال الطفولة. قد يبدو هذا السلوك بسيطاً وعابراً؛ لكن ألا ينطوي على بعض الآثار النفسية والاجتماعية المضرة بالأبناء؟ إليك الإجابة.
محتويات المقال
ربّما سمعت أو سمعتِ من قبل أحد هذه التعليقات: "لقد كان ابني أخرقَ باستمرار" أو "إنه خجول جداً" أو "ابنتي كانت حالمة أكثر من اللازم". هل سمعته من شخص يعرف جيداً تاريخ طفولتك وشعرت أنه يقدّم وصفاً لا ينطبق عليك بتاتاً، أو "لم يعد ينطبق عليك"، ولا سيّما أن بعض سماتنا الطفولية قد تختفي بمجرد بلوغنا سنّ الرشد؟
على الرغم من أنّ ميل بعض الآباء إلى تذكير أبنائهم بسلوكياتهم الطفولية عادةٌ تبدو غير مؤذية وقد تتوقف عند أوّل ملاحظة أو تصحيح يدلي به الابن أو البنت، فإنها قد تضرّ بالأبناء وتؤثر في علاقاتهم بالآباء أو الأمهات.
لماذا يميل الآباء إلى تصنيف أبنائهم؟
تقول المعالجة النفسية المختصّة في قضايا الأسرة، سارة إيبستين (Sarah Epstein)، في مقال نشره موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today): "يجد بعض الآباء صعوبات في تحديث النموذج الذي يحملونه في أذهانهم عن هويات أبنائهم". ويعكس هذا التوجه تقاعس الآباء عن بذل الجهد من أجل التعرّف إلى الشخصية الراشدة للابن. وقد لا يهتمّ الآباء بهذه الشخصية، وربّما شعروا ببعض الحزن بسبب التغيير الذي حدث لأبنائهم. توضّح الخبيرة النفسية: "قد يكون من المريح للأب أو الأمّ رؤية الطفل من هذا المنظور الأحادي، وقد يشعر بعضهم بالحزن بسبب فقدان تلك الشخصية الطفولية التي كانت تميّز الابن فيحاول التشبث بها بينما تخلّص الطفل نفسه منها".
وفقاً للتصريح الذي أدلت به المعالجة المختصّة في الأسرة، جانيس ستافورد (Janice Stafford)، لموقع مترو فاميلي (Metro Family)؛ فإن تصنيف الأبناء وفقاً لتوصيفات معينة له أسباب أخرى عديدة. وإذا كان من بين هذه الأسباب المحتملة سوء التصرف أو الحنين أو عدم الاهتمام بالطفل، فإنّ الخبيرة النفسية تشير إلى أسباب أخرى مثل شعور العجز الذي يسيطر على بعض الآباء، أو ضغط مسؤوليات الأبوّة أو الأمومة أو تكرار أنماط التربية التي تلقّاها الآباء أنفسهم.
تصنيف الأبناء: عائق يواجه العلاقة بين الآباء وأبنائهم
خلافاً لما نعتقده، فإنّ تصنيف الأبناء وفقاً لهذه الصفات الخاطئة ليس مجرد حدث بسيط أو عابر. توضح سارة إبستين: "قد يكون تصنيف الأبناء في هذه التسميات أو التصنيفات منفّراً لهم، وقد يشعرون بالإحباط بسبب اضطرارهم إلى تصحيحها باستمرار لآبائهم أو تحمّل أخطاء هذه التصنيفات بانتظام. وفي المقابل، قد يستاء الآباء من التلميح الدائم بأنهم لا يعرفون حقيقة أبنائهم جيداً".
إن إلصاق صفة معينة بشخص ما يعني رفض إمكانية تطوره وتغيّره، ويمكن أن تؤدي هذه التصنيفات الخاطئة على المدى البعيد إلى صراعات حقيقية بين الآباء والأبناء وإضعاف العلاقة بينهم. لكن لا داعي لليأس، فمن الممكن إعادة بناء التفاهم بين الآباء والأبناء شرط أن يتحلّوا جميعاً بحبّ الاستطلاع والانفتاح على التغيير.
وفي هذا السياق، كتبت المعالجة النفسية سارة إبستين في مقالها: "بالموازاة مع نموّهم وتغيّرهم، يقدّر الأطفال انتباه آبائهم إلى هذا النمو والاعتراف به، فنحن نرغب جميعاً في إثارة انتباه الآخرين وتعرّفهم إلينا، وتزداد هذه الرغبة شدّة عندما يتعلّق الأمر بآبائنا وأمّهاتنا".
اقرأ أيضاً: ما تأثير سلوكيات والديك في حياتك؟ وماذا تفعل للتحكم بها؟