ماذا يحدث في دماغك عندما ينفصل شريكك عنك؟

2 دقائق
آثار الانفصال في الدماغ

تستهلك العلاقات العاطفية جزءاً كبيراً من طاقنا ومشاعرنا، وبخاصة إذا مر عليها وقت طويل، وكلما كرسنا أنفسنا لها أكثر، كان الألم الناجم عن انتهائها أكبر. لكن لا ينحصر تأثير الانفصال في الألم العاطفي فقط؛ بل يمتد ليطال الدماغ أيضاً. بحثت عالمة الأنثروبولوجيا الأميركية هيلين فيشر (Helen Fisher) في موضوع آثار الانفصال في الدماغ وخلصت إلى نتائج علمية لا لبس فيها.

لا يختلف اثنان حول الألم الذي يسببه الانفصال العاطفي ولا سيما عندما لا يتم برضا الطرفين معاً، وإذا كنا نعي تأثير ألم الانفصال في المشاعر فما تأثيراته في الدماغ؟

حسرة الانفصال تُنشّط مناطق الألم في الدماغ.

إضافةً إلى تأثيره في المشاعر، يُنشط الانفصال العاطفي مناطقمحددة في الدماغ وهو ما خلصت إليه عالمة الأنثروبولوجيا الأميركية هيلين فيشر التي راقبت نشاط الدماغ لدى 15 شخصاً يعانون حسرة الانفصال، ونشرت نتائج دراستها في مجلة علم وظائف الأعصاب (Journal of Neurophysiology) في يوليو/تموز 2010. لاحقاً لذلك، تناولت مجلة ذي أتلانتيك (The Atlantic) أعمالها في مقال نُشر في فبراير/شباط 2022 من إعداد مؤلفة كتاب "الحسرة" (Heartbreak) الذي يبحث في الألم الناجم عن الانفصال، فلورنس ويليامز (Florence Williams).

عرضت عالمة الأنثروبولوجيا على الأشخاص المشاركين في التجربة صور شركائهم السابقين وراقبت خلال ذلك ردود الأفعال في مناطق مختلفة من أدمغتهم باستخدام الرنين المغناطيسي، وبدا لها أن ثمة مناطق محددة تنشط أكثر من غيرها عند رؤية الشريك السابق، مثل المناطق المرتبطة بالشعور بالحسرة والألم والتنظيم الانفعالي، وتقول هيلين فيشر إن لهذه المناطق دوراً ضرورياً في الشعور بالحب لكنها للمفاجأة المناطق ذاتها التي تنشط خلال إدمان الكوكايين؛

إذ إن للانفصال الأثر الانسحابي ذاته. يقول عالم النفس غاي ونش (Guy Winch) في مقال نُشر في مجلة سايكولوجي توداي (Psychology Today) في يناير/كانون الثاني 2018: "تُضعف الأعراض الانسحابية القوية هذه قدرتنا على التفكير ومواصلة حياتنا بصورة طبيعية". ويضيف: "جميعنا عانينا حسرة الانفصال التي تُفقد الإنسان قدرته على التركيز لأسابيع".

المرحلتان اللتان يمر بهما الدماغ بعد الانفصال

أفادت دراسة أجرتها هيلين فيشر أن الأعراض الانسحابية للانفصال تستمر نحو 3 أشهر ويمر الدماغ خلال هذه العملية بمرحلتين متمايزتين، ففي البداية يرفض الانفصال الذي حدث وينكره ما يدفع الفرد إلى فعل كل ما بوسعه لاستعادة شريكه وجمع شتات علاقتهما. تعزز النواقل العصبية التي يصنعها الدماغ هذه الحالة وتختلف المدة التي تستغرقها مرحلة الرفض من شخص إلى آخر تبعاً لعمق مشاعره ومدة العلاقة.

أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الاستسلام للواقع ومحاولة التعايش معه وتتميز بصعوبتها إذ تنخفض خلالها هرمونات السعادة مثل الدوبامين والسيروتونين انخفاضاً كبيراً، ووفقاً للدارسة فإن الدماغ يزيد إفراز الهرمونات المرتبطة بالتوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين خلال هاتين المرحلتين.

المحتوى محمي