لماذا يداهمك النوم في ساعات الصباح؟ وكيف تعالج هذه المشكلة؟

8 دقائق
قصور النوم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

تلك الفترة المؤقتة بعد الاستيقاظ التي تعاني فيها تشوّشاً ذهنياً ونكداً وبطئاً في الاستيعاب، هي حالة تُسمى "خمول النوم" أو "قصور النوم" أو "جمود النوم" (Sleep Inertia)؛ وهي حالة مؤقتة يعانيها العديد من الناس، ولها أسباب عديدة وأعراض مختلفة أيضاً. فما هي أسبابها؟ وهل يمكن التغلب عليها؟ إليك التفاصيل.

اقرأ أيضاً: ما الذي قد يجعل نومك ثقيلاً؟ وكيف تعالج هذه المشكلة؟

ما هو قصور النوم؟

هو حالة فيزيولوجية طبيعية مؤقتة تحدث عندما ينتقل الشخص من النوم إلى اليقظة. يختبر الناس معظمهم هذه الحالة إلى حد ما، خاصة بعد الاستيقاظ من النوم ليلاً، وتستمر عادةً من بضع دقائق إلى 30 دقيقة تقريباً، على الرغم من أنها قد تمتد إلى ساعة أو حتى ساعتين في الحالات الأكثر تطرفاً، وخاصةً في حال لم ينل الشخص قسطاً كافياً من النوم.

عموماً، لا يُعدّ قصور النوم مدعاة للقلق في الحالات أغلبها؛ ويلاحظ أنه أكثر شيوعاً بين المراهقين، ويقل مع التقدم في العمر. وعلى الرغم من أنه حالة شائعة وقصيرة الأمد، فقد يكون أشد وطأة أو أطول أمداً عند بعض الأشخاص، مثل أولئك الذين يعانون بعض اضطرابات النوم مثل اضطراب فرط النوم (Hypersomnia)، أو ممن يمتلكون جدول نوم غير منتظم (مثل عمال المناوبات)، أو المحرومين من النوم الكافي، أو المصابين ببعض الاضطرابات النفسية مثل اكتئاب أُحادي القطب، أو اضطراب ثنائي القطب.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يستطيع بعض الأشخاص النوم إلّا في الضوضاء؟

تعرف إلى الأعراض المميزة لقصور النوم

تختلف الأعراض وشدتها باختلاف الأشخاص، لكن السمات الأساسية هي الشعور بالترنُّح والتشوّش، وقد تشمل أيضاً ما يلي:

  • نكد ومزاج سيئ.
  • بطء في الاستجابة وردود الفعل.
  • ضعف في الذاكرة قصيرة الأمد.
  • ضعف القدرة على إكمال المهام.
  • رغبة عارمة في العودة إلى النوم.
  • انخفاض اليقظة والقدرة على الانتباه.
  • ضعف القدرة على اتخاذ القرارات.
  • بطء في سرعة التفكير والتعلم.

معنى هذا الكلام أن الناس معظمهم يكونون أقل قدرة على العمل في الصباح الباكر بعد الاستيقاظ، وذلك ليس بالأمر الجلل، إلا بالنسبة لبعض الناس ممن عليهم الاستيقاظ وأداء مهام عالية الخطورة مباشرةً أو اتخاذ قرارات مرهقة إدراكياً؛ مثل أطباء الإسعاف وضباط الشرطة ومشغلي الآلات الثقيلة وغيرهم.

اقرأ أيضاً: هل كثرة النوم من أعراض الاكتئاب؟

لماذا يحدث هذا التشوّش والترنُّح بعد الاستيقاظ؟

لا يزال السبب الدقيق غير مفهوم؛ ووفقاً لاستشاري الأمراض الصدرية وطب النوم، أحمد بن سالم باهمام، فإن الاستيقاظ المباشر من مرحلة النوم العميق؛ وهي المرحلة الثالثة من دورة النوم، هي ما يسبب القصور. عموماً، ثمة عدة نظريات بيولوجية قد تفسر سبب هذه الحالة، وهي:

  • وجود مستويات عالية من موجات دلتا ومستويات منخفضة من موجات بيتا: موجات دلتا هي موجات دماغية تزداد بصورة طبيعية في مرحلة النوم العميق. ومن المرجح أن خمول النوم يحدث عندما لا يقلل الدماغ مستويات موجات دلتا استعداداً للاستيقاظ، أو يحدث نتيجة الاستيقاظ المفاجئ في أثناء حركة العين غير السريعة (النوم العميق)؛ إذ لا يتسنى للدماغ أخذ الوقت الكافي لتقليل نشاط موجات دلتا، ما يؤدي إلى ضعف إدراكي مؤقت وصعوبة في التفكير بوضوح.

في المقابل، ترتبط موجات بيتا باليقظة والوظائف الإدراكية، وقد تبيّن أن مستويات موجات بيتا بعد الاستيقاظ تكون منخفضة في المناطق الخلفية من الدماغ.

  • وجود مستويات عالية من الأدينوزين في الدماغ: ينظّم الأدينوزين، وهو مركب عضوي طبيعي في الجسم، النوم واليقظة، وعادة ما تنخفض مستوياته عند الاستيقاظ، ما يعزز الشعور باليقظة. لذلك، قد يحدث خمول النوم في حال تأخرت مستويات الأدينوزين في الانخفاض بعد الاستيقاظ.
  • تباطؤ إعادة تنشيط الدماغ: تستغرق مناطق معينة من الدماغ، وخاصة القشرة الجبهية المسؤولة عن الوظائف التنفيذية مثل اتخاذ القرار وحل المشكلات والانتباه، وقتاً أطول حتى يتم تنشيطها بالكامل بعد النوم. يسهم هذا التأخير في الشعور الضبابي بخمول النوم.
  • بطء تدفق الدم إلى الدماغ: تكون سرعة تدفق الدم إلى الدماغ في غضون نصف ساعة بعد الاستيقاظ أقل مما تكون عليه قبل النوم، حيث يؤخِّر تباطؤ الدورة الدموية إيصال الأوكسجين والمغذيات، ما قد يفسر الضعف المؤقت في التفكير والاستجابة واليقظة، لكن الوظائف الإدراكية تعود تدريجياً إلى طبيعتها مع زيادة تدفق الدم.

اقرأ أيضاً: المراوغة المعرفية: حيلة ذكية للنوم خلال دقائق معدودة

7 نصائح تساعدك على تقليل أعراض جمود النوم

إذا كانت أعراض قصور النوم خفيفة وتختفي في غضون 30-60 دقيقة، فلا داعي للقلق؛ لأنه حالة طبيعية ولست وحدك مَن يعانيها؛ لكن يمكن للنصائح التالية أن تخفف أعراضه:

  1. امنح نفسك الوقت الكافي للتخلص من جمود النوم قبل أداء المهام الحرجة، فهذا الجمود عادة لا يستمر أكثر من 30 دقيقة إلا في حالة الحرمان من النوم.
  2. اشرب قهوتك الصباحية، فقد تبين أن تناول 100 ميليغرام من الكافيين يقلل وقت الجمود ويزيد سرعة الاستجابة. للعلم، يحتوي كوب من القهوة بسعة 235 ميليلتراً على 96 ميليغراماً من الكافيين، في حين أن 30 ميليلتراً من الإسبريسو تحتوي على 64 ميليغراماً. فضلاً عن ذلك، يمكن أيضاً تناول العلكة المحتوية على الكافيين؛ إذ إنها فعالة في التخفيف من الحالة.
  3. تعرَّض للضوء الساطع بأسرع ما تستطيع بعد الاستيقاظ؛ لأن الضوء يسرّع الشعور باليقظة، سواء كان ضوء الشمس أم ضوءاً اصطناعياً مثل الصادر عن صندوق الضوء.
  4. عرِّض نفسك للهواء البارد، أو استمع لبعض الموسيقا فور الاستيقاظ، أو خُذ حمّاماً صباحياً.
  5. احرص على نيل قسط كافٍ من النوم إن كنت تعاني قلة النوم، واتبع عادات النوم النظيفة؛ مثل النوم والاستيقاظ في وقت محدد، والحدّ من وقت الشاشات قبل النوم، والنوم في غرفة نوم باردة ومظلمة، وتجنُّب تناول الكافيين ومنتجاته في فترة بعد الظهر، واختيار مرتبة سرير مناسبة ومريحة.
  6. لا تجعل قيلولة بعد الظهر تزيد على 30 دقيقة؛ إذ يشرح استشاري طب النوم، أحمد بن سالم باهمام، أن الدماغ يدخل في مرحلة النوم العميق بعد نحو 30 دقيقة من النوم؛ لذلك يفضل ألا تزيد الغفوة النهارية على هذا الوقت حتى لا يصاب الشخص بقصور النوم بعد الاستيقاظ.
  7. لا تختر منبّهاً مزعجاً وصاخباً؛ فذلك قد يزيد مشاعر الارتباك والترنح؛ واستعض عنه بتطبيق المنبه الذكي الذي يرن عندما تصبح في مرحلة نوم خفيفة، ويمكن أن تجرّب منبه شروق الشمس الذي يزيد الضوء تدريجياً مع أصوات لطيفة. وسوف تجد في هذا المقال كل ما تحتاج معرفته عن أفضل منبه للاستيقاظ.

ختاماً، إذا كنت تعاني صعوبة في التخلص من الخمول أو كان يؤثر في أنشطتك اليومية، فتحدث إلى الطبيب أو مختص النوم من أجل البحث عن المشكلة الأساسية وعلاجها.

المحتوى محمي