لماذا قد تكره محمد رمضان شخصياً لكنك تتابع مسلسلاته؟

3 دقائق
محمد رمضان
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: نجح مسلسل جعفر العمدة للممثل المصري محمد رمضان في جذب أنظار المشاهدين إليه على نطاق واسع، لكن ما حدث هذا العام أن بعض هؤلاء المشاهدين ليسوا من محبي رمضان وشاركوا حيرتهم بين كراهية الممثل المصري على الصعيد الشخصي وحبه على الصعيد الفني على منصات التواصل الاجتماعي، لذا يجيبهم هذا المقال عما يحدث بداخلهم.

يعد مسلسل جعفر العمدة الذي يؤدي دور بطولته الممثل المصري محمد رمضان واحداً من المسلسلات التي تصدرت سباق الدراما الرمضانية هذا العام، ليس هذا فحسب بل أن الجمهور العربي تفاعل معه على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع الفيديو التمثيلية القصيرة التي يتضامنون فيها مع جعفر وصراعه مع أعدائه من عائلة فتح الله.

لكن اللافت للانتباه هو وجود مجموعة من المنشورات يؤكد أصحابها أنهم يشاهدون مسلسل جعفر العمدة في السر؛ وذلك نتيجة أخذهم موقف شخصي سلبي تجاه مشاهدة أعمال محمد رمضان، وأشار البعض منهم إلى أنهم لم يكونوا يعتزمون ضم مسلسل جعفر العمدة إلى قائمة مسلسلاتهم الرمضانية، لينتهي بهم المطاف بأن يصبح مسلسلهم المفضل، وهي مفارقة تثير الانتباه والتحليل وذلك ما نقدمه في مقالنا.

تفاخر زائد في النفس

  • "أنا في الساحة واقف لوحدي وأنت وأصحابك ليا باصين، أنا جمهوري واقف في ضهري نمبر وان وأنتو عارفين".
  • "رايحين لفين ده أنا الملك نادي الملوك مين فيكو مشترك؟".

تعكس أسماء أغاني الفنان المصري محمد رمضان مثل "السلطان، الملك، نمبر وان، القمر" مدى تفاخره الزائد بنفسه، فيظهر في الفيديوهات الخاصة بها مستعرضاً ممتلكاته من سيارات فارهة وعقارات فاخرة وأحياناً حيوانات مفترسة في رسالة واضحة للجميع مفادها: "أنا المتربع على عرش الساحة الفنية"، وهو ما أثار امتعاض الكثير من زملائه الفنانين وأزعج في الوقت نفسه الكثير من الجمهور وزرع في نفوس بعضهم كراهيته والدعوة إلى مقاطعة أعماله أحياناً.

ويفسر الطبيب النفسي المصري إبراهيم مجدي تفاخر محمد رمضان بممتلكاته بتعرضه لأزمات حياتية كثيرة في بداية مسيرته الفنية وصلت إلى حد تهميشه، ما جعله يفقد اتزانه النفسي بعد الشهرة ويلجأ إلى التفاخر بثروته كنوع من أنواع الانتقام من الذين سخروا منه في بداياته، ولم يضع في اعتباره أنه بذلك يستفز جمهوره.

أما أسماء الأغاني التي يطلقها رمضان على نفسه فيشير مجدي إلى أنها تعكس تمجيده لذاته الذي يصاحب أحياناً جنون العظمة، ويوافقه الرأي الطبيب النفسي المصري محمد الوصيفي الذي يرى أنه، بعيداً عن الشخصنة، ما يظهره محمد رمضان من تركيز على ذاته وحب ظهور يشير إلى اضطراب الشخصية النرجسية، الذي يخفي من خلاله ضعفاً بداخله يعوضه باستعراض الماديات.

لكن ذلك لا ينفي موهبته الفنية بحسب الطبيب النفسي المصري جمال فرويز الذي يذهب إلى أن محمد رمضان ضحية مستشاريه الذين يوجهونه إلى التسويق لنفسه بشكل خاطئ يجلب له كراهية الناس، وهذا ما جعل بعض الخبراء النفسيين يوجهون الممثل المصري إلى ضرورة خروجه من مساحة الشخص الذي تعرض للظلم وعاد لينتقم ويسترد حقه، وأن يحرص في الوقت نفسه على ممارسة الأعمال الإيجابية التي تصحح صورته عند القطاع الغاضب من جمهوره.

سر نجاح مسلسل جعفر العمدة

تدور معظم مسلسلات الممثل المصري محمد رمضان ضمن سياق قصة يعيش فيها دور البطل الخارق الذي يقف مع الحق ويتعرض للظلم لكنه ينتصر غالباً في نهاية المطاف، وفيما يبدو أن هذه البنية الدرامية التي تقوم على أكتاف البطل الخارق تنجح دوماً في جذب المشاهدين ويمتد سر ذلك إلى طفولتهم.

يتضح ذلك في دراسة علمية أجرتها جامعة كيوتو اليابانية (Kyoto University) عرض فيها الباحثون على مجموعة من الأطفال سيناريو بسيط لفيلم متحرك يتضمن اعتداء شخص على آخر في الشارع، وتتباين ردود أفعال المارة تجاه ما حدث؛ فهناك شخص يتفرج دون إبداء رد فعل وشخص يهرب من المكان، أما الشخص الثالث فيتدخل لنصرة الضحية، وكانت النتيجة أن الأطفال فضلوا الشخص المنقذ ما يشير إلى أن البطل الذي ينتصر للحق دوماً ما يكون مقرباً إلى نفوسنا وينال إعجابنا ونهتم لأمره.

يفسر لنا أيضاً علم النفس السردي حبنا للأبطال الخارقين بتأكيده أن ذلك ينطلق من رغبتنا الفطرية في أن نكون أقوياء ومتحكمين في حياتنا ونحمي أنفسنا ومن نحب من التعرض للأذى، ويجعلنا ذلك نرى في الأعمال الفنية الخاصة بالأبطال الخارقين جزءاً من أنفسنا الذي نود أن نكونه على أرض الواقع، بالأخص عندما يصعب علينا التعامل مع حياتنا فتصبح تلك الأعمال بمثابة منفذ هروب يشعرنا بالأمان والقوة مؤقتاً، ويتضاعف هذا التأثير إذا كان العمل الفني يستعرض قصة شخص عادي اكتسب قدرات خاصة جعلته يصبح بطلاً يحارب الأشرار في العالم وينتصر عليهم، فهذا يمدنا بجرعة من الأمل تجاه المواقف الخارجة عن سيطرتنا فنصبّر أنفسنا بأنه سيأتي يوم ونهزمها مثل بطلنا المفضل.

كما يعطينا عالم النفس روبن روزنبرغ (Robin Rosenberg) بعداً آخرَ مهماً يقف وراء حبنا للأبطال الخارقين وهو أنهم يجعلوننا قادرين على رؤية المعنى في الخسارات والصدمات التي نتعرض لها في حياتنا، فيتحول موقفنا تجاهها إلى اعتبارها محطات لاكتشاف نقاط قوتنا واستخدامها، وتجنب رؤيتها كمعوقات محبطة تدفعنا للانهيار، فمعظم الأبطال الخارقين واجهوا صعوبات كبيرة في حياتهم لكن ذلك لم يقلل من عزيمتهم ونضالهم.

أخيراً قد يتباين موقفنا تجاه الممثل المصري محمد رمضان من الحب إلى الكراهية إلى الوقوف على الحياد، لكن ذلك لن يمنع حبنا للأبطال الخارقين الذين قد نرى فيهم أنفسنا أحياناً ونستمد منهم الأمل في الانتصارات على عقبات حياتنا، لذا إن وجدت نفسك تشاهد إحدى حلقات مسلسل جعفر العمدة رغم موقفك السلبي من رمضان فلا تنزعج إنها فطرتك البشرية!