كدمات الحزن: كيف تنعكس معاناتك النفسية على صحتك الجسدية؟

4 دقائق
كدمات الحزن
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لا يشعر الناس بالحزن على المستوى العاطفي فحسب؛ بل كثيراً ما يعانون على المستوى الجسدي، فهل سمعت سابقاً بالكدمات والأعراض الجسدية التي قد تنتج من الشعور بالحزن؟

هل حدث ومررت سابقاً بموقف مُحزن جداً شعرت فيه أن قلبك يتألم من صميمه؟ أو شعرت يوماً ما أن حزنك يكاد يكون مثل حبل خفيّ يلتف حول جسدك ويُثقل حركته بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟ في بعض الأحيان، قد يصبح الحزن أكثر من مجرد عاطفة مُربكة ودموع ومرارة، فقد يتحول إلى تجربة تؤثر في الجسد والنفس، مسببةً ظهور العديد من الأعراض الجسدية. لذا؛ إليك كيف يمكن للحزن أن يسبب ظهور الكدمات على الجلد، وكيف يشاركك جسدك في معاناتك النفسية.

اقرأ أيضاً: 5 اختلافات جوهرية توضح الفرق بين الحزن والاكتئاب

ما أهم الأعراض الجسدية للحزن؟

بالإضافة إلى التأثيرات العاطفية القوية، توجد مجموعة من الأعراض الجسدية الخطِرة التي قد تنتج من الحزن الشديد؛ وأهمها:

1. مشكلات الجهاز الهضمي

قد يسبب الحزن الشديد أو الفجيعة مشكلات مؤقتة في الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو الإمساك أو الغثيان أو آلام المعدة واضطرابها. وبالإضافة إلى ذلك، من الشائع أن تحدث تغيرات في الوزن، فمن الناس الحَزانى مَن يفرطون في تناول الطعام والوجبات السريعة ويهملون الرياضة والعناية الشخصية ما يزيد أوزانهم؛ في حين قد يرفض البعض الآخر تناول الطعام بانتظام فيخسر الوزن بشدة.

اقرأ أيضاً: المعدة النفسية: أسبابها وأعراضها وعلاجها المحتمَل

2. الألم وضعف الجهاز المناعي

يمكن أن تؤدي تجربة الحزن الشديدة إلى ظهور أعراض جسدية أخرى تنطوي على الشعور بالألم حرفياً؛ مثل الصداع أو الصداع النصفي أو ألم الصدر أو ثقل الأطراف أو آلام الرقبة أو المفاصل أو العضلات أو الظهر أو غيرها. وعلاوةً على ذلك، تَبين أن الضغط النفسي والحزن الناتجَين من فقدان أحد الأحبة قد يؤديان إلى تقليل كفاءة جهاز المناعة؛ ما يجعل الجسم أكثر عرضة للالتهابات والفيروسات والعديد من الأمراض.

3. مشكلات النوم

الأرق عَرَض شائع للحزن؛ إذ تؤثر اضطرابات النوم في الأشخاص الذين يعانون الحزن الشديد بنسبة 20-30% أكثر من الأشخاص الآخرين، بالإضافة إلى كونهم قد يعانون تغيرات في أحلامهم.

4. الهلوسة 

الهلوسة الحزينة هي شعور الشخص المفجوع بالقدرة على رؤية الأشخاص الذين فقدَهم أو لمسِهم أو سماعِهم، وقد تحدث هذه الحالة على نحو غير متوقَّع عندما يكون الشخص نائماً أو مستيقظاً. وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص قد يعتبر هذا الشعور شعوراً مريحاً، فقد وُجد أنه شائع عند الأشخاص الذين يعانون مستويات عالية من الضيق النفسي.

اقرأ أيضاً: 7 طرق فورية لتحسين حالتك المزاجية

5. النوبة القلبية أو السكتة الدماغية

لوحظ أن الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية قد يتعرضون لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، مميتة أو غير مميتة، في الأشهر التي تلي الحادث المفجِع. وفي الواقع، يمكن للحزن أن يكسِر القلب حرفياً؛ إذ قد يصيب بعض الأشخاص نتيجة الشعور بالأسى والحزن العميق، اضطرابٌ جرّاء مضاعفات القلب والأوعية الدموية يسمَّى "متلازمة القلب المكسور"، وهو اضطراب خطِر في ضربات القلب يحدث بعد الإجهاد العاطفي أو الجسدي الشديد.

بالإضافة إلى كل ما ذُكر سابقاً، فإن الشخص المفجوع قد يشعر بالإضافة إلى الحزن، بالخوف أو القلق أو الذنب أو الغضب أو اللامبالاة أو الوحدة، وقد يواجه على المستوى النفسي العديد من الصعوبات؛ مثل صعوبة التركيز واتخاذ القرارات وتغيّر شعوره بهويته، وقد يعاني اجتماعياً من العزلة أو العصبية.

ومن المهم ملاحظة أن أعراض الحزن قد تتشابه مع أعراض الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة؛ إلا أن أحد الاختلافات الرئيسة بين حالات الصحة النفسية والحزن هو أن أعراض الحزن تميل إلى الظهور على شكل موجات؛ أي تظهر وتختفي مع مرور الوقت؛ فمثلاً قد يستمر الشعور بحزن الفراق لمدة تمتد ما بين 6 شهور إلى سنتين عند الأشخاص معظمهم.

اقرأ أيضاً: 10 طرق تساعدك على التخلص من المشاعر السلبية

هل يسبب الحزن الشديد ظهور الكدمات على الجلد؟

نعم ولكن ذلك يحدث في حالات نادرة، فوفقاً لتأكيد مدينة الملك سعود الطبية؛ إن كدمات الحزن مؤلمة وتظهر تلقائياً بعد التعرض للتوتر الشديد والصدمات العاطفية، وقد تظهر على أيّ جزء من أجزاء الجسم، وخصوصاً الذراعين والساقين والوجه.

وترتبط كدمات الحزن غالباً بمتلازمة غاردنر دايموند (Gardner-Diamond) التي تُسمَّى أيضاً بـ "الفرفرية النفسية المنشأ" (Psychogenic Purpura)؛ وهي اضطراب نادر وغير مفهوم جيداً، تتجلى أعراضه بضيق عاطفي شديد يتبعه حدوث كدمات تلقائية ومؤلمة ومتكررة؛ حيث تبدأ بشعور بالحرقة أو الألم أو الحكّة قبل ظهور الكدمات، ثم تتصلب منطقة النسيج العضلي المتألمة بعد عدة دقائق وتتكدّم في اليوم التالي.

وغالباً ما يتغيّر لون الكدمات من الأزرق إلى الأخضر ثم إلى الأصفر قبل أن تتلاشى في غضون 7-10 أيام. وبالإضافة إلى الكدمات، قد تشمل هذه المتلازمة أعراضاً أُخرى مثل آلام البطن والغثيان والقيء وآلام المفاصل والصداع، وأحياناً يحدث نزيف خارجي مثل الرعاف ونزيف الجهاز الهضمي. تُعدّ هذه الحالة أكثر شيوعاً عند النساء في منتصف العمر، وخصوصاً المصابات بالأمراض النفسية.

لا يوجد علاج شافٍ للفرفرية النفسية المنشأ، فالانتكاسات واردة جداً، والأعراض قد تختفي وتظهر بين حين وآخر. ومع ذلك، يمكن تخفيف الأعراض وإخماد المرض عبر العلاج النفسي وإدارة التوتر، وهما المحور الرئيس للعلاج.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام العلاج الدوائي للتخفيف من الأعراض؛ مثل الغلوكوكورتيكويد (Glucocorticoids) ومسكنات الألم والدواء الوهمي، بالإضافة إلى مضادات التخثر ومضادات الاكتئاب ومضادات الهيستامين والأدوية المثبطة للجهاز المناعي.

اقرأ أيضاً: اكتئاب عيد الميلاد: ما الذي قد يجعلك حزيناً في عيد ميلادك؟

جدير بالذكر إن هذه المتلازمة هي حالة نادرة؛ لذلك وقبل افتراض أن الكدمات المجهولة السبب التي تظهر على الجلد ناتجة من الحزن، ينبغي التقصيّ عن وجود عوامل أُخرى أكثر شيوعاً تسبب ظهور هذه الكدمات؛ مثل نقص بعض المغذيات مثل نقص فيتامين ك أو فيتامين ج أو نقص الحديد، أو انخفاض عدد الصفيحات الدموية عن الحد الأدنى الطبيعي (150.000 صفيحة/ ميكرولتر)، أو وجود بعض الاضطرابات الوراثية التي تؤثر في تجلط الدم مثل داء فون ويلبراند (Von Willebrand).

4 نصائح تخفف من شعورك بالحزن

ليس من الجيد أن تقاوم الشعور بالحزن الشديد أو أن تحاول تجاهله؛ لأن ذلك من شأنه أن يطيل أعراضه. من المهم أن تسمح لنفسك بالحزن مع اتباع بعض النصائح للتعامل مع هذه المشاعر تعاملاً صحيحاً:

  • تحدّث عن شعورك: لا بأس إن تحدثت عن الحزن الذي تشعر به، فهذا يساعدك على فهم مشاعرك والتعامل معها.
  • اعترف بمشاعرك وتقبَّلها: قد تواجه مجموعة كبيرة من المشاعر بالإضافة إلى الحزن مثل الغضب والإرهاق، وهذه المشاعر كلها طبيعية ومن المهم أن تدرك متى تشعر بها وتعترف بها وتتقبلها. وتذكر أنّما واجهت مشكلة في التعامل مع مشاعرك هذه، أنه يمكنك أن تطلب مساعدة اختصاصي في الصحة النفسية ليساعدك على إيجاد طرائق صحية للعودة إلى المسار الصحيح.
  • اعتنِ بنفسك: يمكن للحزن أن يقلب حياة الشخص رأساً على عقب، فتراه لا يهتم بالطعام أو التمارين الرياضية أو غير ذلك من السلوكيات الأخرى التي تحسِّن الصحة والرفاهية، على الرغم من أن إعطاء الأولوية لهذه العادات قد يعوض الآثار السلبية التي قد يتركها الحزن في الصحة. لذلك؛ حاول التركيز على الاعتناء بنفسك من خلال ممارسة الرياضة وتناول الطعام المغذي والصحي والحصول على ما يكفيك من الراحة.
  • ساعِد الآخرين: إن التواصل مع الآخرين وقضاء الوقت مع الأحباء يمكن أن يكون مفيداً جداً لصحتك النفسية، خصوصاً إذا بادرت إلى تقديم المساعدة لمن حولك، فذلك قد يكون ذا إنعكاس إيجابي على مشاعرك.