كيف يساعد فهم نفسية الطفل على تطوير مفهوم إيجابي للذات؟

3 دقائق

على الرغم من صغر عالمهم وقلة تجاربهم التي لا زالت قيد التكوين، فإن فهم نفسية الطفل أمر شديد الأهمية بالنسبة للأهل لتحقيق تواصل أفضل مع أطفالهم، وتنشئتهم بصورة إيجابية توفر لهم حياة مستقبلية أفضل وأكثر اتزاناً؛ حيث توفر العلاقة الإيجابية بين الوالدين والطفل الإطار والدعم له لتطوير احترام صحي للذات وللآخرين.

أهمية فهم علم نفس الطفل

بداية من الشهور الأولى في حياتهم، إلى مرحلة الطفولة المتأخرة وحتى نهاية المراهقة؛ يساعد علم نفس الطفل على التعرف على مراحل نمو الطفل النفسية والعقلية والسلوكية؛ والتي تختلف بين طفل وآخر.

تعد السنوات الأولى والتجارب المُبكرة حجر الأساس في نمو دماغ الطفل؛ والذي يؤثر بدوره على تحديد جودة حياته وشخصيته كبالغ، وعافيته العاطفية والاجتماعية والبدنية.

في حين أن الآباء قد يبحثون عن إجابات لحل المشكلات التي يواجهها أطفالهم، أو القفز لاستنتاجات نهائية حول معنى أفعالهم وردود أفعالهم؛ إلا أن فهم سلوك هؤلاء الأطفال يُعد خطوة أولى وأسبق. مجرد شعورك بالفضول تجاه معنى سلوك طفلك؛ مثل معرفة الأنشطة التي يفضلها، وطريقة تكيفه مع التغييرات، وغيرها من الأمور، يساعده على تنظيم عواطفه والتفكير بمرونة أكثر.

كذلك، فإن فهم الاحتياجات النفسية للطفل ليس بالأمر السهل؛ لكنه يأتي بنتائج إيجابية. إن إدراك وقبول ما يحب، وما يكره، وصفاته، ومعرفة متطلباته، وتقبّله كما هو، يجعله يشعر بالأمان.

كيف يمكن فهم نفسية الطفل؟

أن تكون صديقاً لطفلك وتشعره بأنك موجود من أجله عندما يحتاجك، يمكن أن تكون خطوتك الأولى نحو رغبتك في فهم نفسيته؛ سيجعله ذلك يشعر بالأمان والحب.

علاوةً على ذلك، فاحترام مخاوف طفلك يسهل عليه التحدّث بحرية معك، وعدم الخوف من أن تقابل أفكاره ومشاعره بالسخرية؛ ذلك الأمر يتطلب شجاعة كبيرة من جانبه، ويريدها أن تُقابَل باحترام وليس باستخفاف.

لكي تتمكن من فهم نفسية طفلك بشكل أفضل؛ إليك هذه النصائح:

1. الملاحظة

من الممكن تحقيق ذلك من خلال التواجد حول طفلك والمراقبة الدقيقة له خلال أوقات اللعب، ومشاهدة طريقة تفاعله مع الآخرين، والتفاعل مع المواقف المختلفة، ومراقبة أفعاله وتعبيراته وتغيرات مزاجه، بالإضافة إلى مدى انفتاحه على تجربة أشياء جديدة ومشاركتها مع الآخرين؛ يتيح لك ذلك التعرف على شخصيته.

2. مشاركته وقضاء وقت ممتع معه

إذا أردت فهم أطفالك، فأنت بحاجة إلى تخصيص وقت لهم. تتيح لك المحادثات مع أطفالك معرفة ما يحدث في حياتهم اليومية في المدرسة والمنزل، وما الذي يثير حماستهم، وما هي مصادر إحباطهم. ومع ذلك؛ لا يعني قضاء الوقت الجيد دائماً التحدث أو القيام بشيء ما معاً. في بعض الأحيان؛ يمكنك الجلوس معهم والاستماع فقط لجمع بعض الأفكار حول تجربتهم.

قد يساعد التحدث مع طفلك عن االذي يهمه على توطيد الروابط بينكما. بهذه الطريقة؛ يمكنك بدء المحادثات بسهولة أكبر، والتعرف على طفلك بشكل أفضل، كما أنه يجب الحفاظ على التواصل البصري خلال الحديث.

3. الاستماع الجيد

الاستماع هو أمر مهم عندما تجري محادثة مع طفلك. في البداية؛ قد تلجأ لبدء محادثة من جانبك لتشجيع طفلك على أن يتحدث؛ ولكن بعد ذلك حاول أن تجعله هو يتولى قيادة الحديث لمعرفة ما يود أن يقوله دون توجيه أفكاره.

قد لا يتمكن الأطفال من التعبير عن أنفسهم بوضوح، لذلك من المفيد الانتباه إلى الإشارات غير اللفظية التي يستخدمونها، ونغمة الصوت، والطريقة التي يشددون بها على كلمة أو عبارة ما. إن الاستماع الجيد لطفلك سيجعله يشعر أنك مهتم بحياته؛ ما يساعد بدوره على تقوية الرابطة بينكما.

4. السماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم بحرية

إلى جانب التحدث؛ يعبر الأطفال عن مشاعرهم من خلال الأنشطة. إذا كان أطفالك يحبون الرسم أو الكتابة أو التمثيل، فشجعهم على فعل ذلك. يمكن أن يساعدهم حضور دروس في الموسيقى أو الرسم على التعبير عن أنفسهم بشكل أفضل.

قد يختار طفلك الاحتفاظ بدفتر يوميات يمكنه من خلاله الكتابة عما فعله في يوم معين، وكيف شعر حيال ذلك. كلما كتب طفلك أو رسم أكثر، كان ذلك أفضل في التعبير عن نفسه.

5. طرح الأسئلة التي تشجع على التواصل

إذا كنت تريد أن تشارك طفلك مشاعره العميقة؛ يجب استخدام الأسئلة المفتوحة التي لا تتوقف إجابتها عند نعم أو لا، لإتاحة الفرصة لطفلك ليقول المزيد ويعبر عن الذي يدور في رأسه.

من المهم أن تفكر مثل طفلك أثناء التحدث إليه أو القيام بنشاط معاً، فسيعطيه ذلك إحساساً بالألفة. لا تحاول منعه أو تحجيم تفكيره عندما يتحدث عن شيء يراه بطريقة مختلفة عنك؛ سيساعدك ذلك في الحصول على نظرة ثاقبة على عالمه الداخلي.

 6. إظهار التعاطف

عندما تأخذ مشاعر طفلك على محمل الجد في حين أنك لا تملك نفس المشاعر، يُظهر ذلك له أنك تحترم وجهة نظره. على سبيل المثال؛ قد يشعر طفلك بالإحباط لضياع لعبته المفضلة، فمشاركته التعاطف في ذلك الوقت يخلق رابطاً قوياً بينكما، ويُشعره أن تجربته الخاصة ذات قيمة وأنك تحترمها.

7. فهم مزاج الطفل

لكل طفل مجموعة مميزة من الصفات وطرق التفاعل مع العالم. في حين أن البعض قد يكون مرناً ويميل لتجربة أشياء جديدة بوتيرة عالية، فقد يميل آخرون للروتين وتكرار الأشياء. يشير ذلك إلى أن للأطفال طرق مختلفة للتعامل مع التحولات والتغيير. لذلك، فقضاء بعض الوقت في ملاحظة الطريقة الخاصة لطفلك في العالم يمكن أن يدعم نموه النفسي الصحي.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع اضطرابات الطفل الناتجة عن المصاعب الأسرية الخفية؟

جدير بالذكر أن فهم النمو العاطفي للطفل يستغرق وقتاً وجهداً، خاصة إذا كان لديك أكثر من طفل يتميز كل منهم بصفات وطريقة تفكير مختلفة. في حين أن اتباع أسلوب تربية متسق يمكن أن يكون مقبولاً لجميع أطفالك؛ إلا أن المرونة وفقاً لشخصية ومزاج كل طفل أمر مهم.

لذلك، فإن قضاء الوقت والاهتمام بفهم التجربة العاطفية لطفلك، سيساعد في منحه شخصية متزنة وتطوير مفهوم إيجابي عن الذات.